رواية لعنة عشقك ادم صفوان للكاتبة رحمة سيد هي حكاية تنبض بالمشاعر وتفيض بالصراعات الداخلية والخارجية، حيث تتقاطع الأقدار وتتشابك المصائر في قصة حب مختلفة لا تخضع للمنطق أو الزمن.في رواية لعنة عشقك، يعيش القارئ حالة من الانجذاب العاطفي والتوتر النفسي، وسط أحداث متسارعة تكشف أسرارًا مدفونة وقرارات مصيرية تغير كل شيء. الرواية لا تقدم حبًا مثاليًا، بل واقعيًا، مليئًا بالتحديات والتضحيات.
رواية لعنة عشقك من الفصل الاول للاخير بقلم رحمة سيد
يجلس بهـدوء تام على اريكـة مكتبـه.. أول ازرار قميصه مفتوحة لتصـدره عضلات صدره الضخمـة والصلـبة..
يـدب على المكتب بأصابعه بخفة وعقله مخطوف لكـون آخر وملكوت اخر..!!
عقله خطفته تلك الجنيـة الصغيرة منذ اول وهلة وقعت عيناه عليها فأصبح عقله وروحه الجافة بين قبضتهـا…
تسحقه بتجاهلها له..
بخوفهـا المبرر منه…
لم يتمنى يومًا سواها.. سوى امتلاكهـا.. إلتهامها !!…
وهو لم يتمنى شيءً ولم يحصل عليه !…
فهو الديكتاتور “آدم صفـوان” ملك المافيـا…
قـانونه قاسي.. مخيف.. وحاد كالحديد الملتهب…
ولكن ذاك الحديد حتمًا ينصهر امام صغيرته الباردة فتُشكل هي قانونًا جديدًا يليق بعهدها !!…..
طرقـات هادئة على الباب أفاقته من شروده فقال بصوت خشن :
-ادخل
دلفت المدعـوة بزوجته “جمانـة” تقدم قدم وتؤخر الاخرى..
قلبها يرتجف بعنف بين ضلوعها مما تود فعله!!..
اصبحت امامه مازالت واقفة لا تجرؤ على الجلوس حتى قبل ان يأمرها بذلك، وهو لم يكن قاسيًا اذ امرها ببساطة :
-اقعدي يا جمانة بس ياريت تقولي اللي عندك بسرعة وتتكلي على الله!
ابتلعت ريقها بتوتر.. وبدلًا من ان تجلس على الاريكة جلست على قدمـاه.. تنظر لعينـاه السوداء التي لم تهتز إنش واحد…
فتجرأت لترفع يدهـا ببطء تلعب في ازرار قميصه ملامسة صدره عن عمد وهي تهمس بحرارة ؛
-وحشتني.. وحشتني اوي يا ادم، ماوحشتكتش ليالينا سوا ؟
تقوس فاهه بابتسامة باردة وهو يرد :
-لا ماوحشتنيش!!
ثم اعتدل بحركة مفاجأة ليحيط خصرها بيداه وجسدها ظاهر من ذاك القميص المغري بالنسبة لاي رجل الا هو !…
ثم أردف وهو يحدق بعينـاها التي كادت تلمع من رغبتها به :
-بس مفيش مانع لو اتسلينا شوية
لم يعطها الفرصة فقبلها بعنف.. قبلة خالية من المشاعر الا الرغبة.. الشراسة … !
نهض وهو محيطًا بها ليلقيها على الفراش.. ابتسمت وهي تنظر له بإغـواء فلم يتحرك وهو يفك ازرار قميصه كاملًا..
ليلقيه ارضًا مع باقي ملابسه…. واقترب منها بجسـده…
ولكن روحه في تلك الغرفة التي تقبع بها تلك الفتاة التي قلبت حياته رأسًا على عقب!!!
إنتفض بعد فترة قصيرة جدًا ليبعدها عنه وهو يردد بصوت أجش :
-يلا قومي امشي مش عايزك
حدقت به غير مصدقة تسأله :
-آدم ؟!!!! للدرجة دي مابقتش طايق لمستي؟؟ ولا البت دي آآ….
ولكنه قاطعه بنظرة حادة ثاقبة ومخيفة من بؤرة عينـاه الحالكـة.. فابتلعت باقي حروفها على الفور.. حينها استطرد بحدة عالية وهو يُخرج بعض الاموال ليلقيها في وجهها :
-خدي اللي أنتِ جيتي عشانه، يلا غوري من وشي
ولكن لم يعطها الفرصة لتنهض فارتدى هو ملابسه بثواني عدا قميصه ليبقى عاري الصـدر… وغادر الغرفة متجهًا للغرفة التي كاد يجن جنونه من صاحبتها !!…
كان احد حرسه يقف في اسفل الغرف حراسةً لتلك الصغيرة بالاعلى ولكن حُرم عليه الصعود لاعلى مهما حدث…
اقترب منه ادم فأحنى رأسه مسرعًا بأدب يردد :
-أمرني يا باشا
أمــره ادم بجدية خشنة :
-هات مفتاح اوضتها
أخرج المفتاح بسرعة ليعطيه اياه فاستدار ادم ليغـادر متجهًا لتلك الغرفة….
دلف الى الغرفة فاخترقت رائحتها التي تجعله ثمل أنفه.. أحرقت دواخله كما تفعل عادةً !!
تحركت عيناه بتلقائية نحوهـا ليجدها تجلس امام الشرفـة المغلفة بحديد دون ان تتحرك… تأسر عيناها مظاهر الزهور كما يأسرها هو !!…
لم تتحرك عندما شعرت به يقترب منها.. ولكن ارتجفت حرفيًا عندما شعرت بيداه الثقيلة تحط على كتفها ويسألها ساخرًا :
-هموت وانا بفكر أنتِ بتسرحي فـ مين كل ده؟!
فردت هي بتلقائية هامسة دون أن تنظر له :
-فـ حبيبي
ازداد السواد بعينــا “ادم” بدرجة مخيفة..
وجهنم أصبحت تشتعل بين عينـاه الان !!….
اشتدت قبضته بعنف وهو يضمها بقوة حتى أصدرت عظامه صوتًا مخيفًا.. فلم تشعر بعدها الا وهو يجذبها من شعرها الناعم الطويل بقوة حتى التف حول يداه ليلصقها بالحائط….
اصبحت تتنفس بصوت عالي.. مغمضة عيناها ليس ألمًا بل خوفًا من نظراته التي تتيقن من أنها حالكـة كـعين ذئب يوشك على إلتهام فريسته !!…
جذب شعرها بعنف جعلها تصرخ بألم ليتشدق بصوت أجش :
-إياكِ.. اياكِ تذكري اسم راجل قدامي
اومأت بسرعة ولم تهمس الا بصوت متألم :
-انت بتوجعني…. ادم !!!
عندما نطقت حروف اسمه هكذا.. بدأت قبضته تخف تدريجيًا.. ليغمس وجهه بين خصلاتها… وأنفاسه الساخنة تلفح وجهها الابيض بقوة.. ليقول بنبرة متملكة :
-وانتِ دايمًا بتوجعيني، مع اني مش عارف سبب الوجع ده.. بس أنتِ ليا يا اسيا.. ملكي انا بس !!
جادلته متأففة تحاول الابتعاد عنه :
-انا مش سلعة عشان اكون ليك او لغيرك
ولكن في اللحظة التالية كانت ملتصقة بصدره عندما جذبها بعنف.. يحدق بعينـاها الزرقـاء المتنمـرة… يعرف أن صغيرته ليست لينة ولكن هو ايضًا ليس بالصلب المتساهل!!…
خرجت حروفه هادئة ولكنها خطيرة كجلد الثعبان :
-ماتنسيش.. أنتِ مراتي، مراتي انا!! وحياة ابوكِ كلها فـ إيدي لو عاوز ادمره هبلغ عنه العصابة اللي بتدور عليه، مش هلوث ايدي بدمه حتى!!
عندهـا لم تتحمل تصنع البرود فظلت تضربه بجنون على صدره وهي تصرخ بانهيار :
-ملعون ابو الجوازة دي، انا ما وافقتش عليها من الاساس، ابويا اللي جوزني منك بعد ما هددته اكيد
لم يرد عليها فلم يكن منها الا ان اشتعل انفجارها فأكملت صارخة :
-زهقت من الحياة دي.. بقالي شهر قاعدة فـ الاوضه الملعونة دي وانا مش عارفة انت عايز مني ايه؟!! لية اتجوزتني!! مش عارفة الا انك عايزني زيي زي اي كرسي فـ البيت ده ملكك بس
نظر في عيناها التي تحبس دموعها بصعوبة… لتغيم عينـاه السوداء بالرغبة فيزداد سوادها وحلكتها اكثر وهو يهمس مقتربًا منها ببطء :
-عايزك.. ومفيش ست فـ الدنيا هتجنن عليها زيك !
اصبح ملتصقًا بها شفتاه تتلمس اذنها وهو يكمل هسيسه الخطير :
-عايز اجيب منك اطفال.. اطفال كتيير منك أنتِ بس !
زمجرت باندفاع :
-مش هتلمس شعرة واحدة مني، ومستخيل أخلف من انسان قذر زيك بكرهه اكتر من اي حاجة !!!
صفعهـا بقوة لتسقط ارضًا من قوة صفعته.. شعرت كما لو أنها كاد خدها أن ينخلع من مكانه !!….
فلم تشعر بدموعها الصامتة التي بدأت تنزل بهدوء تام..
رفعها من ذراعها هو فجأة ليردف بحدة :
-هتخلفي مني وهيحصل حمل غصب عنك حتى لو اجبرتك على ده، أنا مابتنازلش عن حاجة ملكي، وانتِ ملكي من يوم ما عيني جت عليكِ
ختم اخر حرف له بقبلة لشفتاها المنفرجة امامه فلم يستطع تمالك نفسه…
إلتهم شفتاها بعنف.. بعشق وقوة وهو يحيطها برفق غير مباليًا بدموعها التي ازدادت هطولًا وهي تحاول التحرر من بين يداه !!…
ابتعد اخيرًا بعد دقائق يلهث وهو يقول بجنون :
-كوني ليا الليلة.. الليلة بأرادتك حسسيني إنك مراتي بجد !
أصبح يقبـل وجههـا ببطء شديد عله يحرقها كما تحرق كل خلية به.. ولكنها كانت باردة بدرجة كافية وهي تخبره :
-مش هيحصل انا بكرهك ابعد عني
ولكنه لم يبتعد بل على العكس ازدادت قبلاته تطلبًا.. ويداه تتجرأ عليها اكثر حتى رفع طرف ثوبها
حينها صرخت وهي تدفعه بعيدًا عنها :
-ابعد عني.. مش طايقة لمساتك، ومحدش هيلمسني الا اللي احبه !!!
ولكنه لم يبتعد ايضًا.. اصبح كالمُغيب عن الوعي يسعى لما يريد طوال شهور عديدة…
ولكن عند نطقها تلك الحروف التي أصابت جنونه بها لم يكن منه الا أن صفعها للمرة التالية ولكن هذه المرة بعنف أكبر جعلها تفقد الوعي… ولكن ربما ليس بسبب تلك الضربة بل من الضغط النفسي !!!…..
فنهض هو ببطء متجهًا للخارج وأغلق الباب خلفه وبمجرد أن اغلقه امسك مزهرية موضوعة ليضربها بالحائط بعنف حتى تكسرت ثم امسك قطعة زجاج ليجرح بها يده التي صفعتها وببطء دون أن يأن بآهة ألم حتى !!!!….
ثم ألقاها وهو ينادي احدى الخادمات المخصصة لــ “اسيا” لتدلف لغرفتها سريعًا وهو يغادر بصمت مخيف ودموع تلك الصغيرة تمزق مخيلته كلما تذكرها ؟!!!!
******
وفي ظلمة ذلك الليل في مكان اخـر..
كان يركض كلاهمـا بسرعـة رهيبة ممسكين بيد بعضهمـا…
وبعض الاشخـاص يركضـون خلفهـم بأقصى سرعة محاولين اللحاق بهم.. !!!
نظـر “ادهم” خلفه وهو مستمر بالركض ليجدهم بالقرب منه فهتف بسرعة وهو يقبض على كفها :
-اسـرع يا شروق.. اجري بأقصى قوة عندك يلا
وفجأة إلتوت قدماها لتسقط صارخة بتعب :
-مابقتش قادرة، اجري انت.. اهرب
هـز رأسه نافيًا بعنف ومد يده ليرفعها ولكن قبل أن يجذبها ليركضا مرة اخرى كان هؤلاء الاشخاص قد وصلوا ليمسكوا بها ويجذبونها بعيدًا عنه واخرين يحاولون تقييده….
كان كالثـور الهائج وهو يراها بين يداهم وهي تصرخ محاولة الإفـلات.. ولكن فجأة سكن بمكانه عندما سمـع صوت رئيسهم يقول مهددًا بخشونة :
-اهدى والا هخليهم يغتصبوها قدامك دلوقتي!!!
صـدر صوت قوي نتيجة احتكاك اسنانه ببعضهـا بعنف بينما انفاسه العالية كعلامة لبدء الحرب….!
ضرب احدهم بقوة ليقع ارضًا ثم بدأ يضرب الاخرين بجنون وهو يزمجر بوحشية :
-مفيش قذر منكم هيقدر يقربلها لان ساعتها هيكون فـ قبر منتن يليق بيه !!!
أمسك احد الرجال بشـروق من ذراعها بقوة ليُسقطها ارضًا ثم بدأ يحاول تمزيق ملابسهـا عندما اشار له قائدهـم….
تعالت صرخات شروق المرتعدة وهي تنادي :
-ابعد عني يا حقير.. ادهممم ارجوووووك !
ترك “ادهم” ذلك الرجل مسرعًا ليقع الرجل ارضًا فقال صارخًا بسرعة :
-خلاص اهو سبته… ابعد عنها يا ندل
وبالفعل ابتعد الرجل عنها ليقول كبيرهم بصوت اجش :
-يلا اديني اللي سرقته يا حرامي
أغمض ادهم عينـاه بقوة يلعن ذلك الحظ.. لم يفشل ولو مرة في مهامه !!
ولكن الان فشل وبجدارة بمجيئها معه …!
أمشك بالحقيبة التي كان يحملها على ظهره ليلقيها ارضًا وهو يردد بحدة :
-هاوريك الحرامي ده هيعمل فيك ايه
أخذها الرجل سريعًا وهو يسخر منه متابعًا :
-كنت مفكر اننا هنسيب لك فلوس تساوي ملايين؟! ده انت اهبل اوي
اومأ ادهم دون ان يرد… ثم تنفس بصوت عالي يأمرهم بلهجة مُخيفة :
-يلا سيبوها حالا
وبالفعل تركوها لتركض نحوه ترتمي بأحضانه وقد بدأت شهقاتها تتعالى.. ليحتضنها هو بقـوة… الخطأ منه لانه سمح لها أن تأتي !!..
ضمها له بشدة وقد رأى هؤلاء يغادرون المكان بسرعة.. أغمض عينـاه وهو يضغط على خصرها ويضمها له اكثر هامسًا :
-هششش.. ارجوكِ اهدي يا بندقتي، أنتِ معايا دلوقتي محدش هيقدر يلمسك !!!
رددت وأنفاسها الساخنة تلفح عنقه :
-كنت هموت من الرعب يا ادهم، خوفت بجد عشان كدة كنت بقولك شغلك مع ادم افضل من السرقة
كـز على أسنانه بعنف وهو يسب بشراسة.. ليخبرها بصوت هادئ وحازم :
-الخوف اتحرم عليكِ وأنتِ فـ حضني ! ويلا بقا على البيت
ابعدها عنه برفق ليمسك يداها ويغادرا معًا بهدوء تام…..
وصلا بعد مدة لمنزلهم الصغير في احدى الحـارات الشعبية الضيقة..
دلفت هي اولًا لتجلس على السرير في غرفتها بصمت تام…
تحاول الخروج عن سطو تلك الحالة التي أرهقت روحها حرفيًا…!!
جلس هو الاخـر جوارها فمالت هي للخلف تتمدد على الفراش.. ليميل هو عليها ببطء حتى لثم جبينها بعمق زافرًا أنفاسه الثقيلة..
نظر في عيناها لتهبط دموعها رويدًا رويدًا فمد يده يمسح دموعها بأصبعه وهو يهمس بصوت حنون :
-ماتبكيش ارجوكِ انتِ متعرفيش دموعك بتعمل فيا ايه !!
ثم أكمل بوعيـد شيطاني :
-اقسم بالله هخليهم يعيشوا فـ ألم ضعف اللي انتِ عشتيه اللحظات دي !!…
وتحركت شفتاه رغمًا عنه ليُقبل عنقهـا ببطء وعمق جعلها كالمخـدرة…
ولكن سرعان ما دفعته بعيدًا عنها وهي تستطرد بهدوء حاولت جعله مرح :
-اللي يشوفنا كدة يقول اننا اتنين عُشاق مش زي الاخوات !!..
اومأ مؤكدًا وهو يستدرك نفسه بسرعة :
-ايوة احنا مش اخوات فعلا
احتضنت ذراعه مبتسمة وهي تكمل :
-اتربينا سوا في الملجأ القذر ده بس انت زي اخويا فعليًا
عندها لم يستطع فدفعها بعيدًا عنه صارخًا بجنون :
-قولت انا مش اخوكِ ومش هكون اخوكِ !!!!
ارتعشـت شفتاهـا وهي تهمس بصوت خفيض :
-خلاص ما تتعصبش أنت مش اخويا يا ادهم..!
ثم نهضت تكاد تغـادر الغرفة وهي تحبس تلك الدمـوع بصعوبة.. لتجده يسحبها من ذراعها فجأة بقوة لتصطدم بصدره العريض فوجدت نفسها بين احضانه.. يحيطها بذراعاه بينما يتنفس بعمق ليخزن برائحتها رئتيـه وانفاسه تُلهب رقبتها… ليهمس بصوت متألم :
-ادهم بيموت.. نار بتولع فيه وأنتِ مش حاسه بيه !!!
*******
-خـارج مصر في احدى الدول الاجنبية-
رجـل عجـوز بالخمسين من عمره تقريبًا.. يجلس في غرفة ما امام الشرفـة وبين يداه صـورة لأبنته الوحيدة “اسيـا”
يتحسسها بأصبعه وهو يردد بشرود وكأنه في دنيا اخرى غير تلك التي بدأت تظهر له مخالبها بعد النعيم :
-اشتقت لك يا طفلتي.. اشتقتلك جدا !!
ثم ابتسم بحزن متابعًا :
-بقيتي تلاته وعشرين سنة بس لسة طفلة بالنسبة لي …
كادت دموعه تنهمـر ويكمل بصوت مبحوح متذكرًا ما حدث :
-بُعدي عنك على عيني يا نور عيني.. الله يلعن اليوم اللي قررت اشتغل فيه فـ الشغل المشبوه لولاه ماكنش هددوني الحثاله دول!!
مسح دموعه بسرعة ثم اكمل بصلابة :
-سامحيني ملاقتش مكان أمن اكتر من حضن ادم صفوان.. حتى الشيطان مايقدرش يأذيكِ هناك
هز رأسه ثم أردف وكأنه يحادثها :
-اه هو صعب شوية.. لا شويتين الصراحة !! بس انا متأكد إن طفلتي هتخليه يلين معاها هي ! بالرغم اني ما تعاملتش مع ادم الا كام مرة بس عرفت انه وقع فـ شباك عشفك يا طفلتي، وقع زي منا وقعت في عشق والدتك الله يرحمها.. عشق يمكن مؤلم ومتعب كمان في البداية بس انا واثق انك مُدرسه تقدر تتعامل مع عنفه بس لما تعشقيه !!….
تمدد ببطء على الاريكة يحتضن الصورة بحنان وهو يتابـع :
-مش هقدر اعرضك للخطر معايا واتنقل بيكِ من مكان لمكان كل يومين !!
وارتسمت ارق ابتسامة على وجهه هامسًا :
-تصبحي على خير يا طفلتي… !
******
-القـاهرة الكبـرى… المعادي-
كانت “سيليا” تسير بخطى هادئة مترنحة نوعًا ما بسبب السجائر المكونة من “مخدرات” التي شربتها ولاول مرة .. !!
لم تبالي عندما ركضت خلفها صديقتها فأصبحت تمشي دون توقف حتى وصلت منطقة شبه مهجورة وحدها…
سقطت على الارض وهي تردد بلا وعي بصوت مبحوح :
-لية بيحصل معايا كدة؟! كل حاجة فلوس فلوس.. الحياة مابتمشيش من غير الفلوس !!!
نظرت للسمـاء الزرقـاء لتلمـع عينـاها الزيتونيـة وهي تهمس بحروف زائغة :
-واضح إن شقيقتي الوحيدة هتموت لو ماجبتش الفلوس دي، وهبقى مليش مكان اقعد فيه كمان !!
وفجأة صرخت بانهيار :
-طب اجيب الفلوس دي منيين !!!!؟
أمسكت بهاتفها لتلقيه بعنف على الارضية وهي تكمل صراخها المبحوح :
-والحيوانة شروق مابتردش ليية.. مابتفتكرنيش غير فـ المصايب بس!! هأ وانا متوقعة منها ايه ما احنا اتربينا فـ ملجأ حقير واتعلمنا كل حاجة وحشة مانفعناش الا انه كان مكان نقعد فيه !!!!
وفجأة إنتبهت لشخص مـا يقف امامها فرفعت عينـاها ببطء لتتجمد عندما وجدت من ينظر لها بترقب ولكن نظراته لم تكن ثابتة اذ كان يبدو من هيئته انه “ثمـل” وبشدة !!….
نهضت مسرعة وهي تسأله بحروف متقطعة :
-عايز ايه انت كمان؟ اوعى تقول عايز فلوس زيي!!؟
وفجأة وجدته يمسك ذراعها بقوة ضاغطًا عليه وهو يقول برغبة :
-لا مش عايز فلوس.. عايزك أنتِ !!
دفعته ببطء وهي تسبه بحنق :
-ابعد عني، الله الله ايه مشكلتك معايا عايزني ايه وجنون ايه ؟!!!
استدارت وكادت ترحل مترنحة ولكن فجأة وجدته يسحبها معه بجنون وهي تهذي بكلمات غير مفهومة….
ثم أسقطها ارضًا وهو فوقها يمزق ملابسها بعنف.. وهي تحاول دفعه بعيدًا عنها بعشوائية…
بينما هو لم يراها… كان يرى زوجته الراحلة…. الخائنة فقط !!!
زوجته التي جعلته يصبح قاتلًا على اعتقاد أنها قُتلت غدرًا ولكن اليوم فقط اتضح له انها لم تكن سوى خائنة !!….
اصبح يُقبل “سيليا” بجنون وهو يردد :
-لية عملتي كدة؟ هاا جاوبيني انا اذيتك فـ ايه؟!!!!
ولكن الاخرى كانت كمن يقاوم حتى يدفعه… تقاوم لتتمسك بوعيها ورشدها ولكنها صارت تستطرد بوهن :
-ابعد عني عشان مش أذيك بجد!!!
وفجأة شعرت بملابسها تمزق بسرعة وهو يُكبل يداها الاثنان بقبضته القوية السمراء…
بينما يهمس عند اذناها :
-هششش اسكتي.. مش هتحصل حاجة وحشة، هتحبي الموضوع !!!
همس بأخر حرف وهو يُقبل شفتاها بعنف حتى شعر بدماءها بين شفتاه…
حاولت ابعاده اكثر من مرة… ولكن ارتخت أعصابها عندما يأست من تركه لها !!….
لمساته الخبيرة كانت تؤثر فيها نوعًا ما وهي مستسلمة…
ولكن شعور الالم الذي اصبح كالمُخدر اقوى منها… !!
كانت تشعر بكل شيء… ولكن كمن ليست قادرة على اعطاء رد فعل !!
******
-قصر آدم صفـوان-
في الصباح دلف “ادم” إلى غرفة صغيرته الحمقـاء بهدوء…
لم يلقي تحية الصباح حتى على زوجته المصونة فهو متأكد من أنها لا تفرق معها تلك الامـور…
ما يفرق معها حقًا هي الاموال !!…
الاموال التي تزوجته من اجلها ليس الا..
كانت “اسيا” تغط بنوم عميق عندما دلف ليتجه نحو فراشهـا…
جلس على الفراش جوارها لينزل بعيناه ببطء عند بطنها البيضاء التي ظهرت من التيشرت القصير الذي ترتديه عند النوم..
فمد يده بهدوء شديد يتلمسها ببطء.. ليلفت نظره الاثـر الواضح على وجنتها من صفعته امس..
فاقترب منها ليطبـع قبلة رقيقة على وجنتها أشعلت ما يدفنه داخله من اجلها !!…
لا يريدها ان تخافه اكثر… لو دخلت داخله وعلمت الجنون الذي ينشب كأقوى وأعنف المعارك تجاهها لهربت رعبًا ليس اكثر !…
تحسس موضع الصفعة وهو يهمس بشرود :
-اسف يا طفلتي.. حاجتين مابقدرش اتحكم فيهم… عصبيتي و….
اغمض عيناه وهو يلثم جانب ثغرها برقة :
-وهوسي بيكِ !!… هوسي ومرضي اللي انا مش عايز علاج ليهم …
وفجأة استيقظت لتفتح عيناها وهي تدفعه بعيدًا عنها حتى كاد يسقط :
-ابعد عني ماتقربش مني كدة، أنت ما بتفهمش عربي؟؟
اغمض عيناه بقوة يحاول التحكم بأعصابه حتى لا يفتك بها…
فلو كانت شخصًا اخر لكان أفرغ رصاصه بعقله الان !!!….
فتح عيناه المظلمة فجأة ليقول بخشونة :
-يلا البسي هدومك وانزلي هنفطر سوا
ثم خرج دون ان يعطيها فرصة الاعتراض.. فاتسعت عيناها وهي تحدث نفسها بحيرة :
-معقول كلامي امبارح عن خروجي أثر فيه فعلًا؟! ده عمره ما فكر يخرجني من الاوضه دي !!!!
ثم ضربت رأسها وهي تنهض بسرعة :
-بطلي رغي يا اسيا وقومي.. انا هاوريه مين هي اسيا الشرقاوي !!
وصلت للدولاب المخصص لها…
لا تنكر أنه يعيشها برفاهية كما كانت في منزل والدهـا.. ولكن اشياء اخرى كالشعور بالسكينة تفتقدها !!….
وفجأة وجدت من يدلف دون طرقة حتى الباب.. إلتفتت لها مسرعة لتجد زوجته “جمانة”
فسألتها أسيـا ببرود :
-يا ترى عايزة ايه عشان اتشرف بوجودك فـ اوضتي!؟
كـزت جمانة على أسنانها بغيظ.. ثم أردفت بهدوء مصطنـع :
-ولا حاجة.. ادم بس أمرني اني اديكِ الهدوم دي عشان تلبسيها وتنزلي للجنينة !
عقدت أسيا حاجبيها مفكرة بكلامها.. فهي لم تتعامل مع جمانة سوى مرة او مرتان تقريبًا… ولكن لم تبدو لها المرأة المسكينة اطلاقًا !!!….
قطـع تفكيرها صوت جمانة المتلهف بخوف مصطنع خال على اسيا قبل ان تغادر :
-يلا يلا.. واحب افكرك انه عطاكِ مهلة عشر دقايق وتكوني ادامه والا هتشوفي رد فعل مش هيعجبك ابدًا
ثم أغلقت الباب خلفها لتفتح اسيا تلك الملابس التي كانت عبارة عن شورت چينز يصل لما قبل الركبة وتيشرت نصف كم ضيق…
ارتدتهم بلامبالاة متجاهلة كلام ادم الذي اخبرها به منذ أتت لمنزله
“اقسم بالله لو شوفتك بالهدوم دي ادام راجل تاني غيري هاوريكِ الجحيم في الدنيا ” !!!!
فتحت الباب وخرجت بهدوء متجهة للحديقة.. لم يكن الحرس موجودين فابالطلع امرهم ادم بالخروج لتهبط هي….
توجهت نحو الحديقـة حيث يجلس كلًا من “ادهم” وادم الذي كان يستمع لأدهم -صديقه المقرب- وهو يقول :
-كنت هموت من القلق امبارح يا ادم، مكنتش متخيل ان يحصل لشروق حاجة وحشة وبسببي كمان !!
ابتسم ادم متهكمًا ببرود :
-تستاهله.. كام مرة قولتلك تيجي تشتغل معايا بس انت كالعادة بترفض وانت بتقول زي البغبغان ” لا يا ادم.. السرقة اهون من تجارة السلاح يا ادم “!!!
وقبل ان يرد ادهم كانت “اسيـا” تندفع تجاههم بطلتها السارقة للأنفاس..
ليُنزل ادهم عيناه بسرعة قبل أن يدقق بها.. وعندما رأى عينا “ادم” التي أحمرت وهو يصك على أسنانه بعنف حتى اصدرت صوتًا همس بقلق :
-الله يرحمك يا مرات اخويا كنتي طيبة !!!
وكذلك كان حال اسيـا التي تراجعت بارتعاد عندما هب ادم واقفًا وهو يصرخ بأسمها بجنون :
-أسيــــــا ….!
وبلحظة كان يقترب منها مندفع كالثور الهائج الذي يوشك على ارتكاب جريمة الان بينما هي تتراجع كالقط المذعور……..!!!
*******
↚
كادت تركـض من أمام ذلك الذئب الذي كان على وشك الانقضاض عليها..
قدماها لم تعد تحملاهـا وأعلن دقـات قلبها السكـون لحين أصـدار لحـن يتفاقم وسط تلك كظطالنيـران المشتعلة !!…
ولكن كرامتهـا كــ “أسيـا الشرقـاوي” كانت كأرض صلبـة إنتشلت جاذبية الكـون لتُثبتهـا على الارض اسفلها..
وبأقل من لحظات كان امامهـا يسحبها من ذراعهـا بعنف خلفه متجهًا لغرفتهـا، وهي لم تنطق بحرف..
ولكن عندما جذبها وهو يتسابق مع الريح في خطواته كادت تسقط على السلم فتأوهت بصوت عالٍ صارخة :
-استنى رجلي هتتكسر يخربيتك!!…
ولكن لم يُعيرها انتبـاه… الجنون أطلق نيرانه في ساحة عقله فلم تتبقى ولو خلية واحدة تحثه على الهدوء !!…
وصل الغرفة فدفعها بكل قوته للداخل فسقطت مصدمة في الأريكـة ثم ابتلعت ريقها بقلق عندما أغلق الباب..
حاولت النهوض وهي تهمس بحروف مرتعشة :
-ادم لو سمحت اهدى.. كل الموضوع إن….آآ
ولكنه قاطعها عندما قبض على ذراعاها الاثنـان بقوة حتى تأوهت من ألم قبضته.. فظل يهزها بعنف حتى اصطدمت بالحائط خلفها اكثر من مرة وهو يصيح بجنون :
-ازاي عملتيها ؟؟ ازاي اتجرأتي!!… تظهري ادام راجل غريب بالمنظر ده؟ ازاي !
قال اخر كلمة بصراخ ازداد أشعره ان حباله الصوتية على وشك الأنفجـار…
ليدفعها بعيدًا عنه وهو يكمل وكأنه مصدوم :
-رغم تحذيراتي الكتيرة واني قولتلك ان الموضوع ده بالنسبالي خطير ضربتي بكل كلامي عرض الحائط وخرجتي تبيني جسمك للغريب !!!
وفجأة صرخت هي الاخرى بحـدة لم تبالي أنها سلاح موجهة ضد من هو ضد الكسر !!
:
-بطل جنان بقا، لو كنت مريض انا هعالجك وهتسمعني غصب عنك يا مجنون !!
إرتعـش جسدهـا كله وكأن صوته الذي خرج للتو زلزال مُخيف :
-أسيـــــــا !!!!
ثم اقترب منها ببطء.. ببطء شديد وهو يحدق بزرقـة عيناها التي اختلطت بالاخضـر كخلفية واضحة لقلقها منه !!…
ليصبح على بُعد إنش واحد منها يهمس بصوت اشبه لفحيح الافعى :
-أنا مفيش حد على وش الدنيا يقدر يجبرني على حاجة مش عايزها، سمعتيني ؟؟
اومأت مسرعة ليبتعد ولكن على العكس اقترب اكثر حتى شعـرت بسخونة جسده فوق جسدها.. ولكن تلك المرة ليس رغبةً وإنمـا غضبًا وجنونًا !!…
وكأن ذلك الرجـل سقطت حروف قاموسه جميعها الا من تلك المشاعـر..
ثم قـال وهو يتحسس قدمهـا البيضاء الظاهرة :
-لو عايزة تظهري مواهبك فـ المفروض تظهريها لجوزك بقا اولى من الغريب.. !
كادت تفقد توازنهـا عندما مس قدمها بتلك الطريقـة.. ولكنها تماسكت وهي تخبره ببرود :
-بما أنك مش عايز تسمعني.. فـ اه انا عايزة اظهر مواهبي ادام الغريب !
اغمضت عيناها بسرعة عندما سمعت زئيره العالي الذي يشبه زئيـر اسد سينقض على خصمه الان… وتوقعت صفعة عنيفة تجعلها تفقد الوعي…
ولكن تلك الصفعة لم تكن لها بل كانت للمرآة المعلقة التي تهشمت لقطـع صغيرة اختلطت بدماء يده التي اصبحت تنزف بغزارة….
شهقت راكضة نحوه بسرعة تصرخ بأسمه :
-كفاية جنان..
أشـار لها بيده الاخرى محذرًا :
-لو مش عايزة الضربة دي على وشك ابعدي حالًا !!!
عادت للخلف بسرعة وهي تفكـر…
هو يتأثـر بها أليس كذلك ؟!…
يغلي من لمسة منها !…
فلتستغل تلك النقطـة اذًا !!!!
اقتربت منه فجأة لتحيط وجهه بيداها وتقبلـه هكذا دون مقدمـات…
تحاول التأقلم مع الخبرة التي تكاد تكون معدومـة التي تمتلكهـا امام جنونه وشغفه المطيح بالعقل عندما يُقبلها هو..
وفجأة وجدته يدفعها بعيدًا عنه بعنف.. ثم يبصق على الارض وهو يتشدق بقسوة :
-مش انا الراجل اللي الشهوة بتمشيه!!! ما تخليش رغبتي فيكِ تلهيكِ عن شخصيتي الحقيقية.. انا ماحاولتش اقرب منك من يوم ما اتجوزتك الا امبارح !!!
استدار وكاد يسير ولكنه توقف فجأة ليكمل ساخرًا مزيدًا طنين قسوته الموجعة :
-ومابتستغلش جسمها وشفايفها زي ما عملتي دلوقتي الا العاهرات !!
ثم استـدار ليغادر صافعًا الباب خلفه بقوة ولكنها لم تتحرك…
ظلت مكانها نظراتها جامـدة وكأن الروح سُرقت منها..
وكلمته القاسية تتردد بأذنيها
” عاهرة… عاهرة… عاهرة ” !!،،،،
*******
تأوهـات “سيليـا” التي استيقظت لتوهـا عبأت الغرفـة…
فتحت عيناها ببطء شديد تنظر حولها.. لم تكن بغرفتهـا.. لقد كانت في غرفة تراها لأول مرة بحياتها !!…
ومضـات سوداء من ليلة امس تخترق ذاكرتها كڤيـروس يُصر على تدميرها.. !
أمسكت برأسها تصرخ من الالم الذي يلفح عقلها :
-آآه.. الالم ما يُحتملش.. مش كفاية جسمي!
وفجأة وجدته يدلف بهدوء تام يغلق ازرار قميصه وهو يتشدق بسخرية باردة :
-واخيرًا صحيت الاميرة النائمة، ده انت فكرتك مش هتصحي قبل اسبوعين !!!!
نهضت تحاول الثبات متجاهلة الألام بجسدهـا… وما إن وقفت حتى كادت تسقط فسارع هو يحيطها بين ذراعاه.. تتعلق نظراته بنظرات عيناها الشرسـة.. الغاضبة التي تحمل خلفية من اللون الاحمـر الذي تحبس خلفه دموعها !!!….
كاد يغـرق بين غابات عيناها الزيتونية، فابتعد مسرعًا وهو يتمتم متهكمًا بخبث :
-اسف يا زيتونة.. واضح اني كنت عنيف امبارح
ثم نظر لها مرة اخرى رافعًا احد حاجبيه :
-بس آآ.. لية متهيألي ان الليلة دي عجبتك جدا ؟!
عندهـا لم تحتمـل فتركت الحرية لدموعها تلحن صوتها الهيستيري وهي تصرخ :
-الله يلعنك يا حقير.. انا ماكنتش فـ وعيي، مكنتش قادرة اقاوم حتى !!!!
ابتسم بسخريـة ألمتها وهو يردف :
-يا طاهرة يا بريئة وراحت فين عذريتك؟!! راحت هي كمان لما ماكنتيش فـ وعيك صح ؟؟
عضت على شفتاهـا بقوة.. لتهمس بصوت مبحوح دون وعي :
-لما كنت طفلة !!!
تأفف ساخرًا وهو يرتدي الچاكيت مرددًا :
-عشت سنين مع ممثلة بارعة زيك وامباىح اكتشفت انها مجرد خاينة فـ مش هتأثر بـ زيتونة صغيرة بتحاول تمثل زيك !!!
كاد يغـادر ولكن إلتفت لها للمرة الاخيرة وقد عاد لجديته.. لقسوته وخشونته المعهود بها… يتابـع بحدة :
-ماجبتكيش هنا الا لما فوقت، وعشان تبقي عارفة لو مكنتش سكران مكنتش قربت من واحدة بائسة زيك
ولكن قبل أن يغـادر وجدها تسحبه من ذراعه بقوة وهي تصرخ بشراسة :
-أنت مفكر ان الموضوع بالسهولة دي؟! تاخد اللي انت عايزه زي الحيوان وتمشي كدة !!
وفجأة لوى ذراعها بعنف خلفهـا يضغط عليه مغمغمًا بجمود :
-لما تتكلمي مع جواد صفوان تلتزمي حدودك !!
ثم ترك ذراعهـا ببطء.. هبط بعينـاه لجسدها الذي لا يستره سوى قميصه القصيـر وخصلاتهـا تغطي جانب وجههـا.. أحس بالدوار الذي داهمها كأعصـار خفي كاد يختطفها منه..
ليحيط خصرها بنعومة فتستند هي على صدره بتلقائية.. عندها همست بصوت هادئ بارد :
-عايزة فلوس، ساعتها مش هتكلم لأي شخص باللي حصل.. اديني بس فلوس
كانت تهبط ببطء لاسفل وأصابعها الناعمـة تلمس عضلات صدره الظاهرة من الازرار المفتوحـة… بينما أنفاسها تحـرق جلدة متفاعلة مع لمسة غريبة منها !!….
قربها منه اكثـر حتى اصبحت ملتصقة به تمامًا… ليهمس بهسيس متساءلاً :
-اسمك ايه ؟
اجابته بنفس الطريقة :
-سيليا
-هاديكِ الفلوس اللي إنتِ عايزاها يا سيليا
قالها وقد بدأت اصابعه تعبث بأزرار القميص الذي ترتديه.. وأصابعه تتحسس ملمس جلدها الناعم لتغمض هي عيناها ببطء مقهور منصهر….
حسنًا… هي فقدت عذريتها منذ زمن.. فلا مشكلة في قضاء بعض الوقت من اجل شقيقتها الوحيدة !!؟……
******
-قصــر آدم صفـوان-
كان “أدهم” على وشك الرحيـل عندما كان يجلس أدم بصمت على كرسيه يدخن بشراهه…
فسأله ادهم متسفسرًا بهدوء :
-صحيح.. تقدر تقولي فين ابن عمك المصون “جواد” ؟؟ مش عارف اوصله من امبارح
لم ينظـر له أدم وهو يخبره ببرود وكأنه يمليه طقس اليوم :
-امبارح بعتله دليل خيانة المرحومة مراته، تلاقيه سكران هنا ولا هنا
شهق ادهم بعنف غير مصدقًا :
-ايــه ! وبتقولها كدة ببساطة ؟؟
أكمل أدم وكأنه لم يسمعه :
-ماقدرتش اشوفه منهار عشان واحدة خاينة، وابن مرات ابوه ال***** بيواسيه وكأنه ماخانهوش مع مراته !!
ثم نهض فجأة وهو يطفئ السيجـار متابعًا :
-هوصل له بطريقتي، دلوقتي يلا قوم على بيتك
ابتسم ادهم بعفويـة… فعلاقته بــ أدم لم تكن كـصديق وصديقه… بل كانت كشقيق وشقيقه… كروح وإنقسمت بين بذرتين !!…..
اقترب منه يهمس بهدوء حذر :
-أدم.. انا مش بحب اتدخل فـ حياتك الشخصية وخاصةً اللي يخص مرات اخويا بس حاول تكون رقيق معاها دي البنت كرهت الدنيا يا راجل
تعمـد ألا ينطق أسم “اسيـا” منعًا لطفو جنون أدم الان…
فهو يغـار وبجنون من أقرب الاشخاص إليه حتى !!…
وما يكاد يجعل ادهم يموت حيرةً أن أدم لم يعترف بحبه لها حتى الان !….
عاد أدهم من شروده على صوت أدم الذي صعد لأعلى متمتمًا بصوت أجش :
-هحاول..
تنهد أدهم وهو يسحب اشياؤه ليغادر بهدوء… بينما “أدم” لم ينطفئ شعلة غضله.. حتى الان يكاد يود أن يمزق احشـاءها لظهورها هكذا امام اي رجل سواه !!….
أوقف أدهم مردفًا بجدية :
-ادهم.. لو ماقدرتش تقول لشروق عن عشقك ليها، ابعد عنها على قد ما تقدر !!
اومأ ادهم دون ان ينظر له ليغادر بهدوء… ليته يستطع إبعادها !!…
ليته يستطع التغلب على داء عشقها الذي كرمش جوارحه حتى باتت معدومة….
******
وصل “ادهم” المنطقة التي يسكن بها مع معذبة قلبـه…
كاد يدلف الى الشقة ولكن أوقفته “منـار” جارتهـم المهيمة به !…
تستند على كتفه بعمد وهي تهمس متلكعة في حروفها :
-اسفة يا ادهم.. مش بقدر امشي متوازنة اكتر من خمس دقايق بيجيلي هبوط اصل انا لينة جدًا !!
رفـع حاجبه الايسـر وهو ينظر لملابسهـا التي تظهر جزءًا واضحًا من جسدهـا…
ملابس مغريـة…
وهيئة جبـارة كاللوحة المرسومة !!
ماذا يريد ليستجب لها ؟!!!!
عاد ينظر لها مرة اخرى ليقول متهكمًا :
-واضح إن هدومك لينة زيك مابتقدرش تفضل على جسمك اكتر من خمس دقايق برضه !
إنتفخت اوداجها بغيظ…
مهما فعلت معه يراها كعجوز في السبعين من عمرها ويسخر منها ويرحل !!….
وهذا بالفعل ما كاد يفعله لولا أنها أحاطته بين يداهـا مقتربة منه بدرجة كبيرة متعمدة تحريك جسدها بأغواء.. فظل يهز رأسه نافيًا بأسف مصطنع :
-تؤ تؤ يا حسرة على الزمن اللي البنت فيه هي اللي بقت تحاوط الشاب كدة !!! فين الشرف ؟ فين العزة؟… فين شقتك ؟
عندهـا أطلقت ضحكـة خليعـة وهي تتنهد متمنية :
-ادهم… ارجووك اديني فرصة اتقرب منك يمكن تحس بيا، بس انت عمرك ما هاتحس طول ما انت قريب من شروق دي دايمًا !!
ولا يدري لِمَ تذكـر جملة “ادم” التي رنت بأذنـه كقاعـدة لا يمكنه تجاهلها…
قاعدة جعلت قلبه يأن معترضًا وعقله يحوم وسط تلك الكلمات متمسكًا بالحجة الحقيقية ….
ولكن في النهاية أستجاب للعقل فلم يبدي رفض ككل مرة مما جعلها تتشجع لتقترب منه ببطء حتى وضعت شفتاها على شفتاه الغليظة تحاول سرقـة استجابته.. ولكنه كان جامدًا…
يغمض عينـاه ليراها هي.. يتوق لالتهام شفتاها هي !!!!
أبعد “منار” عنه وهو يقول بصوت أجش :
-ممكن حد يجي يشوفنا
اومأت بلهفة وهي تمسك بكفـه متجهة للأعلى حيث منزلها…
ألقى ادهم نظرة على الباب المُغلق حيث تكمن “شقته” هو وشروق….
عينـاه يستوطنها رجـاء من نوع خاص..
نـداء يصرخ به القلب.. والعقل أصم عنه !!!!
وبالفعل صعد مع “منار” بينما قلبه هجـره بقسوة رافضًا الأنصيـاع لمرمى العقل !!
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وفي الداخل كانت “شروق” تتنفس بصوت عالي… تشعر بشيء يجثو على دقـات قلبها فيجعل رنينهـا مكتوم !!…
ضيـق وغيظ عنيف إحتـلا قمة جوارحها لتزم شفتاها هامسة بتوعد :
-ماشي يا ادهم.. انا هاعرفك إن الله حق
والسـبب….
لم تسأل عنه… او بالأصح لم ترد أن تسأل !!!
فـ مهما تعددت الطرقـات.. وتوارت الاسبـاب.. تبقى النتيجة واحدة ؟!!!!
*******
كانت “أسيـا” تقف خلف باب غرفتها.. تتنفس بعمق مرة بعد مرة..
إلى متى ستهـرب من المواجهة ؟!
المواجهـة حقيقـة ترفض الاعتـراف بها.. حقيقـة رسمها واقـع مؤسف تنفر هي منه بأحلام يقظتها !!….
خرجت من الغرفة مرتدية ملابس محتشمة.. فهي لا تحتاج جرعة اخرى من الأهانة ،،…
وصلت أمام غرفة “أدم” فوجدت الخادمة تقترب منها بسرعة مرددة :
-يا هانم الباشا آآ….
أشـارت لها أسيا بإصبعها بحـدة، وبدت كأنها تتحدث عن بطل فيلم رعب وهي تستكمل بجدية مُهددة :
-تخيلي لو قولتله إنك منعتيني ادخله هيعمل فيكِ ايه!!؟
وفور أن سمعت تلك الكلمات تراجعت الخادمة على الفور تُفسح لها الطريق لتبتسم أسيا ساخرة وهي تفتح الباب ببطء وتدلف مغلقة اياه خلفها دون ان تنظر لأدم الذي كان غارق بأحلامه….
وقفت امام فراشـه تنظـر للوشم المرسوم على ذراعه ورقبـته…
سكـونه مُغري للتمحص ولكن بدا الاستنكـار واضحًا كعين الشمس وهي تتذكـر كيف تتحول ملامحه من سكينة هكذا لطرقـات تؤدي للجحيم المشتعل بعيناه !!؟
اقتربت منه دون ان تشعر وهي تتفصحه، وفجأة وجدته يجذبها بقوة من ذراعها وينهض لتصبح هي ممددة على الفراش وهو فوقها يطل عليها بهيئته الجبارة ويكاد يكون ملتصقًا بها… أنفاسه تلفح رقبتهـا الظاهـرة بقوة حتى بدأت ترتعش أسفله ؟!!!!!!
↚
تهدجـت أنفاسـها…وتلكـأت الحروف بين منابـع جوفها وهي تحدق بعينـاه التي أظلمـت بسـواد يجعل كيانها كله يهتز بعنف منحنيًا لجبروت رجل تهابه الشياطين !!….
ظلا هكذا لدقائق لم يتحدث اي منهما وكأن الصمت يحوي معاني اخرى اهم وأرقى… !
نظرت ليده التي تقبض على كف يدها بحيث يمنعها من التحرك وهي تقول :
-ادم… ممكن تسبني أقوم
لم يتحرك ولو إنش واحد وهو يهمس بصوت أجش :
-إنتِ اللي جيتي لعرين الأسد برجليكِ
حاولت دفعه.. حاولت استجمـاع شراستها وهي تصرخ به بحدة :
-ابعد عني بقا أنت عايز إيه!؟؟
كانت رائحتهـا تخترق أنفـه.. وحركتهـا الكثيرة اسفل جسـده تثير جنونه لأفتراسها !!!….
فنظـر في عينـاها مباشـرةً وهو يردف بخشونة :
-أنا قولتلك أنا عايز ايه كتييييير بس اهم حاجة عاوزها هو ده
قال اخر كلمة وهو يشير لقلبها الذي ينبض بعنف…
ابتلعت ريقهـا بتوتـر.. ذلك العمق الذي يحتـل عينـاه تشعر به يبتلعها.. يجذبها ويجذبها بقوة حتى كادت تغرق !!…
مد يده ببطء ليتحسس شفتاها بأصبعه وهو يكمل همسه الذي كاد يأخذ منحنى اخر :
-وتاني حاجة عايز دول يكونوا ملكي بس بأرادتك.. عايز اقطعهم !
نبضـات قلبهـا كانت وكأنها في سبـاق.. سباق ستكون نهايته حتمًا إنهيـارها صريعة سيمفونية كلماته التي لا تراعي عذرية جوارحها !!….
كان وجهها مختلط به الاحمرار وهي تتشدق بصوت خافت خجول :
-ادم.. ادم لو سمحت.. ادم آآ….
اقترب اكثر بوجهه من وجهها وهو يقول بحنق شكله العبث :
-لو مابطلتيش تقولي اسمي كدة كتير يبقى اتحملي النتيجة!! وممكن أسكتك بطريقتي..
إنسحـب ذلك الأحمرار مفرغًا الساحة لزئيرها المجنون الذي هدد بالأنفجار وهي تخبره ساخرة :
-لأ.. اصل العاهرات بس هما اللي بيعملوا كدة، وانا مارضاش ليك إنك تبقى مع عاهرة !!!
أغمـض عينـاه يحـاول حكم السيطـرة على جنونـه الذي كاد يتصـادم مع جنونها كالأمواج في عرض البحـر…
ليقـول بصوت حاد إرتسمت له ابتسامة ساخرة.. متعجبة على ثغرها :
-إياكِ تقولي على نفسك كدة !!
رفعت حاجبها الأيسر ولم تمنع نفسها من الضحك الذي قاطعه خرير السخرية :
-اه أنت بس اللي تهيني لكن مش من حق حد تاني صح.. لإني ملكك !!!!
كان يصفف خصلاتها المتمردة بأصبعه ليزيحها عن وجهها وهو يستطرد هادئًا :
-نص كلامك صح ونصه غلط.. الغلط إني بحب أهينك والصح إنك ملكي…!
هذه المرة دفعته بكل قوتها على حين غفلة منه لتنهض مسرعة من ذلك الفراش.. ابتسم هو على شراسة طفلته ولم يُعلق بشيء…
ولكن قُتلت تلك الابتسامة بسم كلامها البارد وهي تسأله :
-عايز ايه وتسيبني يا ادم !؟
نهض ليقف أمامها وقبل أن يرد كانت تكمل بهدوء تام :
-لو سلمتلك نفسي ولمستني بأرادتي هتسبني؟؟
مرت ثانية واحدة تقريبًا قبل أن يمسك الكرسي الخشبي ليُلقيه بعشوائية صارخًا بزمجرة أرعبتها :
-قولتلك أنا مش عايزك لمجرد رغبة فـ جسمك بس افهمييي بقااا
ولكنها لم تصمت بل صرخت بانفعال هي الاخرى ؛
-امال عايز مني اييييه انا بكرهك مستحيل افضل معاك واحبك زي ما انت عاوز، انا بكرررررهك وآآ… !!
وفجأة بخطوة واحدة كان امامها مباشرةً ليجذبها من خصلاتهـا بعنف ممسكًا بشعرها يثبت وجهها امام وجهه حتى تأوهت…
ولكنه ابتلع تأوهاتها وباقي حروفها بين شفتـاه.. يلتهم شفتاهـا بلهفة اختلط بها بعض العنف…
متلذذًا بمذاق شهد شفتاها بين شفتاه…
ليتركها اخيرًا عندما شعر بحاجتها للهواء.. فاقترب منها وهو يقول بصوت لاهث خشن :
-وكل ما هتقولي الكلمة دي هبوسك.. وأنا مش بمل من شفايفك خالص على فكرة !!!
كانت عيناها متسعة وهي تحدق به بذهول…!!!!
فانقبض قلبه لحركة عيناها التي كادت تُرهق مشاعره..
لديه قدرة رهيبة على تحريك كافة جنوده في ساحـة الحرب… حرب الحب !
لتصبح هي مجرد هزيلة تفقد اسلحتها رويدًا رويدًا امامه !!….
دفعته وهي تضرب صدره مغمغمة قبل أن تركض من امامه :
-قليل الادب ووقح
وقفت عند الباب وقبل أن تخرج قالت بجمود دون ان تنظر له :
-وعلى فكرة مراتك المصونة هي اللي جت جابتلي الهدوم اياها وقالتلي ألبسها وقالتلي انك انت اللي باعتها وانك مستنيني فـ الجنينه
ثم ركضت بسرعة قبل أن يفتك بها…
اما هو بمجرد ان تذكـر ذلك المشهد.. كان يشعر بغليـان حارق ومُميت يحرق أوردته فصرخ بصوت زلزل اركان القصر :
-جمااااااااانــــة !!!!!!!
*******
كانت “سيليا” ترتدي ملابسهـا بصمت تام.. بينما هو يُغلق ازرار قميصه بهدوء امام المرآة….
لا يدري صواب ما يفعله ام لا..
ولكن على اي حال… الانتقام كتم تدخلات العقل !!!
نظر نحو سيليا الشاردة ليزجرها بصوت أجش ؛
-يلا قومي مستنيه ايه؟!
دون ان تنظر له قالت :
-والفلوس ؟؟؟
ظهـرت ابتسامة متهكمة تتراقص على حبال ثغره وهو يخبرها بصراحة مؤلمة :
-متقلقيش انا ماباكلش حق حد، هتاخدي حق الليلة دي !
شعـرت بالمرارة تلفح جوفها حتى كادت تبكـي متكورة حول نفسها…
ولكنها كالعادة أظهـرت بذور التماسك التي جعلت إنهيارها ينكمش بصمت مُخزي..
لا تشعـر بالألم لقضاءها تلك الليلة معه بقدر ما تشعر بالألم من تلك الحيـاة التي لا تدري ماذا سيحدث بها غدًا؟!….
انتهى من اغلاق ازراره ليسمعها تقول بصوت هادئ كالاطفال :
-انا جعانة !!
نظر لها بحاجب مرفـوع يهمس مستنكرًا :
-ايه؟!!!
رددت متأففة ببرود :
-انا جعانة.. عايزة اكل هاتلي اكل عشان انا جعانة
كاد يضحك على طريقتها المستفزة ولكنه تماسك وهو يقول بعبث ردًا على كلمتها “انا جعانة” :
-ارقصي عريانه !
شهقـت وكأنها صُدمت لتكمل ببلاهه :
-يخربيتك ارقص عريانه ده ايه دول كدة ياخدونا اداب وننزل من البيت ملفوفين بملايـه.. لا لا كل الا الشرف
تعالت ضحكـات جواد على تلك الطفلة التي تُغيم شمسها أتربـة الزمـن…
أتربـة جعلت من طفولتها هشاشة تنسحب في اقل من ثواني..!!!
ليعود لها ببعض الطعام الذي وضعه على المائدة وهي جلست على كرسي امامه وهو على الكرسي الاخر….
لتبدأ سيليا في تناول الطعام بشراهة متناسية وجود “جواد”
فقالت وهي تبتلع قطعة كبيرة بفمها :
-انت قولتلي اسمك ايه بقا ؟
رد جواد بسماجة :
-لا انا ماقولتلكيش قبل كدة، بس اسمي جواد
ابتسمت وهي تومئ برأسها مستطردة بتهكم مرح :
-اه.. سجاااااد ! هو انت امك كانت بتتوحم على ايه وهي حامل فيك يا سجاد ؟!
ضم قبضـتاه بعنف يضغط عليهما.. ولا يدري ما الذي يدفعه لتحملها !!!
وفجأة مد يده وهو يقترب منها لتعود هي للخلف بتلقائية مما جعله يمسك رأسها من الخلف ضاغطًا على خصلاتها بينما اصبعه يمسح قطعة طعام سقطت على ثغرها….!
حدث ذلك بأقل من ثلاث ثواني.. ليصبح ضخ دقاتها أصعـب…
اصبحت الوتيـرة بطيئة.. قصيرة وقاسية فلم تعد تنتظم !!..
قطعت تلك اللحظة سيليا وهي تردد ببلاهه :
-ايوّووووه يا ولا.. هو التسبيل وجو انه بيغرق في ظلام عيناها وكدهون طلع حقيقي!
تجمـد جواد مكانه للحظة قبل أن ينفجـر ضاحكًا على تلقائيتها التي تجعله سجين تلك التلقائية كأشد مُحتل !…
ليسألها بابتسامة هادئة :
-إنتِ اسكندرانيه؟
اجابت بفخر :
-ايون طبعًا.. بس جينا هنا على امل ان اختي الموكوسه يساعدها واد كدة ويجيب لنا شغلانه حلوة وقال ايه ياخويا
وضع جواد يده على ذقنه يهمهم مثلها :
-ايه ياختي؟
-قالها انا مش هعمل زي بقيت الشباب وهدخل البيت من بابه وهتعامل معاكِ بالأصول.. وكلمني عشان نتفق وفـ الاخر خلع ومعرفنالوش طريق وطلع بيسرح بيا انا والبت بس بالأصول برضه !!
ضحك جواد للمرة التي لا يذكر عددها وهو يجلس معها.. لتنسجم هي مع ضحكاته التي طرقت على ترانيم قلبها بخفة !!
لينهض فجأة وهو يعود لخشونته مرددًا :
-طب مش يلا بقا؟ كلنا وشربنا وضحكنا، نشوف مصالحنا بقا
نظرت للطعام بغيظ مغمغمة بصوت خفيض :
-مابيكملش 10 دقايق على بعض ويرجع هتلر تاني
دقق النظر لها متساءلاً بابتسامة دفنها بالحدة المزيفة :
-بتقولي ايه يا سيليا ؟!
نهضت وهي تهز رأسها نافية بسرعة كادت تُضحكه :
-لا لا ببرطم مع نفسي مابقولش يا باشا.. ممنوع ابرطم كمان ؟
أشار للباب برأسه آمــرًا :
-امشي ادامي يلا
اومأت موافقة وهي تسير بسرعة امامه.. فتحت الباب بهدوء وكادت تخرج لتجده يسحبها من ذراعها فجأة بقوة حتى اصطدمت بالحائط خلفها وهو امامها مباشرةً لا يفصلهم سوى 1سم !!!!!
فقال هو بحـدة تناسب خلفية عيناه المظلمة :
-ايه هي زريبة؟! ما تصبري ولا عايزة حد يشوفك طالعة من عندي وسُمعتي تتشوه.. أنا مابجيبش بنات ليل هنا كل يوم والتاني يعني…!!!!!
شحـب وجهها بشـدة وكأن الاكسجين سُرق من تلك البقعة التي ابتلعتها..
لم تعط رد فعل لدقيقتين تقريبًا قبل أن ترفـع عيناها الحادة كسكـين قاسي وهي تقول :
-انا مش من بنات الليل.. وفعلًا واضح إنك مش بتجيب بنات هنا ما انت مش محتاج.. انت بتغتصبهم فـ اي حته ضلمة مقطوعه فـ الشارع !!!
ولم تعطه الفرصة لتفر هاربة من امامه… هي ليست بالضعيفة….
هي منذ فقدانها أعز شيء.. لم يعد للفقدان معنى اخر في قاموسها !!
استفاق هو من صدمته سريعًا وهو يهتف بصوت عالي نوعًا ما :
-طب ابقي تعالي استلمي الفلوس هنا بكره
دلف الى المنزل مرة اخرى ليصفع الباب بعنف بقدمه لاعنًا بقوة… ليمسح على شعره عدة مرات وهو يتنفس بصوت عالي قبل أن ينصـرف كالأعصار متجهًا لعمله……
*******
كانت “شروق” تقف بالمطبخ عندما سمعت صوت باب المنزل يُفتح فعلمت أن ادهم قد وصل…
تنفست عدة مرات بصوت عالي تنظم أنفاسهـا التي بدأت تخرج عن سياق السيطـرة..
واتخذت من الجمـود خلفية لملامح وجهها التي إنكمشت بحدة ملحوظة!!!
سمعته ينادي من الخارج بهدوء :
-شروق.. شروق إنتِ فين
أكملت ما تفعله دون ان ترد.. لتسمع خطاه وقد وصل للمطبخ.. فوقف جوارها يستند على “الرخام” وهو يقول بهدوء :
-شروق حضريلي اكل عشان جعان وتعبان عايز انام
لم ترد عليه ايضًا والتزمت الصمت مما جعله يمسكها من ذراعها يجذبها له حتى كادت تلتصق به، ليسألها بحدة :
-في ايه مالك مش بكلمك ماتردي على امي؟!!!
رفعت حاجبها الأيسـر وهي تجز على اسنانها بعنـف.. وهمست بسماجة :
-مش عايزة ارد على امك !!
رغبة عنيفـة تستوطن جوارحها الان وتأمرها بلكمه !!
نفضت ذراعه عنها بكل برود وهي تحاول الابتعاد ولكن قبل ان تبتعد تمامًا كان يجذبها مرة اخرى ويداه تطوق خصرها بقوة….
اصبحت ملتصقة به.. نظراتها الشرسة تحاربهـا نظراته الغامضة المشوبه بالغضب!!!
أنفاسها الهادرة لفحت صدره العاري الظاهر من القميص المفتوحة ازراره.. ليغمض عيناه محاولًا السيطرة على نفسه حتى لا يُقبلها الان !!!!
لمحت هي “روچ ” على رقبته.. فجن جنونها حينئذ ولكنها حاولت تمالك نفسها فمدت يدها ببطء لتمسح الروچ الموجود على رقبته بأصبعها هامسة وهي تجز على اسنانها بكل الغيظ الموجود في العالم :
-ااه مهو واضح إنك تعبان اووي !
نظر لأصبعها الذي طُبع “بالروچ” ليعود وينظر لعيناها التي تحترق…
فحاول التبرير وهو يبتلع ريقه بتوتر :
-ده آآ…
ولكنها دفعته بعنف بعيدًا عنها وهي تزمجر بجنون :
-انت مش محتاج تبرر لي انا مليش دعوة بحياتك انت حر فيها.. بس انا كمان حره فـ حياتي !
نظرت للرخام وبدأت تُقطع السلطة وهي تردد بنبرة فاحت منها الغيرة دون ان تشعر :
-وهروح وهشتغل وهصرف على نفسي وهكلم رجالة براحتي وهعمل كل اللي نفسي فيه
ثم نظرت له بتحدٍ مكملة وهي تضغط على كل حرف :
-حتى لو طلعت مع واحد شقته زي ما انت عملت! ملكش دعوة بيا
عندهـا لم يحتمـل كلامهـا الذي قتل تدخل العقل في تلك اللحظات ليحذبها بيداه من ذراعاها الاثنان وهو يهزها بعنف جعلها تصطدم بالحائط خلفها اكثر من مرة وهو يردد بزئير مهتاج ومجنون :
-اخرررسي.. أعرفي لكلامك بقا وحاولي تمثلي انك متربية حتى !! انتِ مفكرة إني هاسيبك تعملي اللي انتِ عايزاه؟! ده انا اقتلك قبل ما راجل تاني يقربلك!!!
أطاح صوابها بصراخه فظلت تضربه على صدره وهي تصرخ بصوت عالي مثله :
-انا فعلًا ماتربتش فمش من حقك تلومني على اني يتيمه !!!
دفعته بقوة حتى ابتعد عنها وهو في حالة من الذهـول لأنفلات لسانه وسرعة تأثرهـا بكلماته المعتوهة…
لتكمل وهي تمسك نفسها بصعوبة من البكاء الذي يهددها الان :
-بس متقلقش انا هريحك مني.. وهتجوز يا ادهم ! هتجوز فـ خلال شهر واحد واعتبره وعد مني…!!
حاول امساك يدها قبل ان تغادر وهو يهمس بندم :
-شروق انا….
ولكنها غادرت المطبخ دون ان تعطيه فرصة الرد.. ليقف هو متجمدًا مكانه يسترجع كلماتها !!
تتزوج ؟!…..
تصبح لرجـل آخـر يمتلكها..؟!
أ ويتركها هو لأحضان رجل آخر؟!….
حينها شعر بذلك الجمود ينصهر مع خلايا جنونه ليطيح بالكرسي الموجود امامه بعنف وهو يصرخ بصوت عالي كـ من جن جنونه….
ومن وسط أنفاسه اللاهثة قال بنبرة خطيرة متملكة :
-تبقي بتحلمي لو فكرتي اني ممكن اسيبك لراجل غيري.. انتِ ليا انا بس وهتبقي ام ولادي ومفيش راجل هيلمسك غيري.. حتى لو ده حصل غصب عنك يا شروق !!!!!!!!
******
بعد مرور ساعـات قليلة……
كانت “شروق” متجهة لباب المنزل عندما وجدت فجأة من يمسك بيدها يجذبها برفق لتبتعد مسرعة حتى إلتصقت بالباب خلفها…
رفـع يداه الاثنان امام وجهها وهو يقول بهدوء :
-اهدي اهدي.. شروق أنا عارف إني غلطت بس….
أغمضت عيناها بقوة وكأنها تُزيل بقعة كلماته التي تركت اثرًا واضحًا داخلها.. ثم فتحتها وهي تقول بصوت أجش :
-خلاص يا ادهم لو سمحت انا مش عايزة اتكلم في الموضوع ده !!
هـز رأسه نافيًا وهو يضـع إصبعه على شفتاها ليقترب منها بهدوء مُقلق بينما يُكمل :
-بس انا ماقدرتش اسمعك بتقولي كدة واسكت
لم تأخذ هي كلماته في تيارها المقصود بل رمتها بأمر من العقل تحت خط -لم يستطع سماعها لانه أخيها – !!!
فاقترب هو اكثر عندما لاحظ صمتها حتى اصبح على بُعد انشات قليلة منها.. ظل يقترب رويدًا رويدًا وعيناه مُسلطة على شفتاها … ليهمس امام شفتاها :
-لان انا يا شروق آآ….
قطـع سحر تلك اللحظة صوت طرقات مُزعجة على الباب لينتفض ادهم مبتعدًا عنها بسرعة بينما اصبحت هي تتنفس بعمق قبل ان تفتح الباب لتجد امامها “سيليا” الغير مُهندمة اطلاقًا !!!!…..
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كان كلاً من “شروق” وسيليا يجلسا في غرفة شروق… رآن الصمت منتشر بينهم كنسمات الهواء !!
لتقطـع شروق ذلك الصمت عندما قالت بمرح علها تخفف من حدة التوتر :
-يابنتي بقالنا نص ساعة قاعدين قعدة المطلقين دي؟!!! وانتِ ولا راضية تنطقي مالك ولا راضية تقومي تتشطفي وننام لنا نص ساعة كدة نريح
تنهـدت “سيليا” اكثر مرة تنهيدة حملت الكثير والكثير في طياتها قبل ان تقول بهدوء دون ان تنظر لها :
-انا قضيت ليلة مع واحد
شهقت شروق مصدومة وهي تضع يدها على فاهها :
-انتِ بتقولي ايه!!؟ انتِ مستوعبة ؟؟
اومأت”سيليا” ببساطة وهي تجيب :
-مهو اللي تاعبني إني مستوعبة ومش فارق معايا.. شروق انا مابقتش في حاجة بتأثر فيا من يوم ما ال*** اغتصبني!!
سألتها شروق بسرعة وكأنها لم تسمعها :
-واحد مين وازاي شافك اصلًا وحصل ده؟!!!
خرج صوتها اجشًا وهي تشرح لها دون تردد :
-شربت مخدرات مع البت هالة ومكنتش حاسه بنفسي نزلت امشي في الشارع كدة وخلاص.. لقيته في وشي وهو كمان كان سكران وابتدى يقرب مني، الاول قاومت شوية بس ابتدت اعصابي ترتخي وماحستش بأي حاجة الا تاني يوم.. طلبت منه فلوس قولت لازم استغل الموقف
ثم ضحكت ضحكة ساخرة أرهقت قلب شروق على تلك المسكينة واستأنفت :
-بس هو اللي استغل الموقف وقرب مني تاني.. بس المرة دي انا ماقاومتش خالص !!!
عضت “شروق” على شفتاها بأسى وهي تهمس :
-لية كدة يا سيليا!! لية يا حبيبتي
حينها رفعت انظارها لها وهي تسألها بجمود :
-شروق هو انتِ لو فـ غابة وما أدامكيش الا انك تنقذي حاجة واحدة بس منك.. هتنقذي ايه ومن غير تفكير؟؟
-شرفي
ابتسمت سيليا وهي تقول بثقل :
-انا بقا الشرف ده ضاع مني، فـ خلاص مابقتش فارقة بقا.. لمسني ولا مالمسنيش واحد.. المهم اني استفدت وخلاص
صمت برهه ثم اكملت بجدية :
-وعلى فكرة والله يا شروق انا ما مقهورة انه قربلي ولا جو الخضرة الشريفة ده.. انا اللي قاهرني اني مش عارفة ايه اللي هيحصل بكره؟! هعيش كويس ولا وحش.. هفضل متمرمطه ولا لا.. عارفة انتِ اللي هو حياتي على كف عفريت زي ما بيقولوا !!
تمددت “سيليا” على الفراش دون كلمة اخرى لتربت شروق على شعرها بحنان هامسة :
-نامي يا حبيبتي.. ارتاحي ربنا يريح قلبك ويرزقك السكينة والراحة ويهديكِ ليه يااارب !…
*******
خرجت “أسيــا” من غرفتها تتسحب على أطراف اصابعها وهي تحدق حولها يمينًا ويسارًا…
لاح في ذاكرتها رؤيتها للخادمة وهي تتجه لاخر الطابق ثم تفتح بابًا ما وتهبط ثم صُدمت اسيا وهي تراها بالحديقة بعد ذلك…!
وهذا لا يعني الا شيء واحد.. ان هناك باب سري في اخر ذلك الطابق !!!!
حينها لمع عقلهـا بانتصـار مهللًا لذلك النصر الذي على وشك ان يُعلن…
نظرت يمينًا ثم يسارًا تتأكد من عدم وجود اي شخص لتهمس وهي تعض شفتاها بقلق حقيقي :
-يارب استر
ركضت بخفة مدروسة نحو ذلك الباب ولحسن حظها وجدته مفتوحًا فخرجت مسرعة تركض وكأنها تُسابق الزمن..
اصبحت بالحديقة فأصبحت تركض اسرع واسرع…
وكأن هناك علاقة طردية بين تخيلها للحرية من ذلك السجن وبين الركض.. فكلما شعرت بنسيم ذلك الحلم ركضت اسرع ..!!!!
ولكن فجأة وجدت نفسها تصطدم بصدر صلب عريض ثم قبض على ذراعها بعنف حتى كاد ينكسـر…. وتعجز الحروف عن وصف مظهره المُخيف !!!
ليسحبها دون مقدمـات من ذراعها بقوة خلفه حتى وصل احد الغرف التي تراها اسيا ولاول مرة… ليدفعها داخلها بعنف حتى سقطت ارضًا….
ولم يرفع عيناه القاسية من عليها وهو يخلع حزام بنطاله ببطء بينما هي تسأله برعب جلي :
-انت هتعمل ايه !!!!!!
******
↚
لم تجد حروفهـا… هربت من لسانها لتترك جسدها الهزيل وحده يُعاني مرارة الهزيمة الحتميـة !!…
نظرت لعينـاه التي تُدرك معنى ظلمتها تلك جيدًا.. فحاولت النطق فكانت حروفها متقطعة شريدة :
-ادم انا آآ….
ولكنه لم يعطها الفرصة.. بلحظة اصبح امامها ليحملها بين ذراعيه وكأنها ريشة خفيفة.. ثم وضعها على الاريكة ممدة على بطنها ليمسك يداها الاثنـان ويمسك بأحدى “الحبـال” ويربط يداها معًا متجاهلًا صراخها الذي هز ارجاء المكان :
-انت بتعمل ايه انت مجنون ابعد عني!!
ولكنه كان كالأصم… وكأن مرض الصم ذاك لم يصيبه الا بتهورها وجنونها هي..!!!
ربط قدماها ايضًا وبلحظة كان يُمسك بالحزام في يد ويمسك قدماها المربوطتان باليد الاخرى ليبدأ بجلد قدمها بالحـزام….
تلوت اكثر من مرة تحاول تحرير قدمها من بين يداه وتعالت صرخاتها اكثر فأكثر ولكن بالطبع لن يجرؤ اي شخص على انقاذها من بين يداه..!!!!!
صرخت وصرخت حتى ملت الصراخ فبدأت تبكي بعنف وهي تشعر بالألم كالصدئ الذي ينهش في الحديد يفتك بقدماها حتى لم تعد تشعر بهما…
حينها تركها وهو يفك قدماها لينهض وهو يرمي حزامه ارضًا يلهث بعنف محدقًا بها…
مرت دقيقة او اثنـان تقريبًا قبل ان يتوجه لها يمسكها من خصلاتها ليرفع وجهها الباكي له.. ولكن قبل ان ينطق بأي حرف وجدها تغلق عيناها فجأة وقد فقدت وعيها !!!!!
صرخ بأسمها بخوف وهو يعدلها لتتمدد بأريحية على الاريكة :
-أسيـا.. أسيا يا طفلتي قومي !
ولكن ما من مجيب.. ركض مسرعًا يصرخ آمـرًا بحدة :
-انتوا يا بهايم ياللي برا حد يجيب مايه بسرعة !!!
وبالفعل خلال ثلاث ثواني كانت الخادمة تُحضر له الزجاجة بخوف..
بدأ “ادم” يرش بعض القطرات على وجهها وحروفه متململة تُصارع كهئيته ويردد :
-اسيا قومي.. حقك عليا.. بس ارجوكِ قومي ماتسبينيش انا مليش غيرك يا اسيا قومي يا طفلتي متعمليش فيا كدة ! !
بدأت تستعيد وعيها ببطء.. وما إن فتحت عيناها واخترقت صورته رؤيتها حتى حاولت النهوض وهي تضربه على صدره بعشوائية صارخة بصوت مبحوح :
-ابعد عني ملكش دعوة بيا انا بكرررررهك بكررررهك سبني اوعى
حاول تطويقها بين يداه ولكنها كانت كـ من فقدت عقلها بالفعل.. فكان يمس وجنتها برقة وهو يهمس نادمًا :
-حقك عليا يا طفلتي بس مقدرتش امسك اعصابي وانتِ عارفة اني عصبي!
لم تهدأ بل ازداد لهب جنونها وهي تصرخ به بانهيار ؛
-ربنا ياخدك اوعى بقا انا بكررررهك افهم بقا
امسكها من ذراعيها بالقوة وهو يغمض عيناه مانعًا نفسه بصعوبة من صفعها ثم سألها مستنكرًا :
-كنتي عايزة تروحي فين!!
زمجرت دون تردد :
-رايحة فـ داهية انت مالك ابعد عني
حاول ان يضمها له وهو يهمس بصوت أجش :
-طب انا حضني داهية.. تعالي!
نظرت لعينـاه بشراسة لمعت بين لؤلؤة عيناها وهي تردف بنبرة فاح منها الكره :
-حضنك ده جهنم بالنسبالي.. انا ممكن اعيش فـ حضن اي راجل فـ الدنيا… الا أنت يا ادم صفوان….!!!!
ما إن انهت جملتها حتى تلقت صفعة جعلتها ترتمي على الاريكـة لتمسح دمعتها التي فرت منها وهي تسمعه يصرخ بعصبية مفرطة :
-اخرسي… حذرتك الف مرة ومفيش فايدة، قولتلك متذكريش سيرة الرجالة تاني وبرضه بتقولي نفس ***** ام الكلام!!!!
بينما هي لمحت سكين مرمي على الارض فركضت فجأة لتمسك ذلك السكين.. وضعته امام بطنها وهي تهمس بجنون :
-ابعد عني… امشي مش عايزة اشوفك
هـز رأسه بسرعة مرددًا بخوف حقيقي :
-اسيا اهدي.. ارجوووكِ انا اسف اسف بس سيبي السكينة
عندها صرخت هي وهي تقربها منها اكثر :
-والله العظيم هموت نفسي
ضغطت بها اكثر عند بطنها وتألمت بالفعل عندما كان يقترب منها ببطء فتراجع على الفور يترجاها :
-اسيا.. اسيا وحياة اغلى حاجة عندك ماتأذيش نفسك، طب اسمعيني.. مش انا ضربتك تعالي اعملي فيا اللي انتِ عايزاه ووعد شرف مني مش هعترض حتى !!
بدأت تهدأ بالفعل وهي تحدق به….
ليومئ بسرعة مؤكدًا كلامه السابق :
-والله العظيم ما هتكلم هسيبك تعملي اللي يشفي غليلك المهم ماتأذيش نفسك !!!
اقتربت منه بالفعل وهو ساكن مكانه.. ومن دون مقدمات كان تُدمي ذراعه الظاهر بالسكين بعمق فأغمض هو عينـاه يجز على أسنانه بصمت دون ان يأن بألم حتى !!….
حينها رمت هي السكين وهي تحدق بذراعه الذي بدأ ينزف بذهول..
متى اصبحت دموية هكذا ؟!…
متى جرحت شخص وبعمق وعن عمد هكذا؟!…
لا تذكر لا تذكر..
ولكن الغل والحقد عندما يمسكا زمام الامور لا يعود للعقل مكان بينهما !!!!
اقتربت منه بسرعة تمسك ذراعه وهي تردد بقلق وكأنها ليس من فعلها :
-فين الاسعافات الاولية بسرعة خلينا نعالج الجرح ده قبل ما يلتهب
ولكنه لم يكن ينظر لجرحه حتى.. كان مبتسم يراقبها بشغف.. وعندما قالت ذلك احتضنها رغم رفضها ليضمها له بقوة ويداه تحيطان خصرها.. ثم دفن وجهه عند رقبتها وهو يهمس مغمض العينين :
-علاجي فـ حضنك… انا مهوس بيكِ يا اسيا اوعي تسبيني ارجوكِ !!
فلم يكن منها الا ان صمتت.. لا تدري أ تحسد نفسها على عشقه الواضح لها ام تندب حظها العسير !!!……
*******
دلفت “شروق” إلى منزلهـا بعد عودتها من البحث عن عمـل…!
لم تمر دقيقة حتى وجدت الباب يُطرق بقوة.. وضعت “طرحتها” بعناية على شعرها لتفتح الباب…
وما إن فتحته حتى شهقت بعنف وهي ترى “أدهم” ذراعه مُصـاب وهو يمسكه متأوهًا والألم يلفح بذراعه..!!!!
صرخت بذعر وهي تسنده بسرعة :
-مالك يا ادهم في ايه؟؟
ضغـط بأسنانه على شفتـاه يهمس لها بصوت يكاد يسـمع :
-ادخلي يا شروق واقفلي الباب
امتثلت لأوامـره بسرعـة ليجلس على الاريكـة وهو يقول بصوت أجش :
-طلعي موبايلي واتصلي بأدم خليه يجيب دكتور ويجي
اومأت بسرعة وهي تمسك هاتفه لتتصل بأدم الذي اجاب بعد دقيقة بصوت هادئ :
-ايه يا ادهم
-ادم انا شروق.. هات دكتور وتعالى بسرعة ادهم مضروب بالنار !!
-ايه!!!! هو كويس طب؟
-مش عارفة ارجوك تعالى بسرعة
-طيب ماشي يلا سلام
اغلقت الهاتف تنظـر لأدهم الذي كان ذراعه ينزف بغزارة…
كانت تشعـر مع كل قطرة دم تهبط منه أن روحها تكاد تنسلخ من بين جلدهـا..!!!
ألم رؤيته بهذا المنظر كان أقـوى من غضبها منه بمراحـل.. فلم يكن منها الا أن احتضنته بسرعة وهي تهمس بخوف :
-ادهم انت كويس؟؟ ادهم ايه اللي حصل رد عليا
حاول إحاطتها بذراعه السليم.. وخرج صوته هادئًا ولكنه يندرج تحت مسمى الهمس وهو يخبرها :
-الناس اللي مسكونا فـ اليوم ايـاه، حرقتلهم المخـزن كله.. بس وانا بهرب رجالتهم شافوني وضربوا نار عليا
شهقت بعنف وهي تضع يدها على فاهها بغير تصديق.. ثم أردفت تنهره :
-لية يا ادهم لية ؟؟ لية رايحلهم تاني برجلك
صرخ بها بعصبيـة كانت تجلد جرحه أكثر :
-امال كنتي عايزاني أسيبهم وأنسى عادي بعد اللي عملوه؟!!
كادت تجادله بعدم رضا ولكنه وضـع إصبعه على شفتاها واستطرد بحزم :
-لو كانوا جم عليا انا بس كنت ممكن انسى وخلاص اللي حصل حصل.. لكن الا إنتِ.. إنتِ مابقبلش العوض فيكِ !!
احتضنته بسرعة وقد بدأت دموعها تلخط وجنتاهـا البيضـاء…
لتمر دقائق معدودة يتألم فيها “ادهم” الذي قد بدأ يفقد وعيه من كثرة الألم..!!!
حينها سمعت شروق طرقات سريعة على الباب لتهب واقفة تفتحه لتجد ادم والطبيب..
اشارت نحو ادهم المتسطح وقالت بلهفة متشبعة بالبكـاء :
-اهو.. اعمل حاجة والنبي
أشـار لها “ادم” محذرًا :
-اهدي يا شروق عشان محدش من الجيران يحس بينا، الدكتور عارف شغله كويس
اومأت بصمت وبدأ الطبيب عمله بالفعل فكُتمت تأوهات ادهم بسبب “المخدر” الذي أعطاه له الطبيب….
ومـر بعض الوقـت وانتهى الطبيب من عمله بعدما اخرج “الرصاصة” من ذراع ادهم وضمده له مع الوصاية بالعناية التامة.. !
خرج الطبيب يتبعه ادم الذي هتف بصوت خشن رجولي موجهًا حديثه لشروق :
-خلي بالك منه الدكتور قال مش هيفوق قبل ساعتين تلاتـة.. خليكِ معاه وانا هبقى اكلمه الصبح عشان اعرف مين عمل فيه كدة
اومأت موافقة برأسها ليغادر ادم بهدوء كما أتى لتزفر هي بعمق حامدة الله…
لاول مرة تستشعـر الرهبة الحقيقية لفقدانه !!!
فقدانـه….؟!
وهل تستطع هي فقدانه؟!!!
هل تستطع الابتعاد عنه وتجاوزه كما اخبرته؟!!…
والاجابـة كانت واضحـة ساطعـة كشمس نختبئ من سطوتها تحت ظلال الرفض..!
. . . . . . . . . . . . . . . . . .
مرت ساعـات وهي تجلس جوار ادهم تعتني به… حتى وجدته يفتح عينـاه ببطء فاقتربت منه مسرعـة تهمس بأسمه لتجده يبتسم بضعف مغمغمًا :
-مالك يا شروق هو انا بموت ولا ايه؟! دي رصاصة بس
لم تشعر بنفسها سوى وهي ترتمي بأحضانه باكيـة..
تبكي تلك اللحظات المُميتة التي عاشتها !!
ضمهـا له بقوة يغمض عيناه متأوهًا بصوت مكتوم..
ورغمًا عنه تمنى إن كان مرضه قربانًا لقربها ليمرض اذن !!؟ …
رفعت وجهها لتنهض ولكنه قال بهدوء :
-خليكِ فـ حضني
هـزت رأسها نافية لتعترض ولكنه قاطعها يضغط على قلبه وهو يقول بمرح ظاهري :
-يابت انتِ خايفة تنامي جمبي دا إنتِ اختي؟!
ابتسمت بخفة وتمددت جواره بالفعـل… ليضمها له بكل قوته وهو يتنهد بعمق متمنيًا ان تظل هكذا طيلة العمر…….
مرت ساعات طويلة….
استيقظت شروق تفتح عيناها البنية لتجد الفراش فارغ !!
نهضت بفزع تبحث عن “ادهم” فوجدته في الصالة يتحدث في الهاتف.. وقبل ان تنطق بحرف سمعته يقول بصوت هادئ هيأه لها شيطانها انه حنون :
-متقلقيش يا حبيبتي انا كويس
استدار وكاد يكمل حديثه ولكن وجد شروق امامه تحدق به بجمود أخفى بين ثناياه غيظ وحنق كالنيران تشتعل بعيناها !!….
وقبل ان يتحدث تمتمت شروق بسخرية :
-حبيبتك !! طب مش كنت تقول لاختك برضه يا ادهم
حاول الابتسام وهو يخبرها صراحةً :
-منا كنت هفاتحك فـ الموضوع لما تصحي، اصل انا هخطب منار !…..
تجمـدت شروق مكانها وهي تحدق به بعينان متسعتان وقلب توقفت نبضاته تقريبًا !!……
********
بعد اسبـــوع……
وصلت “سيليا” العمارة التي يقطن بها “جواد”….
لا تدري لم تشعر بتلك الزوبعة العنيف ترتج داخلها… تخشى شيء ولكن لا تدري ما ماهيته !!..
وصلت امام “الشقـة” فطرقت الباب بهدوء.. دقيقة ووجدت “جواد” يفتح لها الباب مشيرًا لها أن تدلف…
دلفت بالفعل وما إن دلفت حتى قالت له :
-فين الفلوس عايزة امشي؟!
رفـع حاجبه الأيسر متهكمًا :
-مالك متسربعه على ايه هو انا هاكلك!! مش كفاية متأخرة بقالك اسبوع، اقعدي اشربي حاجة على الاقل
كتفت يداها الاثنـان وهي تخبره بجدية :
-لا معلش ورايا حاجات مهمة عايزة اعملها، ممكن الفلوس عشان امشي!!؟
امسك ذراعها بتلقائيـة ليجدهـا انتفضت تبعده عنها…
شعر وكأن تلك الرجفة اصابت كيانه هو فسألها بصدق :
-مالك يا سيليا فيكِ حاجة ؟؟
هـزت رأسها نافية بصمت.. فأجلسها وهو يتنهد مرددًا بنبرة حاسمة أصابتها برتوش بعض القلق :
-طب اقعدي.. عندي ليكِ عرض جواز
رفعت عينـاها فور سماعها ذلك الكلام… حروفه أصابت نقطـة حساسة تقمعها هي بحسم العقل !!….
ظلت عيناهم مُعلقة ببعضها مدة دقيقة او اكثر..
لا يدري لمَ قرأ بين سطور عيناها ما لم تنطقه… شعور أنها تنتظر منه شيء أربكه !!!
تنحنح وهو يعود لرشده نافضًا تلك الهراءات عن عقله، ليستطرد بــسخرية ألمتها :
-اكيد مش انا يعني، انا كنت بقضي يومين متعة فـ السرير.. انما جواز !! لا خلاص مش سكتي !!!
سألت نفسها بتخبط بين تراس صدمتها وألمها… وجزعها منه !
” كنتي منتظرة منه ايه؟! انه يكون معجب بيكِ زي ما أنتِ معجبة بيه مثلاً ”
سألت نفسها بحيرة لم يُشرق الامل بها عندما سمعته يكمل :
-عاوزك تتجوزي واحد قريبي.. بس مش زي ما أنتِ متخيله.. هيبقى جواز بهدف
عقدت ما بين حاجبيها وخرج صوتها بصعوبة وهي تسأله :
-مش فاهمة ؟!
اومأ مشجعًا نفسه ليتشدق بــ :
-ابن مرات ابويا أذاني.. فـ انا عايز انتقم، أنتِ هتتجوزيه وهتخليه يحبك وانا واثق انه مش هياخد فـ ايدك غلوة
سألتها بنبرة لم تتخفى منها السخرية :
-اشمعنا انا؟! عشان رخيصة صح!!
هـز رأسه نافيًا وبدأ يشرح لها بعملية :
-لا؛ لانك جميلة.. دمك خفيف وتتحبي بسرعة.. وهتوافقي على عرضي
وقبل ان تنطق بشيء قال بجمود :
-والجواز هيكون صوري وهديكِ المبلغ اللي تطلبيه وهيكون منه سكن ومنه شغلانه حلوة وهجيب لاختك شقة جمبك، ما أظنش في احلى من كدة ؟!
رفعت حاجبها الايسر ساخرة :
-وانت بأمارة ايه قررت انه صوري؟! ما يمكن الباشا التاني اعجبه اللعبة ويقرر يخليه حقيقي.. وانا كدة كدة مش فارقة معايا !
ضغط على يداهـا بكل قوته دون ان يشعر وقال بصوت لفحه التملك والغيرة :
-لأ.. الجواز هيبقى صوري، مش هيلمسك يا سيليا!! سامعة؟ اياكِ تخليه يلمسك.. لو لمسك هقتله واقتلك
نهضت مسرعة وقد أعماها غضبها منه عن “المصلحة” التي تكمن في ذلك العرض المُغري !!!
لتردف بحدة :
-لا سوري عرضك مرفوض، هات الفلوس عايزة امشي
امسك ذراعهـا بقوة ألمتها، ليقول بصوت أجش محذرًا :
-سيليا.. ماتخلينيش أوريكِ وش مكنتش اتمنى انك تشوفيه!!! انا معايا حاجات ممكن تفضحك وفيديوهات وانتِ فـ حضني ممكن تخليكِ تتكسفي تدخلي القاهرة تاني اصلًا !!!!
كان قلبها ينبض بعنف… يهتـز ويهتز في حلقة دمويـة كادت تجعلها صريعة في التو واللحظة !!….
لتغمض عيناها التي امتلأت بالدمـوع هامسة :
-موافقة
ابتسم بانتصـار وهو يقترب منها ببطء.. شفتاها منفرجـة امامه تثيره بطريقة غير طبيعية !!
وكأنه لم يرى نساء يومًا!؟…
نظر لشفتاها باشتيـاق ورغبة لم يشعر بهما سابقًا… ولكن قبل ان تلتصق شفتاه بشفتاها وجدها تدفعه بقوة وتضع يدها على فاهها لتركض نحو المرحاض تفرغ ما في معدتها بينما هو يراقب مكانها بذهول !!!!
ألهذه الدرجة اصبحت تتقزز منه؟!….
******
الاسبـوع مر على أسيـا كاليومان….
تغير روتينها تمامًا فلم تعـد تجلس كل الوقت بغرفتهـا.. احيانًا تسير شاردة في الحديقة.. واحيانًا تذهب للأسطبل تجلس مع الخيل.. واحيانًا تجلس على اللابتوب الذي اشتراه لها ادم ليُملي فراغها !!!
وفي احدى الايام ليلاً……
كانت تسير شاردة في أسطبل الخيل.. ترتدي بنطال وتيشرت دون اكمام ضيق ولكن تضع عليه “شــال” اسود طويل بعد تحذير ادم لها..
بينما خصلاتها تتطاير برقة من اسفل القبعة التي ترتديها لتخفي شعرها الاسود الطويل وبالطبـع بأمر من ادم….
حينها ابتسمت وهي تتذكر كلامه
” عارفة يا اسيا لو شعرك بان ادام جنس راجل هعمل ايه؟؟ هحرقهولك يا حبيبتي ”
لا تُنكر أن تلك التحكمات تُشعرها أنها شيء ثمين.. شيء غالي… جوهرة يحافظ عليها بضلوعه ليحتفظ بلمعانها !!
ولن تنكر ايضًا انها بدأت تعتاده في حياتهـا.. بدأت تعتاد تدخله الدائم في ادق تفاصيلها… وخوفه الهيستيري ان يُصيبها مكـروه.. قلقه عندما تخدشها نسمة هواء.. وعشقه المجنون الذي يُثير دهشة من حولهم !!!!
تنهدت بقوة وهي تعدل شالها.. وفجأة لاح بذاكرتها يوم اخذت هاتف ادم دون ان يشعر بها.. لتـحدث والدها الحبيب….!
او هكذا ظنت هي.. فـ أدم لا يُخفى عنه شيء !!!
فلاش باك###
ما إن أجاب والدها على اتصالها حتى قالت بلهفـة سطعت بين حروفها :
-بابا حبيبي وحشتني اوي
-اسيا.. وانتِ وحشتيني اكتر يا طفلتي
-انت ماجيتش لية يا بابا؟؟ سايبني هنا لية؟!
-ما تخافيش يا حبيبتي، ادم خلاص بقا جوزك وبيخاف عليكِ يمكن اكتر مني انا شخصيًا
-ايوة بس انا عايزاك انت !!
-اسمعيني يا اسيا.. عشان انا ممنوع اكلمكم اصلًا عشان ممكن يكونوا مراقبين التليفونات بس هحكيلك باختصار.. ادم زمان طلب ايدك مني.. بس انا رفضت، المهم حصل واتدبست مع ناس كبار اوووي، وبقيت اتنقل من بلد لبلد لحد ما أعرف اظبط اموري معاهم والله اعلم ده هيحصل فـ قد ايه.. المهم اني روحت لادم وقولتله انت لسه عايزها ولا لا، رد عليا بكل صراحة وقالي انا مش عايز غيرها.. وبكدة جوزتك ليه.. حماية ليكِ ولاني واثق انك مش هتلاقي حد يحبك زيي، انا مش اول مرة اتعامل مع ادم وهو مش وحش يا اسيا
-بس يا بابا….
-ريحيني يا اسيا.. انا كدة متطمن عليكِ يا بنتي، محدش عارف هيحصل ايه!! يمكن اموت يا اسيا
-بعيد الشر عنك يا حبيبي
-خلاص يا حبيبتي المهم اقفلي دلوقتي انا هكسر الخط عشان لو مراقبينه.. سلام يا حبيبتي
-سلام يا بابتي !
بــاك###
ومنذ ذلك اليوم قررت الوثوق في رأي أبيهـا…
أباهـا كان كالسد المنيع بالنسبة لها.. وذلك السـد هي على اتم الاستعداد للأحتمـاء به وبظله… حتى اشعار اخر ؟!!!
فجأة وجدت من يضع يداه على كتفها فكادت تصرخ ولكن وجدته ادم الذي ابتسم يشاكسها :
-كنتي متوقعة ان حد يقدر يقرب من حته انتِ فيها اصلًا ؟!
هـزت رأسها نافية بابتسامة صغيرة.. ليمد كفه العريض لها متمتمًا وعينـاه مُسلطة على عيناها تحارب تمردها :
-هركب الخيل.. تيجي؟
همست بقلق :
-بخاف
جذبهـا فجأة من يدها لتصطدم بصدره الصلب.. كان صدرها يعلو ويهبط بتوتر وهي تستعشر سخونة صدره الذي ازداد إلتهابه باقترابه القاتل منه…!!!
فرفعت رأسها حتى كادت تصطدم بوجهه عندما هتف بحسم حاني :
-هششش.. الخوف ميعرفش حضن ادم صفوان! فمينفعش تخافي طول ما انا معاكِ…
اومأت دون ارادة منها وهي تحدق بعينـاه.. اصبح انجذابها الواضح له ولشخصيته يُقلقها….
لا بل يُرعبها وكأنه يشن هجومًا كاسح على قلعة جوارحها !!
سحبها من يدها ببطء نحو الخيل المفضل لديه.. وضع كرسي صغير امامه وجعلها تعتلي الخيل هي اولًا….
ثم وبحركة رشيقة مباغتة أعتلاه خلفها لتصبح في احضانه حرفيًا !!….
سار هو بالخيل ببطء وهي متشبثة بيده التي تحيطها وترتجف برعب..
كان يحيطها بجسده كله من الخلف وأنفاسه الساخنة تلفح رقبتها حتى أصابتها قشعريرة باردة…
دقات قلبها اصبحت اعنف وأسـرع.. بينما تمنى هو ان يتوقف الزمن عند تلك اللحظات !!
لم يستطع مقاومة تلك النيران داخله فهبط برأسه ببطء يلثم رقبتها وكتفهـا بعمق..
إنتفضت وهي تشهق بصوت مكتوم ليُحيط خصرها برفق بيداه واللجام بين يداه.. بينما شفتاه تعزف أرق سيمفونية على جلدها الناعم…
اصبحت تتنفس بصوت عالي وهي تهمس بأسمه في الوقت الخاطيء تمامًا :
-ادم… ادم لو ….. سمحت !
فكان ادم في عالم اخر.. يُقبل رقبتها قبلات متفرقة متلهفة ثم ينتقل لكتفها فينال نصيبه…
قبلاته كادت تجعلها تنهار فلم يكن منها الا ان قالت بصوت عالي متقطع :
-ادم كفاية عايزة انزل
دفعت نفسها ودفعته بعشوائية فكاد يسقط ولكنه تمالك نفسه فقفز من اعلى الخيل.. ودون تردد كان يحملها من خصرها لتهبط هي ايضًا….
ظلت تعود للخلف بتوتر وهي تراقب عيناه التي أظلمت باشتياق ورغبة..
فابتلعت ريقها تهمس بتوتر :
-ادم… آآ بـ بلاش..
لم يرد عليها.. إلتصقت بالحائط خلفها ليحيطها هو بين ذراعاه.. يكاد يكون ملتصق بها.. ليهمس امام وجهها بهدوء متساءلًا :
-انتِ بتحبيني صح؟ او بتكني لي مشاعر ؟؟
ردت دون ان تفكـر :
-شكلي هحبك !
اغمضت عيناها بخوف عندما اقترب منها ببطء يعطيها فرصة الهرب ولكنها لم تهرب !!؟
قبل عيناها المغلقة ببطء أذابهـا… ثم اكمل همسه :
-وانا بعشقك.. بحبك بجنون.. بعشق عينكِ
ثم قبل وجنتاها بنعوما واستطرد :
-بعشق خدودك اللي بتحمر كل ما اجي جمبك
وعند شفتاها…. توقف وقد عجزت الحروف عن وصف شعوره !!
قبل جانب فكها برقة جعلتها ترتعش بين يداه.. خاصةً وهي تسمعه يهمس ؛
-اما شفايفك… دول كريز بيستفز رجولتي عشان أكـله أكل !!!
ثانية واحدة وشعرت بشفتاه تتحرك ببطء على شفتاها… ثم اصبح يلتهم شفتاها بنهم متناغم بينهما !!…..
ابتعد عنها بعد دقائق عديدة.. يبتسم بقوة وهو يستشع استجابتها البدائية..
رفع يداه بخفة ليُزيح ذلك الشال عن ذراعيها ليفتتن بها اكثر بذلك التيشرت المفصل…
ضمها له بيداه بينما يلتهم عنقهـا بقبلاته التي تركت اثرًا واضحًا عليها..
لتشعـر بيداه التي بدأت تتحسس جسدها لتهز رأسها مبتعدة عن مرمى شفتاه بينما هو يقبل كتفيها ورقبتها بعمق متلهف مجنون :
-ادم كفاية.. كفاية يا ادم..
دفعته ببطء عنها وما إن نظر لها حتى قالت بتوتر :
-احنا فـ الجنينه يا ادم !!
كان يلهث بصوت عالي.. فأغمض عيناه يحاول تهدأة نفسه بصعوبة….
وضعت اسيا الشال على كتفها بسرعة.. ودون كلمة اخرى كان يسحبها من يداها معه متجهًا نحو القصر مرة اخرى……!!
دلفا فوجد “جمانة” امامه تبتسم وهي تقول بنعومة :
-ادم.. النهاردة المفروض هتبات عندي صح؟! انا مجهزالك ليلة جنان !
ودون ان يفكر كان يخبرها بجدية :
-لا، الليلة هبات مع اسيا
لم ينتظر ردها وكان يسحب اسيا معه متجهين لغرفتها…
بينما ظلت هي تجز على اسنانها بعنف..
ألا يكفي أنه بسببها حبسها في تلك الغرفة الممتلئة بالفئران رغم انه يعلم انها لديها فوبيا من الفئران ؟!….
والان يتركها في يومها وايضًا من اجل اسيا !!؟
يجب ان تضع حدًا لتلك الاسيـا !!!!
تذكـرت “مياة النار” التي اشترتها ولكنها كانت مترددة نوعًا ما…
ولكن بكل الغل الذي يغلي بين خلاياها اتجهت للمرحاض الخاص بـ اسيا بعدما اخذت الزجاجة..
امسكت بعلبة البلسم التي تضعها اسيا يوميًا على وجهها… لتبدأ بوضع “مياة النار” في الزجاجة ببطء متشفي وهي تتخيل منظر اسيا وهي مشوهة..
وهمست بحقد واضح :
-وادي اول حاجة هدمرها من ضمن الحاجات اللي بيحبها فيكِ.. هخليه مش طايق يبص فـ وشك حتى !!!!!
*******
↚
صباح اليوم التالي……
دلفت الخادمة الخاصة بــ “جمانـة” تتنهـد بقوة لتُهيئ نفسها للقادم كما اُمـرت.. !
طرقت باب غرفة “اسيـا” لتسمع صوتها تجيب بصوت هادئ :
-ادخل
دلفت “هالة” بهدوء تؤخر قدم وتقدم الاخرى حتى وصلت امام “اسيا” التي سألتها بجدية :
-ايوة كنتي عاوزة حاجة؟!
اومأت هالة مؤكدة.. وبدأت ترسم الحرج الذي فلق بين حروفها وهي تخبرها :
-انا وبعمل الحمام بتاع حضرتك شوفت بلسم، وانا يعني آآ وشي مقشف اوي ومش معايا اجيب زيه.. فممكن احط منه يا هانم ؟!
ابتسمت “اسيـا” وهي ترد ببساطة :
-خديه انا كدة كدة هروح اعمل شوبينج وهجيب منه تاني
اصطنعت هالة الابتسامة التي اغرقتها بالأمتنان وهي تتجه للخارج باحترام :
-شكرا شكرا اوي يا هانم ربنا يزيدك
أكملت “اسيا” تصفيف خصلاتها وهي تتنهـد بهدوء….
غيـاب آدم في عمله أشعرهـا بفـراغ… نعم لم يستحـوذ عليها كليًا.. لم يطمس جوارحها كافة أدراجه.. ولكنه استوطن جزءًا يُذكـر تخشى تأثيره عليه…!!!
بينما في الاسفل وقفت هالة امام “جمانة” في احد اركان القصـر لتمد لها يدها بالبلسم وهي تقول بصوت خفيض :
-عملت زي ما قولتيلي يا هانم وجبت منها البلسم
ابتسمت “جمانة” بخبث وهي تهمس لها مشددة على كل حرف يخرج منها :
-طب اسمعيني كويس اوي وركزي عشان اللي حاي مهم وممكن ادم بيه يتدخل فيه على طول !
بمجرد أن رن بأذنهـا اسم “ادم” إرتعشت وهي تعود للخلف نافية بعنف :
-لا يا هانم لا.. ده ممكن يقتلني فيها !! ده الشيطان يا هانم هو حد بيقدر يهرب من الشيطان ؟!
رد فعلها كان متوقع جدًا بالنسبة لجمانـة.. فـ آدم اسمه كالحريق… يهابه من يراه او يسمع عنه دون ان يمسه حتى !!!
لذلك نهرتها بحدة تشرح لها :
-اسيا هي اللي هتعمل كل حاجة والخادمين هيكونوا شاهدين انها هي اللي هزقتك ودلقت عليكِ البلسم واتكبرت عليكِ.. وبكدة انتِ هتبقي المظلومة مش الظالمة، وعشان تضمني حقك اكتر اول ما تخلص الليلة دي ممكن تمشي من القصر بدون ما حد يعرف
سألتها هالة بقلق وهي تفكر ؛
-والحرس يا هانم؟؟ دول محدش بيعدي من تحت ايديهم
-هتقوليلهم رايحة اشتري حاجة لجمانة هانم، وانا محذراهم ملهمش دعوة بالخدم بتوعي فمتقلقيش وهديكِ قرشين حلوين تظبطي نفسك بيهم
اومأت هالة موافقة ثم همست بصوت فاح منه التردد :
-ماشي يا ست هانم ربنا يستر
دقيقة تتنهد جمانة قبل ان ترفع صوتها حيث يصل لــ أسيــا وهي تقول بحنق مصطنع :
-وهي اسيا هترفض تديكِ بلسم مايعديش ال300 جنية لية يعني يابت ؟!!!
اجابت الاخرى تُجاريهـا في تلك المسرحية التي تحنك بمهارة :
-مش عارفة يا ست هانم
لم تمر دقيقتان ووجدوا اسيا تنظر لهم باستفهام مرددة بصوت مُزج به الاستنكار :
-انا ما رضيتش؟! ده انا ادتهـ……
ولكن “جمانة” قاطعتها وهي تردف بسخـرية أحمرت لها عينـا أسيــا :
-رفضتي تديها حته علبة بلسم بس؟! امال لو طلبت منك مبلغ وقدره كنتي عملتي ايه؟؟
كاد تجيب اسيـا ولكن قاطعتها جمانة عندما نظرت له بتعجب مصطنع واستطردت بثقـة كادت تنقلب لغرور :
-ده انا لو خدامة طلبت مني علبة هرميهالها فـ وشها من غير ما افكر اصلًا، لان ده مش حاجة تستاهل !!
رفعـت أسيـا حاجبها الايسر متمتمة بصوت مغلول :
-يعني كنتي هترميهولها فـ وشها
اومأت جمانة مؤكدة وفجأة سحبت أسيـا زجاجة البلسم من يد “جمانة” التي اصطنعت الدهشـة لتفتح اسيا الزجاجة وتسكبها في وجه “هالة” كـ سخرية منها وإهانة لكذبتها التي لا تعلم سببها !!….
ولكن فجأة بدأت “هالة” تصرخ باهتياج وهي تتحسس وجهها الذي بدأت شيء اشبه بالنيران يفتك به !!!
راقبتها اسيا بذهـول إتسعت فجوته وهي تراقب التشوهات التي بدأت تظهر كالخريطة بوجه تلك المسكينة التي لم تكن تعلم بما يكمن في الزجاجة !!….
زمجرت جمانة بصدمة أتقنـت حبكها :
-ايه اللي أنتِ عملتيه ده؟!!!! أنتِ شوهتي البت!! طلعتي حاطه فيه مياة نار مش بلسم؟؟؟ لية يا اسيا كنتي مخبية مايه النار لمييين؟!!!!
لم تستطـع اسيـا النطق وكأنها شُلت او اختبأت حروفهـا عند شن الهجوم..
ظهر “ادم” فجاة الذي كان يراقب الموقف بدايةً من سكب اسيـا الزجاجة… لينطلق نحو اسيا يقبض على يدها بعنف حتى كادت تنكسر بين يداه.. ثم قال بصوت آمر موجهًا حديثه لجمانة :
-بسرعة يا جمانة اطلبوا اسعاف للبنت دي!!
اومأت جمانة بلهفة تخفي بين اجنحتها تهليلاً وخبثًا ملأ روحها !!!!….
بينما صعد “ادم” يسحب “اسيا” التي مازالت تحت ظل الصدمة…
دلف بها الى غرفتها وصفع الباب خلفه بعنف لتنتفض هي على صوته.. بينما انفجـر هو يزجرها بقسوة وهو يهزها بقوة :
-ايه اللي انتِ عملتيه؟؟ من امتى وانتِ كدة؟؟ هاااا ردي عليا !!
اعترضت هي بتوتر :
-ادم انا آآ…..
ولكنه قاطعها عندما سألها بصوت ماثلت حدته حدة السيف :
-هو سؤال واحد.. دلقتي عليها ولا لا؟
نطقت بنفاذ صبر :
-ايوة
اصبح يضغط على ذراعيها بكل قوته حتى كادت تصرخ اسيا ولكنها تمالكت نفسها لتسمعه يكمل وكأنه متعجبًا :
-من امتى وانتِ حيوانة كدة هاا؟ الخدم دول مش عبيد عندك، ممكن بين يوم وليلة اخليكِ خدامة عندي ولا تسوي…
ثم اصبح يهز رأسه وهو يردد :
-بس حقك.. ما انا اللي عملت فيكِ كدة، انا اللي خليتك تتفرعني اوي كدة!!
زجته اسيا بعيدًا عنها لتصرخ بصوت من علوه أرهق حبالها الصوتية :
-ابعد ايدك كدة ماتعاملنيش بالطريقة القذرة دي!!
لم يتمالك نفسه فصفعهـا بقوة أسقطتها على الفراش بعنف.. ليشير باصبعه في وجهها مزمجرًا بصوت مرعب ؛
-اياكِ تعلي صوتك عليا تاني يا ملعونه!! الظاهر إني سبتك تتمادي اوي
حاولت اسيا كتم دموعها بصعوبة.. لتسمع صوته الذي هيأ لها انه يحدق بها باشمئزاز الان :
-خروج من الاوضه دي مفيش، الظاهر انك محتاجة ترجعي للطريقة القديمة عشان تتربي من اول وجديد
ثم لم تمر دقيقة حتى خرج من الغرفة كالأعصار لاعنًا… لتمر دقيقة اخرى وتسمع صوت “المفتاح” بالباب فتدرك أنه سينفذ كل حرف خرج منه !!…..
عندها صرخت بجنون وهي تضرب الفراش كالمجنونة :
-اااااااادم،، والله ما هعديهالك يا ادم وهاوريك مين هي اسيا الشرقاوي !!!!!
ثم اصبحت تبكي بصوت مكتوم كالهزيلة تُعاني مرارة الخداع….!
********
بعد ثلاث ايـــام……
كان كلاً من “ادهم” و ” ادم” و “شروق” و”خال منار” ومنار يجلسـان بالمنزل الذي تعيش به منار….
كلاً منهم يدور داخله حديث مختلفة خلفياته.. من يتربع داخله الحنق والغيظ والحقـد كأقوى ملوك عهد…. الغيرة !!!!
ومنار التي تشعـر أنها حققت أسمى وأهم أهداف حياتهـا الخالية!!…
اما “ادهم” فهو ليس بالحزين كونه يتورط بزيجة من لا يحب.. بقدر انه سعيد منتشي وهو يراقب ذئاب بشرية تستوطن نظرات “شروق” نحو “منار”… !!
قطـع ذلك الصمت القاتل صوت “خال منار ” وهو يقول بصوت هادئ :
-نورتونا والله
رد ادهم بابتسامة مشابهه :
-ده نورك يا عمي
تنحنح اكثر من مرة قبل ان يهتف بجديـة رزيـنة أعجبت “الخال” :
-منار شرحت لحضرتك الوضع اكيد، أنا طلبت منها تاخد منك ميعاد عشان اتقدم لها.. فـ دلوقتي انا بطلب ايدها منك، ولو عن الاهل اكيد برضه هي شرحت لك ظروفي.. انا مليش اهل او حد يجي يتكلم عني كـ أبنه واخوه غير ده ….
اشـار برأسه نحو ادم الذي تحدث بعد صمت طويل ليقول ؛
-ادهم يعتبر اخويا.. وجاين نطلب ايد منار، موافق نقرأ الفاتحة صح ؟!
ابتلع الرجل ريقه بتوتر.. منذ دخول أدم بهؤلاء الحرس وبالوشوم التي تملأ جسده يبدو له كـبطل احد الافلام الأكشن الذي له هيبة خاصة !!
استفاق على صوت ادم الحاد :
-هاااا موافق؟؟
اومأ الرجل بسرعة وقد رسم ابتسامة صفراء على ملامحه المنكمشة ؛
-ايوة ايوة موافق طبعًا يا باشا، نقرا الفاتحة وماله !
وبالفعل بدأ الجميـع يقرأ الفاتحـة… بينما “شروق” تود قراءة تلك الفاتحة على روح تلك الشمطاء التي تُدعى “منار” !!!!
مر بعض الوقت……..
تحدث الجميـع في اشياء شتى بينما شروق تلتزم الصمت لتخفي ذاك الحريق الذي يشتعل بين ثنايـاها..!!!
فنهضت بهدوء لتقول موجهة حديثها لأدم :
-انا تعبت عن اذنكم هنزل ارتاح شوية واشوف شوية حاجات
اومأ ادم باحترام مشيرًا لها ان تفعل ما تشاء لتغادر بالفعل..
فضم “ادهم” قبضتـاه بغل وهو يجز على اسنانه بقوة!!…
كيف تستطع تجاهله ؟!!!!
نهض بعد دقائق معدودة ليقول بابتسامة متوترة :
-نسيت موبايلي تحت هنزل اجيبه بسرعة وجاي لاني مستني مكالمة مهمة
اومأ الجميـع دون رد….
ليسرع هو يغادر ليجد شروق ليست بالمنزل بل يبدو انها خرجت.. فخرج مسرعًا وهو يبحث بعيناه عنها في الشارع ليجدها تقف مع شخص ما يعمل بالمكتبة القريبة منهم…
وبمجرد أن لمحته يتجه نحوها اقتربت من ذلك الشاب بسرعة ومدت له يدها مغمغمة بصوت رقيق :
-ممكن تساعدني اشيل الخاتم ده، زنقت على صباعي اوي
فساعدها الاخر بحسن نية وهو يمسك يدها… ليراقبهم “ادهم” بقلب يشتعـل بالغيرة فيبدو ان صغيرته تحاول استفزازه !!!!
ولكنه رسم ابتسامة باردة على وجهه عكس عادته في تلك المواقف.. وتقدم منها حتى اصبح جوارها ليرفع يده التي تمسك بـ علكة ويهمس ببرود اغاظها :
-نسيتي اللبانه بتاعتك فوق يا بندقتي!!
ثم استدار ليعـود متجهًا للعمارة لتحمـر عيناه بجنون وكأنه سيقتل ذلك الشاب لتجرؤه الوقوف مع بندقته !!……
. . . . . . . . . . . . . . . . . .
في مكـان آخـر تمامًا….
وبعد إنتهـاء عزاء ” شريف مسعود ” كان ابناء اخوه يجلسون سويًا… فبدأ اكبرهم “كريم” الحديث بصوت جاد هادئ :
-المحامي لما قولتله هنفتح الوصية امتى، قالي لما تظهر شروق بنت مسعود بيه !!
حدق به الاخرون بأعين متسعـة غير مصدقة… لينطق احدهم “هاني” مستنكرًا :
-هو عمك مجنون !!!!؟ عايزنا نستنى نفتح الوصية لما بنت الباشا اللي غايبة بقالها 20 ترجـع !!
سألهم “كريم” وهو يعاود الحديث متمتمًا :
-انتوا عارفين ده معناه ايه؟؟
سألوه في صوت واحد :
-معناه ايه؟
اجاب دون تردد :
-ده معناه اننا لازم نلاقي شروق بنت عمكم.. عمكم كان عارف انه كدة هيجبرنا نرجع بنته اللي هو نفسه ماقدرش يرجعها لما كان عايش
سأل ثالثهم ” مراد ” فجأة بغباء :
-طب واحنا هنجيبها ازاي دي واحنا منعرفش مكانها؟؟
فتشدق كريم وهو يفكر :
-ماهو ده دورنا.. اننا نلاقي شروق دي من تحت الارض !! بس هو مفكر انه كدة احسنلها.. ميعرفش اننا مش هنسيبها تتهنى بكل الفلوس دي وتظهر فجأة تبوظ كل حاجة !!!!!
فابتسم الاثنـان مؤكدين حديثه… ليكمل بصوت أجش :
-من بكره هنبدأ ندور على…. شروق هانم.. البت دي لازم ترجع بأي طريقة !!!
قال هاني مستفسرًا :
-وافرض وقفت قصادنا فعلًا ورفضت تدينا حقنا زي الناس اكيد مش هناخد شوية لاماليم بس !!!
ابتسم كريم بخبث وهو يحدق به مستطردًا بحسم :
-ساعتها يبقى هتجوزها حتى لو غصب عنها وبصفتي جوزها مش هتقدر تعمل حاجة !!!!
*******
كانت “سيليا” مع جواد في منزله الذي يعيشه به مع “ابن زوجة والده الراحلة” …
تشعر بالتـوتر كالمرض انتشر بجسدهـا..!
رآن الصمت منتشر بينهم كنسـمات الهواء التي تكاد تخنق سيليا حية !!!….
مرت دقيقة وبدأ جواد حديثه الذي غمسه بالمرح الظاهري :
-طبعًا انا شرحت لسيليا إنك شوفتها فـ الشركة عندي يا مصطفى وقولتلها انك حابب تتقدم لها.. وقولت بما اننا هنعمل شغل مع بعض اعزمها على العشا واهي فرصة تتعرفوا لو في نصيب !
إتسعت ابتسامة “مصطفى” وهو يراقب إنفعالات وجهها التي أغرته منذ الوهلة الاولى وتابــع :
-ده انا ليا الشرف لو وافقتي اني ارتبط بقمـر زيك… ملكة زمانها !
أجادت “سيليا” رسم الخجل على ملامحها الشاحبـة… فهمست بنعومة تُذيب الصخر وهي تمسك كف يده :
-وهو انا اطول برضه ارتبط بواحد كيوت كدة زيك يا استاذ مصطفى
ضحك مصطفى مرددًا يشاكسها وبدأ يتحسس كفها برقة :
-اعتبر دي مجاملة كـ رد على اطرائي واعترافي بحلاوة الموزة اللي قدامي
ابتسمـت تخفي كم الازدراء الذي يغزو روحها تجاهه.. وأجابت :
-لا خالص، دي الحقيقة بس !!
لم يحتمل “جواد” الصمت اكثر… الصمت يُشعره بالعجـز….
العجـز الذي يدمر خلايـاه آمرًا اياه بالتدخل الجذري!!..
ليتدخل متمتمًا بابتسامة تخللها الهدوء الظاهري :
-طب مش هتدوق عروستك المستقبلية الكيك اللي انت عملته ؟؟
ثم نظر نحو سيليا وهو يكمل من بين اسنانه :
-اصل مصطفى شيف شاطر جدًا
ابتسمت سيليا دون رد لينهض مصطفى بسرعة وهو يهتف بنبرة لطيفة :
-ثانية واحدة واحلى كيك لاحلى سولي يكون جه
وبالفعل غادر مصطفى لينهض جواد الذي استحال وحشًا شرسًا تمزقه أنيـاب الغيرة داخليًا فيكاد يقتلها هي !!….
سحبها من يدها دون ان ينطق بحرف واتجه نحو الخارج حيث “حمام السباحة ” وما إن خرجوا حتى جذبها بعنف من ذراعها فاصطدمت بصدره العريض لتبتلع ريقها بتوتر…
ودون تردد أحاط خصرها بيداه وكأنها يحتجزها حتى لا تستطع الهرب !!!
ليصبح وجهه امام وجهها وهو يقول بشراسة مُقلقة :
-انتِ ازاي تمسكي ايده كدة بكل وقاحة؟؟ وهو يحسس على ايدك ناقص يقوم يبوسك بس
رفعت كتفاها بلامبالاة ظاهرية بينما كلماته جعلت داخلها يرتجف بعنف !!
لترد ببرود :
-حتى لو باسني.. انت مالك ايه اللي مضايقك؟؟ انا بنفذ المطلوب بس
ضغط على خصرها بيداه بكل قوته حتى تأوهت بصوت مكتوم.. ليردف هو محذرًا بحدة :
-قولت همس ولمس لا.. لا يا سيليا قولت مايقربش منك !!!
أبعدته عنهت بصعوبة لتصيح فيه بغيظ :
-وانت مالك فارق معاك ايه ؟؟ ايه اللي مضايقك؟!
سـؤال كان في ملعب بمعنى اصح….
أختـرق الحواجـز ليكشف الخفايـا… فتنحسر الاجابة !!!
وفجأة دفعها في المسبح خلفها.. ليخلع التيشرت الخاص به ثم هبط خلفها بحجة انه سينقذها !….
ظل يقترب منها ببطء وهي تعود للخلف حتى حشرها عند نهاية المسبح.. يداه احاطت خصرهت ببراعة بينما جسده ملتصق بجسدهـا… أنفاسه تلفح صفحات وجهها الشاحبة الباردة !!!!
ليقترب من اذنها يتلمسها بشفتاه وهو يهمس بهسيس خطير :
-يمكن عايز أحتفظ بــ كوني اول راجل يلمسك ويأثر عليك ِ… ويمكن احب احتفظ بلمساتي على جسمك ومفيش راجل تاني يشيلها .. شكلك نستيها تحبي افكرك بيها؟؟
قال اخر كلمة له وهبط بشفتاه يـلثم بعمق عنقها الذي ابتـل.. فأغمضت هي عيناها بسرعة تقاوم تلك الرعشة التي تغزو كيانها الضعيف كأستجابة هزيلة له !!!…
تنقلت شفتاه على طول كتفها ورقبتها بينما تخدش هي ظهره وتأن بصوت مكتوم…
لم يزده ذلك الا رغبةً واصرارًا فصعد لشفتاها يلتهمها بنهم… يُشبعها تقبيلًا وكأنه عطش في الصحراء وجد ما يرويه !!
دفعته هي بضعف تهمس :
-مصطفى ممكن يجي !!
هـز رأسه نافيًا وهو يعاود الاقتراب من شفتاها… يريد شفتاها مرة اخرى.. لم ولن يمل من إلتهامها !!!
لتسمع صوته اللاهث يقول :
-مليش فيه.. انا عايزك.. عايز أعيد الليلة اياها تاني!!!
جزت على أسنانها بعنف…
لازال يراها مجرد ” متعة رخيصة ” !!
دفعته بقوة بحركة مباغتة لتتجه لطرف المسبح بسرعة بينما هو يتبعها.. واخيرًا أتى مصطفى كنجدة لها ليشهق وهو يراها في المسبح….
فقالت وهي تمد يدها له بسرعة :
-ممكن تطلعني عشان وقعت معلش يا مصطفى.. وجواد نزل يجيبني
اخرجها مصطفى بهدوء وكادت تسير معه ولكن فجأة لوت قدماها عن عمد وهي تتأوه صارخة بألم مصطنع :
-اااه رجلي مش قادرة.. ممكن تشيلني يا مصطفى؟؟
اومأ مصطفى بسرعة بحماس ليحملها مستمتعًا بملمس جسدها بين يداه….
بينما كان جواد يراقبهم وهو يضغط على قبضة يده بعنف وفجأة اطاح بالمنضدة الموضوعة امامه وهو يصرخ بغيظ يكفي العالم بأكمله :
-اااااااااااااااه !!!!!!
كان ينظر على اثرهما بصمت مغلول وداخله يتوعد لتلك المعتوهة !!….
*******
في مكتب جواد صفوان داخل شركته…
انتهى جواد من سرد ما حدث على مسامع كلاً من “ادم” وادهم الذي هب منتصبًا يهتف بضجر :
-لا لا انا معترض، ايه ده يا جواد ؟؟ من امتى واحنا بندخل البنات فـ النص !!
رد بصوت غرق وسط أمواج الخيانة العاتية.. فخرج مذبوحًا كـمن شق صدره نصفين :
-من يوم ما هو دخل مراتي في النص وكسرني بيها..
هـز “ادهم” رأسه نافيًا عدة مرات ولم ينطق مرة اخرى.. ولكن “ادم” تدخل قائلًا بصوت أجش :
-بص يابن عمي.. انت مش طفل عشان نقولك تعمل ايه وماتعملش ايه!! انت راجل ناضج قادر تحدد ده، بس اتمنى ان يكون الانتقام سبب حقيقي
نظـر له جواد بسرعة يسأله :
-قصدك ايه؟!
رد ادم بنبرة واثقة زرعت فدانًا من التوتر بين جوارح “جواد ” :
-قصدي اتمنى ما يكونش السبب إنك عاوز تقربها منك مثلًا بس من غير ما تتجوزها !!!
ظل قلب “جواد” ينبض بعنف.. هرج ومرج ينتشر بين دقاته مع كل كلمة يلقيها ادم كالتعاويذ عليه يكتشفها لاول مرة !!….
وفجأة قطع خلوتهم صوت طرقات الباب ثم احد رجال ادم يدلف مغمغمًا بصوت أجش وهو ينحني :
-اسف على المقاطعة يا باشا..
اشار له ادم ان ينطق بما لديه فأكمل بسرعة :
-جاتلنا اخبار إن حسن الجمال النهاردة هيقتحم القصر وتحديدًا في الوقت ده !!
هب ادم ناهضًا يجز على اسنانه بعنف حتى اصدرت صوتًا مُخيفًا…
من يجرؤ على محاربة الشيطان كمن يجرؤ على صك شهادة وفاته !!….
نهض ادهم يسأله بتوتر :
-هتعمل ايه يا ادم؟؟
كاد يرد ولكن فجأة تذكر شيئًا.. لا بل اهم شيئًا… تذكر صغيرته ومعذبة قلبه !!!!
فركض مسرعًا وهو يردد بلهفة كالذي اُصيب بالجنون :
-اسيا… اسيا هناك ومحبوسه فـ اوضتهاا !!!!!!!!!!!!
تبعه جواد بسرعة وهو يأمر الرجل راكضًا :
-هات جيش من الرجالة وتعالوا ورانا حالا يلا
وبالطبـع اطاعه على الفور بينما “ادم” يركب سيارته راكضًا كالمجنون…
سيموت إن اصابها مكروه..!!!
وسيجعل تلك الدنيا تضيق على هؤلاء الحُثاله حتى تصبح الدنيا مجرد نسخة من جهنم الحمرء !!!!…..
وصل القصر خلال اقل من نصف ساعة ليجد الحرب قد بدأت بين رجاله وهؤلاء الاوغـاد…
لم يبالي وهو يطلق الرصاصات بعشوائية ولكنها احترافيـة وانطلق نحو غرفة اسيا التي بمجرد ان فتح لها الباب وجدها ترتمي باحضانه كالقط المذعور…
ولكن قبل ان يُعطي اي رد فعل كان احدهم يطلق عليه الرصاص واسيا تصرخ منهارة باسمه !!!!!!……..
*****
↚
هل شعـرت يومًا أن لوحًا من الثلج سقط فوق مسرى نبضاتـك فلم تعد قادر على المداومة في مسرحية ” الحياة ” …. !؟
تقريبًا كان هذا شعور أسيا وهي تحدق بــ أدم الذي أغمض عيناه باستكانة غريبة !!
فظنت هي أن الدنيا إنتهت عند تلك النقطة….!!
ولكن فجاة وجدت “ادم” يستقيم مرة اخرى بسرعة ليُطلق عدة رصاصات على الرجل فيسقط قتيلًا !!
حدقت به وهي تهمس بعدم استيعاب :
-أنت كويس يا ادم ؟؟
اومأ مؤكدًا وهو يسحبها من يدها وكاد يسير ولكن فجأة وجد احدهم يقترب منهم راكضًا وهو يُصوب سلاحه نحوهم فقام “ادم” بجذب أسيـا من ذراعها لتصبح بين احضانه ثم أحاطها بجسده ودفعها بقوة لتتسطح على الارض وهو فوقها وبحركة لا اراديـة كانا يتقلبـا ليقعـا بين احضان بعضهما اولى درجات السلم.. فنهض ادم مسرعًا يسحبها من يداها خلفه راكضًا….
وصراخها يدوي كالجرس الذي يدوي معلنًا بداية الحرب العالمية الثالثة !!…
واخيرًا استطـاع الوصول بها لغرفة مثل القبو في الاسفل.. فدلف وأغلقها عليهم بمفتاح بقوة….
حينها نظرت له بذهول.. فاهها مفتوح وعينـاها لم تبتلع الصدمات بعد وهي تردد :
-احيييه عليكِ يا اسيا.. كنت حاسه اني فـ فيلم أكشن اجنبي؟!!!!
لم يرد عليها وإنما ضمها له بقوة.. يود إدخالها بين ضلوعـه فتصبح ظلالها الأمنية طيلة حياتها وحياته…!!
فأغمضت هي الاخرى عيناها وهي تلف يداها على ظهـره…
نبض قلبه بعنف من حركتها التي كانت موافقـة مبدئية او اجتياز لأول خطوة في سبيل عشقهم العسير..!!!
دفن وجهه عند خصلاتها يتنشقها بعمق مغمض العينـان.. لتقطع هي الصمت بقولها المستنكر :
-ازاي اتضربت بالرصاص وما حصلش ليك حاجة؟؟
تنهـد وهو يبتعد عنها ببطء ليخبرها :
-انا لابس واقي من الرصاص
حدقته بحـدة تلقائية وهي تتشدق بــ :
-نعم !! هو انت كنت عارف إن ده هيحصل؟؟؟
هز رأسه نافيًا دون تردد :
-لا طبعا بس انا دايمًا بلبس الواقي ده كـ إحتياط.. اصل مش كل مرة هتسلم الجرة !!!
صمتت برهه وهي تراقـب بحذر الصراع الذي يدور بين مجحري عينـاه…
ليصيب سهمها هدفه عندما سألته بكل هدوء :
-أنت بتشتغل أيه يا أدم ؟؟
الأجابة كانت شريـدة بعيدة كل البُعد عن مرمى لسانه…
لم يدري ماذا يخبرها !!
هل يخبرها بكل بساطة أنه ” تاجر سلاح ” فقط؟؟!….
ولكن مهلًا… منذ متى وأدم صفوان يخشى شخصًا ما ؟!!
إن كان العشق ضعف.. خوف.. وهدم لمَ بناه لسنوات طويلة… فاليردم ذلك العشق من الان وصاعدًا !!!!
نظر في عيناها مباشرةً وأخبرها بخشونة ذكرتها مَن يكون :
-عندي شركة خاصة.. وبتاجر فـ السلاح جمبها !!
شهقت بعنف وهي تحملق به متسعة العينـان…
كانت جملته كتعويذة صنمتها مكانه..!!
فلم تنطق إلا بعد صمت صارخة بهيسترية :
-ايه!! أنت متخيل إن دي حاجة عادية؟؟ تاجر سلاح… اااه وانا اقول ايه جو أحمد السقا ده !!!
وقبل ان تكمل المزيد كانت يده تقبض على فكهـا بعنف جعلها تصرخ بألم..ليزمجر بعصبية :
-قولتلك مليون مرة ماتعليش صوتك عليا، ولا أنتِ مابتفهميش عربي
إنتفضت بخوف عندما ربطت عنفه وخشونته بالعمل الذي يتفاخر به بكل بساطة !!….
فابتعدت عنه بسرعة وهي تردد بصوت مبحوح :
-انا عايزة أ….. أتـ….
صك على أسنانه بعنف وهو يحذرها :
-اتجرأي وانطقيها !
نظرت له بصمت تتنفس بصوت عالي.. لتردف بعدها بحسم :
-ادم انا وانت ماننفعش مع بعض ابدًا، اوعى تفكر إن انا بنسى إهاناتك وضربك المستمر ليا كل ما اعمل حاجة!! انا بس مضطرة اعصر على نفسي لمونة زي ما بيقولوا واستحمل لحد ما بابي يجي ياخدني من هنا… ومن هنا لحد ما بابي يجي أنا مجرد لاجئة هنا مليش علاقة بيك وانت مش هتلمسني ولو بعد شهور !!!
ابتسم ابتسامته المستفـزة.. تلك التي تشعرها أن الشيطان قد حضر في هيئته.. خاصة وهو يقول بهسيس خطير :
-اوعي تفكري إني مش قادر أخد منك اللي أنا عايزه.. انا ممكن اغتصبك دلوقتي وحالاً كمان….
ثم اقترب منها فعادت هي للخلف بتلقائية ولكنه اقترب اكثر حتى تحسس خصلاتها المتمردة وهو يستطرد بصوت جاد :
-بس مش ادم صفوان اللي يجبر واحدة عليه.. انا ممكن اجيب ألف واحدة ترضي حاجتي وتكيفني اوي كمان
تنفست أسيـا بعمق عندما اكمل كلامه.. وعندما وجدت صوت الطلق الناري انتهى…!!
ليستغل هو الفرصة مقتربًا منها يلتهم رقبتها الناعمة بقبلة حارة مشتاقة.. لتبعد هي بسرعة متمتمة :
-ادم ابعد عني
ابتعد عنها بالفعل ليبتسم ساخرًا وهو يردد بخبث :
-براحتك.. على رأي المثل اللي بيقول ” بكره تجيلي ملط وأقولك بطلت ” !!
زحفت الحمرة الخجلة لوجنتاها وهي تضربه مرددة بحرج واضح :
-سافل وامثالك سافله زيك…
تنهـد هو بجديـة.. ليتابـع بعد دقيقة قاطعًا ذلك الصمت :
-انا عمري ما بستخبى من حد.. دايمًا بفضل قدامه لحد ما اقسمه نصين !! بس النهاردة ادم صفوان استخبى عشانك.. ما اعتقدش إن في حاجة تانية تثبتلك إني……..
سألته هامسة :
-إنك ايه؟!
اقترب منها يطبع قبلة رقيقة عند فكهـا الذي اهتز بفضل قبلته.. وهمس بصوت رجولي مثير :
-إني بعشقك..
ردت بتلقائية بما يجيش بصدرها ؛
-وانت للاسف عشقك لعنة !!!!
تنهد ولم يرد وإنما استـدار ليغـادر بهدوء وهو يُخرج سلاحه مرة اخرى…
بينما تنهدت هي بقوة تنهيدة تحمل في طياتها الكثير والكثير… ثم همست :
-وانا شكلي هبقى اسيرة لعنتك دي يا ادم !!! ……
******
بعد يومــان……..
كان “أدم” مشغولًا فيهم بمحاسبـة ذلك اللعين الذي تجرأ على إقتحام جحر الشيطان بقدماه !!….
بينما “أسيا” تقضي معظم يومها في غرفتهـا وتتحاشى لقاء أدم تمامًا..
أدم الذي كاد يجن من تجاهلها الملحوظ ولكنه لم يكن متفرغًا بقدر كافي لدلالها !!!….
ولكن في اليوم الثالث وعندما عاد من عمله وايضًا وجدهت سجينة غرفتها طفح به الكيل فاتجه لغرفتها على الفور يطرق الباب بقوة…
دقيقة ووجدها تفتح بسرعة لتسأله بقلق :
-في مصيبة حصلت تاني يا أدم؟؟
دلف إلى الغرفة وهو يجـز على أسنانه بعنف مرددًا :
-في إنك شايفه نفسك عليا وبتتجاهليني عن قصد
عقـدت ذراعيها وهي تجادله ببرود :
-مش هو ده اللي أتفقنا عليه؟!
وجدته فجأة يسحبها من ذراعها بقوة لتلتصق بصـدره… عينـاه مُسلطة على عيناها وهنا دارت حرب العيون بعيدًا عن سلطة العقل….
تفجـر شوق أسيا له.. لسواد عينـاه الحالكة التي تُرعبها احيانًا !!
وبالطبـع هو لم يكن أقل بل كان عصبي وبجنون حتى مع صديقه وابن عمه… مما أكد له شيء واحد…..
أن أسيا اصبحت جزءًا لا يتجزء من كيانه!!
فقال بصوت حاد :
-بس انا موافقتش على العبط ده!!
قاطعت شروده بسؤالها:
-هو بابي متورط مع مين لدرجة انه خايف منهم اوي كدة؟!
زفر بعمق ليجيبها بجدية :
-متورط مع مافيا.. مافيـا الحرب معاهم مابتنتهيش الا بموت حد من الطرفين !!
حينها صرخت بجـزع :
-لية هو ابليس!!!
هـز رأسه نافيًا وقد تملكت السخرية من حروفه وهو يخبرها :
-لأ مش ابليس.. بس اخو إبليس، ده عزت الابراهيمي !!!! اكبر تاجر مافيا فـ مصر وله علاقـات بالمافيا برا مصر كمان… !
نطقت بما أملاه عليها عقلها وانت ترمقه بتوتر :
-طب وأنت متقدرش تساعده؟؟
رد بــ :
-وهو انا كدة مابساعدهوش؟؟ لولا مساعدتي دي كان زمانك بتقري الفاتحة عند قبر ابوكِ.. وكانوا ممكن يوصلولك انتِ كمان ويجيبوا ابوكِ من خلالك، لكن مش هينفع أحاربهم علنًا ده كدة غباء مني.. اني ادخل حرب واخلي الدنيا تقوم عليا يبقى انا بقضي على نفسي ببطء.. لان انا برضه مش سهل حد يقضي عليا !!!
. . . . . . . . . . . . . . . . . .
وأمام الغرفة كانت “جمانة” تقف متنصتة على كل حرف يصـدر منهم…
فهي لن يهدأ لها بال حتى تبعد “ادم” عن تلك الساحرة التي جعلته كالخاتم في إصبعها !!….
وعندما أنهى أدم اخر كلمة لم تنتظر اكثر وركضت نحو غرفتها…
لم يدري ادم أنه قدم لها سلاح لقتل معشوقته على طبق من فضة !!….
أمسكت هاتفها تتصل بأحد الرجال الذين تثق بهم.. لتسمع صوته الاجش يجيب بعد دقيقة :
-ايوة يا هانم
-خالد اسمعني كويس.. هو انت تقدر تخليني اتواصل مع واحد اسمه…. عز الابراهيمي او عزيز الابراهيمي او….
ليصحح لها هو بسرعة :
-عزت الابراهيمي.. تاجر المافيا؟؟
-ايوة هو ده.. عاوزة رقمه بأي طريقة
-بس ده خطر اووي يا هانم
-الخطر مش هيبقى عليا انا، المهم تتصرف انا عارفة ان محدش هيساعدني غيرك
-حاضر حاضر يا هانم تحت امرك
-باي
-مع السلامة يا هانم
أغلقت الهاتف وهي تنظر للمرآة بانتصار.. فظهرت ابتسامة شيطانية تتراقص على ثغرها وهي تهمس بحقد :
-لو عزت الابراهيمي اللي هيخلصني منك يا أسيا يبقى لازم يعرف إنك مستخبيه هنا !!!!! …….
******
بعد مرور ثلاث أسابيـــع…….
ليلة كتب كتـاب ” سيليا ” ومصطفى… لا بل ليلة صك قـربـان لــ “جواد” الذي كان يراقبهم بصمت كان كالنيران بين احشاؤه…!!!
وما يزيد إلتهابها أنه هو من أقنـع مصطفى بعقد القرآن ليصبح كلاً منهم بحريته بعدما تعارفوا بشكل كافي…!!
كان الشيخ يجلس امامهم وهم يجلسون باجتمـاع بعض الاصدقاء المقربين..
بدأت مراسم عقد القرآن وسيليا كانت صامتة… شاحبة كمـن على عتبة الموت !!
ولكن دومًا تكتم اعتراضها بكونها مُسيرة لا مُخيرة….!
انتهى عقد القرآن بسـلام وتعالت الزغاريد…
حينهـا نهض جواد يهتف بصوت أجش :
-معلش انا مضطر استأذن ربع ساعة وجاي يا جماعة
ابتسم له الجميع باحترام ليغادر مسرعًا ليقضي عمله المتعجل قبل رحيل الاصدقاء.. وحينها لن يتركهم بمفردهم ابدًا !!!!
ولكن بمجرد ان رحل وعلى عكس توقعاته نهض مصطفى هو الاخر ليهتف بعبث :
-معلش يا اصدقائي بس عايز انفرد بمراتي شوية واباركلها
ضحك الجميع بصخب ثم نهضوا يباركوا لهم وغادر الجميـع بهدوء….
حينها أقترب مصطفى من سيليا التي كان قلبها يرتجف بعنف طلبًا للنجـاة.. خاصةً ومصطفى يطبع قبلة ناعمة على شفتاها هامسًا ؛
-مبروووك يا حبيبتي
ابتسمت بتوتر متمتمة :
-الله يبارك فيك
فاتسعت ابتسامة مصطفى وهو يكمل بصوت فرح :
-يااه اخيرا هبقى براحتي معاكِ من غير حواجز.. مش مصدق امتى نتجوز بقا
عضت سيليا على شفتاها بحرج.. وخرج صوتها مبحوحًا وهي تهمس له :
-لسة بدري.. انا وافقت على كتب الكتاب بس عشان اخد راحتي ولو ماتفقناش هننفصل بهدو….
ولكنه قاطعها وهو يضع شفتاه على شفتاها يُقبلها بلهفة واضحة وهو يحيط بها..
حاولت التملص من بين يداه اكثر من مرة ولكنه كان مُحكم قبضته حولها.. وفجأة حملها بين ذراعيه.. وقبلاته المحمومة تنتقل ما بين شفتاها ووجهها كله متجاهلًا رجاءها المرتعد :
-مصطفى سبني لو سمحت
ولكنه لم يرد… استمر فيما يفعل حتى دلف بها الى غرفته ليغلق الباب بقدمـه كاتمًا اعتراضتها بشفتاه الراغبة….!!!!
. . . . . . . . . . . . . . . . .
بعد نصف ساعة……
خرجت سيليا تسير في الطابق شريدة.. وفجأة وجدت من يجذبها من يدها بعنف نحو غرفة ما ويُغلق الباب عليهما قبل ان يخرج مصطفى من غرفته ويجدها اختفت.. فبدأ يبحث عنها…..
بينما شهقت “سيليا” بعنف وهي تشعر أن الهواء قد سُرق من بين رئتاها عندما رأت الاحمرار المتوهج بعينـا جواد وكأنه على وشك قتلها…
فأشار بعيناه للورقة والقلم الموضوعان على المنضدة يأمرها :
-امضي
سارعت تنفذ ما قال دون ان ترى ما توقع عليه حتى…
وقبل أن تنطق بحرف كان يهزها بعنف مزمجرًا بجنون :
-كنتي فـ اوضته بتعملي ايه لوحدكم؟!!
كادت تُبرر لها بسرعة خشية انفجاره ولكن فجأة وجدت نفسها تُبدل اقوالها فردت ببرود قاتل :
-جوزي واخدني اوضته.. متهيألي المراهق هيفهم كنا بنعمل ايه؟!!!
ولأول مرة يرفـع جواد يده ليصفعهـا بكل قوته….
انتقامًا لكل آآه لم يستطع أن يصرخ بها وهو يتخيلها بين احضان اخر يفعل معها كما فعل هو !!…
إرتمت سيليا على الفراش تكتم دموعها بصعوبة وفجأة وجدت “جواد” يميل عليها ليمسكها من خصلاتها بقوة حتى يرفع رأسها فأصبحت شفتاها امامه.. لم ينتظر وهو ينقض على شفتاها يلتهمها بقسوة أدمت شفتاها وهي تأن بصوت مكتوم….
كان يأكل شفتاها بلا توقف ولكن تلك المرة كان عنفه وجنونه هم المسيطران !!!
فرفع يده فجأة ليشق فستانها بقوة لتظهر اجزاء من جسدها وصدرها…
حينها ترك شفتاها ليهبط وهو يلثم عنقها بجنون… يصك ملكيته الأبدية على كل جزء يظهر منها.. بل يلتهمه بجوع إختلط بقسوته وجنونه !!!!
وظل يردد بلا توقف :
-أنتِ بتاعتي.. أنتِ بتاعتي انا بس !!
حاولت هي إبعاده وهي تهمس بصوت مبحوح يكاد يُسمع :
-جواد… جواد كفاية…. جواد….
ولكن ‘جواد’ كان في عالم اخر… عالم هو مُخطتف فيه من قبل غيرته المجنونة !!
يريد الاثبـات فيه أنها ملكه… ملكه وحده.. أنها تستسلم له وحده وتهمس بأسمه هو وحده…. !!
بدأت يداه تزداد جرأة وهو يتحسس منحنياتها برغبة أظهرت اشتياقه المشوب بها رغمًا عنه…
ولكن فجأة دفعته هي بقوة صارخة ؛
-كفاية لا ابعد عني
نهض وهو يحدق بهيئتها المزرية..اللوحة التي رسمها بسبب جنونه !!!
لم ينطق بحرف وإنما استدار.. حينها قال بجمود :
– مضطر اوري استسلامك الرائع فـ شقتي وانتِ فـ حضني لجوزك المصون !!!!
نهضت بسرعة تركض خلفه مغمغمة بخوف :
-بس مش ده اللي احنا اتفقنا عليه.. ده ممكن يقتلني !!
رفـع كتفاه بلامبالاة وهو يتشدق ببرود :
-سوري !!
فتح الباب ولكن قبل أن يتحرك خطوة وجد “مصطفى” امامه يحدق بجواد المفتوحة اولى ازرار قميصه وسيليا التي يُغني مظهرها عن اي وصف !!!!!!
فصرخ فجأة بجنون وهو يحاول الوصول لسيليا التي اختبأت خلف ظهر جواد بخوف :
-يابنت ال***** بتخونيني!! بتخونيني ليلة كتب الكتاب؟؟؟ طب اتجوزتيني ليييية؟! ده انا… آآ ده انا كنت حبيتك!!
لم ترد سيليا بينما قال جواد بكل هدوء :
-سوري يا مصطفى بس اكيد انا عجبتها اكتر يعني..
إتسعت حدقتاه بذهول وقد بدأت الحقيقة تتسرب لعقله شيئًا فشيء….
فهمس بحروف متقطعة :
-انتوا كنتوا متفقين؟؟ انتوا خليتوني لعبة فـ ايدكم وخرونج مراته كانت مع غيره ليلة كتب كتابه؟!!!!
مط جواد شفتاه بأسف مصطنع.. فبرقت عينا مصطفى بالشر وهو يهز رأسه نافيًا :
-لا لا انا مش هسكت.. انا هرفع قضية زنا وهوديكم فـ ستين داهية وهفضحكم !!
حينها صـدرت ضحكـات متقطعة من جواد تنفي الغليـان الذي يحرق اوردته كلما تخيل ذلك المعتوه يقترب من سيليا !!…،
فاستطرد مصطفى بعصبية مفرطة :
-انت بتضحك؟؟ طب انا هوريكم
تأفف جواد متابعًا بسخرية :
-ورينا.. بس مش لما تبقى مراتك اصلًا تبقى تورينا ؟!
تجمد “مصطفى” مكانه يحاول الاستيعاب وهو يردد :
-يعني … يعني ايه؟؟
إحتدت نبرة جواد وظهرت شظايا جنونه التي خلقتها الغيرة المتملكة فقال بصوت خشن :
-يعني كل اللي حصل ده كان تمثيليه.. وسيليا مضت على ورقة جوازنا يعني هي دلوقتي مراتي انا !!!!!
حينها فقط…. شعرت سيليا أن مصطفى ليس وحده الذي كان لعبة يُحركها جواد بأرادته على ذلك المسرح…
بل كانت هي.. عروس ماريونت بلا قيمة يضعها هو في النقاط التي تناسبها ضمن خطته الخبيثة !!!………
*******
في مكـان آخـر مختلف تمامًا…….
دلف شاب تخطى الثلاثين من عمـره.. يرتدي حلة رسمية وملامحه متجهمة وكأنه سيتلقى حتفه !!….
دلف إلى احدى الغرف وهو يتنهد بعمق كتهيئة لمقابلة ملك المافيا ” عزت الابراهيمي”
وما إن دلف حتى قال بهدوء :
-طلبنتي ؟
اومأ المدعو عزت مؤكدًا.. ليبدأ الحديث بخشونة دون أن ينظر له :
-اسمع يا مدحت.. حد من قصر ادم صفوان اتصل بيا وقالي إن بنت خالك أسيـا موجودة عن ادم صفوان
وميض لامـع كان يستوطـن نظرات مدحت الذي إحتدت عيناه وهو يسأله :
-انا اللي هجيبها هخليها عندي.. انت عارف إني اتدخلت عشان اخدها هي !!
اومأ عزت وهو يردف بلامبالاة :
-انا بعتلك عشان كدة، هتاخدها وهتبعت لابوها خبر.. بس ساعتها انا اللي هستلم ابوها لما يجي… !!
اومأ موافقًا وهو يشرد فيما حدث….
يُحدث نفسه بسخرية مريرة
” فيها أيه يا أسيا لو مكنتيش سمعتي كلام ابوكِ وفسختي خطوبتك مني، اهو ابوكِ أتعاقب على حركته دي واتدبس بفضلي مع تجار المافيا.. اما انتِ هتفضلي ليا انا بس مهما دارت وطالت الايام ”
أستفاق من شروده على صوت عزت وهو يحذره :
-بس خد بالك.. هتخطفوها مش هتاخدوها علني!! انا مش عايز حرب تقوم عشان حتة بت ملهاش لازمة، ده أدم صفوان مش واحد بيلعب فـ الشارع !!؟
اومأ مدحت بسرعة يطمئنه :
-متقلقش يا باشا محدش هيحس الا بعد اختفاءها
ثم همس لنفسه بمكر متوعدًا :
-ده انا هخلي حرب القطبين تقوم !!!!…..
********
في حديقـة قصر آدم صفـوان…….
ليلاً وعندما كان ” أدم ” خارج القصر يقضي بعض أعماله…
كانت ” أسيـا ” تسير كعادتها عندما تمل في الحديقة…!
طيلة الثلاث أسابيـع وهي لم تختلط بـأدم إلا قليلاً…!!
وكأنها تُشعـل النيران وتشعلها دون أن تمسها..!
وبعد دقائق معدودة وفجأة وجدت من يُكبلها من الخلف.. أرادت الصراخ… ارادت التملص من بين قبضتاه… ولكنه وأد محاولاتها عندما خدرها فسقطت بين ذراعيه فاقدة الوعي !!!!!!!………
******
↚
لم يهدأ أدم ولو للحظة.. لم يستكين ولو ثانية يهدأ فيها من روعه بل كان كالذي فقد عقله تمامًا في غياب ” أسيا ” !!!….
جلس على الأريكة يجذب خصلات شعره بعنف صارخًا :
-والله ما هرحمهم !!
كل شيء كان كالكابوس.. كابوس في اسوء مراحله…
كابوس تحكم بصفحات حياته فجعلها مجرد تعاويذ تجذبك للجحيم…!!!
نهض يدور حول نفسه بجنون.. كل جزء به يصرخ مطالبًا بها !!
دلف احد رجاله نحوه راكضًا فسأله ادم بلهفة لم يقطن الامل بها كثيرًا :
-عرفتوا مكانها ؟؟
هـز رأسه نافيًا بأسف واضح وهو يطرق رأسه :
-للاسف لا يا باشا، حتى لما شوفنا كاميرات المراقبة وشوفناهم كانوا ملثمين !!
أصبحت عينـاه نسخـة عن لهـب الشياطين عندما يُصك ليحرق أحدهم…
فقال بقسوة متوعدة :
-هاتلي اللي كانوا واقفين على البوابة فـ الوقت ده واحبسهم فـ المخزن لحد ما أفضى وأقتلهم بنفسي
اومأ الرجل موافقًا بسرعة :
-تحت امرك يا ادم باشا
انصرف بسرعة ليضع أدم رأسه بين يداه وهو يفكـر….
هو شبه متأكد أن من اختطفها له علاقة بوالدهـا.. ولكنه ايضًا لن يستطع المخاطرة دون دليل واضح !!؟
شعر أنه بين نارين كما يقولون !!….
صوت هاتفه الذي صدح إنتشله من شروده ليجيب بسرعة :
-الووو مين
سمع الطرف الاخر يقول ببرود :
-اسمعني كويس، لو عايز تشوف أسيا تاني يبقى بكل هدوء ابوها يجي.. وسلم واستلم !!
صرخ أدم بصوت كان كفيل بهز كيـان ذلك الأبله الذي يُحدثه :
-انا هاطلع ***** اهلك يابن ال**** وهجيبها وهجيبك
بالرغم من قلقه رد بنبرة خبيثة :
-تخيل كدة أنت لو اتأخرت انا هعمل ايه؟؟ الاول هستمتع بالموزة اللي بين ايديا.. وبعدين هدبحها وبرضه هنوصل لأبوها فـ الاخر !!
تلك الكلمات كانت كفيلة بهدم أخـر بقايا تعقل لدى ” أدم” .. فظل يصرخ ويسب ويلعن بجنون لأول مرة يتلبسه كالشيطان الأهـوج…!!
أغلق الخط وحينها ومن سوء حظه وجد “والد أسيا” يتصل من خطه الجديد.. فأجاب ادم بصوت أجش حاد :
-ايوة
-ازيك يا ادم؟؟ وازاي أسيا؟!
أجاب أدم بجمود :
-مش كويسة !!
إنتفض والدهـا يسأله بخوف واضح :
-مالها اسيا يا ادم؟؟ انت عملتلها حاجة؟!
هـز أدم رأسه نافيًا بسخرية :
-في حد من القصر خاني وعرفهم إن بنتك عندي
-يعني ايه !!؟
-يعني هما دلوقتي عايزينك تروحلهم !!
-هما قالولك فين ؟؟
-قالولي فـ (……) أنت هتروحلهم متأكد؟!
-امال عايزني اسيبلهم بنتي!!
-الاول أقف في منطقة (…) هبعتلك واحد من رجالتي يحطلك GPS عشان نعرف نوصلكم !!
-تمام سلام
-سلام
أغلق الهـاتف وهو يحدق بالاشيء… لا يستطع المخاطرة بحياة أسيـا… وبالطبع ستكون اولى اولوياته إنقاذها فقط !!!!!
******
كانت “سيليا” ممددة على الفراش في منزل جواد الخاص.. مربوطة يداها بسلاسل في طرف الفراش حتى لا تستطيع الهرب !!….
تتلوى بسرعة صارخـة والجنون ينشب بين أطرافها كوباء ليس له علاج سوى في قبضتـا “جواد” الذي يجلس ليشاهدها ببرود وكأنه يجد متعته في ذلك…!
هتف ببرود وهو يحدق بها :
-ماتحاوليش لانك مش هتعرفي تفكي نفسك!!
برقت عينـاها بشراسة كانت جزءًا من خلايـاها الفطرية، وأردفت مزمجرة :
-فكني بلاش تخلف سبني !!!
نهض كالمجنـون يجذبها من شعرها بعنف وهو يردد بازدراء واضح :
-أخرسي مش طايق أسمـع صوتك..
شعـوره كان كالشخص الذي يُسلخ جلده.. شعور أنه طُعن بخنجر الخيانة مرة واثنـان.. كان نقطة لبداية…. موته !!
بينما ابتسمت هي تود التلاعب به كما تلاعب بها :
-ايه مالك!! مضايق عشان قرب مني لية؟! صراحة انا استمتعت وصدقني انا حاولت امنعه بس قولت عادي ده جوزي.. الغلط عندك بقا انك ماعرفتنيش انه مـ…..
ولكنه عاجلها بصفعة قويـة وهو يزمجر بهيسترية :
-اخرسي اخرسي يا رخيصة يا قذرة.. أنتِ زيك زي بنات الليل لا وأرخص منهم كمان !!!
مسحت خيط الدم الرفيـع الذي إنسـاب على شفتاها بيدها الحرة.. لتتابـع ببرود حرق أوردته كالعلقم :
-معلش هي الحقيقة دايمًا بتوجع كدة، بس عايزة افهم لما انا رخيصة اتجوزتني لية؟!!!
ظل يصفعها عدة صفعات متتالية وهو يصرخ بصوت تركنت شظايا الالم به :
-عشان اخليكِ تحت طوعي دايمًا، عشان تبطلي وساخة وتمشي زي الناس.. عشان فكرت إنك ممكن تبقي مربية كويسة لأبني بس طلعتي مجرد عاهرة حتى ماتستاهليش أجرتك يا رخيصة !!
كانت تتنفس بصوت مسمـوع.. الألم بخدها يكاد يفتك بها وهي تتظاهر بالتماسك.. ولكنها قاربت الأنهيـار فعليًا !!!!…..
ورغم أن ذاك المعتوه “مصطفى” لم يقربها بتاتًا… لانها وببساطة تمنعت عنه متحججة بالانتظار حتى العرس…
ولكنها سترد له الصفعة صفعتان مهما كان الثمن !!….
نظرت له بسرعة عندما قال بقسوة لم تُخفى منها لفحات الجنون :
-مش أنتِ خاينة وزبالة رغم اني محذرك وجسمك هو السبب فـ الرخص اللي إنتِ عايشه فيه ده؟؟ أنا بقا هخليكِ تحرمي تكشفي جسمك ادام راجل تاني !!!
وقبل أن تستوعب ما يقصده كان يخلع حزام بنطاله وهو يقترب منها….
تضخمت دقاتهـا فكان كيانها كله يرتجف بعنف لرؤية الرحمة تُجرد من بين عيناه.. فاعتدلت بذعر وهي تقول :
-جواد اسمعني انا هفهمك…. انت هتعمل ايه!!!!
ولكنه لم يكن يسمعها لها.. اقترب منها حتى اصبح امامها.. فبدأ يُمزق ملابسهـا بعنف دون ان يأبه بصراخها….
حتى أصبحت عارية أمامه فأمسك بحزامه وبدأ يجلدهـا بقسـوة وكأنه اصم عن صراخها ورجاءهـا….!!!
بينما هي تتلوى وكأن نيران تكويها بلا رحمة..!
لم يتركها إلا حينمـا فقدت وعيها واجزاء من جسدها تنزف !!….
بصق عليها بازدراء يهمس :
-للاسف مش فاضي اضيع وقت عليكِ اكتر، ابن عمي محتاجني !!….
ثم أستـدار وغادر بكل هدوء تاركًا إياها مُلقاه كجزء من قمامة دون فائدة !!
******
خرج ” أدهم” من غرفته على صوت طرقـات متتالية على الباب.. فسار بسرعة نحو الباب يردد بصوت أجش :
-ايوة ايوة ثواني جاي
فتح الباب ليجـد أمامه ” أولاد عم شروق الثلاثـة ” … فتركـزت عيناه بجدية وهو يسألهم :
-خير يا شباب عايزين مين؟!
أجاب أكبرهم “كريم” بصوت هادئ تمامًا :
-عايزين شروق.. هي مش ساكنه هنا برضه؟؟!
ضيق أدهم عينـاه وهو يحملق فيهم.. فضرب جرس الأنذار بعقله بمجرد ذكر أسم شروق.. ليسأله متوجسًا :
-وأنت تعرف شروق منين وعايز منها إيه؟؟؟!
لم يبعد عينـاه المفترسة عن عينا أدهم التي تمشطهم بدقـة، وأجاب :
-أحنا ولاد عمها.. !!
هنا صاح أدهم مستنكرًا :
-ولاد عمها إيه ووصلتوا لها ازاي اصلًا؟!!!
تابـع كريم بملل وهو يحك رأسه :
-طب ممكن ندخل ولا هنفضل نتكلم على الباب ونلم الجيران علينا؟؟
فكـر أدهم دقيقتـان تقريبًا….
ثم تذكـر حديث “سيليا” السري عن أهل شروق…!!!
ليهتف بعد فترة مفككًا كرة الصمت :
-اتفضلوا
دلفوا جميعهم بهـدوء وأدهم خلفهم.. جلسوا ثم عاود كريم الحديث مرة اخرى بصوت هادئ :
-احنا اولاد عمهـا.. انا كريم وده هاني وده مراد، عمي الله يرحمه اتوفى من شهر، ومن ساعتها واحنا بندور على شروق عشان وصية عمي قبل ما يموت اني اتجوزها عشان احافظ عليها، وكمان احنا دلوقتي مانقدرش نفتح وصيته اللي مع المحامي من غير وجودها !!
توالت الصدمـات على أدهم كالكهربـاء التي تجعل جسده يهتز بعنف وكأنها تود سلب تلك الروح منه…!!!
حاول أن يعود لرشده وهو يسأله بجمود :
-وانا هتأكد ازاي انكم فعلا اولاد عمها؟!! وان كلامك ده صح؟؟
حينها تنحنح كريم بخشونة وهو يرد بما أقنعه ملزمًا إياه الصمت :
-اسمع يا استاذ ادهم.. اولا احنا مش مجانين عشان نجيب واحدة غريبة تشاركنا ورث عمنا، ثانيًا انا اكبر من شروق بتلات سنين والتلات سنين اللي عاشتهم مع اهلها كنت متربي معاها واعرف عنها حاجات خاصة جدًا.. ده غير إني وصلتلها عن طريق ظابط فـ المخابرات بصعوبة فـ انا مش بلعب صدقني.. بالأضافة انك تقدر تيجي معانا عشان تطمن كمان ! بس الاول انت مين اصلاً وهي عايشة معاك لية؟!!!
تجمـد عقل ” أدهم” عند مستنقـع الغيّرة فسأله بحدة لم يستطع كتم رائحتها :
-حاجات خاصة ايه اللي تعرفها عنها؟؟
رد كريم ببساطة :
-فـ ضهرها بعد الكتف بشوية في وحمة لونها بني على شكل دايرة وصغيرة جدًا !!
كان “ادهم” يجـز على أسنانه بحدة.. وذلك الأبله لا يدري أن كلماته تحرق جدار الثبات داخل أدهم فيود الانقضاض عليه ليقتله !!!!….
نظر أدهم نحو شروق التي كانت تقف عند باب غرفتها تستمع لهم.. فأومأت له مؤكدة، ورغم أنه متأكد من حديثه إلا أنه قال :
-والمطلوب؟؟ انكم تاخدوها؟!!!!
بادله كريم السؤال بسؤال حينما استطرد :
-قولي الاول انت مين وهي عايشة معاك بأمارة ايه؟!
إنتهت اللعبـة… وخرج عقله مسلوبًا تحكماته عندما نهض أدهم ليرد بكل جبروت رجولي تحمل شخصيته :
-بأمارة إنها مراتي !!
إتسعت أفواه الجميـع من ضمنهم شروق… شروق التي كانت مشاعرها جياشة تلك اللحظة…
حتى تسربت من بين يداها فلم تعد قادرة على تحديد ايًا منها !!!!
بينما نهض كريم وقد بدأ قناعه يزول :
-مراتك ده ايه؟!! فين اللي يثبت الكلام ده؟؟ وبما انك فتوة الحته ازاي اهل المنطقه مايعرفوش؟؟!!!
مط ادهم شفتاه ببرود وهو يخبره :
-أحنا لسة كاتبين الكتاب حتى لسة ما أخدناش عقد الجواز من المأذون.. اول ما أستلمه هوريهولك !!
هنا تدخل “مراد” في الحوار مغمغمًا بغيظ :
-احنا مش ماشين من هنا من غير شروق
رفـع أدهم كتفيه بلامبالاة يخفي وتر الشياطين الذي بدأ يتدفق منه وقال :
-جرب خش خدها كدة، وانا هاطلعك من هنا على نقالة اسعاف.. لا وهسجنك وهقول عايز ياخد مراتي غصب عني، قولتلكم امشوا وتعالوا بعد يومين ولا يوم.. وبما انكم عرفتوا اني فتوة الحته يبقى اكيد عرفتوا اني مابهربش !!!
الثقـة التي كانت تحجز ما بين كل حرف والاخر في كلماته.. جعلت كريم يتدخل وهو يتابـع بإيجـاز :
-بكره بليل هنعدي عليك وهنجيب المحامي. هنشوف عقد الجواز وهنفتح الوصية !! سلام
قال اخر كلمة وهو يرمي عيناه نحو الباب الذي تقف عنده شروق.. لينكمش جسدها تلقائيًا بقلق من نظراته المتفحصة !!!
وبالفعل غادروا جميعهم…..
حينهـا خرجت شروق مسرعة تسأله بصوت مذهول :
-أنت ايه اللي أنت قولته ده؟؟ مراتك ايه انت اتجننت؟!!!!
ابتسم بسخرية كتم بها بوادر إنفجار، ثم أردف :
-كنتي عايزاني اقولهم عايشين عادي كدة، وبعدين انا مش مطمن لهم.. دول عايزين الورث بس ومش بعيد يكون عايز يتجوزك عشان يقدر يسيطر على ورثك لان بما ان ابوكِ اجبرهم بالطريقة دي انهم يلاقوكِ يبقى هو سايبلك انتِ نصيب الأسد !!
صمتت للحظة.. اثنـان… والثالثة كانت الخاتمـة لصمت مشحون فتهدجت أنفاسها وهي تتهكم بصوت يكاد يسمع :
-يا فرحتي بالفلوس وابويا وامي مش معايا!!
احاط وجهها بين يداه يتحسس بحنان وهو يهمس :
-أنا معاكِ.. أنا عيلتك وأنتِ عيلتي
اومأت بابتسامة هادئة.. لتعود وتقول بنبرة متقطعة :
-اه بس برضه، جواز مش هينفع !! احنا طول عمرنا اخوات وهنفضل اخوات
اومأ موافقًا، ثم ابتعد عنها ليخرج صوته أجش وهو يخبرها ؛
-الجواز هيبقى مؤقتًا وصوري، لحد ما نشوف اخرة عيال عمك دول !
ثم استدار يرتدي الچاكيت بسرعة وهو يردد :
-انا هروح أجيب مأذون واتنين شهود صحابي وعم مصلحي عشان يكون وكيلك دلوقتي عشان لازم اكون مع ادم بعد كدة
اومأت موافقة دون رد ليغادر هو بالفعل…
مر ما يقرب من الثلاث ساعـات….
واخيرًا سمعت طرقـات هادئة على الباب لتنهض متنهدة وهي تفتح لهم الباب..
كانت ” شروق” تسبح في بحر أفكارها أثنـاء كتب الكتـاب….
ستتزوجه…!!
كلمـة تجعل روحها تنبض بشيء لم تستطع فك لغزه حتى الان… ولكن كلمة ” مؤقتًا ” تقتل تلك النبضات ببطء !!!
إنتبهت لهم على كلمة المأذون الشهيرة
” بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخير ” !!
تناقلت الابتسامات من هنا لهناك تخفي رنين أرواحهم المختلف..
حتى غادر الجميـع بهدوء.. فنهضت شروق دون كلمة تتجه لغرفتهـا…
بينما كان أدهم جالسًا مكانـه.. حتى الان يكذب أذنيه… يكذب الجميع.. يكذب ما حدث من اوله إلى اخره !!!
لا يصدق أنها اصبحت ملكه… اصبحت تحمل أسمـه… تنتمي له وحده !!
سيقترب منها متى شاء.. سيحتضنها.. وسيُقبلها !!…..
سيفعـلها وإن كان أخر شيء في حياته…
عند تلك النقطة تحديدًا نهض وهو يتجه لغرفتهـا.. طرق طرقة خفيفة ودلف دون ان ينتظر….
دلف ليجدها تقف أمام المرآة بصمت وهي ترتدي قميص للنوم فقط ويبدو أنها لم تـكمل إرتداء ملابسها !!!…
كان يقترب ببطء فسألته شروق متوجسة وهي تحاول تغطية جسدها من لهب نظراته..
إلى أن أصبحت عند ملتصقة بالحائط خلفها وهو أمامه يحشرها بينه وبين الحائط.. ابتلعت ريقها بتوتـر وهي تلمح تلك النظـرة الغريبة عن مرمى جوارحهم الان !!….
ثبت وجهها بين يداه.. وعينـاه مُسلطة على شفتاها.. فحاولت أن تُخرج صوتها المكتوم :
-أدهم… أدهم أنا… آآ
ولكنه قاطعها عندما وضع إصبعه على شفتاها.. ليهمس بصوت أجش :
-أنتِ مراتي دلوقتي!
صمتت ولكن إرتعشت حرفيًا عندما شعرت بإصبعه يتحسس شفتاها برقـة.. فأبعدت وجهها بسرعة وهي تقول بصوت مبحوح :
-متنساش منار
أمسك بوجهها يجذبه له ليردد وكأنه لا يفقه سوى تلك الكلمة :
-أنتِ اللي مراتي..!!!
عضت على شفتاهـا ولم تستطع النطق.. ليمد يداه برقة يلمس شفتاها وهو يتابـع بحنق طفيف :
-لأ ما تعمليش كدة
ولم ينل إجابة ايضًا.. فاقترب اكثر فأكثر حتى اصبحت شفتاه تلمس شفتاها عندما نطق :
-شروق… هعمل حاجة ومتضايقيش، بس انا ….. أنا نفسي فـيهم جدًا
لم يعطيها فرصة الأعتراض إذ اكتسح شفتاها في قبلة شغوفة كانت رسالة تبثهـا أشتياقـه وعشقه الخفي لها…
كان يُقبلها بلهفة وكأنه أخر شيء سيفعله.. بينما هي مستسلمة لإلتهامـه..
إلى ان رفعت يداها ببطء متردد تحيط ظهره بينما هو يُشبعها تقبيلًا..!!!
وازداد جنونه وهو يستشعر استسلامهـا له….!
قطـع تلك اللحظات الحارة صوت طرقات سريعة على الباب.. لينتفض أدهم مبتعدًا عن شروق دون كلمة…
ثم اتجه لباب المنزل على الفور.. دقيقتـان ولحقت به شروق لتتجمد مكانها وهي تراه بين أحضان تلك الملعونة “منار” حرفيًا!!!
منذ ثوانٍ يُقبلها والان يحتضن أخرى وكأنه يعشقها منذ الأزل؟!!! ………
********
بعد ساعات عدة…..
كان ادم يتتبـع ” والد أسيا” عن طريق الــGPS كما أتفقــا…
وتتربى داخله رغبة وحشية لقتل أيًا من تسبب في ذلك الجفاء الذي يشعر به فور غياب معشوقته… وطفلته المشاكسة !!..
أختبئ في مكان معين ينتظر خروج ” والد أسيا” او حتى هي…
ولكن طال الوقت لخروج اي شخص.. فتقدم ادم ببطء مشيرًا لرجاله الذين يقودهم ” جواد ” أن يتبعوه…
بينما ” أدهم” ينتظرهم في الخارج منعًا لحدوث أي خلل….
وما إن سار قليلاً حتى وجد والد أسيا يخرج مترنحًا في سيره.. ركض أدم نحوه بسرعة ينادي :
-رفعت !!
سقط على الأرض متأوهًا.. فسأله أدم بفزع :
-في ايه مالك؟؟! عملولك ايه؟ وفين أسيا!!
كان تنفسه ثقيل جدًا وهو يخبره :
-إدوني… سـ سم هيموتني بالبطيء بعد 3 أيام.. بس آآ هيفضل ياكل فـ جسمي ويعذبني لحد ما أموت !!!
أشتدت نظرة أدم قساوة وهو يتوعدهم بصمت.. حينها إنتبه للاخر وهو يتوسله بضعف :
-اقتلني يا أدم.. أديني رصاصة خليني أموت دلوقتي !! حاسس كأن نار بتحرق فيا مش هستحمل 3 ايام تاني !!!
نهره أدم بسرعة :
-لية بتقول كدة!! أنت هتاخد علاج انا مش هسيبك
هـز رأسه نافيًا وهو يردف هامسًا :
-قالولي… قالولي إن مفيش دكتور فـ مصر هيقدر يعالجني لو حاولت.. لأن آآ… لأن السم من بره مصر وملهوش علاج اصلًا. مهمته انه يعذب ويكوي الجسم وبس !!
ظل أدم يهز رأسه نافيًا بينما الاخر يحاول تقبيل يده ويردد بلا توقف :
-ابوس ايدك يا ادم.. ارحمني.. اضرب الرصاصة دلوقتي، دي مش هتبقى جريمة ده يبقى قتل رحيم.. ارجوووك ابوس رجلك ارحمني انا بتعذب آآآآه !!!
بدأ جسده يتشنج بعنف وهو يتأوه بصوت مكتوم كالذي يُنـازع…
فبدأ صراع حاد يدور داخل أدم… عاجلًا ام آجلًا هو سيموت خلال أيام..
ولكن رصاصة أدم ستُشكل فارق قوي.. ستحدد إنهاء عذابه ام استمراره !!!!
ومع استمرار توسلات رفعت.. أخرج أدم سلاحه بتردد جلي.. فأمسك رفعت سلاحه بلهفة يضـعه عند قلبه مباشرةً وهو يهمس مغمضًا العينين :
-أسيا أمانة فـ رقبتك يا أدم، ما تخليش أبن خالها يقرب منها بأي شكل من الاشكال، هو السبب فـ كل اللي انا فيه.. بينتقم لأني بعدته عن أسيا زمان…!!
كان أدم يلعنه بصمت تحت أسنانه.. يقسم ويتوعـد بجنون !!!
وفجأة كان يحاول الضغط على ” الزناد” فتنهد أدم بقوة وهو يُثبت سلاحه.. ثم أطلق الرصاصة لتخترق جسد “رفعت” الذي سقط غارقًا في دماؤه !!….
حينهـا ظهرت أسيا التي جمدتها الصدمـة مكانهـا… مظهر زوجها وهو يقتل والدها كانت بمثابة سكينـة تقطـع كل شريان للحيـاة !!!
ظلت تقترب من أدم وهي تهمس بجمود :
-قتلته !! قتلت بابا ؟؟
أغمض أدم عينـاه بقوة وهو ينظر خلفه لجواد ليأمره بسرعة هامسًا وهو ينظر لجسد رفعت المسجي ارضًا :
-خدوه وشوفوا لسة في حد فوق ولا لا اكيد مشيوا
ازدادت نسبة الادرينالين عند ” أسيا ” التي ظلت تصرخ باهتياج هيستيري :
-قتلته ليييية سيبه حرام عليك ارحمني أنت بتعمل فيا كدة لية؟؟ حسبي الله ونعم الوكيل فيك حرام عليييييك
حاول تثبيتها بين ذراعاه وهو يتشدق بحزم هادئ :
-أسيا اسمعيني.. أسيا هما… آآ
ولكنها قاطعته عندما بصقت على وجهه بجنون مرددة :
-ده مقامك عندي، أنت اقل من اني أسمعك.. هما كان عندهم حق !! كانوا واثقين إنك هتقتل بابا لانه اعترض إني افضل معاك تاني…!!!
عندها لم يتحمل ” أدم ”
لا يستطـع اصلًا تحمل تلك الأهانة وإن كان على موته !!…
صفعها بقسـوة ثم جذبها من شعرها بعنف وهو يزمجر كالوحش :
-الا الاهانة.. الاهانة عندي تساوي الموت، لو بعشق التراب اللي بتمشي عليه هقتلك قبل ما تفكري تدوسي عليا وتهيني رجولتي !!!
ظلت أسيا تبكي بصوت عالي متأوهه من قبضته المؤلمة.. وفجأة لمحت بقايا زجاج مكسور فركضت من دون تردد لتمسك بها وهي تغرزها في معصم يدها وقد إتخذت الأنتحار سبيلًا….. مظلمًا !!
بينما أدم يصرخ مفزوعًا بأسمها…
↚
في مستشفى خاصة…….
كان ” أدم ” في حالة هيستيرية.. ينتظر امام غرفة الفحص دون روح.. دون قلب او حتى عقل !!…
وكأن مؤشراته الحيوية متوقفة على تلك المخلوقـة التي تستنفـز طاقته الطفيفة للحفاظ على هدوءه وثباته…. !!!
كان يسير يمينًا ويسارًا بتوتر واضح.. وكأنه طفله يكاد يفقد أمه !!
حينها أقترب منه ” أدهم ” يربت على كتفه مرددًا بصوت مطمئن هادئ :
-اهدى يا أدم، إن شاء الله خير متقلقش هتبقى كويسة
تحركت عينــا ” أدم ” تلقائيًا نحو غرفة الفحص ليهمس وقد استوطنت عينـاه نظرة راجيـة.. مظلمة ولامعة بدموع مُجمدة !…
ليهمس دون أن ينظر لأدهم :
-اخرجي يا أسيا.. قومي وأنا اوعدك مش هزعلك.. ارجوووكِ ما تحرمنيش منك !!
مر وقت قصيـر حتى وجدوا الطبيب يخرج أخيرًا..
فركض أدم نحوه بلهفة يسأله :
-هااا هي كويسة ولا ايه؟؟ رد عليا ايه اللي حصلها !!؟
رفـع الطبيب حاجبـا متعجبًا، وقال :
-هو أنت مديني فرصة يا أدم بيه !! على العموم الأنسـة بخير وقفلنا الجرح وحطينالها شوية محاليل وهي حاليًا واخدة بينج ونايمة.. اول ما تفوق تقدروا تدخلولها، حمدلله على سلامتها
تمتم أدهم بامتنان :
-شكرًا يا دكتور تعبناك معانا
ابتسم الطبيب باصفرار ثم غادر.. بينما ادم كان كمن استرد روحه للتـو…
ولكن حتى يراها لن يعود مجرى حياته كما كان !!….
مر ساعة ونصف تقريبًا ذهب أدهم فيهم يُحضر طعام لأدم وله ولأسيـا عندما تستيقظ… وليتأكد من تواجد بعض الحرس امام المستشفى كـحماية لهم…!
بينما أدم لم يستطـع الأنتظار اكثر !!
سيدخل ويراها الان وعلى أي وضع…
وبالفعل إتجه نحو الغرفة ليفتح الباب وقد رُسم على ثغره ابتسامة متوهجـة تفننت اللهفة فيها…
ولكن تلك اللمعة المتوهجة أصبحت كرة من النار تشتعـل وكأنها تُصلي صاحبها عندما لم يجد أسيـا على فراشها… بل وجد الغرفة فـــارغــة !!!!!!
أصبح صوته تنفسـه عالي.. ينظر حوله في تلك الغرفة الكبيرة…
صمت… صمت موحش يُعيق تفجـر اللعنة التي تحط على صدره..
ثم إنفجار متوقـع عندما صرخ بصوت هز اركان المستشفى :
-أسيــــــاااااااا
دقيقة ووجد الممرضة التي كانت تشرف عليها وأدهم الذي دلف لتوه يسأله بخوف :
-في ايه يا أدم !!
ولكن الأجابـة كانت متمثلة في فراغ فراش أسيـا.. فلم يستطع النطق !!
فيما نظر أدم للممرضة يزمجر فيها بجنون :
-هي فيييين؟؟ فين مراتي؟!!! أزاي ماكنتيش معاها !! راحت فين انا ما غيبتش الا 4 دقايق بس.. هي فيييييييين ؟!!!!
والممرضة كانت كالأزهار الرقيقة عندما تواجه أعاصير الجو العنيفة !!…
ظلت تهز رأسها بسرعة وهي تردد بصوت مرتعد من هيئة ادم :
-والله العظيم ما أعرف، أنا كنت بعمل حاجة عقبال ما هي تصحى !!!
وفجأة رن هاتف ” ادم ” فأجاب بسرعة يهتف بصوت أجش :
-الووو مين ؟؟!
حينها أتــاه صوت أسيا الجامد :
-اسمعني كويس يا أدم يا صفوان.. أنا مشيت بمزاجي !! أنا ماتخطفتش أنا هربت عشان أعرف اوجعك وأكسرك زي ما أنت كسرتني بقتل أبويا!!! حبيت اعرفك بس عشان ما تفكرش إنهم خطفوني تاني، لأ انا مشيت بكامل إرادتي وقوايا العقلية…
ثم أغلقت الخط دون سماع رده.. لتسود عينــا أدم بظلمة مخيـفة… ظلمة كانت عنوانًا يحوي شناعة فعلة أسيا !!!!
ليصرخ وهو يلقي الهاتف حتى تدمر مصطدمًا بالحائط :
-اااااااه… هاجيبك يا أسيا.. مش انا اللي مراتي تهجرني !!!
*******
عاد ” جواد ” إلى منزله بعد ساعـات….
إتجـه إلى الغرفة التي يحبس بها “سيليا” على الفور…
لا ينكـر توتره… خوفه… هواجسـه التي تنمو في كل دقيقـة محتلة تفكيره !!
دلف ليجدها كما تركهـا… فاقدة للوعي !!!
حاول إخفـاء تلك الانتفاضة التي هزت جسده وهو يُسرع نحوها ليفك قيدهـا بسرعة…
حملها بين ذراعيه يتجه بها نحو المرحاض.. وضعها في ” البانيــو ” بعدما ملأه بالمياه الدافئة لترطيب جروحها…!
عندما تساقطت المياة تُغرقهـا.. بدأت تستعيد وعيها شيءً فشيء…
وأول من هاجمها كانت صورته أمامها.. لم تتحرك وهي تهمس له بصوت مُتعَب :
-حققت اللي أنت عايزه، ونجحت بجدارة.. أنا فعلًا مش هقدر أبين جسمي قدام راجل تاني
ثم ضحكت بسخرية مكملة :
-ولا حتى ست !! شاطر… شاطر يا جواد بيه
ثم إحتدت عيناها بشراسة وهي تتابـع همسها الحارق :
-بس مهما عملت هيفضل قليل قدام النار اللي بتولع فـ صدرك وأنت بتتخيل اللي مفروض مراتك سلمت لنفسها لواحد مش جوزها رغم كلامك المتخلف !!
ضغط بأصبعه على جرحهـا حتى كاد ينزف كما تنزف روحه الان… ثم قال بقسوة :
-اخرسي.. ماعتقدش بعد اللي هيحصل هتقولي نفس كلامك !!!
تأوهت بصوت مكتوم دون أن ترد عليه.. ليحملها بعد فترة متجهًا بها إلى الخارج ليرميها على الفراش بقوة جعلتها تأن بألم.. ثم استدار ليغـادر وهو يأمرها بصلابة :
-هتلاقي عندك فـ الدرج مرهم حطيه على جروحك.. وهما 10 دقايق وأدخل الاقيكِ لبستي عشان هنمشي !
تنهـدت هي بقوة وبالفعل امتثلت لأوامـره…!!
. . . . . . . . . . . . . . . . . .
بعد فتـرة كانت معه في سيارتـه…
تسأله كل لحظة نفس السؤال الذي كانت أجابته شريـدة وسط ملكوت مجهول !!
” جواد رد عليا احنا رايحين فين ” ؟!!
واخيرًا وصل بها إلى المكان المجهول.. فتح ابواب السيارة إلكترونيًا وأمرها ببرود كاد يُصيبها بذبحة قلبية :
-انزلي يلا مستنية ايه ؟؟
نزلت من السيارة بسرعة وإنطلقت نحوه تمسكه من ذراعه بقوة وهي تسأله متوجسة من القادم :
-أنت جبتني هنا لية ؟! واحنا هنعمل ايه فـ العمارة دي هاا رد عليااا ؟؟
زفـر بعمق وهو يبعد يدها عنه… دقيقة ووجدت رجلاً ما يقترب منهم بهدوء تام وجواد يحيه ببسمة مصطنعة…!!
تراجعت للخلف ببطء مذعـورة… تشعر أن كل شيء مُظلم… مخيف !!!
تشعر أن ذلك الهواء الذي تستنشقه أصبح ثقيلًا على رئتيها…!
زاغت عيناها تبحث عن عينـا جواد، عندما كان يخبرها دون أن ينظر لها :
-أنتِ هاتشتغلي مع نادر.. وأظن مش غريب عليكِ إنك تقضي وقت حلو وتكسبي فلوس.. وهتعيشي هنا برضه عشان ما نشحطتكيش في المواصلات، اما اختك تقدري تجبيلها شقة في نفس العمارة بفلوسك
مد يداه في جيبه وأخرج ” شيك ” ليعطيه لها وهو يتشدق بخشونة :
-الفلوس اللي كنا متفقين عليها اهي..
ثم صمت برهه يأخذ نفسًا طويلاً قبل أن يرفع عينـاه يلتقي بعيناها الجامدة بنظرة لا حياة فيها… ثم نطقها بهدوء تام :
-أنتِ طالق يا سيليا !! ارجعي لوساختك.. بس المرة دي الخروج منها مش بمزاجك !!!
أستقل سيارته وهو يشير لها بإصبعه :
-مع السلامة يا زيتونة !!
كانت تهز رأسها نافية وهي تراه يبتعد عنهم ببطء ليستقل سيارته… فخرج صوتها اخيرًا تصرخ بجزع :
-لا لا لا.. مش من حقك، مش من حقك تحكم عليا إني اعيش مومس طول حياتي لا ……
تعالت صرخاتها المقهورة عندما سحبها ذلك المعتوه من ذراعها نحو الداخل بعنف.. واسفًا…. لم تستطع المقاومة اكثر فسقطت مغشية عليها بين ذراعي ذلك الرجل !!!!!
*******
كانت “شروق” تقف في – البلكـونة – تنشر بعض الملابس بصمت تــام…
دخل ” أدهم ” ليشهق لاعنًا من خلفها :
-أنتِ متخلفه؟؟! أيه اللي أنتِ لابساه وطالعة بيه البلكونة ده ؟؟
تركت الملابس من يدهـا ببرود.. ثم نظرت له وهي ترسم تعابير الصدمة المصطنعة على صفحة وجهها الابيض :
-ايه!! هو انت شايفني طالعة بقميص نوم؟!! مهو بنطلون وتيشرت زي باقي البشــر !!
أمسكها من ذراعيها يضغط عليهم بقوة وهت يزمجر فيها بعصبية بدأت تتفجر داخله :
-قولتلك مليون مرة ما تخرجيش البلكونة بزفت نص كم
ثم بدأ يسحبها للداخل مرة اخرى، ولكنها نفضت يده عنهـا بقوة وهي تغمغم :
-اوعى كدة أنت ملكش حكم عليا، روح اتحكم فـ حبيبة القلب اللي كانت فـ حضنك !!
مسح على شعره يتنهد بقوة وقال :
-انا مش هينفع أسيب منار خلاص.. اتربطت بيا للأبد !!
أشاحت للناحية الاخرى تكمل ما كانت تفعله مردفة ببرود :
-وأنا مالي !!! برضه روح اتحكم فيها هي يلا طريقك اخضر …
جذبها له مرة اخرى حتى إلتصقت بصدره الذي شعرت بضخاته العنيفة تزلزلها هي !!!
ليهتف بنبرة حملت لونًا واضحًا من التملك والصلابة :
-أنتِ مراتي !
تأففت وهي تحاول الابتعاد عنه قائلة بملل :
-ايه هي لبانة !! كل شوية مراتك مراتك مراتك.. لا انا مش مراتك ومش هكون…..
ثبتها امامه مباشرةً وعينـاه تغرق بين بحر عيناهـا البنيـة… ليهمس محذرًا :
-ماتخلنيش أخدك من ايدك كدة على اوضتي عدل وأوريكِ إنك مراتي يا بندقتي !!!
تلوت بين يداه وقد اصطبغت وجنتـاها بالأحمر القاتم وهي تغمغم :
-اصلك قليل الادب وسافل… ابعد بقا
وفجأة سمعوا صوت عالي يبدو انه شجار في مدخل المنزل…
فركض أدهم مسرعًا نحو الاسفل وشروق تتبعه بعد أن ارتدت ” خمــار ” ….
ليجدوا بعض الاشخاص يقفون امام “منار” التي ما إن رأت ادهم حتى ركضت له ترتمي بين أحضانه وكأنها تحتمي به.. ثم همست له بصوت مرتعد خالطه البكاء المزيف :
-إلحقني يا أدهم.. هما دول،، دول اللي اغتصبوني !!!!
وفي اللحظة التالية حاول أحد الرجال أن يسحبها من بين أحضان ادهم.. ليبعدها ادهم خلفه ثم بدأ يضرب ذلك الرجل بعنف….
بدأت حرب دامية والصراع يزداد بينهم.. وأدهم يستخدم كل قوته الجسدية حتى لا ينهار أمامهم الثلاثة…. !!
وفجأة اقترب احدهم من “شروق” ليبتعد بها نوعًا ما ثم بدأ يضمها له بشهوة وهو يُقبل كل جزء يظهر منها… ظلت تصرخ وتصرخ.. تنادي باسمه بفزع بينما الاخر يحاول تمزيق ملابسها….
ولكن لا حياة لمن تنادي !!!!!……………
*******
دلفت ” جمانـة ” لغرفة أدم….
رغم مغادرة تلك المعلونة الا أن تعويذتها لازالت تسيطـر على أدم !!….
أدم الذي فقد طعم الحيـاة… فقد راحته وسكينته !!!!
سُرق كل شيء من بين يداه كالسـراب.. تمامًا كالسراب الذي يحلق أمامك ولكن عندما تحاول لمسه…. يحترق كلاكما !!
كان يدخن بشراهة مرة بعد مرة بلا توقف.. إلى أن احتضنته جمانة من الخلف تستند على ظهره العريض وهي تهمس :
-ادم… وحشتني !!!
أبعد يداها عنه وهو يرد دون تعبير واضح ؛
-انا سايبلك فلوس كتير فـ الفيزا كارت بتاعتك، فمش هتحتاجي مني فلوس.. أمشي بقا من قدامي !!
وقفت أمامه تضـع يداها في خصرها وهي تستطرد مستنكرة :
-نعم !! هو أنا مش بجيلك الا لو عايزة فلوس ولا ايه؟؟ ده انا بقالي ايام مش عارفة اتلم عليك !!!
زفـر بعمق،، وردد دون أن ينظر لها بما جعل التوتـر يحتل جزءًا يُحسب من نظراتها :
-إنتِ اتجوزتيني عشان الفلوس، وحاولتي تسرقيني وتهربي بالفلوس.. ومستحملة الأهانة دي برضه عشان الفلوس، وانا مستحملك عشان ابوكِ اللي رباني وبعتبره ابويا… عشان انا لو طلقتك يا جمانة
ثم نظر في عيناها يكمل بنبرة مُخيفة :
-هتتدمر حياتك كلها !!!
ثم عاد لموضعه وتابــع :
-فـخلينا كل واحد فاهم التاني وساكت، وقولتلك من ساعة ما حاولتي تهربي بفلوسي وانا مش بعتبرك مراتي ومش هعتبرك… فمتحاوليش على الفاضي !
كانت جمانة مسلوبة الرد امام جبروت كلماته….
فبدأت تتراجع ببطء لتغادر بملامح شاحبة…!!!
صدر صوت من هاتف أدم يعلن وصول رسالة.. فـأمسك به بملل ليفتح الرسالة،، ولكن ما إن فتحها حتى تجمدت عيناه على تلك الصور….
فقد كانت صور لأسيا بملابس قصيرة للغاية وهي شبه قاطنة في أحضان ذلك المعتوه ” ابن خالها ” !!!!!!!
أطلقت سهمها بمهـارة في الهدف فأصابه حتى لم يعد هناك فرصة للفرار !!….
برزت عروق أدم بشدة وأحمرت عيناه وكأنها من الجحيم وهو يقرأ كلمتها الباردة في اخر الرسالة
” ايه رأيك فيا ؟!!! ” ………
وقد عرفت البريئة كيف تحرق الشيطان !!…
↚
بعد يومــان……
كانت ” أسيـا ” تُقيم في منزل ” ابن خالتها” تتنهـد كل ثانية تقريبًا وهي تتذكر كل شيء يمر على ذاكرتها كالشريـط الذي يُصيب عقلها بارتجافة ملتهبة !!….
جلست امام الشرفة يلفحها هواء رطب فيصفـع وجنتاها الناعمـة ليسرقها لعالم الذكريـات…….
فلاش بــاك###
عندما أخرجوا والدهـا.. كادت تركض هي الاخرى وهي تصرخ بانهيار :
-بااباااااا !!
ولكن احد رجالهم امسك بها يُقيدها.. فكانت لمسته كالجمـرات التي تحرق جلدها !!…
خاصةً وذاك اللعين ابن خالتها ” مدحت ” يقترب منها مغمغمًا بصوت جاد :
-اسمعيني كويس يا أسيا.. أدم صفوان هيأذي ابوكِ انا متأكد، واحد زي أدم مهوس بيكِ أستحالة يسيبك بسهولة اول ما ابوكِ يرجـع.. وخصوصًا أن ابوكِ قرب يخرج من ازمته !!
صرخت أسيا تسأله بتوجس :
-طب انت عملت فيه ايه؟؟؟
هـز رأسه نافيًا… وكانت البراءة مسروقة وهو يرسمها على ملامحه الشيطانية وهو يردف :
-انا ماعملتش، بالعكس انا اول ما وصلني خبر انهم جابوكِ انتِ عشان يوصلوا لابوكِ جيت عشان اقنع الباشا الكبير يسيبكم ويسامح ابوكِ، عشان كدة اول ما ابوكِ وصل سابوه.. اوعي تكوني مفكرة انهم سابوه لله وللوطن ؟!
هزت رأسها نافية وتماوجت الافكار هنا وهناك بين ثنايا عقلها….
ولأن حروفه كانت كجلد الثعبـان ناعمة وخبيثة.. اخترقت عقلها متربصة بسهولة،، فرفعت أسيا رأسها تهمس برجاء :
-طب انا عايزة اخرج.. ارجوك يا مدحت
اومأ “مدحت” مؤكدًا وهو يمد يده بجهاز صغير له مكملاً ؛
-طبعًا هسيبك.. خدي ده لو أدم عمل حاجة لابوكِ ورجعك معاه بالعافيه البيت.. اضغطي على الجهاز ده واحنا هنجيلك فورًا وهجيبك عندي
اومأت مسرعة وهي تنتشل ذلك الجهاز من يده ثم ركضت نحو الخارج لترى مشهد قتل والدها على يد زوجها… والذي كان بمثابة سم يكاد يُذيب عظامها !!!!
بـــــاك###
إنتفضت فزعة تقف وهي تحدق بمدحت الذي وضـع يداه حول خصرها يحيطها من الخلف برفق.. فظلت تعود للخلف وهي تشير له بإصبعها محذرة :
-إياك تقرب مني بالطريقة القذرة دي تاني يا مدحت !
رفع حاجبه الأيسر يتهكم والخبث يتقافز بين عينـاه :
-لية مهو كان حلو القرب ده من شوية ؟!
جـزت على أسنانه بعنف.. وقد خُلق الندم بين جوارحهـا من صدى حروفه،،، فهزت رأسها نافية وقالت :
-عمره ما كان حلو، أنا قربت منك بالطريقة دي عشان الراجل بتاعك يصورنا وابعت الصور لــ أدم.. مش عشان انا بحب اكون فـ حضنك !!!
حاول أن يقترب منها مرة اخرى ببطء وهو يردد بصوت أجش :
-تنكري إنك لسة بتحبيني وإنك ماكنتيش عايزة تفسخي الخطوبه بس ابوكِ اقنعك بكلامه السم !!؟
صرخت مستنكرة :
-بحبك !! أنا اصلًا اتخطبت لك كراجل مناسب مش كحبيب اطلاقًا، وده مايمنعش انك برضه لسة شخصية مش مناسبة وشرانيـة.. ولولا إن مفيش حد تاني ألجأ له مكنتش جيتلك ابدًا !!!
عـض على شفتاه يحاول تمالك غضبه بصعوبة وهو يتشدق بــ :
-ماشي يا اسيا، وانا موافق إني اكون مجرد واحد بتلجأي له حاليًا !
ثم استدار وكاد يسير ولكنه أسيا اوقفته عندما نطقت بصوت لا حياة فيه :
-اما اخلص بس من ادم..!
حينها إتسعت ابتسامته وهو يشعر بقرب النهاية… قرب إعلان انتصـاره !!
ولكنه لم يكن يعلم أنه قرب نهايته ليس إلا!!!…..
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أما عند “أدم” في منزله… كان ينتظر أي خبر من الرجل الذي وكله بإيجـاد طفلته الهاربـة.. !!
أي خبر عله يهدئ تلك النيـران التي تطفو شيئً فشيء على حياته..!!!
ألقى بأخر سيكارة أرضًا عندما سمع الطرقات على الباب.. فتحت الخادمة الباب فوجدت الشرطة امامها…
حينها نادت بفزع :
-يا أدم بيه البوليس !
تقدم أدم منهم بهدوء تام يسأل الضابط :
-خير حضرتك عايز مين ؟؟
أجابه الضابط باتزان :
-أنت.. مطلوب القبض عليك يا استاذ أدم بتهمة قتل رفعت المنصوري
لم يرمش أدم حتى وهو يسأله بجمود :
-مين اللي بلغ ؟؟
تنهد الضابط بقوة قبل أن يُفجر القنبلة المتوقعة :
-بنته… أسيـا رفعت الشرقاوي !!!!!
******
في اللحظة المناسبة وجدت “شروق” من يسحب ذلك الجلف عنهـا.. لتنتصب واقفة وهي تلتقط أنفاسـها المتقطعة..!
تحدق بــ “كريم” أبن عمها وهو يضرب ذلك الرجل بعنف.. والذي أنقذها في الوقت المناسب..
للحظة تخيلت ما كاد يفعله بها ذلك الحقير، فشعرت بأعصابها ترتخي والذعر يتآكلها !!…
أحاط “كريم” كتفها بذراعه برفق هامسًا :
-أنتِ كويسة؟؟
اومأت مؤكدة وراحت تشكره بإمتنان :
-انا متشكرة اووي يا كريم، مش عارفة لولاك كنت هعمل إيه!!
هنا وعند تلك السيـرة تدخل “أدهم” الذي أقترب منهم للتو،، قائلًا بصوت امتزجت بأدراجه بعض الحدة :
-كنتي هتلعبي باليه!! في ايه مالك ما تظبطي كدة بدل ما أظبطك
رمقته شروق بنظرات حادة قبل أن تتجاهله وهي تستطرد موجهة حديثها لكريم :
-تعالى اشرب شاي يا كريم وريح شوية
ابتسم الاخـر برقة وهو يومئ لها، وبالفعل صعدا سويًا ليحدق أدهم في اثرهما بصدمة وكأن احدهم صفعه للتو !!!!…..
ركض مسرعًا خلفهم يتوجه لأعلى.. ليدلف الى المنزل خلفهم وبالفعل وجد “شروق” في المطبخ تعد الشـاي والاخر ينتظرها في الصالون…!
سار متجهًا نحو كريم بعصبية يسأله :
-ممكن اعرف ايه سر الزيارة السعيدة دي؟؟!!
ضيق كريم عيناه،، وقال بصوت جاد :
-عايز أشوف قسيمة الجواز، وكمان أنتوا مفروض هتيجوا معايا البلد.. وجدي ابو ابويا عايز شروق !
أخرج أدهم قسيمة الزواج التي دُونت بتاريخ مبكـر.. ليضعها امام عينـا كريم التي إنطفأت بها لمعة لا يدري أدهم مصدر وميضها !!!….
هـز أدنم رأسه ثم أردف ببساطة لاذعة :
-طب يلا طريقك اخضر قوم شوف هتعمل ايه عقبال ما نجهز نفسنا
كـز كريم على أسنانه بقوة حتى أصدرت صوتًا… ثم إتجه للخارج دون كلمة اخرى !!!
بعد دقيقتان تقريبًا كانت شروق تخرج من المطبخ.. وبمجرد أن اكتشفت رحيله شهقت مرددة بحنق :
-طفشت الواد؟؟ هي دي شكرًا بتاعتك!!؟
بدأ أدهم يقترب منها رويدًا رويدًا… عينـاه مثبتة عليها تحدق بها بقوة وكأنه يود صفعها !!…
عادت للخلف بضع خطوات وهي تهمس وكأنها تهدئ طفلًا صغيرًا :
-اهدى كدة.. سيكاااا هااااا اهدى وقول أنا هديت،، ده…. ده آآ… ده
كلما أخترقت صورة ذاك المعتوه وهو يحتضنها ذاكرته… كان يشعر وكأن خلايـاه جوفًا ابتلع براكين منصهرة !!…
فصرخ فيها بعصبية مفرطة :
-ده ايه؟؟؟ الشريط سَف ولا ايه!!
سقطت شروق فجأة دون أن تشعـر على الاريكة لتتشدق بسرعة ببلاهه :
-ده حضن أخوي!
رفـع حاجبه الأيسـر يتابــع مستنكرًا :
-أخوي!!! طب ده في حاجات كتير اوي نفسي أخدها.. وكلها أخوية مش عايزك تقلقي خالص
تراجعت للخلف بسرعة تردد متسعة الحدقتان :
-لا لا لا اللي أنت عايزه لا يمت للأخويه بصلة !!!
أمسكها من ذراعاها يهزها بعنف وهو يزمجر بجنون :
-عارفة لو شوفتك واقفة معاه لوحدك حتى تاني.. هيبقى يومك أسود !!!
لم تجد ما تقوله فكانت مغمضة العينين تحاول التماسك امام انفجاره…!
فكان يقترب منها ببطء حتى أصبح فوقها دون أن يمسها..
أنفاسـه تصفـع بشرتها الحليبية لتجعل وتيرة أنفاسها مبعثرة… مشتتة !!!
وكأنها ألقى تعويذته على براعم قلبها الضعيفة فأرهقهـا بترانيمه…!!
أصبح على بُعد سنتيمتر واحد،، فلامس جانب ثغرها بشفتـاه ببطء !…
فسمـع همسها المتقطع :
-أ…. أدهم..
همس بصوت أجش دون وعي :
-يا عيونه…
تقابـلت نظراتهم في طريق طويل… قاسي ولكنه ملغم بجوارح مكبوتة.. فتلونت أشواكه بوردية عشقهم !!….
لحظة صمت واحدة قبل أن ينقض على شفتاها في قبلة عاصفة.. قبلة حملت راية الأستسلام فكانت مشاعر كلاً منهما هي القوادة في تلك اللحظات !!!…
لم تدفعه شروق بعيدًا عنها ككل مرة وإنما أحاطت رقبته دون شعور منها.. ليزداد شغف قبلته التي اصبحت قبلات عديدة يوزعها على وجهها كله.. حتى هبط ببطء لرقبتها يكمل رسم علامات عشقه عليها !
تجـرأت يداه أكثر فبدأ يعبث بأطراف ملابسهـا…
وهي كانت كالمغيبة تحت تأثير تلك اللحظة !!…
فلم تعد تملك رد فعل سوى القبول الأعمى..
ابتعد لحظة يخـلع التيشرت الخاص به بسرعة.. ليقترب مرة اخرى ولكنه توقف امام وجهها مباشرةً ينظر لعيناها المغمضة وجسدها الذي يرتجف اسفله،،، ليسألها بصوت خشن من فرط رغبته بها :
-شروق أنتِ عارفة احنا بنعمل ايه؟؟!!!
اومأت دون ان تنطق بحرف… فالحروف فقدت روحها في تلك الاجواء الحارة !!!
فاقترب منها بلهفة ينهل من عسلها بشوق… لتشهد تلك الليلة على تقارب روحـان قبل جسدان !!!…….
*******
كانت “سيليا” تجلس في غرفة بمفردها تضم قدماها لصدرها وتبكي بصوت مكتوم..!
منذ أن جلبها ذلك اللعين “نادر” إلى المنزل لم تخرج ابدًا من الغرفة ولم يدخل لها اي شخص….
كانت تود تنظيم تلك الزوبعة التي تُعيق تقدم حياتهـا….!!
قلبها منقبض بشكل رهيب.. متقوص يتلوى بين تلك الضبابية معلنًا استكانته !!!…..
رفعت رأسها بسرعة بمجرد أن سمعت صوت الباب يُفتح.. لتجد احدى الفتيات تدلف ببطء تتفحص سيليا بنظـرات جعلتها تشمئز من نفسها حتى !!…
تنفست سيليا بصوت عالي،، قبل أن تسألها :
-إنتِ مين وعايزة ايه؟؟
رفعت الفتاة حاجبها الأيسـر وقد تبخر الحقد ليملأ حروفها وهي تردف :
-وأنتِ مابتشتغليش لية ياختي؟؟ يلا قومي المكان ده مش للقعده البريئة دي خالص!!
نهضت سيليا وهي تصرخ،،، تثور ويخرج ما يجيش بصدرها من نيـران… نيـران مصيرها لا نهائي !!!!
ظلت تسب تلك الفتاة والاخرى تراقبها ببرود… حتى أتت فتاة اخرى لتخبر الاولى بسرعة :
-لا لا سيبي دي، نادر قال مش هتشتغل
جزت على اسنانها ولم يتوارى الحقد بين كلماتها وهي تتشدق بحنق :
-نادر ده يسكت خالص،، مش كفاية بيجبهم وانا مابقولوش حتى انت بتجيب مين!!! انا كمان مسؤلة عن المخروبه دي معاه.. وانا قررت ان البت دي هتشتغل النهاردة..!
جادلتها الاخرى بتوجس :
-بلاش ده موصيني اوووي عليها يا ابله صباح
راقبتهم ” سيليا” بنظرات لا تلائم سوى خلفية مجروحة لنصف فتاة جامدة !!!….
راقبت ذلك النقاش الذي يدور بين الاثنتان.. والذي انتهى بقول الاولى مزمجرة :
-هتروحي بمزاجك ولا اجبلك واحد من هواة العنف،،، شوفي انا سيبالك حرية الاختيار اهوه !!!
حينهـا شعرت “سيليا” أنها مخدرة.. أنها بكابوس ما…. أنها تتألم.. تتوجـع كما كانت لا تظن يومًا !
أرض جوارحها البور أنبتت ما دفنته هي بالامبالاة التي تتلبسها !!!!…
أطلقت المدعوة بـ “صباح” ضحكة خليعة وهي تستطرد آمرة للاخرى :
-هاتيلها واحد من ٱياهم يابت.. شكلها هي كمان بتموووت فـ العنف !!
ثم استدارت لتغـادر ببرود بينما الاخرى تهز رأسها بأسف ثم أنطلقت تنفذ ما اُمرت….
حينها فقط صرخت سيليا بصوت عالي مُرهق حتى ظنت أن حبالها الصوتية ذابت :
-اااااااااااااه..جوااااااااد !! ………
*********
بعد ثلاثة أيـــام…..
ثلاثة أيام ولم يمر الرابـع حتى خرج أدم من قسم الشرطة واخيرًا…
خروجه كان كالمعجزة التي كان يطلق كافة تعاويذه لتحقيقها !!…
الدلائل تُثبت أنه قتل ” رفعت الشرقاوي ” وهو لم ينكـر ذلك…!
ولكنه لم يُسمى بالشيطـان من فراغ… فقد نال ذلك اللقب بعد جولات عدة أثبتت أن الشيطان يتربـع بالفعل داخله !!..
في كل ليلة كانت تمر عليه بين الاربع جدران كان يتوعد أسيـا.. يتوعدها الأنتقام.. النيل.. والعذاب.. !!!
بمجرد أن وصل قصره حتى امسك هاتفه يتصل بالذي وكله بمهمة إيجـاد أسيـا…
ليجيبه الاخر بعد دقيقة مغمغمًا :
-ادم باشا.. حمدلله على سلامتك يا باشا
-لقيتها ؟؟
-ايوة يا كبير،، لقيتها وهقلبهاله دمار وهجيب الهانم مش عايزك تقلق خالص
-ساعة وتكون قدامي، بس قبلها عايزه عندي
-مش خطر نجيبه القصر يا كبير ؟
-هي كلمة واحدة تنفذها وانت ساكت
صرخ بأخر جملة قبل أن يُلقي الهاتف وهو يتنفس بصوت مسمـوع…
لو كان شخص آخر غير ” أسيا ” من فعلها لكان الان في عداد الموتى… !!
ولكن أسيا…. سينتقم منها وهي بين احضانه !
سيؤلمها ثم يداوي ألمها بنفسه..
داخله رغبات عنيفة متشابكـة.. مختلطة حتى لم يعد يدري تحديدًا….. ما الذي سيفعله بها ؟؟!!!!
مرت الساعـة بالفعـل…..
ليدلف ذراعه الأيمن ” محمود ” وخلفه عدة رجال يحملون أسيا المغشي عليها في صندوق واسـع..!!
لن يتجرأ ايًا منهم بحملها بالطبـع….
أشار لهم أدم بأصبعه ليغادروا جميعهم ماعدا “محمود” الذي أمره أدم بجمود :
-هاته
وبالفعل ذهب “محمود” ليمسك أدم بالعطـر يقطر منه بضع قطـرات عند أنف اسيا التي بدأت تتحرك ببطء بدايةً لأستعادة وعيها…!!
حينها قربها أدم منه.. قربها حتى أصبح وجهه امام وجهها مباشرةً.. يحدق بعينـاه الزرقـاء التي كان يغرق بها !
ولكنه الان… سيُغرقها هي بين ظلمة عيناه !!!
ظلت تهز رأسها نافية وهي تعود للخلف بخوف هامسة :
-آآ… أدم !
جذبها من شعرها فجأة بعنف مزمجرًا بما يشبه زئير الاسد :
-ايوة أدم.. ادم اللي هربتي منه وفكرتي انه مش هيجيبك !! بس قبل ما انتقم لازم اوريكِ حاجة !!
ثم نادى بصوت عالي :
-ادخل يا محمود
دخل محمود وهو يُحرك ” رفعت ” والد أسيـا على نقالة -ترولي- الذي كان فاقد وعيه تحت تأثير المخدر والعلاج !!…
لتشهق اسيا بصمت وهي تحدق بوالدها… ثم اصبحت تهمس بصوت مبحوح :
-بابا ! بابا حبيبي…
حينها صرخت عندما جذبها أدم من خصلاتهـا بعنف وهو يغمغم بصوت تفرقت بين حروفه :
-في الوقت اللي انا كنت بحاول أنقذ حياة ابوكِ فيه وأخبيه منهم عشان مايتقتلش.. انتِ كنتي بتخططي ازاي تقضي عليا !!! معادلة مش متوازنه نهائي.. معادلة إنتِ ماحسبتيش نتيجتها اللي هتكون قسوة الشيطان يا أسيا
ثم امسك وجهها بعنف امام وجهه يكمل بهسيس خطير :
-لو كنتي مفكرة إن الايام اللي فاتت انتِ جربتي قسوة ادم صفوان فيها تبقي هبلة،،، انا هخليكِ تتمني الموت يا أسيا
ثم رفع حاجبه الأيسر وهو يتفحص جسدها بمكر جعلها تكاد ترتعش بقلق وأكمل :
-ومتهيألي مفيش حاجة توجع واحدة زيك بتحافظ على نفسها للي بتحبه قد إني اخد اللي انا مانع نفسي عنه بمزاجي…. هاخد حقي يا أسيا !!
قال اخر كلمة وهو يعبث بأزرار قميصه ببرود.. برود أصاب أطرافها بما يشبه الشلل المميت !!!!……….
↚
الذعـر إلتهم جوارحها حينما ظنت أنها ستصبح فريسته الليلة !!..
فريسته التي فرت من بين براثنه هاربـة دون أن تمسها شباكـه بسجـن مُظلم كثنايـاه….!!!
خلع قميصه وظهرت عضلات صدره السمـراء.. حينها حاولت بكل جهدها اخراج حروفها التي حُذفت من قاموسها بفضل رعبها،، لتغمغم بسرعة :
-أدم إيـاك… أدم لو عملتها هكرهك اوووي.. لا أبعد ماتقربش !!
ولكنه كان يقترب.. كان يقترب وكأن حروفهـا مجرد وميـض يلفه الذعـر ممزوج بالرجاء يخترق عقله !!..
رفـع كتفاه بلامبالاة وهو يقول دون ان ينظر لعيناها :
-ما إنتِ اصلاً بتكرهيني،، ولا نسيتي ؟؟
كان يقترب منها ببطء وهي ترتجف.. ترتجف حرفيًا واقترابـه يبعث بها رعشـة قوية تكاد تُسقطها…
اصبح امامها تمامًا فظلت هي تتراجع بذعر صارخة :
-لالا ابعد ارجوووووك
لم يبتعد بل على العكس ظل يقترب حتى حشرها بجسده عند الحائط.. يستشعر سخونة جسدها الناعم أسفله كما حلم به يومًا… همس عند أذنيها بصوت خشن لفحت به رغبة حارقة كادت تطيح صوابه :
-اهدي يا طفلتي،، الموضوع مش وحش للدرجة !!
دموعها الغزيرة سبقت حروفها التي جاهدت لأخراجها من شفتاها التي ترتعش :
-أدم سبني أرجوك ابعد،، انا مش عايزة أكرهك
إلتصق أكثر بها.. لا تدري أنها تزيد إشتعـال بركان إنتقامه… !!!!
صوته العميق الذي بدا لها مغموسًا بخمر أثمل روحـه جعل جسدها ينتفض بعنف وكيانها يرتجف تأثرًا :
-آآه يا طفلتي الشرسه.. لو تعرفي كام مرة كنت مشتاقلك.. كام مرة اتمنيت اضمك.. كام مرة فكرت اخد حقوقي منك.. كام مرة حسيت بنار جوايا وانتِ قدامي ومش قادر ألمسك بس من خوفي عليكِ مع اني هموووت عليكِ وكأني ماشوفتش ستات قبلك ولا هشوف بعدك !
همست بحروف متقطعة وقلبها يكاد يتوقف :
-خلاص كـ كمل جميلك وسبني ارجوووك يا أدم
جذب خصلاتهـا بعنف جعلها تتأوه بألم، فارتفعت رأسها بتلقائية تجاهه.. ليهمس بخشونة امام شفتيها :
-كنت خايف عليكِ وبحاول اعمل كل اللي يفرحك حتى لو هيأذيني انا،،، بس إنتِ ماقدرتيش ده وكنتي مفكرة إنك تقدري تكسري أدم صفوان، ماتعرفيش إني ممكن أدوس على قلبي بالجزمه وأكسرك واكسره !!!!
وفي اللحظة التالية كان يقبلها.. يلتهم شفتاها بعنف ضاري نتج عن إنتظار أحرق دواخله…
انتظتر لتلك الليلة التي تصبح فيها زوجته.. شرعًا وقانونًا !…
لم يترك شفتاها رغم أنينها المتألم.. حقده الان عليها كان اقوى من اي استجابة للعقل.. لا هو عقله لم يعد معه منذ أن وقعت عيناه عليها اصلًا!!
أحاطت يداه خصرها بقوة حتى ألصقها به.. وكأنه يود الامتزاج بها روحيًا قبل جسديًا !….
مدت يدها تحاول دفعه عنها، إلا انه امسك يدها ليكبلها بيد واحدة… بينما شفتاه تتسابق لتلتهم رقبتها ووجنتها الناعمة.. ظل يقبلها بلهفة مسرعة مجنونة أرعبتها فعليًا..
حينها تركها فجأة ليدفعها بعيدًا عنه وهو يحدق بها بنظرة أشعرتها أنها سقطت لسابـع أرض :
-مش طايق أقربلك حتى!!!
ثم استدار يتناول قميصه وهو يكمل بقسوة ظاهرية بينما داخليًا يحاول كتم ذاك النداء الذي يطالبه بإكمال ما بدأه :
-مش هتخرجي من البيت تاني يا أسيا،، حتى الجنينه مش هخليكِ تروحيها.. إنسي أدم اللي كان بيحاول يرضيكي دايمًا، دلوقتي في أدم اللي بقا يحقد عليكِ بس !!!!
ثم إنطلق خارج الغرفـة دون كلمة أخرى بينما هي تلهث بعنف…
تحاول ترطيب خلايـاه التي كادت تنفجر من الخوف..!
لا تصدق أنه تركها بالفعل….
لم يكسرها كما أرادت هي.. لم يؤذها كما فعلت هي !!!
أحاطت رقبتهت بيدها وهي تهمس بصوت مبحوح :
-رجعتي معاه لنقطة الصفر يا أسيا بسبب غبائك!
ثم أصبحت تهز رأسها نافية وهي تنهض لتهندم ملابسها بسرعة ثم إتجهت لغرفته…
يجب أن تعتذر… يجب أن تتوسله ليصفح عنها كما كان يفعل هو….
ولكن لمَ تفعل ذلك ؟!!!
الاجابـة مفقودة…. حتى ٱشعار اخر..!
اصبحت امام غرفته ففتحت الباب بعد طرقة واحدة،، ولكن صُدمت بمظهر “چمانة” التي تجلس على قدما أدم تفتح ازرار قميصه وتقبله بلهفة بينما هو مسترخي تاركًا لها الحرية !…
إشتدت قبضتها على الباب عندما نظروا لها.. ولا تشعر ما ماهيـة ذلك الشعور بالقبضة المميتة التي اُحكمت حول قلبًا إنزاح عن طريقه المعتاد !!!
فتحت فاهها تود النطق :
-آآ أدم…. أنا…
ولكنه قاطعها عندما زمجر فيها بقسوة مُخيفة :
-اطلعي برا.. ده مش بيت ابوكِ عشان تدخلي اي اوضه وقت ما تحبي… برا انا مش فاضيلك ورايا حاجة أهم.!!
ولم ينتظرها بل بدأ هو يُقبل چمانـة وكأنه ينتقم من كرامتها الأنثوية بتلك الحركة…!
حينها إستدارت تمسح تلك الدمعة التي سارعت بالهبوط وهي تستشعر غليانهـا الذي يزداد كلما تخيلت أنه سيقضي ليلته مع تلك الحربائة.. يفعل بها ما كان يفعله معها…. وبفضلها هي !!!!
وما زال لقسـوته بقيــة..!!!
********
بعد فترة طويلة…..
كان “شروق وأدهم” مع “كريم” في طريقهم إلى تلك المدينة…
كان أدهم شارد الذهن يتذكـر مقابلته السرية مع “سيليا” سابقًا
فلاش بــاك###
جلست “سيليا” أمامه بتوتر تفرك يداها بقلق بينما هو يحثها على النطق :
-ما تنطقي يابنتي في ايه!! ولية ماخلتنيش أقول لشروق إني جاي اشوفك؟
ابتلعت ريقها بتوتر ثم بدأت تقول :
-بص يا أدهم، أنت طبعا عارف إني أكبر من شروق بــ 7 سنين.. المهم لما هي جت الدار انا كنت هناك قبلها، شوفتها لما واحد كان بيجيبها الدار.. كان راكب عربية غالية نزل منها وعطى شروق للمشرفة من غير كلام وكان باين انه متنرفز جدًا وبعدين مشي.. انا كـ طفله ساعتها شوفت رقم عربيته فـ الرقم علق معايا وكتبته عادي كدة فـ أجندة صغيرة بتاعتي.. مر وقت وفـ مرة سمعت المشرفة بتتخانق مع واحدة بتصرخ أنها عايزة بنتها وواحد كل ضيق الدنيا مرسوم على وشه.. المهم اللي فهمته ساعتها أنهم عاوزين شروق بنتهم بس المشرفة مش فاكره هي انهي بنت ونقلتها دار للأطفال تانية.. المهم هما مشيوا…. والسنين عدت سنه ورا سنه ولما أنا إتنقلت دار كانت شروق فيه بقينا صحاب.. بس انا ساعتها كبرت و فهمت بقا أنه اكيد باباها اللي جابها وافتكرت رقم عربيته اللي كتبته في اجندتي وحمدت ربنا اني لسه محتفظه بالأجندة دي وبدأت اسأل عن صاحب العربية بس ماقدرتش أوصل إلا لأسمه بس.. وشوفت صورته !!
بـــاك####
ومن يومها وهو يعلم أسم والد شروق ولكنه لم يستطع الوصول له بأي شكل… !!
وحينما ظهروا أولاد عمها لم تخطفه الدهشة كثيرًا فعلى حسب كلام “سيليا” اهل شروق ذي نفوذ !…..
ٱنتبه لشروق التي كانت شاردة بصمت هي الاخرى… منذ ما حدث بينهمـا وهي لم تحادثه ابدًا وهو لم يتحدث معها…!
كان الصمت متربـع بينهما!!….
واخيرًا وصلوا “سوهاج”… بدأوا يهبطوا من السيارة بهدوء.. فأمسك ادهم بكف شروق يحتويه بحنان وعندما أرادت الأعتراض همس لها برقة بينما عيناه غرقت بين عيناها التي كانت كالقهوة الشهية :
-هششش.. اهدي، أوعي تفكري إنك تعاقبيني على اللي حصل بـ بُعدك عني..
ثم اقترب منها ببطء فعادت هي للخلف بسرعة حتى إلتصقت بالسيارة.. ليتلمس هو وجنتها الناعمة وهو يهمس بصوت بث رعشة عميقة بجوارحها :
-اسف.. بس ما قدرتش أسيطر على نفسي وأنتِ فـ حضني
ثم أحتضنها بلهفة يغمض عينـاه براحة وهو متيقن أن مأواها لا يصبح الا بين احضانه…
ليتـابع بصوت خفيض :
-سامحيني لو شوقي ليكِ غلب عقلي !!
نظرت هي خلفه لتجد ” كريم” قد دلف قبلهم فتنهدت بارتياح وهي تغمس وجهها عند رقبة أدهم تتنفس بعمق.. ثم بدأت تغمغم بشرود :
-أنا خايفة،،، خايفه اووي يا أدهم
حينها أحاط خصرها برفق حنون وهو يردف :
-اوعي تخافي،، قولتلك قبل كدة الخوف اتحرم عليكِ وأنتِ فـ حضني !!
ثم قبل جبينها بعمق ليسيرا معًا متجهين للداخل…..
عندما دلفوا لم يجدوا سوى أولاد عم شروق و “جدها” الذي أستقبلها بالترحيب الحار وبدأ يحتضنها بحنان أبدع في رسمه لهم…!!
وعندما جلسوا تحدثوا في امور شتى ثم قطـع أدهم تلك الهراءات بقوله الجاد :
-دلوقتي يا حاج لازم تقولي ايه اللي هيحصل دلوقتي!
تنحنح الجد بقوة قبل أن يستطرد بخشونة :
-الاول طبعا عنفتح الوصيه وشروق تاخد حقها، وتانيا في حاجة شروق مُجبرة تعملها بما انها واحدة من العيله.. ولا هي بما انها واحدة من العيله هتاخد حلوها بس وتسيب مُرها !!!
قطب أدهم بضيق مغمغمًا :
-هتعمل ايه؟؟
أجاب الجد بثبات :
-عتتجوز من ابن العيله اللي بينا وبينهم تار.. ساعتها هنجبربهم ان محدش يفكر فـ التار منهم بما اننا بجينا جرايب “قرايب” !!!!!
حينها نهض أدهم صارخًا بعنف وقد أحمرت عيناه :
-نعمممم؟؟؟ أنت مجنون يا راجل أنت !
إحتدت نبرته وهو يكمل :
-لا انا مش مجنون، هي دي الاصول.. وشروق الوحيدة المناسبه!! يا كدة يا إما هتصرف بطريقتي
ظل أدهم يهز رأسه نافيًا وهو ينهض ساحبًا شروق معه.. لينظر كريم لجده بسرعة مرددًا :
-قولتلك هي متجوزة منه ومش هينفع خلينا فـ الورث بس !! وانت صممت على كدة.. قولي بقا هنعمل ايه؟!!!
لم ينظر له وهو يجيب بصوت أجش :
-مش بمزاجها، انا سبتكم ترجعوها عشان نخلص من الموضوع ده.. وطالما هما ما حبوش الكويس! يبقى تقوم تجيب بنت عمك وتراضيها وتقعدهم عشان نفتح الوصيه.. وانا بقا هدبسها فـ قضية شرف ويبقى يوريني مش هيطلقها غصب عنه من الفضيحه ازاي!! وانا كدة كدة مش هتفضح لان محدش يعرف انها موجوده اصلاً……..!
*****
دلفت “سيليا” إلى قصـر “أدم صفـوان” بأقدام ترتعش…..
لم يكن امامها ملجأ سواه.. قضت تلك الليالي في احدى الفنادق ولكن قاربت الاموال على النفاذ !!
وتظل مشكلتها الرئيسية قائمة أنها لن تستطع دفع الأموال المتراكمة عليها لصاحبة المنزل.. وإن عادت للمنزل ستطردهم تلك المرأة هي وشقيقتها !!!!….
كانت في إنتظار نزول أدم الذي أتى بعد دقائق.. لتبتلع سيليا ريقها بتوتر وهي تنظر له هامسة :
-انا مش عارفه انت فاكرني ولا لا،،، بس انا سيليا صاحبة شروق وأدهم.. انا محتاجة مساعدتك لاني روحت لشروق بس الجيران قالولي انهم مش هنا
حدق فيها بدقة يسألها :
-ايوة فاكرك شوفتك مع شروق وأدهم قبل كده، عايزة ايه؟؟
هتفت بخفوت :
-عاوزه مكان اقعد فيه فترة عقبال ما ألاقي شغل، لأني مش حِمل مصاريف الفنادق ومش هقدر ارجع البيت
اومأ أدم موافقًا، ثم قال بجدية مشيرًا لها :
-روحي الاوضه دي هتلاقي الشغاله هناك اقعدي فـ الاوضه وابعتيهالي هفهمها انا
اومأت بسرعة موافقة وقد بدأت الابتسامة تتخذ مجراها على ثغرها الذابـل وهمست :
-شكرا اوووي بجد شكرا
واستدارت بالفعل تسير نحو تلك الغرفة… وفي ذلك الوقت تذكرت ما حدث بعد إنهيارها !!
فلاش بــاك###
نهضت بسرعة تقطـع بكاءها عندما سمعت صوت مشاحنـات قوية بين تلك السيدة وبين المرأة الاخرى.. فنظرت تتفحص المكان بسرعة وتنظر للباب المفتوح.. وبحركة لم تستغرق سوى 30 ثانية كانت تركض نحو الباب بسرعة لتهبط من تلك العمارة وهم يلاحقونها…….!!
دقاتهـا تزداد وتزداد وهي تركض.. لم تعد تشعر بأي شيء.. كانت تشعر أنها تحلق… تحلق بين السحب هاربة من جحيم يلاحقها !…
واخيرًا وجدت سيارة اجرة فأستقلتها بسرعة وهي تحثه على الٱسراع.. ثم توجهت نحو احد الفنادق بعدها وهي تردد بلا توقف وكأنها لا تجيد نطق سوى تلك الكلمة
” الحمدلله.. الحمدلله ياااارب ”
بــاك###
أستفاقت فزعة على تلك اليد التي أحاطت خصرها تقربهـا منها.. تسمرت مكانها وهي تحدق بـ “جواد” الذي كان يقربها منه بسرعة متأوهًا بصوت مكتوم…
ثم نظر في عينـاها التي استوطنها الذعر كمُحتل منذ الأزل… ليزداد شحوب وجهها وهي تسمعه يقول بصوت أجش :
-كنتي مفكرة إنك هتعرفي تهربي من قدرك؟؟!!!!!…..
******
بعد فتـرة في قصر أدم صفـوان….
كان القصـر في حالة هرج ومرج… أدم يدور في أنحـاء القصر يعطي الأوامر استعدادًا لذلك الهجوم الذي يمكن أن يُشن عليه كما جاءته الاخبـار !!….
حينها ركضت ‘جمانة’ نحو غرفة أسيا لتنظر للحارس الذي يقف امام غرفتها :
-أدم قالي أقولك تودي أسيا الاوضـه اللي فـ اخر القصر على الشمال
بدا القلق متوزعًا بوضوح بين ثنايا ذاك الرجل الذي رد بتوتر ؛
-بس يا هانم حضرتك عارفة ان الاوضه دي مش أي حد بيروحلها
ثم انخفض صوته وهو يكمل محذرًا :
-بمعنى اصح محدش بيروحلها الا اللي الباشا بيأمر بموته!!!…
بدأ الشيطـان يرسم لها أحلام سطعت بين غضون خيالها…
أحلام لا يُعيقها سوى حاجـز مشؤم واحد وهو ” أسيـا” !!!…
فحلق الخبث بين حدقتي عيناها وهي تأمره بأصرار :
-انت ما تناقشنيش.. نفذ وبس، او ما تنفذش بس استحمل ادم بقا !
هز رأسه باستسلام واتجه نحو اسيا يجذبها متجهًا بها نحو تلك الغرفـة….
الغرفة التي كانت درجة البرودة بها أقل من الصفـر بدرجـات… فلا يتحملها بشر ولو لساعات قليلة !!!!
أدخل أسيا التي تصرخ بخوف :
-انت موديني فين.. رجعني الاوضه ابعد
ولكنه كان كالآلة الجامدة وهو يخبرها دون ان ينظر لها :
-دي اوامر الباشا…
ثم أغلق الباب بإحكام عليها.. لتضم جسدها بقوة تحاول ردم تلك الرعشة التي هزت كيانها وهي تتذكر كلامه القاسي الذي ألقاه على مسامعها….
وسؤال واحد يتردد بعقلها
” هل اصبح يحقد عليها لدرجة انه يود التخلص منها “؟؟!!!!
ٱرتخت اعصابها وقد بدأ وجهها يشحب شيءً فشيء من كثرة البرودة… فكانت كمن على عتبة الموت !!………..
↚
دلف “أدم” إلى غرفة أسيا يبحث عنها بسرعـة.. ظنًا منه أن -مدحت- ابن خالها سيحاول أخذهـا الليلة من القصر…!!
ولكن تجمد مكانه بمجرد أن رأى الغرفة فارغة !!!
لا يدري لمَ شعـر بإنقباضة شرسة من الماضي تفرض ريـاحها لتختلط بالحاضر فتُعيد ما جرى !!….
عندها صرخ بصوت عالي ينادي على ذلك الحارس :
-حاااامد.. انت يا حيوان ياللي برا
دقيقتـان تقريبًا ووجده أمامه ينحني بقلق مجيبًا :
-أمرني يا باشا
سأله أدم بشراسة وهو يمسكه من ياقة قميصه :
-فين أسيا ؟؟؟ مش المفروض ماتخرجش من الاوضه دي وانت المسؤل عن ده !!
تلجلج امامه يحاول تثبيت الحروف وهو ينطق :
-مش حضرتك آآ.. أمرت إننا نحطها في الاوضه اياها اللي تحت… التلج !!
تجمـدت عينـا أدم ومغزى كلام ذاك الأبله يخترق عقله مهددًا بالأنفجـار….!
دقيقة واثنان مرت وهو كالصنم من الجليد قبل أن يلكم ذلك الرجل بجنون ويأخذ منه المفتاح وينطلق راكضًا نحو تلك الغرفـة..!!!
دلف مسرعًا ليجد “أسيا” متسطحة أرضًا تضم ركبتاها لبطنها كالجنين وقد شحب وجهها كالموتى بينما شفتاها ترتعش بعنف..
أسرع أدم نحوها يضمها له بقوة ويردد بخوف :
-أسيا… أسيا إنتِ كويسه؟؟ ردي عليا يا طفلتي !
ولكنها كانت كالجمـاد.. تشعـر وكأن روحهـا أصابتهـا قسوة البرد فلم تعد تنضم لفلك البشرية !!!….
ولكن تحركت يداها لتختبئ بين أحضانه.. وخرج صوتها خافتًا وهي تهمس :
-أدم… هموت !
أسرع يحملها بين ذراعاه متجهًا بها نحو الخارج وهو يصرخ بالخدم :
-هاتوا دكتوووووور فورًا
دلف بها إلى غرفته يضعها على الفراش ويأمر تلك الخادمة التي ركضت وراءه :
-شغلي التكيف على السخن.. خليه درجة السخونية عالية يلاااااااا
ركضت تنفذ ما اُمرت به بينما هو يغطي أسيا بلهفة مغمغمًا بأسمها كالمجنون..
يشعر وكأن قلبه هو من سيتوقف بدلاً منها.. وكأن الرابـط بينهمـا يُدميه الزمن مع كل دقيقة تمر!!
ضمها له يخفيها بين ذراعاه ليسمعها تهمس بصوت يكاد يسمع :
-أدم….
فسارع هو بالرد في حنـو :
-يا روح أدم
شددت من لف ذراعيهـا حوله وهي تتشدق :
-ضمني جامد.. دفيني فـ حضنك!!
وبالفعل لم يفعل سوى ذلك.. ضمها له بكل قوته وراح يملأ رئتيه برائحة شعرهـا التي كانت كأدمـان سيطر على خلايـاه كليًا…!
مـر بعض الوقت ودلف الطبيب للغرفـة فوضع أدم الشال عليها ليغطي شعرهـا..
بدأ الطبيب يفحصهـا…. وبعد وقت قصير كان ينظر لأدم متمتمًا بجدية :
-مافيهاش حاجة يا أدم باشا،، هي بردت جامد بس وانت طلعتها فـ الوقت المناسب..
اومأ أدم موافقًا، ثم أشار له نحو الباب قائلاً :
-ماشي يلا أطلع أنت
في تلك اللحظة دخل أحد رجاله بسرعة يهتف :
-أدم باشا.. عرفنا أنه مدحت كان عايز يعملنا دربكة بس،، لكن انا اتأكدت انه مش ناوي يجي على القصر
اومأ ادم موافقًا ثم أمره بخشونة :
-برضه خليكوا عاملين احتياطكم وزودوا الحراسه على القصر
رد الرجل بخنوع :
-أمرك يا باشا
ثم امتثل الطبيب لأوامـره بينما جلس أدم جوارها مرة اخرى ليغطيها بإحكام.. ثم كاد ينهض ولكن وجدها تمسك بيده الخشنة وتهمس بصوت مبحوح :
-خليك جمبي ما تمشيش
ضمها له بحنان يُقبل مقدمة رأسها مغمغمًا بصوت أجش :
-مش همشي.. مش همشي يا طفلتي !!……
ثم تمدد جوارها ليضمها له… وداخله يُقسـم.. يُقسم أن تُسفك الدمـاء ضحيةً لكل دمعة ذرفتها لؤلؤتيها اللاتي يعشقهما حد الجنون !…….
*******
كان كلاً من “أدهم” وشروق عائدان مع “كريم” الذي ألح إلحاحًا شديدًا عليهما ليبقيـا…ووعدهم بعدم تنفيذ أيًا مما قاله الجد..!
عندها وافق أدهم على مضض عازمًا على فتح الوصية فقط والمغادرة من تلك البلد على الفور…
دلفـا إلى المنزل فأشار لهم كريم نحو الأعلى قائلاً :
-في اوضه اتخصصت ليكم.. اطلعوا ريحوا نص ساعة عقبال ما المحامي يجي وما تقلقش يا أدهم ابقى امشي بعدها على طول
اومأ أهم موافقًا على مضض ثم صعـد هو وشروق معًا بهدوء…..
مـرت دقائق وهما يتفحصـان الغرفة ببطء.. لينتبه أدهم بعد دقيقة فضرب جبينه صائحًا :
-اووووه.. نسيت أجيب الشنط، هروح اجيبهم
اومأت شروق موافقة فجلست على الفراش في إنتظـاره.. بينما هبط ادهم بهدوء ليُقابله كريم الذي سأله بمرح مصطنع :
-ايه ده يابني انت لحقت ترتاح ؟؟
هـز ادهم رأسه نافيًا بهدوء :
-لا نسيت اخد شنطنا بتاعتنا، هي العربية فين ؟!
قال اخر كلمة وهو يدور بعيناه يبحث عنها ليجد كريم يجيب بحبور :
-العربية راحت الجراش،، تعالى معايا هجيبهم معاك
اومأ ادهم موافقًا ليسيرا معًا بهدوء……..
مر ما يقرب من الربـع ساعة فعاد ادهم وكريم بالحقائب….
إتجه أدهم دون كلمة نحو الغرفة.. ولكن لم يستطع الحركة عندما وجد “الجد” يقف امام الغرفة وخلفه حارسـان يقفان على الباب..
إتسعت أبتسامة شيطانية ملونة بالحقد على وجه الجد الذي قال :
-تعالى تعالى ده انا مجهزلك مفجأة حلوة اوووي
ركض ادهم نحو الغرفة بسرعة ليوقفه أشارة الجد بيداه وهو يغمغم بخبث تراقص بين حدقتاه :
-أنا حاولت أكون كويس معاك بس انت الظاهر ما بتجيش بالذوق
أمر الحارس بعيناه ان يفتح الباب لتظهر “شروق” التي كانت فاقدة الوعي بملابسها الداخلية فقط ومغطاه على الفراش…!!
تنحنح الجد مكملاً بحدة :
-يا تطلقها حالاً،، يا إما هدخل حد من الرجالة جمبها وهتصل بالبوليس وهلبسها قضية زنـا…. ايه رأيك فيا؟؟؟
جـن جنون أدهم حينهـا… لم يكن يتخيل أن الحقـارة كالألغام تحتل عقله اللعين !!…
حاول الأنقضاض عليه ليضربه ولكن هذان الحارسان منعـاه بقوة….
حينها نظر الجد لثالثهم آمــرًا :
-ادخل يابني واتصل بالبوليس وانت داخل !!
كاد الرجل يدلف بالفعل فصرخ أدهم بسرعة مرتجفًا من فكرة ظهورها أمام الغريب بهذا الشكل !!!….
” لو حد دخل عليها كدة مش هطلقها لو دبحتوها ودبحتوني حتى ” !!
حينها توقف الرجـل فزجر الجد “أدهم” يأمره :
-يلا أرمي اليمين!!
عقـل أدهم كان كالبحـر الذي يرتجـف بالأمـواج….
بحـر شاطئه بعيد كل البُعد عن صراعه فلا يستطـع الهروب من ظلمة الغرق !!!…
خاصةً ولم يمـر على اقترابه من شروق 24 ساعة.. بمعنى إذا امسكت بها الشرطة وأجروا كشف الطب الشرعي سيُثبت أن شروق أقامت علاقة بالفعل….!
لعن ذلك الحظ الذي رماهم في ذلك الجحر حتى كاد يخنقهم حرفيًا…
ثم تنفس بعمق قبل أن يقول دون تعبير واضح :
-شروق…. حفيدتك……آآ طالق !!!
******
قبل ذلك الوقت بفترة……….
تلوت “سيليا” بين ذراعي “جواد” الذي أحكم قبضته حولها… بينما هي كانت كمن يحاول الفرار من بين براثن كابوس مُزعج يؤرق عليها تلك الحياة !!!…..
حاول “جواد” تثبيتهـا وهو يهمس بجدية :
-سيليا اهدي،،، بقولك اهدي مش هأذيكِ !؟
كانت تتنفس بصوت عالي وهي تحدق به واخيرًا سكنت حركتها..
حينهـا أحاط جواد وجهها بيداه يهمس لها بصوت أجش :
-رعبتيني.. خوفتيني عليكِ لما هربتي يا زيتونـة !
رفعت حاجبها الأيسر بسخرية :
-ااه.. أتفاقك مع ال*** التاني كان هيفشل للأسف صح!!؟
ثم هـزت رأسهـا مكملة ؛
-بس تمام انت لاقتني اهو،،، يلا رجعني للوساخه اللي انا استاهلها على رأيك…!
لم تكن تنظر له وهي تتحدث.. كانت تنظر للجهة الاخرى والعصبية كانت تصفـع حروفها بعنف… ولكن فجأة وجدته يجذبها له بقوة لتصبح بين أحضانه !
يضمهـا له بقوة محيطًا خصرهـا بيداه… بينما وجهه مدفون عند رقبتها يستنشق رائحتها التي اشتاقها بعمق….!!
كادت ترتعش بين يداه وهي تشعر بأنفاسه الساخنة تضرب عنقهـا الأبيض الظاهـر.. لتهمس بحروف مشتتة :
-جـ جواد…. ابعد !
وبعد دقيقة كانت كمن إستعادت وعيها فدفعته بسرعة بعيدًا عنها قبل أن تُحكم دقاتها السيطـرة على شظايا العقل الذي يحاول ترميم ما تبقى من كرامتها…!
ليُخرج جواد هاتفه ويتصل بـ نادر الذي أجاب بعد دقيقة مرددًا :
-ايوة يا جواد بيه،، للاسف لسه مالاقتهاش
قال جواد بصوت حاد بعد أن فتح -الاسبيكر- لتستمع سيليا للمكالمة :
-ايه اللي حصل يا نادر ؟؟
رد نادر بسرعة :
-والله يا جواد بيه انا حطتها فـ الاوضه وقفلت عليها زي ما اتفقنا وفهمتهم إن دي مش جايه تشتغل زي ما حضرتك قولت وإنها هتفضل فـ الاوضه دي كام يوم بس وهتمشي،، واتفاجأت بعدين إن شريكتي فـ الشقه حاولت تخليها تشتغل بالعافيه وهي هربت !!!!
كان جواد يحدق بـ سيليا التي اصبحت عينـاها فارغـة تحدق بالاشيء والضيـاع يبتلعها شيءً فشيء…
ثم هتف بجمود :
-لاقتها.. سلام
ثم أغلق الخط دون أن ينتظر رده… لتسأله سيليا مباشرةً :
-انت ازاي دخلت هنا وعرفت اني هنا ازاي؟؟؟
أجاب جواد وقد تسربت ضحكة خفيفة لثغره :
-انا مكنتش اعرف انك هنا،،، انا اول مرة استفاد من قرابة أدم.. كنت جايله عادي اقوله يساعدني ألاقيكِ بس اتضح انه ساعدني من غير ما يعرف
ثم عاد لجديته وهو يخبرها :
-اصل أدم ابن عمي… لو ركزتي شوية كنتي هتعرفي،، هو أدم صفوان وانا جواد صفوان !!؟
كزت سيليا على أسنانها بعنف…
عادت لأشد مخاوفهـا بقدمها !!!!!…..
انتبهت لجواد الذي أردف بصوت هادئ ولكنه خرج مـختنقًا :
-انا عمري ما كنت هشغلك فتاة ليل،،، ولا هقبل إن حد تاني يلمسك اصلًا..
ثم اقترب منها ببطء وهو يكمل مثبتًا عيناه على غابات عيناها الزيتونية :
-إنتِ كنتي محتاجة صدمة يا سيليا،، كنتي محتاجة تعرفي إنك مش مفيش حاجة بتفرق معاكِ زي ما إنتِ بتقنعي نفسك.. كنتي محتاجة صدمة تخليكِ تخرجي من اللامبالاة اللي بتبينيها دي.. كنتي محتاجة تعرفي أنه الموضوع مش بسيط وتافه إنك تبيعي نفسك لواحد،، كنتي محتاجة تعرفي إن الموضوع أصعب وأزبل مما تتخيلي !!!!
وبكـل أسف كان كلامـه نسخـة ليست مشوهة من الحقيقـة…
الحقيقة التي وغزت قلبها بكل قسوة حتى شعرت بداخلها ينزف…!!
أمسك وجهها يتحسس وجنتاها برقة متابعًا :
-اسف لو كلامي وجعك،، بس دي الحقيقه !! انا كنت عاوزك تفوقي مش أكتر…
أبعدت يداه عن وجهها وهي تردد بنبرة خالية :
-أنت عايز ايه مني؟؟
رد دون تردد وكأن تلك الأجابة حُفرت في صميم قلبه فكان جميع خلاياه تصرخ بها :
-عايزك… عايزك يا زيتونة وبعترف…. بس المرة دي مش عايزك كام ساعة تسليه،، عايزك معايا على طول !!
وقبل أن تنطق كان يقول بسرعة :
-اسمعيني الاول،، انا بنتي عايشه مع اختي فـ بيتها.. آن الآوان بقا اجيب بنتي تعيش معايا، وانتِ هتكوني المربيه بتاعتها.. هتكوني معانا فـ البيت وانا مليش دعوة بيكِ صدقيني، وهتاخدي مرتب زيك زي اي مربيه هجيبها لبنتي !! ها قولتي ايه؟؟؟
كانت نظراتها تائهة، ولكن سرعان ما إرتكزت وهي تردف بجدية :
-طب وانا ايش ضمني انك هتصدُق المرة دي
رفـع كتفاه متمتمًا :
-مفيش ضمان.. لازم تثقي فيا !!!
عندها رفعت حاجباها ساخرة وهي تمط شفتاها :
-اثق؟؟! هيهيهي… على رأي المثل ” يا مآمنة للرجال يا مآمنة الميه في الغربال ”
ابتسم جواد على روحها المرحة التي تظهر رغمًا عنها دائمًا… ليهمس:
-لا،، المرة دي بجد
كادت تنطق ولكنه قاطعها للمرة الثانيـة يغمغم بما جعل عيناها تتسـع بذهول من ٱصرار ذلك الرجل :
-وعشان تبقي عارفه لو ما رضتيش بالزوق أنا هطلبك فـ بيت الطاعه
ثم إتسعت ابتسامتـه مستطردًا :
-لإني ماطلقتكيش يا زوجتي العزيزة….!
تأففت مرة بعد مرة… ثم قالت موافقة على مضض :
-موافقة يا بعلي العزيز !
صاح جواد مستنكرًا بمرح خفيف :
-بعلك؟؟؟ إنتِ بتشتميني يا بيئه!! جواد بيه صفوان باشا يتقاله يا بعل ؟!!!
كادت “سيليا” تبتسم رغمًا عنها… ليعاود الاقتراب منها مرة اخرى وهو يتشدق بعبث :
-ايوة كدة يا شيخه.. اضحكي خلي الدنيا تضحك فـ وشنا، ودلوقتي بقا لو سمحتي عايز اخذ جرعتي !!!
حدقت به بعدم فهم لتجده يجذبها له بسرعة ويلتهم شفتاها في قبلة محمومة…
قبلة تُعبر عن اشتياقه.. عن جنونه بها وخوفه الذي كاد يقضي عليه !!!!………
*******
في الوقت الحالي وبعد ساعات……….
كانت “أسيا” في المرحـاض تحديدًا تجلس في -البانيـو- لتستحم بعد أن عادت لطبيعتها نوعًا ما…!
ولكن حتى الان لا تتخيل أنها كانت على بُعد خطوة يتيمة من الموت !!!!….
أنها ستترك كل شيء.. لن ترى والدها…. والاهم لن ترى أدم مرة اخرى !!!….
لن تشعر بغيرته المجنونة وخوفه بل وتملكه فيها!!…
حاوطتها الافكـار من هنا وهناك فبدأت تبكي كالأطفال بصوت عالي…
مرت دقائق معدودة ووجدت “أدم” يخترق المرحاض بسرعة متلهفًا كالمجنون يسألها بقلق :
-مالك يا حبيبي؟؟ ايه اللي حصل!!؟
جلس على طرف -البانيو- يحيط وجهها بيداه وهو يسألها بخوف.. لتتعالى شهقاتها وهي تضـع يدها على يداه التي تحيط وجههـا… تنظـر لعيناه السوداء التي لمعت بالقلق… لتهمس دون وعي :
-أدم انا بحبك !!……
توقفت الدنيا عند تلك الكلمة….!
لم يعد يسمـع سوى دقاتـه التي كانت وكأنها في حالة حرب… لا بل كيانه كله اصبح في حالة هرج ومرج !….
نال حبها واخيرًا……
فرض سيطرته على قلبها كما فرضت سيطرتها هي على روحه العصية !!..
رفعها من ذراعاها يبعد خصلاتها عن وجهها وهو يسألها بلهفة واضحة:
-انتِ قولتي ايه ؟؟ قولتي ايه يا أسيا!!! قولتي ايه يا طفلتي عيديها… عيدي ارجوكِ
كررت بصوت مبحوح :
-بحبك يا ادم.. بحبك… بحبك…
في اللحظة التالية كان يبتـلع باقي حروفها في جوفه.. يلتهم شفتاها بنهـم ناعم متناغم جعل كيانها يرتجف استجابة له…!
لم تكن تعي هي الاخرى أنها تقف عارية بين يـداه.. لفت يداها حوله تحاول مبادلته تلك القبلة التي تحولت لعدة قبلات مجنونة !!…
ابتعد عنها لحظة يلهث بصوت مسموع.. زادت ظلمة عينـاه ولمعت بها الرغبة وهو يُدقق النظر لمعالم جسدها… حينها شهقت هي بصوت مكتوم فأسرعت تحتضنته لتختبئ منه فيه !!…
أبعدها دقيقة ليخلع قميصه ثم باقي ملابسه على عجالة…. ثم انضم لها يُشبعها تقبيلاً وهي تأن استجابةً له…. ليبدأ استحمام من نوع آخـر…….
وتسكت شهرزاد عن الكلام المباح…!!!
↚
كانت “أسيـا” تتسطح جوار “أدم”… تستمـع لضخات صدره التي اصبحت وكأنها في سبـاق..سبـاق كان الحكم فيه هو العشق !!
نظـرت له بطرف عينـاها لتجده يحدق في اللاشيء دون تركيـز… فتنهدت بعمق والافكـار تتشابك كالعجين اللين داخل ثنايا عقلها….!!!
لا تدري هل تسرعت بقول تلك الكلمة ام لا..
ولكن ما هي متيقنة منه أنها تكن مشاعر واضحة لأدم… تخشى فقدانـه… وتغار عليه بجنون !!؟
تململت وهي تهمس بأسمه بخفوت :
-أدم…
همهم بصوت خفيض وهو يضغط على خصرها برفق :
-امممم؟؟
استقامت لتستند على صدره بيداها وتغطي جسدها بإحكـام… ثم همست بابتسامة ماكرة :
-هو ده عقابك؟؟ عشان تعرف بس انا ماحدش بيقدر يقسى عليا اصلًا..!
نظـر في عينـاها التي يتوه في كل مرة بينهما !!…
لتتشكل ابتسامة عابثة على ثغره وهو يقول :
-لا منا حبيت العقاب ده اكتر.. وبعدين مش عايزك تقلقي انا مش بنسى !
عضت على شفتاها بتوتر وهي تخفي وجهها في احضانه… لتتنهد بعدها مرددة :
-خايفه اندم يا أدم.. حاسه اني اتسرعت !!!
تجمدت قبضته على خصرها… اذا كانت هي تشعر بالندم.. ماذا يشعر هو ؟!!!
يشعر بالنيـران تلتهم ما تبقى من كرامته امامها لتتركه كالمُعرى يبتلعه الخزي !!….
نهض فجأة يبعدها عنه لتسأله بهدوء :
-انت رايح فين؟!!
كان يرتدي ملابسه وهو يجيب على مضض :
-ورايا حاجات أهم…
وبعدما انتهى نظر لها ليتابـع ببرود :
-معلش.. دي كانت غلطه ولحظة ضعف مني !!
اعتدلت في جلستها بسرعة كالذي لدغها ثعبـان.. لتزمجر فيه بحنق واضح :
-انت مُدرك إن الغلطه دي ممكن يحصل حمل بسببها ؟!!
رفـع كتفاه بلامبالاة ظاهرية وتشدق بـ ؛
-ياريت.. بس ماعتقدش !
صرخت بجنون تناديه قبل ان يخرج :
-أدم.. يا أدم
نظر لها بطرف عينـاه لترى العبث كالأشـواك التي غُرزت بعيناه وهو يغمغم غامزًا لها بطرف عيناه :
-“أدم” كمان بطريقتك دي وهفهم انها دعوة صريحة عشان أجي ونعيد امجاد الليلة اللي فاتت تاني !!
عندها كُتمت أنفاسها بصمت لتتعالى ضحكاته الرجولية التي دغدغت حواسها…!
ثم غادر الغرفة ببرود تام تاركًا إياها تشتعل من الغيظ وهي تسبه وتلعنه في كل لحظـة…..
مرت حوالي عشر دقائق لتسمع صراخ “چمانة” يملأ اركـان القصر…
فنهضت فزعة تركض لتلحق بهم !!….
******
خرجت شروق خلف أدهم مباشرةً وكأنها تختبئ خلفه من أعينـهم…
أعينهم التي كانت تجلدها في كل لحظة تقـع فيها عليها حتى فقدت قدرتها على الاستمرار !!!….
جلسـا أمام “الشيخ” الذي من المفترض أنه سيُطلقهم رسميًا…
كانت شروق متشبثة بقميص أدهم تهمس بصوت مبحوح مرتعد :
-ادهم ماتعملش كدة،، انا مش عايزة اطلق انا عايزة افضل مراتك يا ادهم
ربت أدهم على يدها في حنو يُقبل باطنها وهو يبادلها الهمس المتملك ؛
-وانا مستحيل أسيبك لراجل تاني اصلاً يا قلب ادهم!
جلسـا أمام ذلك الشيـخ وأدهم يُهيء نفسه للحظة الفاصلة التي ستقلب صفحات حياتهم…
وعندما قال الشيخ :
-يلا أمضوا هنا
نظـر أدهم له يهتف بصوت أجش تماوجت بينه الحدة ؛
-هو مش الطلاق لا يصح في حالة الأجبار برضه يا شيخنا ؟!!! هو مش المُطلقة لها عدة برضه !!
سمع همسة شروق المتهكمة جواره :
-إنهم يدعون لدينًا جديدًا…
كاد أدهم يضحك ولكنه تمالك نفسه بصعوبة ليكمل بخشونة تليق به :
-ده الدين اللي انا اعرفه،، يعني شروق مراتي وانا مش عايز أطلقها !!
كان الشيخ ينقـل نظراته المترددة ما بين أدهم و “الجد” الذي كان يُطلق نظراته الناريـة التي كانت كالسهـام المشتعلة التي تود أختـراق صدر العدو…!
فصاح الجد بصوت عالٍ مستنكرًا ما يحدث بشدة :
-ايه ده يا أدهم؟؟ هو لعب عيال ولا ايه!!!!؟
هـز رأسه نافيًا ببساطة :
-لا،،، ده جد الجد كمان.. وعشان اثبتلك قد ايه انا جاد مش بلعب… البوليس زمانه على وصول واوعدك هبقى ازورك واجبلك عيش وحلاوة عشان تعرف اني اصيل بس !!!
إنتفخـت اوداجه وهو يشعـر بصفعة عنيفة أطاحت بأحلامه التي كان يبنيها ارضًا…
بينما أدهم يراقبه بتشفي مبتسمًا وهو يضم شروق له.. حينها ظهر ابن عمها “مراد” وهو يُمسك بسلاحه صارخًا كالمجنون في أدهم :
-انت مفكر انك هتدخل البوليس بيتنا ولاول مرة وهتخرب كل حاجة وهسيبك؟؟!! لا عليا وعلى اعدائي….!
ولم ينتظر اكثر بل أطلق النار بعشوائية تجاه أدهم الذي لم تسعفه المفاجأة للفرار من بين قبضة….. الموت !!!
******
دلف “مصطفى” إلى احد المنازل بهدوء تام…..
ليجد فتاة ما تجلس امام الشرفة بشرود تعطيه ظهرها ليظهر نحالة جسدهـا..
تنحنح مصطفى بصوت عالي يناديها :
-نشوى !
استدارت حينها بسرعـة تنظـر له،،، لتحدق به بنظرة تصرخ بالحنق والعجز وهي تتمتم :
-ياااه واخيرًا افتكرت نشوى يا مصطفى !!؟ بقالك شهر ما بتسألش فيا حابسني فـ الشقه دي من ساعة اللي حصل.. بسرعة كدة نسيت نشوى اللي سابت كل حاجة عشانك حتى انها خانت جوزها عشانك !؟
تأفف من “الاسطوانة” المتكررة التي تلقيها على مسامعه في كل مرة يأتي ليزورها فيها…
جلس أمامها يضع يداه في جيبه ليخبرها بجدية :
-سيبك من كل ده.. انا جايلك فـ حاجة مهمة
هزت رأسها بعدم فهم :
-حاجة ايه؟؟ انت مش قولت اني هختفي عشان جواد مايعرفش اني لسه عايشه!!؟
هـز رأسه نافيًا… لتسيطـر الظلمة على جحري عيناه كسيطرتها على غابة موحشة مشبعة بالشراسة وهو يردف :
-لا… آن الآوان بقا انك تظهري وتعرفي جواد انك لسه عايشه وتحاولي تقنعيه انك ماخونتيهوش لانه تقريبا عرف حقيقتك،، وتبتدي تطالبي ببنتك
سارعت تمسك يداه وهي تهمس بوله :
-بس انا مش عايزة جواد وبنتي انا عايزاك انت !
نفض يداها عنه وكأنها وباء،، ثم بدأ يزمجر فيها بجنون :
-بس انا بقا عايز انتقم.. هتنفذي اللي قولت عليه ولا اروح انا اعرفه انك لسه عايشه واعرفه بالمرة ان البت مش بنته ؟؟؟؟!!!!!!
*****
كانت “أسيا” في غرفتها تجلس شاردة في اللاشيء عندما رن هاتفها معلنًا عن وصول رسالة جديدة…!
فتحت هاتفها لتجد رسالة من رقم غريب مكتوب بها
” انا مدحت ابن خالك.. انزلي قدام بوابة القصر في حارس هيساعدك تخرجي لازم اشوفك ”
انتفضت بسرعة تتصل به لتجده يجيب مرددًا بصوت أجش :
-ايوة يا حبيبتي،، يلا تعالي مستنيه ايه؟!!
صرخت فيه أسيا بغيظ :
-انت جبت الرقم ده منين وعايز ايه مني؟!!!
-مش عايز حاجة انا هتكلم معاكِ وهسيبك ترجعي على طول
-لا مش جايه
-يبقى انا اللي هجيلك واوعدك مش همشي الا اما اضمن ان ادم صفوان يدفنك هنا !!!
حينها ابتلعت ريقها بتوتر ثم اومأت وكأنه يراها وردت :
-انا جايه حالا
ثم اغلقت الخط لترتدي اي شيء يُقابلها بسرعة وركضت نحو الاسفل….
وجدت الحارس الذي أشار لها وبالفعل وجدت نفسها في الخارج امام “مدحت” الذي كان كذئب يركض وراء فريسته !!….
اقتربت منه حتى اصبحت امامه لتهمس بحنق واضح :
-انت عايز مني ايه تاني سبني في حالي بقا !!!
مد يداه ليحيط كتفاها ولكن قبل ان ينطق أخترق مسامعها صوت أدم الذي يصرخ بأسمها بجنون متقدمًا منهم وبيده سلاحه….
حينها أدركت ان الحرب اشتعلت لا محالة !!!!!!!
*****
دقائق معدودة كانت مُهلة أسيـا لتستوعب الأعصار الذي أقتحم فصل السكينـة المظلمة ليحل محله عاصفة بيضاء ظاهرة ولكنها مؤذية !!….
أستدارت تعطي ظهرها لمدحت الذي تجمد مكانه يحاول استيعاب كيفية ظهور أدم الان وكأنه -عفريت العلبة- !!!!
أصبح “أدم” امامهم مباشرة يصيح في مدحت بصوت جعل أسيا تكاد ترتجف من الخوف :
-انت بتعمل ايه هنا يا مدحت؟؟ جاي للموت برجليك؟!!!!
حاول مدحت عزل التوتر عن مرمى تعبيراته وهو يقول :
-جاي اشوف بنت عمتي يا ادم !!
رفـع أدم سلاحه في وجهه لتركض أسيا ناحيته تمسك يداه وهي ترجوه بصوت مبحوح :
-ادم ارجوووك اوعى تعملها،، مهما استفزك اوعى تقتله !!
ولكن الاخر كان متشبثًا في تلك الفرصة التي أتته كنجـدة من وسط الامواج العاتية لتشويه صورة أدم،،، فأكمل وهو يتلاعب بحاجبيه ليستفزه :
-هو اصلاً مايقدرش يعملها يا أسيا متخافيش عليا !
عندها لم يستطع أدم السيطرة على ذلك الشعور الذي أحتل كيانه كوباء يجري في الدم….!
فأطلق الرصاصة لتُصيب قدم مدحت الذي سقط ارضًا يصرخ من الالم…
حينها شهقت أسيا بعنف وهي تحدق بأدم الذي لم تهتز ملامحه ولو ثانيـة…
كانت باردة وثقيلة كما اعتادته ذئب ينل شرف التخلص من فريسته ثم يقف ليراقب صعود روحها !!!..
أشـار أدم لرجاله أن يحملوه وهو يردد بصوت متهكم قاسٍ :
-دي مجرد قرصة ودن بس،، عشان مراتي حبيبتي طلبت مني ما أقتلكش.. لكن قسمًا بالله لو رجلك خطت القصر ده تاني لايكون اخر يوم فـ عمرك،،، يلا ارمووووه برا !!
دقيقة أخرى مرت قبل ان يسحبها أدم من ذراعها… فركضت معه بسرعة لاهثة تفكـر….
تشعر بشيء كالزلزال يهز كيانها كله بعنف !!..
وصلا غرفة أسيـا فدفعها أدم بقوة يزمجـر فيها صارخًا بجنون ؛
-كنتي بتعملي ايه معاه؟!!! روحتي تقابليه لية يا أسيـا ؟؟؟
رفعـت كتفاها بقلة حيلة تحاول الدفاع عن نفسها امام اعصاره :
-طلب يشوفني وهددني وانا كنت خايفه !
بمجرد أن أنهت كلماتها وجدت سبابه يخرج كالأعيرة الناريـة التي تُلقح جوفها وهو يردد :
-خايفه خايفه خايفه انتِ مابتبطليش خوف.. على طزل الخوف مسيطر عليكِ،، في كل مرة بقولك ماينفعش تخافي ماتخافيش لكن برضه مش قادرة تثقي فيا بعد كل ده !!!!
صرخت هي الاخرى بالمقابل بصوت مرتجف رغم علوه :
-اعملك ايه مش ذنبي بقا انك مش عارف تخليني اثق فيك يا ادم باشا !
صمت برهه…. برهه كانت كنقطة إنتقال فاصلة…!!
نقطة انتقال ولكنها شاذة..!!!
فهي قد عادت بهم لأقل من منتصف الطريق.. طريق استنزفهم روحيًا ليسلكوه!!….
وفجأة وجدته يقبض على ذراعها بعنف وهو يتشدق بنبرة فاحت منها رائحة الغيرة ؛
-وعدم ثقتك فيا هي اللي خلتك خايفه عليه برضه ؟!!
هـزت رأسها نافية،، ثم قالت بصراحة :
-لأ مش خوف عليه.. بس مكنتش هقدر اكمل حياتي مع واحد قاتل
ضيق عينـاه وكلماتها تجعل عشقه المُهيمن ينكمش شيءً فشيء… ليعود كما كان…
وتعود للظلمة سلـطة واضحة !!!…
ليسألها بصوت اشبه للهمس :
-يعني ايه ؟؟!
رفعت رأسها بنبرة تحدي استفزت جبروته كـ “أدم صفوان” :
-يعني يا أنا يا شغلك والعالم الاسود ده يا أدم ؟!!
تأوهت بصوت عالي عندما لف ذراعها بعنف خلف ظهرها لتستند بظهرها على صدره العريض.. وهمساته تُقيم الحد على جوارحها فتقشعر بدنها من أنفاسه على رقبتها التي ظهرت… ثم قال بصوت خشن رجولي :
-مش أدم صفوان اللي واحدة تلوي دراعه !!
نطقت بحروف حاولت تشكيل ملتقى بينهم :
-مش لوي دراع.. بحاول أخلصك من جبروتك اللي بقى مسيطر عليك ومش مخليك شايف حاجة.. حتى مابقتش شايف ربنا ومابقاش فـ حسبانك !!!!!
شعرت بيداه ترتخي رويدًا رويدًا.. لتستدير تمد يدها لتتحسس ذقنه النامية وهي تتابـع بهمس ناعم :
-انا حبيتك يا أدم،،، عشان كدة بخيرك !
أبعدها عنه فجأة يصيح :
-انتِ مش بتخيريني انتِ بتحاولي تجبريني،، وطالما حطيتي نفسك فـ مقارنه واختيار
ثم خفت صوته وهو يكمـل بجمود :
-يبقى هختار شغلي وحياتي وعالمي الاسود زي ما قولتي يا أسيا !!!
ثم استدار ليغادر تلك الغرفة صافعًا الباب خلفه بعنف جعلها تنتفض !!……..
↚
دلف “جواد” مع “سيليا” وطفلته إلى منزله….
كانت السعادة تغمره كليًا فلم يعد تدخل القدر يُعكر صفو تلك السعادة….!!
كانت سيليا تحمل الطفلة بين أحضانها لتهمس له وهي تتجه نحو الغرفة :
-هروح أنيم سلسبيل
اومأ جواد موافقًا ثم تحرك خلفها ببطء حتى يلا يُوقظ الصغيرة… وضعتها سيليا على الفراش برفق ليقترب جواد بهدوء ثم اقترب ليطبـع قبلة رقيقـة على جبين طفلته… ثم أتبعها بقبلة على على جبين سيليا التي شعرت وكأن كهرباء سارت على عمودها…!!
تجمدت سيليا مكانها لتجده يقترب اكثر ليطبـع قبلة اخرى على وجنتها…
أنفاسه تلفح صفحة وجهها لتجعل كيانها كله ينبض بعشقه..!!!
ليطبع قبلة اخرى على جانب ثغرها حينها حاولت سيليا إبعاده بسرعة.. ليرفع حاجباه هامسًا بمكر :
-تؤ تؤ،، يرضيكِ البت تحس بالنقص وتقول بابي مش بيدي مامي بوسة قبل النوم زي كل الابهات ؟!
جـزت على أسنانها بعنف تهمس بحنق أخفى ابتسامتها بصعوبة :
-لا مايرضنيش،،، يلا نخرج بقا
وبالفعل تركته وركضت نحو المطبخ.. بدأت تبحث عن اي شيء يصلح للأكل بملل…
وبالطبـع جواد كان كـظلها الذي يأست من وضع حاجز بينها وبينه!!
وجدت شيكولاته فأمسكت بها تسأله :
-حلوة دي تتاكل ولا جايبها مركونه بقالك قرن ؟!
لا تدري لمَ ظهرت ابتسامـة خبيثة مغموسة بالعبث وهو يقول :
-اه دي حلوة جدًا كمان..
وضعتها سيليا في فاهها تنوي أكلها ولكنها انتفضت عند صراخ جواد فيها فجأة :
-استني استني انتِ بتعملي ايه!!؟
إتسعت حدقتاها وهي تنظـر له كالصنم الذي تحجر من تزايد الصمـود والسكـون القاسي !!!…
كانت الشيكولاته طرفها في فاهها ليقترب جواد ويقضم ببطء الطرف الاخر منها..
وعن عمد لامست شفتاه طرف شفتاها التي إرتعشت وأفرزت جوارحها الملكومة استجابة رغمًا عنها !!
لتعود للخلف بسرعة متمتمة بتحذير :
-جواد !!!!؟
نظر له بنصف عين مغمغمًا ببراءة مصطنعة :
-ايه؟ يرضيكِ البت تقول بابي مش بيخلي مامي تدوق الشيكولاته بنفسه؟!!
عندها لم تتمالك نفسها فضحكت برقـة جعلت من قلبه حُبيبـات صغيرة مُتفتتة تصرخ بأسمها وطلبًا لها !!….
ثم تابعت بابتسامة ماكرة :
-لا مايرضنيش يا جواد
عندها لم ينتظر وفي لحظة كان يُحيط خصرها بيداه يضمها له بقوة وشفتاه تنال شفتاها في قبلة طويلة متلهفة ونهمة يلتهم فيها شفتاهـا….
لم تشعر بنفسها وهي ترفع يدها لتحيط ظهره ببطء.. فازدادت قبلته تطلبًا وشغفًا…..!
وفجأة سمعوا صوت طفلته تصرخ ببكاء :
-باااابااااا
إنتفض مبتعدًا عن سيليا يغمض عيناه وهو يسبها بعنف :
-الله يخربيت ابوكِ.. قطعت الخلف !
ثم تدارك نفسه بسرعة ليركض نحوها يتمتم متحسرًا بحنق واضح بينما تتعالى ضحكات سيليا على مظهره المُضحك :
-قصدي ايوووه يا حبيبتي.. جاي يا فضحاني ومجرساني فـ كل منطقه !!!!……
*******
بعد أيـام……….
كانت “أسيا” تجلس في غرفتهـا تنظر من الشرفة في إنتظـار أدم الذي اصبح يتعمد تجاهلها…!!
منذ أخر لقاء لهم وهو يأتي من عمله متأخرًا فتستقبله تلك الشمطاء “چمانة” مستغلة ابتعاده عن “أسيـا” وفي الصباح يتجه لعمله ايضًا دون ان يراها !!….
ولكن الى هنا وكفى…..
اليوم ستُبيد قشور تلك الفجوة التي تنمو بينهم يومًا بعد يوم…!
وعندما رأته يدلف الى القصر ركضت بسرعة نحو المرأة تلقي نظرة سريعة على مظهرها ثم فتحت الباب لتجده ينوي التوجه لغرفته كالعادة..
عندها تنحنحت بسرعة وهي تنادي :
-أدم… أدم استنى لو سمحت!!
استـدار ينظـر لها بطـرف عينـاه… رغم البرودة المعتادة التي صفعتها بمجرد أن سقطت عليها الا انها قالت بصوت مبحوح :
-ادم لو سمحت تعالى
تنهد عدة مرات قبل أن ينصاع لأمر قلبه بالتقدم نحوها.. وبالفعل دلف معها ليجدها تحتضنه بسرعة بمجرد أن اقترب منها
لا يدري ما ذلك الشعور تحديدًا… ولكنه يشعر بشيء كاللهب يشتعل ليكوي احشاؤه !!…
يشعـر بفراشات تدغدغ مكنون مشاعـره التي تجمدت مختبئة اسفل ظلال ظلمته..
وتلقائيًا كان يضمها له بقوة ليسمعها تتأوه بصوت مكتوم مغمغمة :
-وحشتني اوووي.. اوعى تبعد عني تاني !!
دفن وجهه عند رقبتها يلثم رقبتها بعمق.. اشتاقها حد الجنون !!!!!…..
يشعر بكل خلية من خلايا جسده تطلبها وبشدة..!
ولكنه ضغط على نفسه ليبتعد ببطء وهو يسألها بهدوء :
-ايه الريحه الحلوة دي؟!!
عضت على شفتاها وهي تهمس له بمكر :
-ده ملمع الشفايف اللي انا حطاه
غامت عيناه بسحابة عابثة خبيثة وهو يتابع متساءلاً :
-وياترى طعمه حلو زي ريحته كدة!؟
رفعت كتفاها ترد بخبث انثوي :
-دوق بنفسك !!
اتسعت ابتسامته ليمد إصبعه ببرود يتحسس شفتاها ثم لعقها بتلذذ ليقول بعدها ببرود كاد يُصيبها بشلل :
-مممم طعمه مش بطال حلووووو
كانت متسعة الحدقتين تنظر له دون تعبير واضح.. وكأنها لم تعد تستطع لملمة بعثرة مشاعرها !!….
ولكنها فجأة امسكته من ياقة قميصه لتقف على قدمه حتى تصبح في مستواه… ثم ومن دون تردد كانت تُقبله هي…
تحاول بعثه في رحلة من الشغف والجنون كما يفعل هو !!…
ولكنها لم تعرف المعنى الحقيقي للجنون الا عندما تولى هو قيادة تلك القبلة لتصبح عدة قبلات متفرقة مجنونة مشتاقة !!!!….
رفعها بخفة يضعها على الفراش ويعتليها لتبدأ هي تفتح ازرار قميصه ببطء وهي تهمس له :
-قولي انك لسة بتحبني !
كان يُقبل رقبتها ببطء وعمق جعلها ترتعش في احضانه وهو يردد بصوت خشن من فرط رغبته بها :
-انا عديت مرحلة الحب من بدري،،، انا مهووووس بيكِ يا طفلتي !!……..
ليسحبها معه في رحلة جديدة في عالم ليس بجديد.. عالم دونت فيه اسماءهم كأسطورة فخر للعشق المولع بأرواحهم..!!!!
********
في المستشفى……
كانت شروق تجلس على كرسي امام فراش أدهم الذي يتمدد عليه وينام تحت تأثير المخدر….
حتى الان يمـر بعقلها ما جرى كشريـط طويل قاسي على ذلك العقل فجعله يكاد ينفجـر من الافـكار التي تستوطنه بجبروت !!…..
بعدمـا جاءت الشرطة لتأخذ الجد و”مراد” الذي أخذ يدعي انها دون عمد…
جاءت الاسعاف بأدهم للمستشفى ليخبرها الطبيب انه مجرد جرح في ذراعه….!
نظرت لأدهم المستكينة ملامحه ليُحفر داخله بضع حروف جعلت كيانها يهلل ملتفًا حولها….!!
أنها تحب أدهم…..
تحبه كما لم تظن يومًا !!؟
بل ولا تستطـع العيش بدونه ايضًا… ضمت يداه تقربها لفاهها وهي تُقبل باطنها بحنان هامسة :
-بحبك اوووي يا ادهم…
في تلك اللحظة تحديدًا صدح صوت هاتفه يعلن وصول إتصـال لتمسكه بهدوء فتجد أسم منار الذي جعلها تقطب بضيق وقد بدأ الامتعاض يستوطن ملامحها فيقضي على تلك الجوارح النابضة بالعشق…!!!
اجابت على الهاتف ولكن قبل ان تنطق سمعت منار تقول بصوت شبه باكِ :
-ادهم انا حامل…. انا حااامل يا ادهم سامعني انت لازم تتصرف ونتجوز بأسرع وقت !!!!……
وكأن كان للقدر رأي اخر على اعتراف لم يستطع الصمود في النور لبضع دقائق !!……….
*******
في اليوم التالي……
بدأت أسيـا تفتح عيناها ببطء… ولكن هناك شيء غريب !!!
تشعر بيداها مُقيدة وقدماها كذلك.. تشعر بشيء يجثو على أنفاسها فلا يُعطيها الحرية حتى..!
فتحت عيناها ليتضح أنها ليست بغرفتها ابدًا بل في احد الغرف المغلقة تجلس على كرسي حديدي مربوطة وفاهها مكتوم !!…..
بدأت تحاول التحرك تحاول الصراخ…
وفجأة وجدت الباب يُفتح ورجل ما يبدو أنه ليس بمصري او عربي حتى…
امتلأت عيناها بنظرات مرتجفة وهي تحدق به.. ليبتسم هو بسماجة مرددًا بالأنجليزية :
-اهلاً بكِ يا سيدتي…
حاولت أسيا الصراخ فأزال ذلك اللاصق عن فاهها بهدوء لتزمجر كالمجنونة بالأنجليزية ايضًا :
-اين أنا ومن أنتم ؟؟!!!
وضع يداه في جيب بنطاله ثم أجاب ببرود كاد يُذيب عظام أسيا من الرعب :
-أنتِ في اسرائيل سيدتي…. ومن نحن فلا استطيع اجابتك الان !!
صرخت أسيا بفزع وكأنها تود الاستيقاظ من ذلك الكابوس :
-ااااااااادم !
ولكن وجدته يضحك بسخرية مغمغمًا بخبث :
-لا تقلقي يا آآ… اه ما اسمك؟ أسيا…. لا تقلقي فـ زوجك الحبيب فـ الغرفة المجاورة.. نتشرف باستضافتكم هنا
ثم اقترب من وجهها كثيرًا وأكمل :
-واستضافتكِ انتِ تحديدًا…….!!
↚
تجلس كما هي… الفراغ الموحش يحتل حدقتي عيناها وهي تنظـر للاشيء !!
لا تريد سوى رؤيته.. سوى الهروب لملاذهـا.. الاختباء بين حنايـا روحه فلا تُعتمها ظلمة ليله !….
مرت دقائق منذ أن خرج ذلك الأبله من عندهـا والذعـر يفرغ ثبات روحهـا…!!!
وفجأة وجدت الباب يُفتح و “أدم” يدلف بشموخه المعتاد…!
رؤيته أطفأت أخر شمعة للأمل داخلها…!!
أمل أن ذلك حلم… لا بل كابوس.. كابوس تمنته ولأول مرة !!!
كان ذاك الرجل قد فك وثاقها فنهضت صارخة تحتضن أدم وهي تردد بصوت مذهول :
-أدم… هو احنا فعلاً فـ اسرائيل يا أدم؟؟! أدم رد عليا انا خايفه!!
ضمهـا له برفق يحيطها بين ذراعيه.. يحاول إخمـاد لوع قلبه المُحتـرق فيعاود إحيـاء رماده من بين غصون الماضي؟!!…
أبعدها برفق يصفف خصلاتها برقة متمتمًا بصوت حاسم :
-أسيا أنا عايزك تهدي،،، شيلي الرهبة من اسرائيل من دماغك.. احنا فـ بلد اجنبية وبس وكلها فترة وهنرجع بلدنا تاني !!
أبعدت يداه بسرعة تصرخ بجنون :
-ماتقوليش أهدي.. احنا مخطوفين انت مُتخيل !!؟
ثم أكملت ببحة باكية تسأله :
-ادم انا خايفه اووي،، هما عايزين مننا ايه؟؟ انت تعرف الناس دي منين يا أدم !؟
تحسس وجنتهـا بحنان يحاول زرع الطمأنينة بين أرض جوارحها البور…!
ثم همس بتحذير:
-اسمعيني يا أسيا.. الموضوع اكبر مانتِ متخيله ! الموضوع دلوقتي له علاقة بالداخلية عندنا فـ مصر،، عشان كدة الناس دي جابونا هنا عشان ماحدش يعرف يتصرف من مصر.. بيعجزوهم بس !!!
سألت أسيا لاهثة :
-وانت مالك بالداخلية؟؟! انت قولت انك بتتاجر فـ السلاح وبس
تنهـد أدم تنهيدة طويلة تحمل في طياتها الكثير :
-ده كان زمان.. قبل ما أشتغل مع البوليس،، شغلي معاهم خلاني تعمقت علاقاتي وسط المافيا وتجار السلاح.. وحاليًا الناس دي وصلهم خبر فعايزني أنفذ لهم اكبر صفقة فـ تاريخهم بما اني على علاقة بالبوليس يعني عايزني انا اللي اتصرف !!!
بدأت تبكي بصوت عالي وشهقاتهـا تملأ المكـان… تشعر باللكمات تزداد مُسددة لروحها بعنف..!
حاولت تهدأة نفسها وهي تسأله بخوف :
-وهتعمل ايه يا أدم؟!
هـز رأسه نافيًا :
-مش هينفع نتكلم هنا يا حبيبي،، بس صدقيني مش هنطول هنا كتير
سألته مرة اخرى وهي تفكر :
-طب ازاي قدروا يوصلوا لنا رغم كل الحرس اللي كانوا موجودين
تنهـد أدم بصوت مسموع ثم هتف بشراسة :
-قالوا استأجروا واحد من الحرس بكل بساطه عشان يدّلهم على الباب السري للقصر !!
وفجأة وجدته يخـلع قميصه بسرعة.. فتسارعت نبضات قلبها بقلق وهي تسأله مستنكرة :
-انت بتعمل ايه ؟!!!
وجدته يشق القميص بعناية ليضعه على خصلاتهـا بدقـة حتى أصبح كــ (الشملة) التي يرتديها البدو لتغطي شعرها كاملاً…!
حينهـا نظر في عينـاها مباشرة لتفوح الغيرة وهو يخبرها بنبرة تملكية ؛
-قولتلك مليون مرة مش مسموح لراجل غيري يشوف شعرك ولا اي حاجة منك
وبحركة مباغتـة جذبها من خصرها له لتصطدم بصدره العريض الذي ظهر من -الفنله- الخفيفة التي يرتديهـا.. لتلفح أنفاسه الساخنة عنقهـا الابيض فتجعل عرقهـا يثور بارتجافة عنيفة…
خاصةً وهي تسمعه يهمس امام شفتاها :
-إنتِ بتاعتي انا بس…!
غمست وجهها عند رقبته.. تتنفس بصوت عالي وأنفاسها تُشعل رغبته بها رغم كل شيءً… لتردف بهمس حاني ؛
-أدم انا بعشقك.. وبعشق غيرتك عليا
شعرت بصوت يبتسم وهو يتشدق بعبث محاولاً التخفيف عنها :
-وانا بعشق امك.. وصدقيني مشتاق اوي اني اثبتلك ده بس لما نرجـع يا رووووح الروح !
لتضحك هي وهي تشدد من احتضانه… بينما هو تظهر ملامحه المحفورة بمشاعره الحقيقة !!
ليظهر الغيظ والجنون مختلطًا بغضب الشياطين….!
*******
كان تنفس شروق بصوت عالي علامة على قيام حرب داميـة يُحركها نيران العشق..!!!
فكـرة أنه اقترب من تلك المخلوقة تحرقها… تُدميها داخليًا ببطء شديد !
بل وأنها ستُنجب طفل منه ايضًا؟!…
عندها لم تشعر بنفسها وهي تهز أدهم النائم بعنف وتصيح :
-أدهم.. ادهم قوووووم
هب أدهم مفزوعًا يردد بهلع :
-ايه ايه القيامة قامت ولا ايه؟!!!
ضغطت على أسنانه بحنق حتى اصدرت صوت صكيك عالي،،، ثم أخبرته بجنون :
-قامت قيامتك يا شيخ.. قوووووم يا ابو الواد قوم
ابتسم أدهم يشاكسـها كالصبيان :
-ايه هو انا طولت فـ الغيبوبة لدرجة اننا خلفنا ولا ايه؟!
عندها اقتربت منه اكثر تصرخ بصوت عالي غير مبالية بأي شيء :
-انت بتهزر كمان؟!!! يا خاين يا واطي.. قوم ام اربعه واربعين حااااامل
عقد ما بين حاجبيه يسألها ببلاهه :
-ام اربعه واربعين مين يا حبيبتي ؟!
كادت تبكي وهي تصرخ به :
-حبك بُرص وعشرة خرص.. مناااار هانم مكلماك وبتقولك ادهم انا حامل يا ادهم انت لازم تتصرف
قالت اخر كلماتها وهي تقلد صوت “منار” برقة ساخـرة..!
مرت دقيقتـان وهو متسـع الحدقتـان… عيناه ثابتة بجمـود بارد أطاح صواب شروق التي اكملت صارخة :
-انت ساكت لية ؟؟ انت قربت منها!!؟ رد عليا قول..
تنهد أدهم بهدوء قبل أن يضيق عيناه وهو يسألها مستنكرًا :
-أنتِ من رأيك أعملها ولا ؟!!
لم تنظر له وهي تتابـع باختناق :
-والله انا مابقتش عارفه حاجة..!
حلقت على ثغره أبتسامة باردة.. جامدة تحوي بين ثغراتها غليـان قاسي !!…
ليرد بعدها :
-تمام.. خليكِ مش عارفه حاجة
ابتلعت شروق ريقها بتوتر مغمغمة :
-يعني ايه؟!!!
رفـع رأسه واستطرد بثبات جامد :
-يعني انا هكمل جوازي من منار يا شروق
رمشت شروق عدة مرات وكأنها تحاول فك تعاويذ جروفه التي جلدتها بقسوة..
لتهمس بصوت متحشرج على وشك البكاء :
-طب وانا؟!! واللي حصل بينا؟!!!
وقبل ان يرد صرخت به :
-كانت مجرد شهوة بس صح؟!!!
لم يرد عليها… بل لا يستطع ان يرد عليها..!
كلامها يُصيبه في مقتل.. يشعره أن ثقتها به مدفونة لا يستطع بعثها حتى….!
ليبتسم بسخرية متمتمًا دون النظر لها :
-ما اجتمع رجل وامرأة الا وثالثهما الشيطان بقا….
امسكت ذراعه المُصاب دون ان تنتبه لتشده وهي تزمجر كالمجنونة :
-طلقني.. طلقني حالا
اومأ موافقًا وقال :
-حاضر.. اول ما تاخدي ورثك وينتهي الحوار ده هطلقك يا شروق !!……
******
كانت “سيليا” في غرفتها.. إنتهت من وضع ملابسها وهندمت نفسها ثم إتجهت للخارج….
ولكن تصمنت مكانها للحظة وهي ترى جواد يقف امام فتاة ما صارخة الجمـال… تقترب منه كثيرًا… تنظر في عيناه وهي تنطق بصوت تماوج بينه الدلال :
-وحشتني اوي يا جواد
عاد للخلف يضع بينهما مسافة واضحة،،، وإنغمست حروفه بالبرود وهو يسألها :
-ياااه؟!!! عادي كده تختفي وتفهمينا انك ميته وتيجي فجأة تقولي هاي يا جواد وحشتني؟!!!
حينها أقتربت منه سيليا بسرعة.. تضع يدها على كتفه الذي كاد يهتز من لمستها التي تثيره مشاعـره التي يخمدها نحو “سيليا”
خاصة وهي تقترب منه هامسة :
-مين دي يا حبيبي ؟!!!
تجرعت ملامح “مروة” بالجمود وهي تقول دون ان تعير “سيليا” اهتمام :
-ممكن نتكلم لوحدنا.. في حاجات لازم نتكلم فيها، وكمان…..
صمت برهه تراقب تعبيرات كلاهما لتكمل :
-عايزة اشوف بنتي !!
لم يُحرك جواد عينيها عن مروة ليقول آمرًا سيليا :
-سيليا ادخلي جوه
سألته سيليا بأصرار :
-مين دي يا جواد ؟!!!
صرخ حينهـا بعصبية فاجئت كلاهما :
-قولت ادخلي جوه كلمة واحدة متنسيش نفسك!!
كتمت أنفاسهـا وهي تحدق بكلاهمـا… ليشحب وجهها ببطء ثم بدأت تعود للخلف شيءً فشيء..
وصلت امام الغرفة ولكن قبل ان تدلف رمت عيناها نحوهم لتتلف نظراتها المشتعلة عندما وجدت تلك الفتاة تُقبله فجأة وهي تحيط به….
وهو لا يُعطي رد فعل عنيف كما توقعت !!………
*******
بعد فترة عند أسيـا و أدم……
دلف نفس الرجل مع بعض الرجـال.. ليحيط أدم كتفي أسيا بحنـان وحمايـة تلقائية !!…
ابتسم الرجل بسماجة وهو يردد بالأنجليزية :
-أ رأيتم كرماء اكثر مننا؟!! ولكن مزحنا كثيرا حان موعد العمل
صرخ أدم فيه مستنكرًا بروده :
-فلتقل ما لديك وتغرب عن وجههي الان
نظر الرجل نحو أسيا التي كان كيانها كالذي أصابه زلزال بفعل كلماته !!…
ليتابـع بخبث :
-ولكن الان العمل ليس معك.. زوجتك العزيزة هي من ستتخذ القرار
اقترب منهم قليلًا لتتحول ملامحه للجدية متشدقًا بــ :
-اسمعيني جيدًا… أنتِ من ستختاريت عقاب زوجك،،، إما أن نقتله امام عينيكِ.. او نقضي انا وانتِ بضع ساعات لطيفة
قال اخر كلمة يتبعها بغمزة خبيثة من عينـاه جعلت الدماء تفور بأوردة أدم الذي نهض يود قتله وهو يصرخ بصوت يشبه زئير الاسد :
-يا **** يا **** قسمًا برب العباد سأقتلك.. سأقتلك ولو خسرت حياتي مقابلاً لذلك !!!!
ابتعد الرجل مسرعًا ولكنه نظر لأسيا يسألها بجمود :
-فلتقرري سريعًا سيدتي….
صمتت أسيا لحظة كانت نقطة لتحديد مصير… ثم هتفت بصوت أجش جعل الدهشة ترتسم على وجوه جميع من بالغرفة :
-أقتله………!!!
↚
ظهرت ابتسامة باردة على ثغر ذلك الرجل،، ليشير بإصبعه للرجلان آمـرًا :
-توقعت ذلك.. أجلبوه خلفي
ثم استـدار يغـادر الغرفـة.. وكاد احد الرجال يسحب أدم ولكـنه نال نظرة استوطنتها الشراسة والغل… فتراجع مرتعدًا بتوجس…
ليُسرع أدم محتضنًا أسيا التي شددت من احتضانه وهي تردد بهلع واضح :
-أدم هما هيقتولك فعلاً!!! أدم اوعى تسبني..
هـز رأسه نافيًا ليهدأها :
-مايقدروش يقتلوني.. على الاقل حاليًا
إتسعت حدقتـاها وقالت بصوت إتسعت فجوة الخوف بين جذوره :
-قصدك انهم هيقتلوك بعد ما تنفذ اللي هما عاوزينه؟!
ربت على شعرهـا بحنـان.. ليطبـع قبلة عميقة على قمة رأسها مغمغمًا بصوت خشن :
-حتى لو قتلوني الموت عندي أهون من إن راجل تاني يلمسك!! انا اقسمت انه لمجرد تفكيره ده بس هقتله.. فما بالك لو جرب ينفذ !؟
دفنت نفسها بأحضانـه….
لا تدري لمَ يُعاندها القدر هكذا فيُظهر لها ربـيع الان وسط العواصف…
ام هي من كانت عميـاء بغشـاوة قلقهـا من وفجأة اُزيلت تلك الغمامة عندما تفتت قسوته لشظايا…!!!
سمعته يهمس عند أذنها مباشرةً :
-خليكِ قوية وواثقة.. إنتِ مرات أدم صفوان !
اومأت عدة مرات مؤكدة… ثم نظرت لعيناه مكملة بنبرة لم ينسحب منها نغمات الخوف :
-ارجعلي بسرعة.. انا مش هقدر اكمل من غيرك!!….
إلتقط قبلة سريعة خفيفة لشفتاها.. ليحدق بعينـاها الزرقـاء…. يغرق بين بحور عشقهـا التي أذابت جليد قلبه،،، ليهمس بنبرة حانية :
-خليكِ فاكرة دايمًا اني بعشقك.. واني هعمل اي حاجة عشان تخرجي من هنا سليمه !!
ثم امسك يدها ليُقبل باطنها بعمق جعل قشعريرة باردة تسير على طول عمودها….
نزفت دمعة ملتهبة رغمًا عنها وهي تهمس له لتقلده كما يخبرها دائمًا :
-خليك فاكر إني مهووسة بيك ومش هقدر من غيرك..!!!
ليبتسم لها بهدوء حنون ثم يغادر مع ذلك الرجـل.. لتنهار هي ارضًا باكيـة تنادي بأسمه…
وجملة واحدة تضرب أجراسها بعقلها
” لا ندري بقيمة الشيء الا بعد فوات الاوان ” !!…..
******
بعد ساعات أخرى……
إنقضى أمر وصية والد شروق واخيرًا تحت إشراف من الشرطـة بناءًا على طلب “أدهم”
واخيرًا جذب شروق ليغادروا تلك البلدة سريعًا….
طوال الطريق وأدهم لم يتحدث مع شروق ٱطلاقًا الا عند الضرورة…
وهي كذلك.. كانت ملتزمة الصمت تصدر له -الوش الخشب- كما يقولون !!…..
وصلا بعد ساعات إلى منزلهم…
دلفوا الى العمارة ليتقابل ادهم مع منار على السلم.. بينما شروق سبقته للمنزل..
ابتلع ريقه بتوتر.. فهو لم يُهيء نفسه لتلك المواجهة بعد…
لم يُنظم افكاره المشعثة يمينًا ويسارًا…
وقفت امامه مباشرةً تهمس له بنبرة تشبه جلد الافعى :
-بكلمك مش بترد عليا لية؟؟ انت مش مُدرك المصيبة !!؟
جز على أسنانه بغيظ… فهي سببًا واضحًا لإنقلاب صفحة حياتهم للسواد !!
ثم اردف بحدة :
-على فكرة انتِ لو مش ملاحظة بس انا مش مُجبر اني اساعدك لما تتعرضي لاغتصاب.. ده كرم من اخلاقي مش اكتر
ثم تركها مكانها متصمنة تحدق في اثره
مرت دقائق معدودة عليها قبل ان تُخرج هاتفها لتتصل بشخص ما…
وبعدما اجابها قالت بصوت منخفض :
-اسمعني يا واد يا حمو.. عاوزاك ف مصلحة
-…………….
-اسمعني لا لا مش قتل ولا حاجة.. ده… آآ اغتصاب وبت مووووزة هتعجبك جدا !!!!………
*******
في جوف الليل……
استيقظت أسيا على صوت الباب يُفتح وشخص ملثم يدلف على أطراف اصابعه..!
تملك منها الذعر وهي تجده يقترب منها جدًا… اخذت تتراجع للخلف بسرعة هامسة بصوت مذعور :
-انت مين وجاي لية ؟!!
لم يرد عليها ولكن قبل ان تستطع الصراخ كان يكتم فاهها بيده واليد الاخرى تحاول تمزيق ملابس اسيا التي اخذت تنتفض بين يداه….
وكأنها في حرب تحاول إيقاف العدو عن سلبها اعز ما تملك………!!
*******
حاولت أسيا الفكاك من بين براثن المجهول.. وفجأة وجدته يسحبهـا معه للخـارج.. بعدما ربط شيء على فاههـا…!
خرجوا بسرعة ركضًا من ممر فارغ تمامًا وفجأة وجدت أسيا نفسهـا تقف أمام “أدم” الذي كان يقف في أخر الطرقـة…
لم يعطيها فرصة السؤال فسحبها من يدها بسرعة وهو يصرخ بها :
-اجري يا أسيا مفيش وقت..!
بدأت تشعـر أنها في دوامـة.. دوامـة متلاطمة ما بين كذب وحقيقـة فلم تعد قادرة على رصد الواقـع المرير..!!!!
خرجـوا بالفعـل من تلك العمـارة ليجدوا سيارة في إنتظـارهم.. إستقلوهـا بأسرع ما يمكن لتنطلق السيارة من ذلك المكـان….
وإنطلق الصراخ وجرس الأنذار بعدها لتشتعل نيـران مرحلة جديدة مُفعمـة بالأرهـاب..!!!
……………………………
بعد حوالي ثلاث ساعـات…..
هبط كلاً من “أدم” وأسيـا من السيارة بعدما أرتدوا شـال ثقيل يخفي وجوههم العربيـة..
إتجهـوا مع الرجل إلى منزل ما صغير ليدلفوا بسرعة.. حينها رفع أدم الشال عن وجهه.. تنفس بصوت عالٍ قبل أن يقول ممتنًا لشخص ولأول مرة :
-شكرًا جدًا يا حضرت الظابط.. بجد شكرًا
ابتسم الأخـر ثم تمتم بجدية :
-الشكر ليك يا أدم.. انت اتبهدلت عشان تساعدنا كتير دلوقتي جه وقت تدخلنـا احنا
ثم أشار للغرفة وتابـع بهدوء :
-دي اوضه هتقعدوا فيها مؤقتًا انت والمدام،، ومتقلقش ده بيت واحد من الفلسطينين تبعنا.. هتفضلوا هنا مش هتخرجوا ابدًا لحد ما ندبر موضوع سفركم لمصر
اومأ أدم مؤكدًا ثم صافحه ببسمة شاحبـة ليغادر الضابط حينها نطق “الفلسطيني” مرحبًا بصوت هادئ :
-اتفضلوا اتفضلوا.. بتقدروا تعتبروا البيت بيتكن !
سحب “أدم” اسيا المتصنمة من ذراعهـا بخفـة.. دلف بها إلى الغرفـة.. ليمسك يداها الباردة كالثلج !!
شحـوب وجههـا وبرودتـه جعلاها كـزهرة اقتُطفت في شتاءٍ قاسي…!
ضمها أدم له من دون مقدمـات.. وبالطبـع رفعت يداها تحيطه بسرعة..
تستكيـن في جوف ملاذهـا… أمانهـا… وسارق رهبتها المتجبـرة !!…
إلتقت النظـرات في نظرة دافئة.. ناعمـة جعلت قلب كلاهما يدق بتناغـم يُطرب الروح….
لتهمس أسيا بصوت مبحوح :
-خلاص الكابوس خلص؟!
حاول ادم الابتسام بمرح ليٌخفي شحنة التوتر التي توزعت في الجو :
-خلاص فاضل أخر إفيــه فـ المسلسل وهنمشي علطول
صدرت ضحكة خافتة قصيرة عن أسيا التي أردفت :
-اول مرة اعرف اني بحب مصر اووي كده
سمعت ضحكت أدم الرجولية فرفعت رأسها بسرعة تسأله :
-ادم احنا ازاي خرجنا ومين الحيوان اللي خدني من الاوضه؟؟
ضيق أدم عينـاه يسألها مستنكرًا :
-حيوان؟؟؟ اللي خرجك حيوان؟!
ردت باندفاع ؛
-ايوة انت ماتعرفش عمل ايه ده حاول آآ….
وضع أدم إصبعه على شفتاهـا بسرعة يقاطعها بنبرة حازمة :
-بطلي التسرع في الحكم على الناس ده،،، وعلى فكرة بقا دي كانت واحدة مش واحد
رفعت أسيا حاجباهـا متجمـدة ونظراتها متعلقة بنظرته الضاحكـة..!
بدأ النـور يختـرق جفونها فأردفت بسرعة :
-بنت؟؟ ازاي دخلوها كلية الشرطة دي شاذة يا أدم!!
عندها إنفجر أدم ضاحكًا… لم يستطـع كبت ضحكته على لفظها التلقائي…
ليعود لجديته بسرعة وهو يخبرها :
-مكنش ينفع يجي البوليس المصري بكل بساطه يهجم على مكان متأمن وعليه حراسة قد كده ويقولهم سوري اصلنا عاوزين اسيا وادم !! كان لازم خطة مُحكمة.. اسمعي ياستي.. اللي هربتك دي انضمت لهم من بدري وهي طبعًا ظابط بس محدش يعرف.. يعرفوا انها عربية انتقلت لاسرائيل قريب وبتشتغل معاهم،، المهم لما وصلت لها الاخبار راحت بليل لما اتأكدت انه كله نام ولبست قناع علي اساس انها راجل منهم بس سكران شويتين ودماغه هبت منه فـ حاول يقرب منك وانتِ هربتي منه… احسن ما يعرفوا ان حد هربك منهم بالتالي هيبتدي يشكوا !
ظهـرت أبتسامة بلهـاء على ثغر أسيا التي تابعت بانهبار :
-يا خرااااشي ايه الدماغ الألماظااات دي !!
أمسك وجهها بين يداه الخشنـة.. يُداعب أنفها بأنفه هامسًا بنبرة هائمة :
-عليا النعمه ما في ألماظات غيرك يا قشطه أنت..
ابتسمت أسيا في حنو وهي تمسك يده لتطبـع قبلة ناعمة على باطنهـا جعلت شيء يهتـز داخل أدم بعنف….!
أشـار لهـا نحو الفراش بعينـاه غامزًا بخبث :
-بقولك ايه.. ما تيجي ونجيب مليجي
ضربته أسيا على صدره برقة لتدفن وجهها بأحضـان والاحراج يكسو وجههـا…
حينهـا سمعت تنهيدته الطويلة وهو يهمس وكأنه لا يمل تلك الكلمة :
-اااه يا روح الروح.. اقسم بالله بعشقك يا طفلتي!!….
وطفلته أصبحت أسيـرة… عاشقـة… وسجينـة عشقه ذاك دون ان تشعر !
******
↚
وصل “جواد” مع سيليا إلى قصر “آدم صفوان” بمجرد أن وصله خبر…!
يلوم نفسه في كل لحظة كان أدم فيها يحتاجه ولكنه كان منشغلاً بحياته الخاصة..!!!
بمجرد أن وصل وجد أحد الضباط ليسأله جواد بسرعة مهتاجًا :
-ايه اللي بيحصل،، فين ابن عمي يا حضرت الظابط؟؟
أشار له الضابط برفق مغمغمًا :
-جواد بيه ياريت تهدى.. جاتلنا اخبار إنهم خلاص لقوا أدم بيه والمدام وقريب هتلاقيهم هنا
ضيق “جواد” عينـاه التي كانت نسخـة مطبوعة عن عينـا نمـر تخشبت أسنانه الحادة.. ليؤكد الضابط كلامه :
-الموضوع ده مفيهوش هزار اكيد مش هقولك حاجة انا مش متأكد منها
حينها اومأ جواد بارتياح :
-تمام.. متشكر لتعبك يا حضرت الظابط بس ممكن افهم مين اللي خطف ادم ولية؟!
هز رأسه نافيًا بأسف :
-مع الاسف معنديش معلومات ممكن أفيدك بيها،، أفضل لما ادم يرجع بالسلامة تبقى اسأله
اومأ جواد موافقًا وإلتزم الصمت….
ليغادر ذلك الضابط بهدوء فيبقـى كلاً من سيليا التي كانت تحمل الطفلة بين أحضانها بصمت..
ذلك المشهد اللعين يتكـرر بذاكرتها كل 30 ثانيـة وكأنه يود احراق الاخضر واليابس من باقي ذكرياتهـا !!…
فلاش بــاك###
ظلت سيليا مكانها تراقبهم بأعين متسعـة.. ولكن بعد لحظة حدث مت يصرخ به قلبهـا آمرًا فوجدت جواد يدفع بتلك البلهاء بعيدًا عنه ويصفعهـا بعنف جعلها تترنح لتصطدم بالباب من خلفها….
نال الجـو لحظة من السكون قبل أن ينفجر تيار الماضي مغموسًا بأعاصير الحاضر في خلفية جواد الذي اصبح يصرخ كالمجنون :
-انتِ حقيرة و *** لا حتى الزبالة بيبقوا عندهم شوية خجل،، لكن إنتِ لأ.. انتِ عاهرة بنت عاهرة.. حاجة ممكن اي حد يشتريها بفلوسه !! إنتِ حتى ماينفعش تكوني ام.. انتِ مجرد عاهرة بقرف من لمستها…
وبحركة مباغتة أمسكها من ملابسها يجذبها بعنف مزمجرًا :
-انتِ ***** وهتفضلي طول عمرك ***** انتِ حتى النظرة خسارة فيكِ يا **** ينعل ابو معرفتك ال*****
ثم ضربهـا في الحائط بعنف جعلها تتأوه متألمة فأكمل دون ان يُعيرها انتباه :
-عارفة دخلتها جوه لية؟؟ عشان ماجرحش حياءها بالألفاظ ال*** اللي يستاهلها امثالك بس.. عشان هي حبيبتي ومراتي وام بنتي.. بنتي اللي رمتيها ومافكرتيش تسألي فيها
ثم رماها نحو الخارج بقوة متابعًا وكأنه يُلقي شيء في سلة المهملات :
-روحي للي جيتي من عنده،، وملكيش عيال عندي يا **** !!!
لم تستطع “نشوى” كبح دموعها أكثر من ذلك فاصبحت تهبط كالشلالات…!
بعمرها لم ترى جواد بهذه الحالة… ولكن يبدو أنها هي من جعلته سجين ٱنتقامه ويجب تحريره امامها….!!!
ركضت مسرعة من المنزل وهي تمسح دموعها…
وعندما أستدار جواد ووجد سيليا تتابعهم بابتسامة راضية….
لم يظهر أي رد فعل كان يلهث بصوت مسموع فقط ليتركها ويتجه لغرفته..
ومن حينها ولم يتحدث أيًا منهما حتى عندما أتاه خبر ٱختطاف ادم من الخادمة التي اتصل بها بالقصر عندما وجد هاتف أدم مغلق….
سحب سيليا وطفلته وغادروا دون كلمة.. فلا يمكنه انتظار قدوم ايًا من هؤلاء الحثالة مرة اخرى !!
بــــاك###
إستفاقـت على صوت الطفلة يُداعب أذنيهـا برقتها المعهودة :
-سولي… انا عايزه أرسم
قطبت سيليا تسألها ببسمة هادئة :
-ترسمي ايه يا حبيبتي؟!!
هزت الطفلة رأسها وهي تمط شفتاها ببراءة :
-مش عارفه.. تيا عاوزه ترسم
داعبت وجنتهـا بحنان تُشاكسها مرددة بحنو :
-وانا عيوووني لــ تيا !
وبالفعل نهضت تاركة إياها لتسير متجهة لجواد الذي كان يقف في احدى الاركان يتصل بأدهم ليخبره ما حدث….
كادت أن تربت على كتفه بهدوء ولكن وجدته يستدير بحركة مفاجأة فارتدت للخلف بعنف جعلها يُسرع بالتقاطها بين أحضانه قبل أن تقـع..!
لم تستطـع النطق امام سحر تلك اللحظـة… كانت تنظر للمعة عيناه التي وُلدت اليوم ولأول مرة !!!
وهو كان غارقًا بين غابات عيناها الزيتونيـة.. ليُقرب وجهه من وجههـا جدًا ثم همس بتخدر :
-عيونك بتتوهني يا زيتونة !
تلعثمت الحروف على شفتي سيليا التي حاولت الفكاك ولكنه كان يضمهـا له بإحكـام…
لتعض على شفتاها بتوتر مغمغمة :
-تيــا… آآ….
ابتسم بسمته الرجولية المعهودة وهو يسألها :
-مالها تيا ؟؟
تنفست اكثر من مرة وكأنها تُحارب ذلك الوضع الذي يكاد يُذيب عظامها.. لتنطق بسرعة :
-تيا عاوزه ترسم وانا كنت جايه اسألك لو في مرسم هنا ترسم فيه بما اننا مطولين هنا
جذب خصرها له أكثر حتى باتت ملتصقـة به ليقول بعبث :
-طب ما تيجي انا عاوزك فـ رسمة احلى !
عقدت ما بين حاجبيها تسأله بعدم فهم :
-رسمة ايه؟!
اقترب من اذنيهـا ليهمس ببطء وأنفاسه تلفح ضد عنقهـا :
-العريس والعروس!!
تلون وجهها على الفور بأحـراج.. لتهمس بصوت مبحوح :
-جواد بطل قلة ادب وركز شوية
ابتسم بخبث متابعًا ببراءة :
-منا مركز اهو لو ركزت اكتر من كده هيبقى فعل فاضح فـ الطريق العام وامام الموظفين !!
كادت تبتسم رغمًا عنهت فاقترب هو منها اكثر وعينـاه مُسلطة على شفتاهـا.. يشعر باشتيـاق غريب نحوهـا…
اشتياق ليس لمجرد امرأة ولكن اشتياق لها هي شخصيًا… لماسته الفريدة !!
بمجرد ان لامست شفتاه شفتاها وجد من يصرخ كالعادة لتصرعه بصوتها :
-باااابييييي
حينهـا إنتفض يبعد عن سيليا بسرعة مزمجرًا بحنق :
-لا بقا.. كده كتير دي تاني مرة اقسم بالله!! حد باصصلي في ام البوسه دي!!!
مصمصمت “تيا” شفتاها وهي تردد بغيرة طفولية :
-بوسني انا يا بابي.. انت مش بتحب تيا؟؟
احتضنهـا بسرعة يغرقها بين احضانه هامسًا من بين ضحكاته التي اختلطت بضحكات سيليا :
-تعالي يا حبيبة بابي.. تعالي يا هادمة اللذات ما طول مانتِ ورايا مش هخلف تاني ابدا !!!!
*******
نهضت أسيا تجلس على الفراش.. حركت رأسها تلقائيًا تنظر ناحية أدم ولكن وجدت الفراش فارغ بل وممتلئ بالدماء !!….
أطلقت صرخة عالية وهي تتحسس تلك الدماء التي جعلت الذعر ملكًا متوجًا على عرش جوارحها :
-اااااااادم !!
ازداد بكاؤها وهي تردد بجزع :
-لا يا ادم ماتسبنييييييش!!!!
ولكن لا حياة لمن تنادي… اصبحت تنادي وتنادي ولكنها على ما يبدو في غرفة عازلة للصووت!!!
ومع استمرار صراخها كاد صوتهـا يختفي فبدأ يخفت شيءً فشيء…..!
هبت جالسة على الفراش شاهقة بعنف تتنفس بصوت عالي… أغمضت عيناها تحاول نسيـان ذلك الكابوس الذي أرق نومتها الهادئة منذ فترة…
نظرت بسرعة نحو أدم لتجده يفتح عيناه ببطء يسألها بقلق :
-مالك يا حبيبي؟؟
هـزت رأسها نافية بابتسامة ضعيفة :
-مافيش.. معلش صحيتك كابوس مزعج
كاد يضمها لأحضانه ولكنها همست بصوت مختنق.. يرجو الارتياح :
-ادم انا مش عايزه انام..
طبع قبلة حانية على جبينها ولكن قبل ان ينطق قاطعته :
-انا خايفه وعاوزه اصلي.. هتيجي تصلي معايا ؟؟!
سؤالها جعل جسده يتخشب بصمت مُخزي… فأدركت هي الحقيقة المكتوبة على جدران مشاعره،، فقالت بلهفة مكملة :
-لو مابتعرفش تصلي ممكن اعلمك عادي.. ولا ايه؟!
ابتسم لها بخفوت وبالفعل نهضا معًا متوجهين نحو المرحاض….
لتبدأ أسيا تشرح كل شيء بداية من الوضوء وهو كان منتبهًا لها وكأنها تزرع بداخله نورًا لأول مرة يخترق حواجزه……..!!
*********
عند ادهم وشروق……..
في ظلا توتر أدهم المُهيمن على الأجواء.. سحب أدهم شروق من يدهـا دون أن ينطق بحرف.. فصرخت به بغيظ :
-اوعى كده هو انت ساحب بقره وراك؟! ما تهدى وتقول انا هديت
هـز رأسه نافيًا.. ثم جز على أسنانه بعصبية وهو يخبرها :
-لا انا ماهديتش.. امشي قدامي حالاً يلا هنروح على قصر ادم
عقدت ذراعيها وهي تسأله :
-وهنروح نعمل ايه عند نمس بوند ده؟!!
إحتدت نظرته تخبرها انها اخطأت التصويب فاستطردت بسرعة :
-ماتاخد السلعوه بتاعتك
كاد يبتسم ولكنه تمالك نفسه وهو يقترب بوجهه منها هامسًا بمكر وهو يلاعبها بحاجبيه :
-ماعنديش غير سلعوه واحدة اللي متجوزها!! ومش ناوي اتجوز تاني كفاية عليا سلعوايه هيبقوا اتنين هياكلوني !!
ثم استدار يسير متجهًا نحو الباب لتقف هي لحظة متجمدة مكانها تحاول إستيعاب اهانته التي ابتلعتها هكذا دون تعبير واضح….
لتصرخ بأسمه وهي تركض نحوه :
-ادهممممم.. خد هنا استنى ياض انا هاوريك السلعوه بس
بينما ادهم يضحك وهو يهبط السلالم وهي خلفه….
بينما في الاعلى تقف تلك “السلعوه” تستمتع لأصواتهم الضاحكة التي كانت بمثابـة عويـل تود إخماده بأي طريقة كانت !!…
لتركض بسرعة تمسك هاتفها لتتصل بنفس الشخص :
-الووو ايوه يا حمو
-……………….
-بقولك ايه بص بسرعة هما نزلوا دلوقتي من البيت، عايزاك تفضل وراهم وتنفذ النهارده
-………………..
-لا مش هينفع استنى اكتر،،، النهارده عاوزه خبر إغتصاب البت دي يكون عندي !!
-…………………
-ماشي يلا سلام !
ثم أغلقا الخك وهي تبتسم بخبث دفيـن.. تُمني نفسها بتلك اللحظة التي ستكون بداية حياة وانتهاء حياة اخرى……..!!
********
كان كلاً من “شروق” وسيليـا يجلسان معًا منذ وصول أدهم وشـروق…
وعلى الطرف الاخر أدهم وجواد يتناقشـا بكافـة الامـور..!
نهض جواد بعد دقيقة تقريبًا ليقول بصوت أجش :
-طب يا جماعه ضروري انا وادهم نروح الشركة ومش هنتأخر
اومأتا الاثنتـان بابتسامة هادئة.. لتُسـرع شروق مرددة بمرح :
-احسن احسن خلينـا نتكلم ونفرشح بالكلاك براحتنا عشان مافهمتش منك فـ التليفون كويس.. هااا بقا اتعرفتي على جواد ازاي ؟!
ثم ابتسمت ساخرة لتتشدق بــ :
-من ساعة ما قولتيلي التليفون وانا وادهم مش مصدقين انك البنت اللي كان جواد بيحكي عنها
وهكذا استمـر الحـوار بينهم يتحدثـا في كافة الامـور…….
إلى أن سمعوا طرقات عنيفة على الباب.. فارتجف جسد سيليا تلقائيًا بخوف.. مما جعل شروق تنهض هاتفة بتوتر :
-انا هروح افتح الباب خليكِ هنا بالبنت
ويا ليتهـا لم تفتح…. فكان الجحيم بانتظارها !!!!
******
في فلسطين…..
كان أدم يرتدي التيشرت استعدادًا للخروج متجاهلاً نداء أسيا التي اخذت تردد بحنق دفين :
-ادم انت رايح فين؟؟ الظابط قال خليك هنا.. اوعى تسبني هنا لوحدي
لم ينظر لها وهو يخبرها بصوت اجش :
-انا مش هبعد عن هنا يا أسيا بس لازم اشوف الراجل راح فين ده اتأخر اوووي
عندها إنفلتت زمام اعصابها التي كانت تتحكم بانفجارها فصرخت بصوت عالٍ :
-قولتلك ماتسبنيش لوحدي انت مابتفهمش؟؟ مفيش راجل يسيب مراته كده يا بيه
وبالتأكيد… الطبـع يغلب التطبـع..!!!
فجأة تجمدت مكانها باهتزازة عنيفة حينما سقطت صفعة أدم على وجهها لتردها ارضًا…
مهما حاول أن يكون لطيفًا حنونًا معها تُخرجه عن طور هدوءه…!
وهو ليس بأنسـان آلي ليتحكم في طبعه بهذه السرعة فيصبح الحلم الوديع…..!
اغمض عيناه يلعن بصوت خافت وقد بدأ الندم يزحف لنظراته.. ولكن قبل ان ينطق سمع صوت ضجيج بالخارج قريب منهم جدًا….
وأحدهم يصرخ بالأنجليزية:
-اجلبووووهم لي.. سأقتلكم إن لم نجدهم الليلة انا متأكد انهم هنا
وكانت تلك الجملة التي فهمها ادم جمدته مكانه وهو يُدرك ” أن اللعبة لم تنتهي بعد “……….. !!
↚
تجمـدت أسيا مكانهـا تشعـر بإنسحاب الدماء من وجههـا..!
للحظة تخيلت أنهم يعودوا لنقطة الصفر مرة اخرى ويصبحون سجناء ثم قتلى !!!!…
ارتجف كيانها كله لتلك الافكـار التي بدأت بهز ثباتها بعنف فكادت ترتعش وهي تنظر لأدم هامسة بخوف :
-هياخدونا تاني بس المرة دي مش هيرحمونا !
اشار لها أدم بٱصبعه محذرًا :
-هشششش
ثم سمـع صوت الرجل الفلسطيني الذي يبدو أنه وصل الان.. يزمجر فيهم بغضب مصطنع :
-شو بدكن من بيتي.. روحوا من هون.. روحوا قبل ما حاكي الشرطة هلاّ !
تنهـد “أدم” بعمق وهو يأمر عقله بالتدخـل… بإنقـاذ أرواحهم التي كالمغناطيس تجذب قبضة القدر القاسية لها !!….
لينتبه للفراش والمساحة أسفله فأشار لأسيا بسرعة آمرًا :
-يلا خشي تحته بسرعة.. بسرعة عشان لو فتشوا البيت
اومأت بسرعة وبالفعل تركضت تنزل اسفل الفراش يتبعها أدم الذي حاول تحريك -فرشة الفراش- لتغطي الظاهر منهم….
كان صوت تنفس أسيا المضطرب عالي.. عزاءًا لروحها التي تأن رعبًا!!
فوضع أدم إصبعه على شفتاها وكأنه يكتم الصوت بتلك الطريقة.. ثم همس لها بهمس حاني :
-هششش اهدي متخافيش،، مش هيلاقونا ومش هخليهم يعملولك حاجة اوعدك
نظـرت أسيا للجهة المقابـلة ولم تُعيره إنتبـاه…
فيبدو أن لصفعته صدى واضحًا على روحهـا قبل جسدها !!؟….
مرت دقائق اخرى قبل أن يجدوا الرجل الفلسطيني يدلف وهو يردد بارتياح :
-أدم.. خلص فيك تطلع يلا راحوا
إنتظـر أدم دقيقة وكأنه يتأكد ثم خرج بالفعل.. ليجد الرجل يعتذر بصدق :
-اسف لانه عرضتكم لهيك موقف ماتوقعت إنهن يفتشوا البيوت كمان..!
ابتسم أدم بسخرية متمتمًا :
-امال هيسبونا بسهولة كده !!
ابتسم الرجل بهدوء ثم خرج مرة اخرى… حينها نظر أدم لأسيا ليردف بصوت أجش :
-أسيا آآ….
ولكنها قاطعته حينما توجهت نحو الباب لتغلقه ثم عادت للفراش لتتمدد عليه وتغمض عيناها ببرود غير عابئة بذلك البركان الذي على وشك الإنفجـار…!
بلحظة كان امامها يقبض على ذراعها بعنف مزمجرًا :
-هو انا مش بكلمك ولا ايه؟!
نظرت لقبضته بحدة ثم عادت تنظر له بصمت.. وكأنها قررت طعنه بسكينها الأنثوي المسموم !!
وهو “التجاهـل” …
التجاهل الذي يحظره ادم نهائيًا من قاموس حياته !!
لم يحتمل أدم فهزها بعنف وهو يصرخ :
-ردي على أمي.. الظاهر إني لما دلعتك فكرتي انه ضعف!!!
ردت هي الاخرى وكأنها تبصق الكلمات في وجهه ؛
-انت اللي لما سكتلك على مد ايدك مرة واتنين فكرت انه ضعف.. بس لا يا ادم لا كفايه
سمع صوت صكيك أسنانه التي هزتها بقوة من الداخل ولكنها تماسكت امامه وهو يخبرها بحدة :
-اوعي تتوقعي انك تهينيني واسكت ابدًا،،، قولتلك الا الاهانة لو على موتي مابسكتش عليها!!
لم ترد عليه وأدارت وجهها للناحية الاخرى فرمى ذراعها بعنف حتى تمددت على الفراش لينهض مكملاً زمجرته القاسية :
-اتخمدي انا سايبلك الجمل بما حمل.. زهقت منك اصلاً ومن شخصيتك السليطه الدبش !!
ثم صفع الباب خلفه بعنف لتعض هي على شفتاها بقوة تحاول إحتجاز تلك الدموع التي تحارب لتخرج للنور… ثم همست بصوت يكاد يسمع :
-ايوه انا دبش برضو ماتضربنيش !….
ثم تمددت كالجنين تضم ركبتاها لصدرها وتكتم شهقاتها الطفولية بصعوبة…
حينها ادركت الحاجز الشاهق بينها وبين أدم !!……
********
بمجرد أن “رأت” سيليا رجال مظهرهم يغني عن كل شيء… ركضت بسرعة قبل أن يروها نحو الغرفة.. وصراخ شروق الفزع كان ترنيمـة تضفي على الجو خلفية مُرعبة…!
فأمسكت بهاتفها بسرعة تتصل بجواد الذي قال بصوت هادئ :
-ايووه يا سولي.. عاوزه حاجة احنا قربنا عليكم؟؟؟
همست بصوت منخفض خشية أن تُكشف :
-جواد تعالوا بسرعه في ناس غريبه جم بره وشروق عمالة تصوت والنبي تعالوا بسرعه
-خلاص خلاص استخبي انتِ واحنا خمس دقايق وهنبقى هناك
أغلقت الهاتف وهي تبحث عن مخبئ جيد بالغرفة.. ففتحت الدولاب لتدلف به بسرعة وهي تحمد الله أن تيا تغط بنوم عميق !!……
في الحين الذي كان أدهم فيه يركض بجنون نحو القصر غير عابئًا بصراخ جواد المُحذر….!
وصلا بالفعل للقصر ليجدوا الحارس ساقط ارضًا وفاقد الوعي…
ركض أدهم يتبعه جواد للداخل ليجدوا شخصان.. احدهم يحاول الأعتداء على شروق والاخر يقف كحارس له..!
كانت نسبة غليـان الدمـاء في عروق أدهم اقوى من أي قوة سيستخدمها ضدهم فاهتاج وهو يُخلص شروق من بين قبضتا ذلك الرجل…
يضربه بعنف وجواد يفعل نفس الشيء مع الرجل الاخر….
استمرت المعركة الدامية حوالي عشر دقائق سيطر فيها جواد وأدهم على الوضـع..!!!
ركض أدهم نحو شروق التي كانت متكورة أرضًا على نفسها ليحملها بين ذراعيه يضعها على الأريكة ليركض جواد يبحث عن سيليا وأبنته….
بدأ ادهم يربت على خصلات شروق برفق يهمس لها بصوت حنون حاول به ترميم ما هدمته رجفة الذعر !!…..
” اهدي يا بندقتي خلاص انا هنا… هششش اهدي”
كانت شهقاتهـا تتعالى وهي تدفن وجهها بصدره.. ليهبط جواد مع سيليا التي ركضت تحاول تهدأة شروق بينما جواد يتجه لهؤلاء المعتوهين ليحملهم بمساعدة ادهم ويربطهم في احدى الكراسي بإحكام…..
ثم جلب سطل من الماء البارد ليلقيه في وجوههم مما جعل الاول يهب صارخًا بفزع :
-ايه ايه كفايه !!
لم ينتظر أدهم فكان يُسدد له لكمة عنيفة وصوت يخرج كالزلزال يكاد يهز المكان :
-مين اللي بعتك يا **** عشان تعمل اللي عملته !
كانت نظراته المتوترة تنتقل ما بينه وبين جواد الذي كان متأهبًا لأي هجوم…
ليضربه أدهم مرة اخرى ويعيد سؤاله الهيستيري:
-انطق يا *** مين انطق ميييين
حاول جواد إمساكه وهو يقول بشراسة :
-اهدى يا ادهم ماتتعبش نفسك انا هتصل بالبوليس وهو يتصرف !!
وبالفعل أخرج هاتفه يدعي الاتصال ليردف هو “حمو” بسرعة :
-خلاص خلاص بوليس لا انا هقولكم مين قالي اعمل كده بس تسيبونا
رفـع جواد حاجيه بانتصار ليتابـع حمو بصوت مرتجف :
-دي البت منار اللي ساكنه معاك فـ العمارة يا ادهم
عند تلك النقطـة… واللحظة التي صرخ فيها السكون بالحقيقة…!
شعر أدهم أن تلك الصفعة التي تلقاها كانت بيداه هو !!…
نعم بفضل جنون تلك الشمطاء به والعشم الذي تقبله هو.. كادت نهاية أن تُصك بنقطة لبداية جديدة سوداء !!…..
لم ينتظر أكثر فأمسك بيد شروق يسحبها برفق وهو يردد بصوت أجش :
-انا هاخد شروق وهروح،، اتصل بالبوليس يا جواد
اومأ جواد موافقًا بتأكيد ليصرخ الاثنان بتذمـر مرتعد….!!
*********
وصل كلاً من أدهم وشروق للمنزل…
أدخل شروق برفق حتى جعلها تتسطح على الفراش لينهض متمتمًا بجدية شاردة :
-ريحي انتِ عقبال ما اروح وهرجعلك تاني
أمسكت يده بسرعة بقلب ينبض هلعًا لتردد بقلق :
-رايح فين يا ادهم؟؟ اوعى تعمل حاجة متهورة بالله عليك
ربت على يدها بخفة يتشدق بــ :
-متخافيش
ثم غادر بالفعل لتتمدد شروق وهي تتنفس بصوت عالي…
شيء ما تغير بتلك الحياة التي تعيشها..!
شيء إنسـدل من بين خيوط كادت تخنقها !!
مرت دقائق على مغادرة أدهم لتسمع شروق صوت طرقات على الباب..
تنهدت وهي ترد بصوت هادئ :
-ايوه جايه اهو ثواني
ثم نهضت تتجه نحو الباب.. ما إن فتحته حتى وجدت شخصًا ما تراه لأول مرة يقول بابتسامة :
-انتِ انسة شروق صح ؟!!
عقدت ما بين حاجبيها وهي تسأله متوجسة :
-ايوة انا انت مين وعايز ايه؟!
مد يده لها بـ “كيس” صغير يحتوي على شيء وملفوف بأحكـام… ليستطـرد بصوت هادئ وناعم كجلد الثعبان :
-انا جمال صاحب ادهم.. هو مش هنا ولا ايه ؟
هزت رأسها نافية :
-لا لسة نازل
زاد احكام خيوطه التي صُبغت بدماء الشيطان وهو يخبرها :
-طب ممكن تديله الحاجة دي لما يجي.. هو كان طالبها مني !
نظرت شروق له بتردد وكأنها تحيك مسألة حسابية بعقلها.. لتأخذها منه موافقة على مضض….!
ليغادر ذلك الشاب بهدوء وما ان غادر المنزل حتى امسك بهاتفه يتصل بـ ابن عمها كريم :
-الووو ايوه يا كريم بيه
-هاااا اديتها الحشيش ياض ؟؟
-ايوه طبعا والحمدلله ماشكتش فيا
-تمام جدا يلا اتصل بالبوليس بسرعة واستنى اما تشوف البوليس بعينك عشان الكلب جوزها ممكن يجي في اي لحظه !!
-تمام يا ريس متقلقش
أغلق الاخر الخط لتتسـع ابتسامته الخبيثة وهو يُمني نفسه بنتائج خطته المزدهرة…….!
*******
بعد فترة……
كانت “سيليا” في احدى الغرف التي سيقيمون فيها هي وجواد وطفلتهم مؤقتا لحين عودة “أدم وأسيـا”….
كانت تقف امام المرآة تمشط خصلاتها بشرود وهي تحدق باللاشيء…
وفجأة شعرت بجواد يحتضنها من الخلف ببطء.. فاهتزت بعنف وهي تهمس له :
-جواد انت بتعمل ايه ابعد
نظر لأنعكـاس صورتها الساحرة بالمرآة.. بدايةً من الشورت القصير حتى ركبتاها والتيشرت الذي يُظهر ذراعاها البيضاوين…
كان مظهرها سارق لقلبه… قلبه الذي كان من حصائد قدرتها الانثوية !!
قبل عنقها الابيض الظاهر ببطء كاد يُذيب أعصابها لتعترض وهي تبعده مرددة بجدية :
-جواد قولتلك ابعد مش عاوزاك تقربلي ابعد
لم يبتعد جواد بل استمـر ولكنها دفعته فجأة بعنف بعيدًا عنها حتى كاد يسقط ثم صرخت :
-متنساش اتفاقنا ابعد بقااااا عني مش طيقاك
حينها لم يتمالك نفسه بل دفعها بعنف لترتد للخلف بقسوة ثم زمجر فيها :
-في ستين داهية قال يعني انا اللي هموت عليكِ.. انا مش بحب بواقي غيري اصلاً !!
ثم تركها وغادر تاركًا اياها تعاني صدمة كلماته القاسية…..!
*******
واخيرا وبعد مرور ساعات………
كان كلاً من أدم وأسيـا في المطـار… لم يُصدقا أن ذلك الكابوس انتهى واخيرًا…
ركبـا الطيارة معًا تحت اشراف الشرطة التي كانت متخفية…
طيلة ساعات سفرهم كانت أسيا تتجاهل أدم تمامًا وهو كان يظهر البرود فقط الذي سيطر على تعابيره الجامدة….!
فرحة داخلية رهيبة أخترقت قلب أسيا بمجرد أن وصلا أرض مصر بعد ساعات عديدة..
شعرت أن شيء كاد يختنق اصبح يرفرف داخلها الان !!….
نظرت لأدم وكادت تنطق بابتسامة ولكن قُتلت تلك الابتسامة عندما وجدت فتاة ما تقترب من ادم فجأة صارخة بسعادة :
-ادم… مكنتش متوقعه اني اشوفك بعد كل السنين دي
ثم احتضنته هكذا دون ان تعير كل الواقفين انتبـاه.. وعندما لمح ادم تلك النيران التي استعرت بعيـنا أسيا لم يُمانع احتضانها ليزيد الطين بلاً !!….
وهو يهمس بخبث :
-ولا انا كنت متوقع يا ليلي!!
حدقت فيهم أسيا بجنون قبل أن تتقدم منهم بحقيبتها دون ان تنتظرهم….
اصبحت في الطريق العام للسيارات ولكن فجأة شعرت بدوار يداهما بالاضافة لجزع النفس الذي اصبح يراودها مؤخرا….
سقطت الحقيبة من يدها ولم تشعر بنفسها وهي تسقط امام سيارة ما فاقدة الوعي…!!
سيارة اصدرت ابواقها العالية وهي تقترب منها بسرعة مُخيفة جعلت ادم يصرخ بهلع وهو يقترب نحوها………….!!
↚
السيارة كانت على بُعد خطوة من أسيـا التي أصبحت في عالم آخـر…!
بلحظة كان أدم امامها يصرخ بأسمها بهلع وهو يضرب خدها برفق محاولًا إفاقتهـا..
حملها بعنايـة وهو يضعها في احدى سيارات الاجـرة ويصرخ بالسائق :
-اطلع على اقرب مستشفى بسرعه
وبالفعل إنطلق السائق ولكن قبل أن يسير ركبت المدعوة بـ “ليلي” معه جوار السائق…
وصلا بعد فترة صغيرة إلى المستشفى وأدم كالمجنون يحاول إفاقتها مناديًا بأسمها كطفل يكاد يفقد أمه..!!!
دلفت أسيا الى غرفة الطوارئ وأدم ينتظر.. يشعر أن الانتظار ذاك بمثابة لهب يُعبء جوفه فيكيوه بقسوة !!….
اقتربت ليلي منه تهمس بصوت ناعم :
-اهدى يا أدم.. هتبقى كويسه،،، بس مين دي ؟؟
كان يهز قدماه بتوتر ثم أجابها بخشونة :
-مراتي يا ليلي.. ممكن تسبيني فـ حالي بقا دلوقتي؟!!
اومأت بسرعة وهي تبتعد عنه دون كلمة اخرى..
فكل احلامها في قربه عندما رأته،،، أحرقتها كلماته الجامدة…!
بعد دقائق معدودة خرج الطبيب فركض ادم نحوه يسأله بلهفة :
-مراتي مالها يا دكتور ؟!
رد الطبيب بجدية :
-متقلقش يا استاذ مفيش حاجة تخوف،،، المدام حامل فـ اسبوعين فـ طبيعي تظهر عليها اعراض الحمل !!
للحظة تجمد أدم مكانه لا يتصور أن ما اخترق أذنه حقيقة ثابتة !!…
حقيقة شاذة عن واقعه الاسود المرير….!
نظر للطبيب مرة اخرى يسأله مستنكرًا :
-أنت متأكد انها حامل يا دكتور ؟؟
اومأ الطبيب مؤكدًا بهدوء :
-ايوه والله متأكد.. مبروووك
ابتسم ابتسامة صفراء ثم غادر بهدوء تاركًا ادم يتخبط بين أفكـاره هنا وهناك…..
سيصبح أب ؟!!
وبالطبع طفله سيصبح مثله كما اصبح هو مثل والده؟!!….
عند تلك النقطة تحديدًا مسح أدم على شعره بعنف وهو يتنفس بصوت عالي،،، لتغمغم ليلي وهي تسأله بمكر :
-ادم… اوعى تقول ان الحمل ده حصل غلطه؟!
رماها أدم بنظرة حادة كالسكين ثم غادر متجهًا لأسيا التي كانت شاردة تتحسس بطنها بابتسامة بلهاء…
اقترب منها دون ان ينطق لتقول وهي تفتح ذراعيها مهللة بفرحة حقيقية :
-أنا حاااامل يا أدم حامل… ابنك جوايا ؟!
وايضًا لم تنل رد واضح بل احتضنها بصمت وهو يدفن وجهه عند رقبتها….
يلثم رقبتها بعمق وهي تشعر بكل خلاياها تستجيب لقبلته الساخنة التي ألهبت حواسها..!
أبعدته بعد لحظة تحدق في ملامحه المبهمة وتسأله متوجسة :
-أدم مالك؟؟ أنت مش مبسوط!
أهتـزت ملامحه للحظة.. وكأنه يحاول إجبار تلك الحروف على الخروج من فمه…
ثم نطق أخيرًا بصوت أجش :
-انا مش عايز الطفل ده يا أسيا،،، على الاقل دلوقتي !!
طارت كل فرحتها في مهب الريح…!
لم تشعر سوى أن وكأن الحظ يُسدي لها صفعة عنيفة كادت تُدميها!!…
تنهدت بصوت مسموع وهي تسأله بشبه ضحكة :
-يعني ايه؟؟ يعني ايه مش عايز الطفل ده!!
لم تتغير ملامحه الجامدة وهو يخبرها بجمود :
-يعني هنقول للدكتور دلوقتي إنك هتنزليه يا أسيا…. !!!!
عندها لم تتمالك أسيا نفسها فصرخت فيه بجنون :
-لا يا ادم.. ده ابني انا،،، انا مش واحدة من عاهراتك اللي بتقضي معاها وقت وحملت منك غلطه!! انا مش هموت ابني يا ادم
أمسك ذراعها بعنف يضغط عليه بقسوة وهو يأمرها بلهجة قاسية :
-الجنين ده هينزل النهارده يا أسيا،،، ده مش بمزاجك!!!!
ثم نهض تاركا الغرفة دون كلمة اخرى بعد ان ألقى قنبلته في الاجواء…!
*******
في نفس الوقت عند “شروق”…..
كانت الشرطة أسفل العمـارة يصعدون رويدًا رويدًا,, سمعت شروق صوتهم فعقدت حاجبيها بتعجب..
وفجأة سمعتهم يطرقون بابها بعنف !!
نهضت بخوف تفتح الباب ليجد الضابط يقول بتجهم :
-اوعي يا انسه البيت هيتفتش
صرخت شروق بفزع :
-يتفتش لية يا باشا؟؟؟
لم ينظر لها وهو يرد ببرود :
-هتعرفي دلوقتي…
وفي اللحظة التالية كان شرطي يخرج من احد الغرف متمتمًا بخشونة :
-اتفضل يا باشا لاقينا ده
امسك به الضابط يتفحصه وهو يهمس ضاحكًا ببرود :
-ده بتاعك ده صح ؟؟
اومأت ببطء تردف :
-ايوه بس آآ…..
ولكنه قاطعها عندما استدار يعطيها ظهره وهو يأمر الشرطي بحدة :
-هاتها يلااااا
وبالفعل سحبها الشرطي وهي تصرخ نافية… بدأت الدموع تنهمر من عيناها وهي تلاحظ نظرات جميع من بالحارة….!
………………………………
بعد ساعتـان تقريبًا….
كانت شروق في -السجن- تضم ركبتاها لصدرها باكية.. تتذكر بمجرد ان وصلت مع الضابط للقسم أمر الضابط بوضعها في السجن لحين التحقيق معها….!
نظرت لأعلى وكأنها تحادثه وهي تهمس بصوت مبحوح :
-أنت فين يا أدهم بقااااا…
اقتربت منها سيدة ما.. ترتدي ملابس غريبة -كالدجالين- وترسم على وجهها وشم مُخيف…
ربتت على كتفها وهي تقول بنبرة هادئة ولكنها بثت الرعب بين ثنايا شروق التي اخذت تتراجع بخوف :
-متقلقيش.. ابن عمك مش عايز منك الا ان جده يطلع،،،، يعني حاجة مقابل حاجة !!
عقدت شروق حاجيها تهمس مستنكرة :
-إنتِ تعرفيني؟!!! وتعرفي الحاجات دي منين؟
ابتسمت السيدة ببرود تردد :
-انا معرفكيش.. بس اعرف عنك كل حاجة
ثم اقتربت من اذن شروق تهمس بما يشبه هسيس الافعى :
-عندي اللي بيعرفني اي حاجة عايزه اعرفها عن اي حد!!!!
تشدقت شروق بتلقائية :
-سحر يعني؟!!!
اومأت تلك السيدة… ولمع وميض خبيث بين حدقتاها وهي تهتف بنبرة حاجز المكر بين حروفها :
-لو عاوزه انا ممكن اساعدك عشان تحققي اي حاجة انتِ عاوزاها !
صمتت شروق حوالي دقيقتـان والكلام يترامى هنا وهناك بعقلها… ولم تدري اين ذهب عقلها وهي تقول بصوت شارد :
-ايوه.. انا عايزه اعمل سحر !!…….
********
كان جواد في مكتبه يُلهي نفسه بأمور الشركة في ظى غياب أدم المؤقت…..
كان يتأفف كل لحظة وهو يتذكر رفض تلك المعتوهه والذي كان بمثابة صفعة لكرامته الرجولية !!…….
في تلك اللحظة دلفت سيليا تقدم قدم وتؤخر الاخرى حتى اصبحت امامه..
لم ينظر لها وهو يسألها بصوت بارد :
-مممم؟ خير عايزه ايه يا مربية بنتي ؟؟؟
اقتربت منه كثيرا حتى اصبحت امامه مباشرة فقالت بنبرة متوترة :
-اسفه يا جواد.. انا افتكرت كل اللي حصل معايا من بداية معرفتي بيك واضايقت اوووي وماحستش بنفسي وانا بقول كده بس كنت مخنوقه
اومأ جواد موافقًا ببرود ثم قال مشيرًا لها نحو الباب :
-تمام،،،، ممكن تتفضلي بقا عشان ورايا شغل مهم دلوقتي ؟!
وبتلقائية تحركت لتجلس على قدماه…. زادت الوضـع توترا خاصة وهو ينظر لقدماها البيضاء التي ظهرت عندما رُفع فستانها تلقائيًا….
ابتلع ريقه بتوتر وهو يُدرك سلاحها الجديد في تلك الحرب….!
لفت يداها حول عنقه ثم اقتربت حتى كادت شفتاها ان تلامس شفتاه وهمست :
-خلاص بقا يا حبيبي متزعلش مني اسفه!!
اغمض عيناه يحاول السيطـرة على مشاعره الفياضة التي ثارت من لمستها فجعلته يود الانقضاض عليها ليلتهمها كما يلتهم الحلوى اللذيذة !!……
وزادت هي الطين بلاً عندما لامست شفتاه وهي تقبله قبلة رقيقة…
جعلت جسدها كله يبرد وارتعاشة تسير فيه استجابة له…!
في لحظة إنقلب الوضع ليلتهم هو شفتاها بنهم.. يحيط خصرها بشراسة وشفتاها تلتهم عنقها وبداية صدرها وهي تأن استجابة…
وفجأة صرخت بألم عندما شعرت به يعضها هامسًا بصوت لاهث :
-دي عشان رفضك..
ثم لثم عنقهـا بعمق ليتابـع بعد عضها مرة اخرى :
-ودي عشان انا مش قادر ابعد عنك
وبلحظة جعلها تتمدد على الاريكـة وهو فوقها،، لترفع هي نفسها تقبل شفتاه بعمق مغمضة العينين ثم ابتعدت وهي تهمس بخبث انثوي :
-ودي عشان انا بعشقك يا جماااااد.. انت مستحيل تكون كل ده مش حاسس انت جماد مش جواد !
ضحك جواد بخشونة وهو يفتح ازرار فستانها ببطء متابعًا بهمس مثير :
-وانا بمووووت فيكِ يا نن عيون جواد…
ولم يمهلها الفرصة لنطق المزيد فكانت شفتاه تعزف انغام حارقة بين كلاهما….
انغام عشقهم الزاهي………!
******
بعد فتـرة……
دلفت أسيا مع أدم الى القصر بصمت…
منذ ما قاله ولم تحادثه بتاتًا الا عندما اخبرها ببرود أنه سيتركها فترة قليلة تعتاد على فكرة عدم تقبله لذلك الطفل….
ولكن لم يدري أنه يزيد عنادها واصرارها على ذلك الطفل…!
وبعد السلامـات بين الجميع ومن ضمنهم جواد وسيليا اللذان رحبان بهما ترحيب حار…..
نظرت أسيا لأدم تسأله بجمود :
-فين چمانة ؟؟
صمت ادم برهه قبل ان يقول :
-محبوسه في نفس الاوضه اللي كان حبساكِ فيها بس الفرق اني مش عايز اموتها فـ سبتها ف درجة حرارة باردة بس تقدر تستحملها ماتموتش !!
إتسعت حدقتا عينـا أسيـا….
رآن الصمت بين الجمـيع….
قسوة الشيطان اصبحت على مرمى ومسمع من الجميـع.. فلم تسع كل قلوبهم تخيل الجحيم في تلك الدنيـا !!!!…..
في اللحظة التالية ركضت أسيا نحو الغرفة لتجد الحارس فأمرته بسرعة صارخة :
-افتح الباب
وبالفعل إنصـاع لأوامرها ففتح الباب بسرعة.. دلفت لتُصدم من مظهر جمانة الشاحب الذي كان يوازي شحوب الاموات…..!
بالطبـع شاحبة فهي لا تتناول سوى وجبة واحدة يومًيا ؟!!!
رق قلب أسيا لتلك المسكينـة رغم كل شيء..
فنظرت لها تهمس بشفقة :
-جمانة أنتِ آآ……
ولكن قاطعتها جمانة كالمجنونة وهي تمسك بصينية الطعام الحديد لتضرب بها رأس أسيا بعشوائية مزمجرة كالمجنونة :
-ايوة جمانة ياسبب المصايب في حيااااتيييييييي……!!!!!!!!!
↚
صرخت أسيا وهي تسقط على الأرض تكاد تفقد وعيهـا.. وبلحظة وجدت أدم خلفهـا يمنع تلك المعتوهه عن ضرب أسيا مرة اخرى…!
كانت ضربة چمانة ليست مجرد ألم… ليست مهاجمة وحسب….
بل كانت صفعة توحي بصعوبة محو شظايا الماضي القاسيـة..!
لتثبت أن تلك الشظايا… هي جذور الحاضر والمستقبل !!…
أمسك ادم بذراع أسيا يجعلها تنهض وهو يتفحص جرحها هامسًا :
-أسيا انتِ كويسه؟؟ حاسه بأيه يا طفلتي؟!
عضت على شفتاها تكتم آهة ألم كادت تخترق حاجز شفتاها… لترد دون ان تنظر له :
-انا كويسه عاوزه اروح اوضتي
سار معها متجهًا للخارج ولكن قبل ان يغادر أشار للحارس مغمغمًا بصوت آمر قاسي :
-اقفل الباب عليها لحد ما اجي احاسبها انا بنفسي.!
وبالطبع الاخر إنصاع لاوامره.. وهل يستطع غير ذلك ؟!!….
وصلا أدم وأسيا الى غرفتهما.. جعل أسيا تجلس على الفراش ببطء وهو يهمس لها بصوت حاني :
-اقعدي هنا لحد ما اروح اجيب الاسعافات الاولية واجي بسرعه !
اومأت موافقة دون رد ليركض هو بالفعل يجذبهم.. عاد جالسًا جوارها يفتح الادوات ليبدأ بتعقيم جرحها بخفـة…!
كلما تألمت او تأوهت شعر وكأن شوكة قاسية تغرز بذلك القلب فتُدميه !!…
إنتهـى ثم وضع لاصق على الجرح.. رفع نفسه بخفة ليطبع قبلة رقيقة حانية على موضع جرحها…
شعرت وكأن كهرباء لاذعة مستها فعادت للخلف بسرعة مزمجرة بحدة خفيفة :
-ادم ابعد لو سمحت،،، شكرا على مساعدتك !!
لم تتحرك عيناه عن محور عينـاها التي كانت بحر مستكين يبتلع في جوفه ثوران عنيف…!
ليتنهد متابعًا بصوت أجش :
-أنتِ بتعاقبيني عشان مش عايز الجنين ده يا أسيا؟!
سمع ضحكة خافتة ساخرة منها قبل ان تردف دون ان تنظر له :
-اللي انا مش فهماه بجد.. أنت مش عايز الجنين ده لاسبابك المتخلفه دي،،،، ولا مش عايزه عشان هو مني انا !!؟
كادت شهقة عميقة تصدر عن جوارحها المنفرجة عندما اقترب منها فجأة يضع يداه على الفراش حولها حتى لا تستطع الفرار من بين براثنه…!
ثم اقترب بوجهه منها… وكلما اقترب كلما ازداد ذلك النداء داخله لإلتهامها… للشعور به بين يداه كقطعة صغيرة رقيقة!!!
أصبح صوت تنفسهم عالي.. وذلك القرب يفرض على قلوبهم النابضة بالعشق اشد العذاب !!….
اصبحت شفتاه تتلمس وجنتها وهو يردد بصوت رجولي خشن ؛
-مش عايزه عشان منك ازاي؟!!! ده انا لو عايز اخلف فـ عايز اخلف منك إنتِ بس ومش عايز اي اطفال من واحدة غيرك…!
إن كان الوضع مختلف.. إن كان عقلها بمحله وليس مسلوبًا….
لكانت صرخت به بغضب،،، ولكنها تحت تأثير قربه.. فأغمضت عيناها تتنهد وهي تهمس بصوت مبحوح :
-طب آآ.. ممكن تبعد يا أدم
ولكنه على العكس ظل يقترب اكثر.. حتى شعرت بنفسها يثقل كلما ضغط بصدره الصلب العريض عليها…!!
اصبحت شفتاه تطبع صك ملكيته على رقبتها البيضاء وهو يسألها مستنكرًا ؛
-ولو مابعدتش هتعملي ايه يعني؟؟؟!!
كاد يداه تعبث بأطراف ملابسها.. ولكنها امسكت يده بسرعة تتشدق بتلقائية :
-ابني !!
ضيق ما بين عيناه بعدم فهم،، لتستطرد هي بنفس النبرة الواهنة :
-ممكن يكون غلط عليه لو قربتلي دلوقتي!!!
انتشلته من سحر اللحظة بكلماتها التي صفعته في الصميم فأردته قتيل الواقـع….!
لينهض عنها صارخًا بغضب اعمى :
-من دلوقتي عملاله حساب وخايفه عليه،،، انا قولتلك اتعودي انه مش هيبقى موجود مش العكس !!
وجدت نفسها تصرخ هي الاخرى بالمقابل :
-وانا قولتلك ده ابني واستحالة اقتله،، افهم بقاااا
إنكمشت ملامحه وهو يجيب بصوت بدا شاحبًا متوترًا :
-افهميني انتِ.. انا مش عايز ابني يعيش حياة سودة بسببي يا اسيا !! عشان كده قولت مش عايز اطفال على الاقل دلوقتي بس…!
هزت رأسها نافية بعناد أغاظه فعليًا :
-مليش فيه،،، ابني ومستحييييل اقتله !
كادت تصرخ بفزع وهي تراه يدفعها بعنف لتسقط للخلف على الفراش وزمجرته المرعبة ترن بأذنها كالرعد :
-انتِ حره بس اعملي حسابك اني هنفذ اللي في دماغي واللي في بطنك هينزل يا أسيا !!!!…….
ثم غادر وتركها هكذا دون كلمة اخرى…….
******
كان أدهم قد انتهى واخيرًا من كارثة “منار”… فبعدما ذهب لها وتشاجرا ووصل به الامر أن صفعها بعدما جعلته يفقد أعصابه…
أخرج التسجيل الذي سجله لها على الهاتف اثناء شجارهم.. ليذهب به للشرطة بالأضافة لأعتراف ” حمو ” عليهـا…
فتصبح منار أسيرة السجن… لفترة مجهولة !!!!
أستفاف من شروده على صوت رنين هاتفه،،، ليجيب بهدوء :
-الووو مين معايا؟؟
-معاك كريم ابن عم شروق
-انت عايز ايه تاني مننا يابن ال****
سمع ضحكة كريم الباردة قبل ان يقول :
-ما انت اول تسمع اللي عاوز اقوله اوعدك هقفل على طول!
-عايز ايه اخلص؟؟
-حبيبة القلب في السجن زي جدي بالظبط.. جدي اللي محبوس بسببك يا ادهم باشا فاكره؟!؟!!
-انت بتقول ايه يا آآ…..
ولكن كريم قاطعه بحزم مستفز :
-اهدى وسبني اكمل كلامي،،، انا مش هستفاد حاجة لما شروق تتحبس!! تروح تتنازل عن المحضر وجدي يخرج.. اروح انا كمان ابعت واحد يشيل الليلة عن شروق،،، هااا قولت ايه؟!
وهل تبقى لأدهم قول الان؟!!…
اصبح وكأنه لا يدري سوى كلمة واحدة في قاموسه.. وهي :
-موافق…..!
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
↚
بعد فتـرة……
انتهى أدهم من التنازل عن المحضر وهو يخبر الضابط باختصار :
-معلش يا حضرت الظابط هنحلها ودي
وهكذا ألغى ذلك المحضـر وداخله يحترق… يحترق وهو يتخيـل أن مسعاه لمعاقبة ذاك الرجل اصبحت مجرد رماد لا معنى له !!….
كان يقف في إنتظـار خروج شروق التي بمجرد ان رأته ارتمت بأحضانه هامسة بأسمه.. ليضمها هو له بقوة اكبر مستشعرًا ملمس جسدها بين ضلوعه….
أمسك كفها بإحكام وهو ينظر للضابط هامسًا بشرود :
-شكرا يا حضرت الظابط… بس ممكن نعمل محضر عدم تعرض؟!
عقد الضابط حاجبيه يسأله :
-لمين؟؟
-اولاد عمها وجدها
رد أدهم مباشرةً غير مباليًا بيد شروق التي كانت ترتجف بعنف بين احضان كفـه… ليومئ الضابط موافقًا بجدية :
-تمام اللي تحبه ……
وبعد حوالي نصف ساعة كانت شروق تنظر لأدهم وهم يتجهان للخارج مرددة بصوت شاحب :
-انت كنت فين يا ادهم كل ده؟!!!
تنهـد بصوت مسموع ثم اخبرها بهدوء :
-كنت بخلص الحوار مع منار،،، واتحبست خلاص
شعر بيداها التي كانت تفلت قبضته رويدًا رويدًا… رماها بنظـرة غامضة.. وخرج سؤاله مغموسًا بالشك فانقبضت نظراتها عند الاجابة :
-انتِ رايحه فين يا شروق ؟؟
-رايحة لواحدة مشوار وهرجع علطول.. روح انت يا ادهم
قالتها وهي تنظر للجهة المقابلة تبحث عن سيارة أجرة… ليجذب هو يدها بعنف مزمجرًا :
-واحدة مين يا شروق.. من امتى واحنا بينا اسرار ؟!!!
هزت رأسها نافية ببرود :
-لا مفيش بينا اسرار.. اول ما ارجع هحكيلك
ثم أوقفت السيارة منادية :
-تاكسي
ولم تنتظر أدهم الذي كان متجمدًا يحاول فك طلاسم تغييرها الذي اقلقه.. لتستقل السيارة وهي تأمر السائق بالاتجاة لمنزل تلك الدجالة…..
اما المستقبـل… مجهول عن مرمى العقل !!!!!
*******
قصر آدم صفوان…….
كانت أسيا تجلس في غرفتها بملل متعمدة عدم الجلوس مع أدم نهائيا حتى يتراجع عن قراره…!
سمعت طرقات هادئة على الباب ،، فأذنت للطارق بخفوت :
-ادخل
دلفت الخادمة تُحني رأسها باحترام وهي تقول :
-أسيا هانم.. أدم بيه بيقولك ألبسي وانزلي هو مستنيكِ تحت
عقدت أسيا ما بين حاجبيها وهي تسألها بحيرة :
-مستنيني لية يعني؟؟؟
هزت الخادمة كتفاها بقلة حيلة :
-ماعرفش والله يا هانم
اومأت أسيا موافقة وهي تشير لها بهدوء :
-تمام،، روحي قوليله اني هلبس ونازله
وبالطبع أطاعتها الخادمة لتغادر ونهضت أسيا ايضًا لترتدي ملابسها وسؤال واحد يشغل مكنونات عقلها الان
” ماذا يريد منها ؟!!! ”
………………..
واجابته كانت عند أدم الذي كان ينتظرها في الاسفل وملامحه جامدة تعطيك خلفية مُخيفة عن صاحبها !!……
هبطت بعد دقائق معدودة ليسحبها أدم من يدها دون ان ينطق بحرف فسألته أسيا مستنكرة بسرعة :
-أدم انت واخدني على فين ؟؟
لم يرد عليها حتى جعلها تستقل السيارة وأغلق الباب لتصرخ هي بعصبية واضحة :
-أدم رد عليا انت واخدني على فيييين؟؟؟
لم ينظر لها وهو يجيب بجمود :
-هنروح للدكتورة عشان ننزل الجنين
عندها ثارت كل خلية بخلايـا أسيا التي اخذت تضرب السيارة صارخة بجنون :
-يعني ايه !! قولتلك لا يا ادم لا.. انت كنت عايز طفل اول ما عرفتك،، ولما الطفل هيجي عايز تموته!!! انت مجنون ؟؟؟
عندها نظر لعيناها التي كانت تحرقها الدموع فتُصيبها بأحمرار دامي… ليقول بحدة ملحوظة :
-لا مش مجنون،،، انا كنت مفكر الموضوع عادي جدا،، بس لما يكون واقعي بتفرق.. زي بالظبط لما تشوفي النار من بعيد مابتحسيش بحاجة وبيكون عادي.. بس لو لمستيها بالغلط هتحرقك !!!!! ده بالظبط اللي حصل،، انا مش هقدر اجيب طفل يعيش نفس الحياة السودة بسببي زي منا عيشت حياة سودة زي ابويا !!
كلامه كان مقنعًا نوعًا ما… ولكن بالنسبة لقلب أم هو مجرد صفر على اليسـار !!…..
ازدادت دموع أسيا انهمارًا دون ان تنظر له لينطلق هو بسيارته………
وصلا امام العيادة….
فكانت أسيا تنظر امامها للاشيء وهي تردد بصوت جامد لا حياة فيه :
-اعتبر دي اخر حاجة هنعملها مع بعض يا ادم، واوعدك مش هتشوف وشي تاني
ثم استدارت وكادت تفتح الباب لتنزل ولكنه امسك ذراعها فجأة.. يسألها بقلب ينبض بالخوف من الفقدان :
-يعني ايه؟؟؟ إنتِ بتساوميني يا أسيا!؟؟ يا إما اسيبلك الجنين يا إما تحرميني منك !!
اومأت مؤكدة ببرود :
-ايوه.. زي ما أنت بتحرمني منه
وقبل ان ينطق كانت تلتفت له ممسكة بذراعه لتشعر بواقع تأثير لمستها الملتهبة عليه،،، فاستطردت متوسلة :
-وقبل ما تقول اني بلوي دراعك لا والله، بس حس بيا يا أدم.. ده ابننا.. جزء مني ومنك،، صدقني لو راح هتروح معاه حاجات كتيى اووي والحاجز بيننا هيزيد، انا عايزه الحمل ده يكمل يا أدم.. بالله عليك متحرمنيش منه !
كان جامدًا…. عيناه مُركزة على اللاشيء حتى اعتقدت أن كلامها مجرد هامش لا يُعد ولا يحسب !!!!
ولكن قبل ان تبتعد عنع بيأس كان يلتقط قبلة عابثة ناعمة لشفتاها وهو يهمس بصوت هادئ حاني بعض الشيء :
-وانا ماقدرش أحرمك من حاجة نفسك فيها يا طفلتي!!!
وبالرغم من التذبذب والتردد الذي كان واضحًا بعيناه.. إلا انها ابتسمت بسعادة حقيقية وهي تحتضن ذراعها مهللة بينما هو ينطلق عائدًا للمنزل…
وكأنه عاد للخلف خطوة معاكسة للجحيم…….!
******
كانت سيليا في المنزل اثناء غياب “جواد” في عمله… تجلس بملل بعد أن خلدت الطفلة في نوم عميق.. لتنتبه لصوت هاتفهـا يصدح معلنًا وصول إتصال جديد،،، كان رقم مجهول فأجابت بهدوء :
-الووو مين معايا؟؟؟
-أنا مصطفى يا سيليا
ثم اكمل مسرعًا :
-قبل ما تقفلي الخط انا هقول حاجة تهمك جدًا
-خير ؟؟
-اسمعيني كويس،،، تيا مش بنت جواد.. تيا بنتي انا !! انا ممكن افضح جواد واعمل تحليل الDNA واثبت انها بنتي واخدها.. ومش مهم بقا هو اتعلق بيها ولا لا!
صرخت سيليا فيه بذهول ؛
-انت كداب،، تيا بنته
-انا مش مجبر أقنعك.. انا هستناكِ في كافيه (….) اللي في المعادي وهيكون معايا عينة دم تقدري تعملي بيها التحليل وتتأكدي.. ولو ماقابلتنيش انا هقول لجواد بس مش جواد بس ده انا هقول للدنيا كلهااا انه ……
ثم ضحك بسخرية متابعًا :
-خرونج ومراته كانت مقضياها وضحكت عليه،،، وابقي قابليني لو عرف يبص في وش حد بعد كده
زمجرت فيه سيليا بحنق :
-اقابلك لية انت عايز مني ايه؟؟
-هي نص ساعة وامشي علطول.. هتعرفي عايزك لية لما تيجي يا سيليا…. سلام يا قمر !!!
ثم أغلق الخط…
بدأ حديث صامت يحمل واقعًا ملموسًا بين ثناياه يدور محلقًا في أفق عقلها ….
وألف سؤال اولهم.. هل فعلاً تيا ليست ابنة جواد ؟!
ماذا يريد…؟!
هل سيفضح جواد إن لم تذهب ؟!….
عند تلك النقطة التي كانت محور التحكم داخلها.. نهضت بسرعة ترتدي ملابسها وهي تنوي مقابلة ذاك المعتوه والعودة قبل رجوع جواد……
………………………………..
انتهت وبالفعل بعد فترة كانت تنتظره في ذلك الكافيه.. وبمجرد ان رأته يقترب ليجلس جوارها حدقت فيه بنظرات لو كانت واقعية لكانت قتلته،،، ثم سألته بشراسة :
-انت عايز مني ايه؟؟ اخرج من حياتنا بقا كفاية كده !!؟
كان يرمقها بنظرات متسلية وهو يسألها :
-تشربي ايه؟!!
-مش عايزه اطفح
لفظت الكلمة كأنها تبصق في وجهه…
ليقترب هو منها بوجهه مغمغمًا بخشونة :
-طب مش عايزه العينه؟
نظرت له بحدة ليُخرج علبة صغيرة يضعها على المنضدة وهو ممسك بها،، ثم أردف مشاكسًا بسماجة ؛
-براحه بس عشان بخاف !! خديها اهي
مدت يدها لتأخذها ولكن وجدته يقبض على يدها بنعومة وترتسم ابتسامة شياطنية على وجهه… وقبل أن تسحب يدها وفي نفس اللحظة كان شخصًا ما من خلف شجرة يلتقط لهم بعض الصور…..
لتصبح تلك الصور فخًا وقعت سيليا بين براثنه بسذاجة…!!!!!!!!
********
في اليوم التالي صباحًا………
دلفت أسيا راكضة الى غرفة أدم الذي كان يغط في نوم عميق،،، لتصرخ وكأن كارثة حلت على رأسهم :
-أدم أدم قوم بسرعة
اصبحت على الفراس تهزه بعنف وهي تردد بصوت مبحوح :
-ادم قوم… قوم والنبي يلا
إنتفض أدم جالسًا يحدق بعيناها التي كانت كالتائهة ليسألها متوجسًا :
-ايه يا اسيا في ايه مالك؟؟
ردت بصوت شبه باكي بسرعة :
-الحقني يا ادم انا عملت مصيبه الحقني
ثم ارتمت بين احضانه باكية وهو ألف فكرة وفكرة سوداء تتوزع بين اركان عقله المظلم…………..!
******
تنبهت جميـع حواسـه للضربة القاسية التي سيتلقاها حتمًا من حظه الأسـود وقضاء حياته…!
رفع وجه أسيا بين يداه يهمس بصوت متوتر بعض الشيء :
-عملتي ايه؟؟ قوليلي ومتخافيش
عضت شفتاها السفلية ولم تنظر له قط،،، لتخرج حروفها متلكأة خبيثة تعزف على وتر حساس داخله وهي تقول ببطء :
-انا آآ عملت طلب انضمام لجروب على الفيسبوك عادي،، والجروب كله بنات.. فالأدمن طلبت مني ريكورد عشان تتأكد اني بنت وآآ….
اومأ أدم يحثها على الإكمال بلطف :
-ايوه وبعدين كملي يا طفلتي هاا ؟!
أكملت باختناق مصطنع :
-وطلبت مني صورة.. وانا بعتلها صورة ليا بشعري، وفجأة لاقتها بتكلمني وبتقولي إنها راجل مش بنت وأني لو ماقابلتوش هيفضحني بصورتي اللي هو ركبها على صور مش كويسه !!
إتسعت عينـاه أدم وهو يجز على أسنانه بعنف حتى أصدرت صوتًا اقلق أسيا فعليًا…..
كلما نظرت لعروقه التي برزت شعرت وكأن قلبها سيتوقف عن النبض معلنًا فزعه من ذلك المظهر !!!….
وقبل أن تنطق أسيا بأي شيء كان أدم يأمرها بحدة :
-هاتي ام الايميل بتاعه والجروب وايميلك
كادت تهتف بتوتر :
-بس بص يا أدم آآ….
ولكنه قاطعها عندما قبض على ذراعها بعنف حتى ألمها عن عمد.. ويزمجر بوجهها بصورة شبه هيسترية :
-إنتِ متخلفه ولا بتستعبطي ؟! في حد يبعت صورته لأي حد كده!! إنتِ من امتى بالسذاجة دي ده انا كنت مفكرك ناصحه !
نهضت من جواره بسرعة وهي تتشدق مغمضة العينين خشية إنفجـاره الموحش حتمًا :
-مهو بصراحة آآ….
ولكنه صرخ فيها بعصبية :
-وريني ام الصور
استدارت تمسك بهاتفها وهي تظهر تلك الصور.. ثم اخذت تقترب منه رويدًا رويدًا حتى مدت يدها له بالهاتف…
ليمسك الهاتف ويجد ان تلك الصور لم تكن سوى مجرد صور لراقصة لعبة !!!!!!
أغمض عيناه وهو يلعن بصوت خفيض.. لتغمغم أسيا ضاحكة وهي تود الركض من امامه :
-اصل بصراحة ده كان مقلب يا حبيبي
كاد تركض ولكن وجدته يمسك بذراعها قبل ان تستطع الفرار من امامه…
جذبها حتى سقطت على الفراش وهو فوقها.. فأخذت ضحكاتها تتعالى بينما هو يحدق بها بجنون وكأنه على وشك قتلها !!؟….
ظلت تردد من بين ضحكاتها التي دغدغت حواسه المتلهفة لطربها :
-اصل بصراحة شكلك مسخره وانت متنرفز كده وبحبك اوووي لما تتعصب بتبقى عسل يا دووومي !
رفع حاجبه الأيسر وهو يقترب منها اكثر مغمغمًا بخبث :
-والله؟! مقلب يعني ؟؟
إتسعت ابتسامتها وهي تهتف كالأطفال :
-ايوه،،، من حقي كـمواطنه أعمل مقلب فـ جوزي
أصبح وجهه ملامسًا لوجهها… ذقنه النامية تحتك بنعومة وجنتاها ببطء وهو يهمس بعبث فاح من نبرته :
-طب منا من حقي أعمل حاجات كتييير وإنتِ اللي منعاني
شعرت بكيانها كله يرتجف بعنف مشاعرها في تلك اللحظة خاصة عندما شعرت بشفتاه تلثم جانب فكها ببطء رقيق وهو يتابـع بلهفة :
-من حقي برضو أكلك دلوقتي
بعد محاولات عدة كانت تنطق بتشتت :
-تـ آآ تـ…. تـ.. لا أنا عايزه أقوم ،، اه عايزه اقوم ورايا حاجات
وكادت تستقيم بالفعل ولكنه أعادها مكانها.. ليُقبل رقبتها قبلات متفرقة جعلتها تشعر أنها تحلق في أعمق أفق وهو يستطرد بخشونة خبيثة :
-لأ،،، أنا ورايا حاجات أهم ده مستقبل عيله انتِ بتهزري !!؟
عندها لم تستطع مقاومته… صعد بشفتاه يلتقط شفتاها المزمومة في قبلة عميقة..
قبلة شغوفة متمهملة ونهمة أستهلكت أنفاس كلاهمـا….!!!
ويداه تعرف طريقهـا الذي يجعل جسدها يخضع له بكل بساطة..
لتلف هي يداها حول عنقه وهي تبادله قبلته التي تحولت لعدة قبلات مجنونة…
لتنتهي الليلة ككل ليلة بين أحضـانه لا يوجد سوى أسمه يتردد على لسانهـا وهو يغرف من بحور عشقها………!
*******
دلفت سيليا إلى المنزل بخطوات متوترة….
حتى الان لم تعرف غاية مصطفى والتي سببت لها اضطراب عام في بحثها عنها !!….
كادت أن تفتح الأنـوار ولكن فجأة وجدت جواد يفتحهـا وهو جالس على الأريكة يحدقها بنظرات لم تفهم معناها….
ولكنها كانت حادة.. حارقة ومُخيفة !!
اقتربت منه بتردد لتجده هو الاخر ينهض.. حتى اصبح امامها فسألها بحدة لم تُخفى عنها :
-كنتي فين ؟؟
تلعثمت كثيرًا وهي تنطق :
-كنت آآ كنت……
ولكنه قاطعها حينما رفع صورها هي ومصطفى بوجهها هامسًا بهدوء مُخيف :
-كنتي معاه؟؟؟
تجمدت مكانها للحظة.. واخيرًا ادركت تلك الغاية الدنيئة التي ستجعل حياتها سوداء !!!…..
انتبهت لصراخ جواد المجنون :
-ردي كنتي معاه؟!!
اومأت سيليا عدة مرات بسرعة لتجده بحركة مباغتة يلوي ذراعها خلف ظهرها حتى اصبحت ملتصقة به وهو يضغط على ذراعها بعنف صارخًا :
-روحتي تشوفيه ليييية؟!!! ومن غير اذني!! انتِ مابتزهقيش من الحوارات دي
كادت سيليا تبكي من الألم الذي تشعر به.. ليخرج صوتها مبحوحًا وهي ترجوه :
-جواد اهدى لو سمحت أنا هـ آآ
ولكنه دفعها بعنف مزمجرًا بوجهها كالمجنون :
-متقوليليش اهدى.. صدق اللي قال ديل الكلب عمره ما يتعدل
سقطت سيليا على الأرض باكية تشهق بعنف.. ليتخطاها هو متجهًا للخارج ليخرج ويصفع الباب خلفه… ليزداد بكاءها الحاد حتى أيقظت الصغيرة………..!
*******
أستيقظـت أسيا بابتسامة حالمة على وجههـا.. لتتحسس الفراش جوارها بتلقائية لتجده فارغ !!
هبت منتصبة ترتدي ملابسها وهي تنادي بقلق :
-أدم.. أدم انت فـ الحمام ؟؟
ولكن لا من مجيب.. هبطت بخطى هادئة للاسفل لتسمع صوت يأتي من مكتب أدم….
فتحت الباب دون ان تطرقه بعشوائية وهي تهمس ببلاهه :
-أدم….
ولكن تجمدت باقي الحروف على حافة لسانها وهي ترى تلك المدعوة بــ “ليلي” تجلس جوار ادم والابتسامة المتسعة تحتل ثغرهـا….
نظرت لأسيا وهي تقول بابتسامة متكلفة باردة :
-هاي ازيك يا أسيا،،، أنا بدأت اشتغل مع أدم فـ هتلاقيني قاعده على قلبكم كتير
حاولت أسيا الابتسام ولكن فشلت محاولتها،، فتابع أدم بصوت أجش :
-أسيا روحي وانا هخلص معاها وهاطلعلك
كادت أسيا تستدير في نفس اللحظة التي أتى فيهـا جواد بملامح جامدة.. فهتفت أسيا بخفوت :
-ازيك يا جواد
هز رأسه بهدوء وهو يتخطاها داخلاً للمكتب :
-الحمدلله
غادرت أسيا المكتب وهي تجز على أسنانها بعنف.. بدأت تشعر بالغيرة تشعل بركان ملتهب داخلها !!
وأدم يُزيد ذلك البركان بأفعاله…..!
دلفت الى غرفتها وهي تدور حول نفسها يمينًا ويسارًا تحدث نفسها بعصبية :
-انا هوريك يا أدم اقسم بالله لاوريك الغيره وحشه ازاي !!!
مرت حوالي نصف ساعة وهي على نفس الحالة… لم تتحمل فركضت تعود للمكتب مرة اخرى..
وكما هي معتادة لم تطرق الباب بل فتحته مباشرةً لتُصدم بمظهر أدم الذي كان خالع قميصه وتلك الشيطانة يبدو انها تتحسس عضلات صدره…. وجواد ليس موجودًا قد غادر !!!!!!!!!!…………..
*******
↚
احيانًا نشعـر بصفعة عنيفة من رؤيانـا… تعجز الكلمات عن الوصف.. ويصبح الفاه مجرد جندي أخرس في تلك الحـرب….!
ليبقى جسدك حلقة وصـل.. حلقة ما بين الكتمان والأنفجـار..!!
لم تستطع أسيا النطق امام ذلك المظهـر،،، ليهب أدم ناهضًا بسرعة وهو يردد بلهفة :
-أسيا… تعالي دي ليلي آآ….
ولكن تلك الشيطانة قاطعته لتهتف بسماجة :
-أكيد أسيا مش شكاكة لدرجة انها تفهمنا غلط يا أدم يعني..!
عندها شعرت أسيا بخبث الانثى داخلها يدفعها للتأقلم وسط ذلك الاعصـار.. فتقدمت منهم ببطء مُقلق حتى اصبحت امامها فرفعت رأسها بكبرياء وهي تقول :
-فعلاً،،، انا عمري ما اشك فـ أدم، بس الشيطان شاطر بقا يا لولا يا حبيبتي !!
ثم ضحكت مثلها بسماجة وأكملت وهي تضرب كتفها بمرح مصطنع :
-والله حرام علينا احنا بنظلم الشيطان كل حاجة نلزقها فيه!!
-قصدك ايه يعني؟؟
سألتها ليلي بعصبية…
لتجيب أسيا ببرود ثلجي يتلف الاعصاب :
-ماقصديش،، اللي على راسه بطحه يحسس عليها
أحمر وجه ليلى وهي تتلقى الأهانـة كالعواصف الرعدية فلا تستطع سوى سماعها والصمت…!!
حينها تدخل أدم وهو يخبر أسيا بجدية :
-ليلي وقعت القهوة على قميصي بالغلط يا أسيا فخلعته لما اتحرقت بتلقائية ومافكرتش في الموقف،، ولما دخلتي كانت بتشوف الحرق وانتِ دخلتي في نفس اللحظه قبل اي رد فعل مني
رفعت ليلي حاجباها بحنق وهي تتشدق بـ :
-يعني انا غلطانه يا أدم؟؟؟
هز رأسه نافيًا ببرود :
-لا خالص،، بس مراتي ومن حقها عليا اني افسرلها اللي حصل
تدخلت أسيا مرة اخرى وهي تتفحص حرق أدم بعيناها فتابعت بنبرة باردة :
-طيب انا هشوف جرح جوزي.. ممكن تتفضلي انتِ دلوقتي وقتك خلص !!
جزت ليلي على أسنانها بصمت وهي تسحب حقيبتها لتغادر بسرعة دون ان تنطق بشيء اخر….
فابتعدت أسيا عن أدم وهي تضغط على الحرق بعنف عن عمد… ليتأوه أدم بصوت مكتوم مشاكسًا إياها :
-براحه يا حبيبتي وجعتيني
زمجرت فيه بشراسة :
-جاك وجع فـ قلبك،، هي ليلي بقت ممرضه عشان تشوفلك جرحك ولا ايه؟!!
كاد يضحك ولكنه تماسك وهو يخبرها ببسمة مُحلقة.. مُهللة بتلك الغيرة التي تُعد تاجًا لعشقهم الدفين…!!
” لا طبعًا،،، بس هي اتدخلت كده وانا كنت لسه هزعقلها وابعد بس انتِ دخلتي ”
سخرت منه بحدة :
-قطعت الخلوة الحلوه صح؟؟؟
حينها أقترب أدم بوجهه منها حتى يداعب أنفها بأنفه وهو يردد ممازحًا إياها :
-ياخراااشي ياناس عالغيران دا !
أغمضت عيناها وكأنها تصرف ذاك الجن عنها.. ثم صرخت بعدها بصوت أفزعه :
-أدم ابعد من قدامي.. اوعى كده دا انت هتخلي الواد ينزل من قهرتي الله يحرقك !!!
ثم تركته تتجه للخارج بخطى سريعة.. لتنتفخ اوداجها بغضب اكبر وهي تسمع ضحكاته الرنانة على غضبها الطفولي…
حينهـا أستدارت تنظر له مستطردة بخبث جعله يتصنم مكانه للحظة وعقابها الصارخ يسقط على اذناه :
-وعلى فكرة انا هقفل الباب عليا وأنت مش هتدخل الاوضه دي لحد 3 أيام يكون حرقك خف يا حبيبي لاني مابحبش المحروقين خالص!!
ولم تنتظر رده بل ركضت لغرفتها تغلقها عليها بالفعل بينما ادم يركض محاولاً اللحاق بها وهو يصرخ خلفها كالأطفال :
-خدي هنا يابت،، استني يابنت المجنونه….!
ولكنها أغلقت الباب بالفعل.. ليستند بظهره على الباب هامسًا بغلب ؛
-إن كيدهن عظيم فعلاً !!!!………..
ليحترق هو بضحكاتها هذه المرة فيضيق عيناه وهو يتوعدها بخبث….
*******
بمجرد أن هبطت شروق من سيارة الاجرة وجدت من يمسك ذراعها بعنف ويزمجر بها بعصبية مفرطة :
-إنتِ جايه هنا لية؟؟ هتشوفي مين في الحته المقطوعه دي يا شروق !!
ومن تهورهـا ثم غضبها العشوائي ردت صارخة :
-دجالة.. جاية لدجالة يا أدهم ارتحت كده؟!!!!
للحظة لم تسعفه حروفه للرد….
احيانًا تصل لمرحلة يصبح الكلام فيها مجرد هامش في صفحة امتلأت سطورها !!…..
لم يستطع سوى سحبها من يدها -كالبقرة- نحو السيارة ليُدخلها عنوة مرددًا بحدة حازمة :
-اسكتي وادخلي باحترامك احسن يلاااااا
ثم أستقل هو خلفها وهو يخبر السائق بعنوان منزلهم….. نظرت له شروق بحدة وهي تتمتم بصوت حاد :
-ادهم ملكش دعوة لو سمحت،، يمكن السحر هو الحل بقااا
اخترقت ضحكته الساخرة أذنيهـا مرتبطة بجملته التي تحمل الكثير والكثير :
-ياريت كان السحر الحل،، مكنش حد هيتعب في حياته،، كنا هنعمل لكل حاجة سحر… كان الفاشل عمل سحر والفقير عمل سحر والمجنون عمل سحر واللي بتحب واحد عملت سحر.. كنا عملنا سحر عشان نخلي بلدنا احلى.. وسحر عشان فلسطين تتحرر.. وسحر عشان البلاد العربيه ترجع زي الاول !!
ثم اعاد النظر لعيناها البنية ومن ثم اكمـل بجدية :
-بس السحر عمره ما كان حل.. وبعدين ده آآ….
وعندما لم يجد منها رد الفعل المنشود،،، تنهد وهو يقول بخشونة :
-انا يمكن مش قريب من ربنا وبعمل حاجات حرام كتير، بس عمري ما افكر في السحر.. إنتِ اكيد عارفه انه يُعتبر شرك بالله يا شروق !!
ثم ارتسمت ابتسامة ساخرة على ثغره وهو يردف بمرح لا روح فيه :
-ايه انتِ هتكفري ولا ايه !!!!
هزت شروق رأسها نافية.. كادت الدموع تنجرف من بين تلك الملقتان وهي تهمس بصوت شاحب :
-انا مافكرتش في كل دا.. انا فكرت في المشاكل وبس، فكرت فـ كل الهموم اللي بتيجي ورا بعض دي وبس !!
تنهد ادهم تنهيدة عميقة تحمل في طياتها الكثير والكثير قبل أن يسحبها لأحضانع بحنان رابتًا على خصلاتهـا وهو يهمس :
-قدر الله وماشاء فعل،، كويس اني لحقتك… خير !
ثم رفع وجهها له وهو يقول بابتسامة هادئة :
-هوصلك على البيت وهطلع على قصر أدم،، هروح أظبط معاه ومع جواد الشغل عشان هبتدي شغل معاهم خلاص الفلوس اللي كانت معايا خلصت
ابتسمت شروق ابتسامة متكلفة وهي تومئ له موافقة عدة مرات…..
*******
بعد فترة …….
تقابل كلاً من “أدهم” وجواد عند باب قصر أدم.. كان جواد شاحب يتحدث ويصافح بلا معنى !!
وكأن تلك الدنيا كانت متوقفة على نقطة إن تخطتها أرواحنا تدمر كل شيء….!
دلفـا إلى المكتب في انتظار ادم الذي أتى بعد دقائق معدودة يهتف بابتسامة رجولية جذابة :
-ياااه.. بقالنا كتير ماتجمعناش كده
ابتسم أدهم ولكن ظلت تعابير جواد ثابتة حادة.. ليتأفف أدم مرددًا بخبث :
-يابني قولتلك صالح مراتك وخلصنا من ام البوز اللي مصدره دا، قولتلك مصطفى ابن **** بيضحك عليك وبيلعب بيكوا عشان ياخد حقه
وضع جواد يده على رأسه يتنهد عدة مرات… ثم سمع أدهم الذي تدخل يؤيده :
-انا مش فاهم ايه الحوار لكن فعلا اكيد اي حاجة مصطفى له دخل فيها هتبقى لعبة منه !!
ظل يهز رأسه بقلة حيلة هامسًا :
-انا تعبت مابقتش عارف هو بس اللي عايز ياخد حقه ولا ايه…….
نظر له أدم يلكزه بذراعه مزمجرًا بخشونة مصطنعة :
-قوم.. قوم يا جواد الله يهديك ماتسمعش لشيطانك قوم صالح مراتك
تنهد جواد اكثر من مرة وهو ينهض بالفعل مغمغمًا :
-تمام.. اشوفكم يوم تاني اكون فايق فيه بقا،، سلام يا رجالة
اشاروا له بأيدهم بهدوء مبتسمين…
حينها عادت ملامح ادهم لموطنها الخشن كالصقر وهو يهتف :
-اسمعني بقا يا ادم،،، انا عايز أأدب اولاد عم شروق وجدها
عقد أدم حاجبيه وهو يسأله باستفسار :
-عايز تأدبهم ازاي؟؟؟
-على اللي عملوه،، عايز اعمل اي حاجة تأذيهم ومحدش هيساعدني غيرك
قالها أدهم بطريقة شرسة جعلت أدم يُيقن من إصراره على سبيل الانتقام….
صمت أدم مدة دقيقتـان تقريبًا وكأنه يدور تلك الفكرة برأسه… ثم حدق بعينـا أدهم التي استوطنها الخبث ليرد بــ ؛
-بص انا مابقتش أذي حد الا لو أذاني بس تمام بص.. انت اديني بس اسم شركتهم اللي قولتلي عليها وانا هجيب معلومات بطريقتي عنهم، واوعدك هعمل كل اللي اقدر عليه عشان يفلسوا خالص وما أظنش في احلى من كده تأديبه !!
اتسعت ابتسامة أدهم الخبيثة وهو ينهض ليصافح أدم بانكشاح صارخًا :
-ايوه كده يا راجل امال الصديق وقت الضيق قالوها من فراغ ولا ايه ….!
ضحك أدهم على فرحته البلهاء ليعود ويفكر كيفية بدء خطة الانتقـام تلك……..!!
********
في منزل جـواد…….
كانت سيليا تحاول تهدأة الصغيرة “تيا” من البكاء لتعود للنوم بعد فترة بصعوبة فتبدأ وصلة بكاءها هي كالعادة منذ مغادرة جواد حتى تورمت عيناها الزيتونية لتصبح مصبوغة بلون الدم…!!
غفت رغمًا عنها وهي تهمس أكثر من مرة :
-جواد يلا بقا تعالى والنبي….
لم تشعر بنفسها عندما سحبها النوم ليُريحها من تلك الدوامة المُهلكـة..!!!
بعد فترة….
استيقظت شاهقة عندما شعرت بيد تحيط خصرها بقوة.. وقبل أن تتحرك وجدته يكتم فاهها بيداه ويحكم قبضته حولها ليحملها بين ذراعيه رغم كل محاولاتها الفرار من بين قبضتاه…………!
*******
أستغلت أسيا إنشغـال أدم مع أدهم في مكتبه لتدلف إلى الغرفة التي اصبحت غرفة العلاج تحمل كل إمكانيات المشفى ليتم علاج والدها الذي كان في غيبوبة منذ ما جرى تحت اشراف ممرضات…..!
كادت شهقة عنيفة تنفلت من بين شفتاها وهي ترى والدهـا ممدد لا حول له ولا قوة تحيطه الاسلاك من كل جانب … !!
مظهـر يجعل قلبك يتلوى طلبًا للرحمة وخاصةً اذا كان ذلك الشخص هو القلب نفسه….!
جلست جواره تمسك يده وهي تهمس من بين دموعها التي اخذت تنجرف :
-بابا… وحشتني اووووي يا بابا مش ناوي تقوم بقا ؟!
اخفضت رأسها تُقبل يداه وهي تكمل بصوت مبحوح :
-انا ولا حاجة من غيرك يا بابا.. انا نقطه على الشمال من غير وجودك
تعالت شهقاتها مرددة بألم :
-انا محتجالك اووي.. محتاجة احس بدفى حضنك من تاني.. قوم يلا يا بابااااااا
انخرطت في وصلة بكاء عنيفة لم يفلتها منها سوى صوت الضجة العالية التي سمعتها تأتي من الخارج.. عقدت حاجباها بقلق هامسة :
-استر يااارب
ولكن بدت المصيبة قادمة لا محالة عندما سمعت صوت الضجيج يعلو شيءً فشيء واصوات الطلق الناري ايضًا…….. !!؟
*******
↚
بدا الجو وكأنه نقلة زمنيـة تعود بك لأحدى الحروب الداميـة…!!
ولكن تلك الحرب ليست متعلقة بأسباب دينية او دافعية وانمـا متعلقة بنفوس استوطنتها الشياطين !!….
وضعت أسيا يداها على أذناهـا تحاول قتل تلك الصرخة قبل ان تخرج من فاهها..
ركضت تجلس جوار والدها وهي تضم نفسها له وكأنها تحتمي به…..
ظلت حوالي ثلث ساعـة وهي على نفس الوضع.. حتى وجدت من يفتح الباب ويدلف.. وصوت طلبته روحها قبل أذنها يصدح مناديًا بخوف :
-أسيا !!!….
ركضت اسيا ترتمي بين احضان أدم الذي أغمض عيناه بعد ان غمرها ارتيـاح عميق.. يضمها له بكل جوارحه.. بكيانه الذي اهتز رعبًا على تلك المعشوقة…….
رفـع وجهها له يحاول تهدئتهـا بحنانه المعهود مؤخرًا :
-هششش خلاص اهدي يا حبيبي انا معاكِ
كادت تبكي وهي تتوسله النفي،، قائلة :
-هو احنا هنفضل طول عمرنا عايشين كدا يا ادم ممكن في اي لحظة حد يهجم علينا عشان يقتلنا ؟!!
هز رأسه نافيًا يتبعها هزة رأسها حازمة منه وهو يخبرها صراحةً :
-لأ.. دا كان خالد جاي عشان ياخد حقه طبعًا، بس خلاص….. انا قتلته !
تردد في نطق الكلمة الاخيرة.. وتحديدًا التي جعلت أسيا تتراجع عدة خطوات للخلف وكأن أمان احضانه تبخر تزامنًا ما نطقه بشناعة ما فعل….!
كانت تحدق بعينـاه السوداء والتي كانت مظلمة.. مظلمة بدرجة مُخيفة وكأنها تبتلع شياطين داخل اعماقها !!!!
لتهمس بصوت مبحوح :
-قـ…. ايه ؟؟ قتلته !! ببساطه كدا قتلته يا أدم ؟؟
وتبعًا لمقولة ” الطبع يغلب التطبع ”
لم يبالي وهو يرد بجبروت بارد :
-ايوه قتلته،،، انا اقسمت المرة اللي فاتت انه لو جه تاني هقتله، وهو مش باقي على روحه وجه !! مش هفضل طول حياتي عايش مستني هجومه
أخرجها عن طور الصدمة فبدأت تصرخ فيه وهي تضربه على صدره :
-انت ايه؟؟ كان ممكن تسلمه للبوليس انما تقتله بكل دم بارد !! انت خلاص معندكش قلب للدرجة وقادر تاخد روح مش ملكك ؟!!!
أمسك يداها الاثنان بعنف يزمجر بصوت اشبه لزئير الاسد :
-اهدي وبطلي جنان،، انا ماروحتش بيته مخصوص اقتله، دا هو اللي جه يتهجم عليا وكان طبيعي ادافع عن نفسي وعنك.. يعني دا دفاع عن النفس،، اللي البوليس نفسه مايقدرش يحاسبني عليه انتِ هتحاسبيني عليه بأمارة ايه؟!!!
-بأمارة اني مراتك ومش هقدر اعيش مع قاتل !!
ردت بتلقائية كادت تندم عليها لاحقًا ولكنها تماسكت وهي تستطرد دون ان تنظر له :
-صعب،، صعب اوي شعور انك تشوف روح حد بتطلع قدامك.. ازاي انت بنفسك اللي كنت سبب طلوعها ؟! ماصعبش عليك ولو لحظة !!
-لأ
اجاب بصدق.. وبرود… وهدوء أرعبها !!!!
لم تجد ما تقوله فنظرت نحو الباب وهي تهتف بتوتر :
-انا عايزه اشوفه.. ولو للمرة الاخيرة !
صمت برهه قبل ان يومئ موافقًا لها،،، ولكن قبل ان تخطي خطوة واحدة امسك ذراعها يحذرها بجدية :
-بس لو مش هتقدري تتحملي المنظر خليكِ،، انا مش مستعد اسمع محاضرة من محاضرات النبالة منك تاني !!!؟
صدرت ضحكة خافتة قصيرة مغموسة بالسخرية منها وهي تهمس له :
-متقلقش مش هسمعك محاضرة من محاضراتي تاني
ثم اتجهت نحو الخارج بخطى سريعة وهي متيقنة من أن ما ستراه لن يعجبها اطلاقًا……!
وبالفعل وجدت جثمـان “مدحت” على الأرض مُغطى بغطاء أبيض…
تقدمت بخطى مرتعشة حتى اصبحت امامه.. هبطت لمستواه لترفع ذاك الغطاء….
شهقت بعنف وهي ترى منظر رأسه التي فجرها الرصاص!!!!!
مظهر جعل جسدها يرتعش تأثرًا فلم تفعل سوى أن همست بحروف متقطعة قبل ان تنهض لتركض :
-الله يرحمك ويغفرلك ذنوبك !
ركض أدم خلفها نحو غرفتها ولكن قبل ان يدلف وجدها تُغلق باب الغرفة…
كانت تقف في منتصف الغرفة تحدق باللاشيء.. إن كان مدحت به كل مساوئ الدنيـا….
ولكن – الدم بيحـن – كما يقولون !!
لا تستطع تقبل مظهره هذا والتشفي فيه كما يجب !…
بدأت تشعر بالدنيـا تدور من حولها.. وصوت أدم يخترق عقلها وكأنه صوت بعيد جدًا :
-أسيا…. أسيا افتحي الباب
ولكنها لم تستطع التحرك بل سقطت ارضًا فاقدة الوعي دون سابق إنذار……….!
*******
في “سوهـاج”…. تحديدًا منزل عائلة شروق…….
كان الجد يترأس الجلسة في احدى الغرف هو وأحفـاده الثلاثـة… بعدما اغلقوا الباب عليهم ليبدأ اجتمـاع الشياطين !!….
قطـع ذلك الصمت المُهيمن على الأجواء صوت كريم الأجش الذي قال بابتسامة هادئة :
-حمدلله على السلامة يا جدي
رد الجد بملامح متجهمة :
-الله يسلمك يا ولدي
هتف مراد المندفـع دائمًا بغضبه الدفين تجاه شروق وأدهم :
-هنعمل ايه يا جدي؟؟؟ عيلة الدهاشنة ما هايسكتوش على طار ولدهم..!
اومأ الجد مؤكدًا يردد :
-عارف يا ولدي، وانا مش هقدر اضحي بحد فيكوا عشان كدا كنت عايز اجوز بت المركوب دي لحد فيهم ونخلص من الموال دا !!!
هنا تدخل ثالثهم يتابـع بحنق :
-وأديك شوفت اللي حصل،، هنعمل ايه يا جدي؟؟
تنهـد الجد اكثر من مرة قبل ان يقول بصوت خشن امتلأ بالحقد الواضح للأعمى حتى :
-ماعرفش يا ولدي،،، بس حاجة واحدة اللي أعرفها.. لو كنت ممكن بنسبة 1 في الميه أحن وأسيبها.. بعد اللي عملوه هي وجوزها مستحييل اسيبها الا اما اخلص من الموضوع دا
-طب والورث يا جدي اللي اخدته دا؟؟ هنسبلها تعبنا وشقانا ؟؟
تدخل كريم قائلاً بتلك الجملة….
فبدت الدائرة وكأنها تحوي الكثير والكثير وكلاً منهم يبحث عن ما يهمه !!….
وكله على حساب تلك المسكينة ” شروق “…..!
ليرد الجد نافيًا بحدة :
-الفلوس بتروح وتيجي يا ولدي،،، انما انتوا لو رحتوا مش هقدر اعوض حد فيكوا خصوصًا بعد موت ابوكوا وعمكوا !! العيله هتبقى من غير شجرة !
جز كريم على أسنانه بغيظ وهو يتوعد أخذ حقه الذي سلبته شروق من وجهة نظره وليس العكس…
ليطاوع جده مكملاً بتساؤل :
-طب هنعمل ايه برضه يا جدي ؟
تنهد الجد تنهيدة عميقة تحمل في طياتها الكثير والكثير،،، ثم أردف وهو يحدق بالفراغ مفكرًا :
-انا عرفت انا هعمل ايه،، انا هصدرها في وش المدفع !!
رد الثلاث في صوت واحد بعدم فهم :
-ازاي يعني يا جدي ؟؟؟
لينظر لهم بأعين احتلهـا الخبث كعدو مُحبب لها.. ثم قال بصوت خفيض نوعًا ما :
-يعني انا هجيب كبير عيله الدهاشنة وهقوله انه زي مهو عارف مفيش بنات في العيله، وشروق لقيناها بس لقيناها مع واحد كدا منعرفش اصله من فصله طمع في فلوسها لما جت اخدت ورثها مننا،، وبعد ما خدت الفلوس رفضت تتنازل شوية عشان عيلتها وتتجوز وهربت مننا واحنا مانعرفشي هي فين دلوقت.. وحد منكم يقول لحد من ولاده بطريقة غير مباشرة على عنوان شروق والواد اللي اتجوزته دا،،، وبكدا نكون أقنعنا الدهاشنة ولو ما اقتنعوش هما هيتصرفوا بقاااا معاهم !!!!!……..
إتسعت ابتسامة الثلاثة وهم يحدقون به بانهبـار من تلك العقلية الشياطنية….!
ليهتف كريم بفخر مبتسم :
-تسلم دماغك يا جدي….
******
واخيرًا إستطاعت سيليا رؤية وجه ذلك المجهول الذي لم يكن سوى “جواد” ولكن لم يرد إيقاظ الصغيرة “تيـا”…
أنزلها ارضًا وهو يتنفس بصوت عالي مرددًا يشاكسها :
-يخربيتك دا انا لو حرامي مش هتعملي كدا !!
أغمضت هي عيناها تحاول تنظيم أنفاسها التي اصبحت في حالة هرج ومرج… لتهمس بارتياح :
-اوووف خضتني طب انطق
ابتسم ابتسامة صغيرة وهو يقول :
-خوفت تصحي تتصرفي بتلقائية وتتكلمي بصوت عالي وتيا تصحى،، وبصراحة دماغي مصدعة مش مستحمل عيطاها دلوقتي خالص !!
اومأت بهدوء هامسة ؛
-طيب.. هروح احضرلك العشا انت اكيد جعان
ولم تعطه فرصة الرد بل سارت بهدوء نحو المطبخ.. ليتنهد هو بصوت مسموع يعلم أن طريق الليلة سيكون طويل… وربما جدًا !!!!!
بدأت سيليا تحضر بعض الأطعمـة بحركة خفيفة وهي شاردة… متعجبة !!
لم يتحدث حتى حول ما جرى !!؟….
ما سبب تغيره هذا من حالة الغليـان المرتفـع لحالة السكون المُقلقة هذه…!!
ارتفع هاتفها بصوت رنين لتمسك به فوجدت المتصل ” شروق” فردت بسرعة وهي تهمس :
-شروق.. جيتي في وقتك والله
-ايه مالك يا بنتي انتِ معيطه ولا ايه ؟!
-لا لسه صاحيه من النوم،، بس محتجالك جدًا
ضحكت شروق بشرود قبل ان تتشدق بــ :
-جتلك يا عبد المُعين تعيني !!
ابتسمت سيليا دون صوت لتهمس بعد دقيقة صمت من الطرفـان ؛
-حياتي اتلخبطت اوي يا شروق، وبقا في سر كمان مش عارفه اقول لجواد عليه ولا هدمره لو عرف !!
سألتها شروق بعدم فهم :
-سر ايه؟؟؟
هزت رأسها نافية وكأنها تراها :
-مش هينفع على التليفون،،، تعاليلي بكرا او انا هحاول اجيلك
-تمام ماشي،، خلاص هسيبك دلوقتي واشوفك بكرا بقا
-تمام.. سلام يا حبيبتي
-مع السلامة
وقبل أن تغلق الهاتف وجدت من يُحيط خصرها ليحتضنها من الخلف.. هامسًا وأنفاسه تداعب رقبتها بطريقة جعلت القشعريرة تسري في جسدها :
-هو ايه دا اللي مش هينفع على التليفون ؟!!
شهقت بصوت مكتوم وهي تحمد الله أنه لم يسمع ما سبق ذلك…
لتتلعثم حروفها وهي تجيبه :
-لا دي آآ.. شروق كانت عايزه تفضفض فـ قولتلها مش هينفع على التليفون !!
همهم بصوت منخفض جدًا وهو يتعمد أن تسير شفتاه على رقبتها بحركة بطيئة :
-اممممم….
حاولت الأبتعاد من بين حصاره وهي تهمس بتوتر :
-جواد… الــ آآ الأكل !
لم يبتعد عنها بل ظل كما هو ليقول بصوت أجش متنهدًا :
-أنا اسف
وقبل ان تنطق اكمل مقاطعًا اياها :
-اسف اني اتسرعت واتنرفزت عليكِ قبل ما اسمعك،، بس اتجننت لما شوفته ماسك ايدك في الصور، بس لما هديت عرفت انه اكيد قاصد يمسك ايدك عشان اشوف الصورة دي،،، واللي انتِ هتحكيهولي إنتِ بقا روحتي تقابليه ليييية ؟!!!
فتحت فاهها تود النطق ولكنه وضع إصبعه على شفتاها بحركة مباغتة يمنعها :
-لأ،، مش دلوقتي… بعدييين، دلوقتي في حاجة أهم
قال اخر حرف له وهو يغمض عيناه لاثمًا رقبتها بعمق.. ضغطت بيدها على يده التي تلتف حول خصرها.. لتشعر بشفتاه التي تُفتح وتُغلق على جلدها الناعم فتشعر بعمق أحساسها كفراشات رقيقة تُداعب معدتها….!
جذبها له اكثر حتى اصبحت ملتصقة به.. ثم عض شحمة اذنها برقة متناهية وهو يهمس لها :
-وحشتيني…!!
همست وصوت لهاثها عالي :
-وأنت اكتر
امسك كتفاها يلفها له ببطء.. لينظر لجفناها اللذان كانا كـ عازل يمنع ضي عيناها اللامع عنه….
ليُقبل جفناها ببطء متابعًا :
-افتحي عينك يا زيتونتي !
فتحت عيناها ببطء لتطل عيناها الزيتونية الساحرة.. فتسحبه ككل مرة ليغرق بين غاباتها تلك وكأنها المرة الاولى….!!
اقترب منها ببطء وشفتاه تبحث بتلهف عن شفتاها المنفرجة.. وحينما لامسهـا لتبدأ معركة دامية من نوع آخـر….!!
معركة أسلحتها الشغف واللهفة والشوق العميق….
كان يلتهم شفتاها بنهم بينما هي تمسك طرف قميصه وكأنها ستقع من فرط تأثيره عليها إن تركها…
ليبتعد هو بعد دقيقة ليلتقطا أنفاسهم اللاهثـة…..
حينها مد يده يعبث بأطراف ملابسها ببطء… وهي مغمضة العينان مستمتعة بذلك الشعور…..
ليحملها بين ذراعيه كريشة خفيفة… لتسطر ليلة اخرى في صفحات عشقهم……….!
*******
فتحت أسيا عيناها ببطء شديد لتتضح الرؤية لديها شيءً فشيء… فابالطبع كان اول من رأته “أدم” الذي صاح بلهفة بمجرد ان فتحت عيناها :
-اسيا حبيبتي خضتيني عليكِ يا طفلتي
أدارت وجهها للجهة الاخرى دون ان تنطق ليمسك هو وجهها بيده يحركه برفق ناحيته ليطبع قبلة حانية على جبينهـا هامسًا :
-انتِ لازم تفهميني وتفهمي شخصيتي عشان نعرف نعيش مع بعض يا طفلتي
ردت هي بتهكم مرير :
-وطفلتك مش قادره على دا
عقد ما بين حاجبيه :
-يعني ايه؟؟
هزت كتفاها بقلة حيلة وهي تخبره بصوت ذو بحة واضحة :
-يعني انا تعبت وانا بحاول افهمك وابررلك يا أدم، طريقتك غير طريقتي.. مبدأك غير مبدأي.. طبعك كمان غير طبعي،،،، كل حاجة بيننا مختلفه !! مفيش حاجة بنتفق فيها الا حاجة واحدة
اقترب منها بوجهه حتى لطمت أنفاسه الساخنة وجهها وهو يهمس مغمض العينين وكأنه يحاول زج تلك الحقيقة بعقلها :
-اننا بنعشق بعض.. ودا كفايه !!
أبعدت يداه عن وجهها وهي تهز رأسها نافية،، لتقول بمرارة :
-لأ عمره ما كان كفايه يا أدم،، العشق ما بيأكلش عيش.. يعني هو مش هيخلينا متفاهمين ومش كافي عشان يحل مشاكلنا.. مش كافي عشان نبقى اسره متفاهمه فيما بعد !!!!
جـز على أسنانه بعنف… يحاول تهدأة ذلك الوحش الكاسر داخله..
ليسألها بهدوء ما قبل العاصفة :
-يعني ايه؟؟ عايزه توصلي لأيه يا أسيا من غير لف ودوران!!
تنهدت بصوت مسموع وهي تخبره بجمود أطاح بصوابه…
-يعني مش هنكمل مع بعض يا أدم،، انا عايزه أطلق ولو ماطلقتنيش هرفع قضية خلع !!
عندها ومن دون سابق إنــذار…. حررت الشيطان الذي يحبسه بداخله فانطلق متأهبًا لذاك الانفجــار…….!
↚
لم يشعر بنفسه سوى وهو يجذبها من ذراعاها النحيفان يهزها بعنف حتى اصبحت تصطدم بالفراش خلفها بقوة وهو يصيح كالمجنون الذي أطلق عقدة جنونه :
-قولتلك مليون مره ماتنطقيش كلمة الطلاق دي على لسانك،، إنتِ ايه مابتزهقيش كل شوية عايزه اطلق عايزه اطلق
اصبحت تصرخ بصوت عالي هي الاخرى والالم يتقافز بين حروفها :
-اوعى بقا سبني
لم يُعير اعتراضها اهتمام فازداد من هزته العنيفة وهو يكمل بصوت أرعبها ؛
-إنتِ ايه يا شيخه؟؟ كل دا عشان انا بحبك ومتمسك بيكي.. قولتلك لا فوقي انا ممكن اقولك في ستين داهية
ثم أمسك ذراعها يضغط عليه بقوته حتى أنت بألم واضح.. ليهمس بهسيس خطير :
-بس برضه مش هسيبك يا أسيا مهما حاولتي !!
حاولت نفضه عنها وهي تزمجر بحنق :
-اوعى يا ادم سبني انت اتجننت ولا ايه؟؟
جن ؟؟!!…
هي سلبت عقله منذ وقعت عيناه عليها اصلاً… لم يعد يسمع سوى صوت نبضات ذاك القلب اللعين !!
نظر في عيناها وهو يقول بأصرار مدمن على رفض علاج العقل :
-ايوه اتجننت.. انا مجنون اصلاً وانتِ اللي جننتيني من ساعة ما شوفتك !
دموعها تحاربها بقوة لتهبط من بين مقلتيها… وكلماته تصفـع كرامتها الانثوية بقسوة فتزيد مطالبة تلك الدموع الحارقة….!!
وفجأة صرخت عندما جذبها من خصلاتها بعنف ليتابـع صارخًا فيها :
-كل شوية طلقني طلقني هي لبانه فـ بُقك،، قولتلك مفيش طلاق ولو مش عاجبك اخبطي دماغك في اتخن حيطه!!
عضت على شفتاها والألم لم يعد يُحتمل فصدرت عنها آآه مكبوتة ملكومة بقسوة كلماته… تليها دموعها التي اصبحت تتسابق على وجنتاها !
ليتركها مبتسمًا بتهكم وهو يتشدق بـ :
-كل دا عشان ابن خالك ال****.. عايزه تطلقي عشانه وانا اللي بتمنالك الرضا ترضي ؟!!!
هزت رأسها نافية بسرعة.. ليوقفها هو مغمغمًا بخشونة :
-بس خلاص يا اسيا انسي،، انا هعرفك إن الله حق.. طلاق ومش هطلق ومعاملة حلوة مفيش ورجلك دي هكسرهالك قبل ما تفكري ترفعي قضية خلع، سامعة ولا مش سامعة ؟
عندها إرتمت بأحضانه بسرعة تدفن وجهها عند رقبتها وشهقاتها تغطي ذلك السكون العميق الذي يحوي بين ثنايـاه الكثير…
بدت وكأنها تحتمي منه فيه ؟!!!
فظلت تهمس من وسط بكاءها :
-انا اسفه.. اسفه يا أدم
أغمض عيناه وهو يضغط على شيطانه لينسحب مرة اخرى…
لف ذراعه حول خصرها ببطء وهو يهمس بتعب :
-انا تعبت منك يا أسيا
فسارعت هي تردف :
-لأ،،، اوعى تزهق مفيش أب بيزهق من طفلته!
رغم كل شيء…. ورغم غضبه الذي استوطن ارض جوارحه الا انه ابتسم وهو يتنهد اكثر من مرة ليضمها له بحنان وهو يتحسس خصلاتها ويدلك لها الاجزاء التي ألمتها بسبب قبضته !!……..
******
كان جواد في طريقه للعودة الى المنزل عندمـا وجد من يقطع طريقه فجأة ليقف امامه مرددًا بابتسامة سمجة تعبر عن شخصيته :
-ازيك يا جواد ؟؟ ايه ماوحشتكش ولا ايه!
لم يُصدق جواد عيناه عندما رأى ذلك الحقير “مصطفى” أمامه….
وصلت به الجرأة ليأتي له بقدماه وكأنه يصك قربان موته باستعجال !؟….
كاد يهجم عليه ليضربه وهو يسبه بجنون :
-يا بجاحتك يا *** وكمان جايلي برجلك!!!
عاد مصطفى خطوتان للخلف بسرعة وهو يهز رأسه نافيًا ببرود :
-تؤ تؤ كدا هتلم الناس علينا ودا مش في مصلحتك بخصوص اللي هقوله
نظر له جواد بعدم فهم ينتظر التكملة.. ليتنهد مصطفى بعمق قبل ان يسأله :
-اخبار تيا ايه؟؟؟
رد جواد باندفاع :
-وانت مال اهلك بـ تيا ؟!!!
رفـع حاجبـاه بدهشة مصطنعة.. وهنا تحديدًا شعر أن تلك اللحظة هي مفتاح لكل لك الأبواب المغلقة…
فضيق عيناه بخبث وهو يهتف :
-ايه دا معقول سيليا حبيبتك ماقالتلكش ؟!!
سأله جواد متوجسًا :
-قالتلي ايه؟؟؟
صمت مصطفى برهه يثبت عينـاه على رد الفعل الذي سيحتل جوارح جواد الان بمجرد ان يفجر قنبلته ودون سابق انذار،،،، ثم قال :
-اصل تيا تبقى بنتي انا مش انت.. وانا لما جيت اعرفك سيليا رفضت وقالتلي هشوفك عشان نتفاهم !! مع ان قولتلها انا مش عايز الا بنتي وبس
أسوء تخيلات جواد حتى لم تصل لتلك المرحلة من صدمات الواقـع المرير…..!
لم يعد يرى امامه سوى سواد.. ظلمة حالكة ابتلعته ترفض اخراجه لحين اشعار اخر !!
عاد من صدمته ليمسك مصطفى من تلابيبه صارخًا بهيسترية :
-كداب.. انت كداب وابن **** وبرضه مش هانولك اللي في بالك !
تعالت ضحكات مصطفى التي اذابت صبر جواد خاصة وهو يخبره بخشونة :
-كداب؟!! كنت متوقع.. على العموم في معمل قريب هنا تقدر تعمل تحليل بسيط وتعرف اذا كانت بنتك ولا انت كداب زي ما بتقول !!
ظل جواد يتنفس بصوت مسموع بينما ذلك الشيطان يغادر بهدوء تام…..
امسك جواد هاتفه ليتصل بسيليا التي اجابت بعد ثواني ؛
-ايوه يا جواد
-هاتي تيا وانزلي انا تحت
-حاضر بس في حاجة؟
-لا يلا متتأخريش
-طب سلام
اغلق الخط وهو يحدق بالاشيء.. سيجعل تلك الدنيا تحمل شعار الجحيم بالنسبة لــ سيليا ومصطفى وتلك الخائنة إن كان كلامه صدق !!….
وبالفعل بعد حوالي ساعة كان يستلم نتائج التحليل وسيليا تجلس بقلب ينبض بعنف مرتعدًا….
سحب سيليا وطفلته بهدوء تام دون ان ينطق بحرف حتى وصلوا المنزل وبمجرد ان دلفوا ودون مقدمات كان يجذب سيليا من شعرها بعنف صارخًا بصوت زلزل اركان المنزل :
-ماقولتليش لية؟؟؟ خبيتي عني لية وكمان طلبتي منه مايعرفنيش!!
بدأت سيليا تتراجع للخلف بذعر ووجهها متشنج بألم.. ليزداد ذعرها وهي ترى تلك النظرة التي تعلمها جيدًا بعينـاه…………..
*******
كانت أسيا تسير في القصر عندما سمعت صوت جرس الباب فاتجهت له لفتحه …
ولكن تجهمت ملامحها المبهجة بمجرد ان رأت كابوس حياتها “ليلي” وهي تهتف بسماجة :
-هاي ازيك يا اسيا ؟!
ردت اسيا ببرود :
-كويسه،،، خير ايه سبب الزيارة الكريمة؟!!!
اتسعت ابتسامة ليلي عند ذكر تلك السيـرة التي كانت بمثابة جرعة تزيد نشوتها لذلك الادمـان…
لتتابـع بنعومة :
-أدم هو اللي طلب مني اجي…
عقدت أسيا ما بين حاجبيها وهي تسأله مباشرة بحنق واضح :
-وأدم هيطلبك هنا لية؟؟ ما الشغل في الشركة !!
عضت ليلي على شفتاها وبدأ الخبث يوزع شظاياه بين تلك الحروف المغموسة بالمكر وهي تخبرها :
-تؤ تؤ هو قال مش عايزني في شغل عايزني في حاجة تاني
ثم اقتربت من أسيا لتهمس عند اذنها بصوت اشبه لفحيح الافعى تضمن نتيجته المنيرة لطريق شيطانها :
-صدقيني انا حاسه بأعجابه بيا زي منا معجبه بيه بالظبط
ولم تعطي اسيا فرصة الرد بل اتجهت للاعلى نحو غرفة ادم…
تاركة الك الــ أسيا عيناها تشتعل بحمرة الغيرة مطلية بالجنون والغضب..
وشيطانها يزرع داخلها جملة واحدة
” هو مل منكِ كما اخبرك…. مل ذلك العشق البائس ” !!!!!!!!
بلحظات كان العشق فيها هو قائد القوى والروح.. ركضت أسيا نحو مكتب أدم.. فتحت الباب فجأة بعنف وهي تصرخ بتلقائية :
-أدم !!!
ونظرة من أدم نالتهـا جعلتهـا تبتلع باقي الهراءات داخلها.. لتدس الصمت غصبًا وسط حسبانها !!
تجاهلها وهو ينظر لــ ليلي مغمغمًا بصوت هادئ :
-اقعدي يا ليلي عشان نتكلم
إتسعت ابتسامة ليلي، نقلت عيناها لأسيا التي كانت تُسوى على نار هادئة كما يقولون…
لتردد ببرود واضح :
-خلاص يا أسيا ممكن تروحي تقعدي لحد ما نخلص كلامنـا عشان مانزعجكيش بكلام ملكيش فيه
اومأ أدم مؤيدًا… وقتلت أسيا حروفه عندما قاطعته جازة على أسنانها بعنف :
-أنت موافق على كلامها دا ؟
أغمض أدم عينـاه يستغفـر .. تلك الصغيرة ستفقده تعقله وهدوءه عاجلًا ام اجلًا !!؟
فتح عيناه التي شكلتها لؤلؤة سوداء لامعة بالحدة وهو يقول موجهًا حديثه لــ ليلي :
-فعلاً انا رأي كدا برضه
ثم أشار لأسيا التي اقتربت ليسحبها من خصرها ببطء حتى اصبحت بين أحضانـه.. وضع شفتاه على وجنتها يُقبلها بعمق ثم يتابـع بصوت أجش :
-خلاص يا ليلي ممكن تروحي بيتك لحد ما أروح الشركة وأفض عقد الشراكة وتشوفي اي حته تشتغلي فيها برا القاهرة !!
الصدمة صفعت الاثتنـان اللاتي حدقن فيه بذهـول.. ولكن شعور عن شعور يختلف….
شعور يُولد ليتشابك بالبهجة التي خُلقت بين حدقتي أسيا… يختلف عن شعور مات ليحل محله الجنون في كافة خلايا ليلي التي زمجرت بعصبية :
-نعم هو لعب عيال ولا إيه يا ادم ؟
أبعد أدم أسيا عن احضانه.. ومن دون تردد كان يصفع تلك الــ ليلي وهو يصرخ بصوت زرع رعبًا داميًا بين ثنايا روحها :
-صوتك ميعلاش عليا متنسيش نفسك،، دا لعب ***** أنا مليش فيه، وانتِ واحدة زبالة ميشرفنيش اني اتعامل معاها.. ولو فكرتي تعارضي كلامي قسمًا بالله اخليكِ متعرفيش تشتغلي في اي شركة في مصر حتى، وانتِ عارفه اني قادر اعملها
ضمت شفتاها بخزي وهي تحاول لملمة شتات نفسها المبعثرة.. لتستطرد بسرعة وهي تلملم اشياءها :
-طيب.. ماشي يا ادم زي ما تحب انا مش فارق معايا كتير هشتغل مع مين المهم اشتغل وشكرا جدًا على الاهانة
كادت تخرج من الغرفة ولكن اوقفها ادم عندما قال بصوت ساخر :
-ياريت تبقي تركزي في الشغل مش مع صاحب الشغل يا آآ…. يا لولا !
أغمضت الاخرى عيناها وكأنها تدفن ذلك الشيطان الذي يدفعها نحو حافة لا مفر من جحيمها !!…
لتغادر على الفور دون كلمة اخرى.. فهي تعرف جيدًا من هو “أدم صفوان”
تفاجئ أدم عندما وجد طفلته تقفز بين أحضانه والسعادة تضيء حروفها وهي تردد :
-بجد بجد مبسوووطة أوووي يا أدم، كان فين التصرف دا من بدري
ضغط على خصرها بيداه برفق يقول مؤنبًا :
-كان جاي في السكة بس إنتِ اللي ماعندكيش صبر !
لا تعرف من أين أتتها تلك الجرأة التي جعلتها تردد بعبث :
-مش لوحدي يا بيبي،، أنت كمان ماعندكش صبر فـ حاجات تانية، يعني كل واحد مابيصبرش على اللي يخصه
تعالت ضحكات أدم الرجوليـة لتُدغدغ مسام الأنثى داخلهـا فترمم ذلك الشعور بالنشوة والاكتفـاء…!
ضمها له بقوة.. يشعر بملمس جلدها الساخن الذي يفعل به الافاعيل…
تكويـه نارهـا فينبض عشقهـا… فيصبح هو متيمًا بها !
كانت شفتاه تتناقل على وجنتاها كالفراشات التي تُداعبها وهو يهمس بصوت رجولي :
-فعلاً، في حاجات بفقد الصبر فيها تمامًا.. زي دلوقتي مثلاً….
ثم حملها فجأة لتصبح قدماها في الهواء.. حينها صدحت ضحكاتها الخافتة وهي تردد بحرج :
-لا لا نزلني عشان خاطري
هـز رأسه نافيًا بابتسامة عابثة… بينما هي جنينها يجعلها مشمئزة من رائحته التي كانت تعشقها..!!
حاولت أن تبتعد عنه وهي تغمض عينـاها… فرفع هو احد حاجبيه مغمغمًا :
-انتِ قرفانة مني يا أسيا ولا إيه ؟!
-اه
ردت بتلقائية لتهز رأسها بسرعة تستكمل علها تغطي خطأها الفادح :
-قصدي لا بس يعني آآ… أنا حامل وأنت عارف الحامل و…..
قاطعها عندما وضعها على الفراش واصبح هو فوقها يطل عليهـا… نظراته العابثة تخلق قطة مشاكسة بين نظراتها الساكنـة.. !!!
ليقترب منها ببطء وهو يقول بخبث :
-عارف الحامل ممكن تتوحم على قرب جوزها، مش تقرف منه!! ولا الواد دا هيقطع عليا من قبل ما يجي؟!!!!
ولم تستطـع النطق مرة اخرى إذ استحوذ على شفتاها في قبلة شغوفة مفعمة بالاحاسيس التي اوشكت ان تٌرهق كلاهمـا….
رفع رأسه بعد لحظة يهمس لها بصوت أجش من فرط رغبته بها :
-بعشقك يا طفلتي
ردت هي كالبلهاء المغيبة وكأنها ليست هي من كانت تشمئز منه منذ دقائق معدودة :
-وانا بعشقك يا قلب طفلتك……….!
********
دلف أدهم للغرفة بعد عودته من عمله ليجد شروق في فراشهـا ترتجف بردًا…. ركض نحوها يتفحصها بقلق ليجد حرارتها مرتفعة جدًا..
كان يحدق بها للحظات وهو يفكر ومن دون تردد كان يحملها بين ذراعيه ويتجه بها نحو المرحاض…
وجدها تهمس بصوت واهن :
-لية كدا.. لأ.. ياااربي !
عقد ما بين حاجييه دون فهم، وضعها أسفل الميـاه وفتح المياه الباردة عليهما سويًا…
شهقت شروق وهي تمسك بطرف التيشرت الخاص به.. لتسمعه يهمس لها بصوت حاني :
-هشششش معلش يا حبيبي استحملي وهتبقي كويسه !
هزت رأسها نافية كالطفلة وهي ترد دون ان تنظر له :
-لا، مش هبقى كويسه خالص
دفنت نفسها بأحضـانه.. وكأنها تستمد الدفء من ذلك الحضن الذي هو اسمى تعاويذ للعشق….!
اغمض ادهم عيناه باستكانة وهو يضمها له اكثر.. يربت على ظهرها برفق بينما هي تكمل بصوت مبحوح :
-كان… آآ انا نفسي نجيب طفل
تنهد ادهم تنهيدة تحمل في طياتها الكثير والكثير،، ثم رد بعد فترة قصيرة من الصمت :
-انا نفسي اوي في بنوته شبهك.. ياااه مش هبقى عاوظ حاجة تاني من الدنيا
حينهـا بدأت شروق ترفع رأسها ببطء حتى تعلقت عيناها بعينـاه.. ثم رمته بتلك الرصاصة عندما قالت :
-لأ
تجمدت عيناه واستطرد :
-لأ ايه يا شروق ؟
رفـعت كتفاها ببساطة ثم اردفت بنبرة اختلط البكاء بآخرها :
-يعني انا مش هخلف.. لا بنات ولا صبيان !!!!!!
قالت اخر كلمة وهي تنهار في بكاء حاد… بكاد قطع نياط قلب ذلك المصدوم الذي كان يراقبها دون صدور رد فعل يُحتسب !!………
******
بعد مرور ساعات…….
وعندما كانت أسيا تجلس في احدى الحدائق الخاصة في انتظار “شروق” كما اتفقتـا اخر مرة على الهاتف….
وجدت من يربت على كتفهـا فانتفضت وهي تحدق به لتجده شخص غريب لأول مرة تراه !!
عادت للخلف عدة خطوات وهي تهمس بخوف :
-انت مين ؟!!!
وضع إصبعه على فاهه بابتسامة لعوب يخبرها :
-هششش خليكِ هادية احسن لينا احنا الاتنين، أنا جاي اقولك كلمتين وماشي
ابتلعت ريقها بتوتر وكانت انظارها مُعلقة بحراس ذاك الرجل المحاوطين بهم.. لتهمس :
-عايز ايه ؟؟
اقترب منها ببطء وهو يقول بصوت منخفض :
-انا عارف اللي انتوا مخبيـنوا عن كل الناس !!
ارتجف قلبهـا رغمًا عنهـا فرد بتلقائية هامسة :
-بابا !!!!
ثم حاولت استعادة توازنها وهي تسأله :
-عارف ايه ؟!!!
حاول هو إخفـاء دهشته.. حاول كتم تلك السعادة التي اخترقته لمعرفته أن والدها مازال على قيد الحياة !!
استعاد نفسه سريعًا ثم همس لها بصوت ناعم اشبه لفحيح الافعى :
-عارف ان ابوكِ لسه عايش
اهتز فك أسيا بعنف بينما هو اكمل :
-وممكن بكل بساطه اقول للي فكروه ميت انه عايش.. قدامك حل من اتنين يا هتجبيلي كل اخبار أدم صفوان من اكبرها لأصغرها وهتأكد منها بنفسي، يا هنشر الخبر بكل بساطه !!!
كانت أسيا جامدة امامه وكأنها صنم.. لا تشعر لا تتحدث لا تنظر !!
فقط جامدة هكذا وكأن تلك الصدمة انتشلتها لبقعة اخرى من الزمـن…!
انتبهت له عندما زمجر فيها بنبرة شيطانية :
-هااا مفيش وقت،، قرري حالاً… ابوكِ ولا جوزك ؟!
ظلت تتنفس بصوت عالي.. تود الصراخ لتنادي مُنقذهـا… تود الرفض.. تود الكثير والكثير ولكنها امامه عاجزة ؛!!!!!
نطقت اخيرًا دون تعبير واضح :
-بابا.. موافقه
اتسعت ابتسامتـه وهو يتابـع محذرًا بخبث :
-وخدي بالك لو ادم شم خبر عن اللي حصل اوعدك مش بس هقولهم لا دا انا هقتل ابوكِ بنفسي كمان !! واظن انتِ عارفه انتِ بتتعاملي مع مين …….
ثم تركها ليذهب هكذا وكأن شيء لم يكن !!
↚
بعد ساعـات اخرى……
دلفت أسيا بخطى سريعة نحو غرفتهـا دون أن تنطق بحرف لأدم الذي كان يسير في القصر وعينـاه عليهـا.. لم يصعد خلفها بل نادى على الحارس الذي كان مرافقًا لها….
أتـاه الاخر بعد لحظة يقول باحترام :
-امرني يا ادم باشا
سأله أدم بنبرة هادئة :
-ايه اللي حصل هناك؟؟ الهانم مالها !!
هـز رأسه نافيًا قبل ان يخبره :
-والله ما اعرف يا باشا محصلش اي حاجة
ضيق أدم عينـاه وكرر سؤاله بنبرة محذرة ؛
-انت متأكد ان مفيش حاجة حصلت؟ كنت معاها طول الوقت ؟؟؟!
اومأ الرجل مؤكدًا بسرعة :
-ايوه والله يا باشا ماسبتهاش الا عشر دقايق كنا بنشتري مايه ليا ولحامد والهانم كانت قاعده في الجنينه !
حاول أدم تمالك أعصابه حتى لا يقتل ذلك اللعين على تركه لها في تلك العشر دقائق….
أشار له ان يغادر…
صعد متوجهًا نحو غرفتهم ولكن لم يجد أسيا، فتوقع تواجدها في الغرفة التي يقطن بها والدها حتمًا……
عند أسيا كانت تجلس امام والدهـا دموعها تنهمـر دون صوت… تشعـر بروحهـا تتلوى وتنبح ولكن العقـل يمنـع ذلك الصوت من الخروج !!
فيزداد أنين تلك الروح…..
أمسكت يداه وهي تهمس بصوت مبحوح :
-أعمل ايه ياااربي ساعدني، لو قولت لأدم ممكن يقتلوك فعلاً.. اللي كان مانعهم عنك انهم ميعرفوش انك هنا اصلاً، لكن طالما عرفوا يبقى سهل يقتلوك !!!
ثم اصحبت تهز رأسها نافية بسرعة وهي تحتضنه :
-وانا مش هقدر.. مش هقدر اخسرك وانت كنت بتعمل كل حاجة عشاني وعشان متخسرنيش !
تنهـدت بصوت مسمـوع وكأنها تقنع نفسها بتلك الحروف المذبذبة :
-الزوج.. الحبيب.. الاخ… كل حاجة ممكن تتعوض الا الاب هو اللي مابيتعوضش ابدا
وفجأة وجدت جسد والدها يتشنج ويهتز بعنف والجهـاز يعلن اشارات غريبة…
نهضت أسيا بسرعة تنادي الممرضة والطبيبة المشرفة على حالته :
-يا دكتوووره.. تعالوا بسرعه بالله عليكم
وبالفعل جاءت الطبيبة وهي تدلف مشيرة لأسيا :
-ممكن تطلعي بسرعة يا مدام
خرجت أسيا ببطء تستند على الحائط خلفها.. بينما عينـاها تنزف دمعًا !!!!
شعرت بهاتفها يهتز معلنًا عن وصول اتصال، فأمسكت به لتجيب بصوت لا حياة فيه :
-ايوه مين ؟
وجدت من يُجيبها بصوت اجش :
-احنا اديناه دلوقتي مجرد دواء يجبله تشنجات،، المره الجايه هتكون سم !!!
ثم أغلق الخط لتأن هي بصوت مكتوم…
اصبحت تشعر أنها بين نيـران….
نيـران يزداد لهبهـا فتحترق هي متلويـة بينهـا..!
في تلك اللحظة وجدت أدم امامها يحتضنهـا بحنان هامسًا :
-متقلقيش، ان شاء الله هيبقى كويس ادعيله
اومأت عدة مرات دون رد…
لترفع رأسها متمتمة بصوت مبحوح :
-أدم لو سمحت تعالى الاوضه احنا لازم نتكلم
ذهبـا معًا للغرفة بهدوء.. وما إن دلفا حتى سألها ادم بقلق :
-في ايه يا حبيبي مالك ؟
تنهدت بصوت مكتوم تحاول استجمـاع شجاعتها الهاربة :
-أدم انا عايزه انفصل.. انا مخنوقه اوي وحاسه اني هفضل مش مرتاحه كدا !
عقد أدم ما بين حاجبيه.. كأشارة لعدم اقتناعه بتلك الهراءات… فأكملت هي دون ان تنظر لعيناه :
-النهارده شوفت مرات واحد انت قتلته، كانت عمالة تقول كلام كتير وتدعي عليك وعلى ولادك.. وانا مش هقدر.. مش هقدر اخلي ابني يتحمل اخطاءك ومش هقدر اشوف حد من ضحاياك كل شويه !!
كان أدم مٌغطى بطلاسم الصمت.. وكأنه حُشـر بين جدار تلك الكذبـة السوداء فلم يعد يستطع الفرار !!!!
لم يفعل سوى ان رد بجمود وهو يضع يداه بجيبه :
-ماشي يا أسيا.. هطلقك خشي ألبسي وهاخدك ونروح للمأذون دلوقتي !
وبالفعل استدارت تدلف لغرفتها وهي تضع يداها على قلبهـا.. تشعر به يكاد يتوقف عن سيره !!
بدأت عيناها تدمع وهي تهمس بصوت يكاد يسمع :
-اسفه يا ادم،، مش هاقدر اخونك واعمل اللي هما عاوزينه.. احسن حل اني اتطلق وافهمه انك انت اللي طلقتني !!!!!!!!…….
******
كان أدهم يحتضن شروق بصمت ويتسطحان على الفراش بهدوء تام…
هدوء يحمـل بين ثنايـاه جيشًا من الحروف سُلبت حقوقه في الخروج !!!…
حتى الان لم يستوعب حديثهـا ولكنه كالعادة فضل الصمت..!!
وأمام باب المنزل كان ثلاث رجـال من الصعيد.. أمرهم كبير عائلة “الدهاشنة” بإحضـار شروق في التو !!
فتسير خطة جدها الشيطان كما اراد تمامًا…..
كان يقفا امام الباب فنظر احدهم للاخر وقال :
-اول ما يفتح انتوا هتتصرفوا مع الواد وانا هخش اجيب البت
اومأ الاخـران مؤكدين ليحذره الاخر :
-بس خد بالك البت تصرخ او كدا، الكبير جال ماعايزينش مشاكل وفضايح !!
اومأ الرجل بتأكيد شابه الثقة :
-ماتجلجش انا عارف هعمل ايه بالظبط
وبالفعـل طـرق البـاب وبيده الاخرى السلاح منتظرًا خروج “أدهم” ليعاجله بضربه كما خطط…….
بينما على الطرف الاخر في سوهاج…..
كان كبير عائلة الدهاشنـة يجلس مع باقي افراد العائلة في غرفة الاجتمـاعات…
ليسأله احدهم بجدية :
-وهنعمل ايه مع البت اللي هتيجي دي يا كَبير ؟
رد الجد الاكبـر بثقة صلبة :
-طالما جدها ماعارفش يعمل حاجة ولجأ لي ماجدرش اصده،،، فـ هخير البت بين اتنين ملهمش تالت
صمت برهه ليعود ويكمل بنفس الاصرار :
-يا تتچوز وتسد ديون اهلها عليها وحقهم، يا تسبلهم شقى عمرهم وتروح مكان ما تحب !
في تلك اللحظة وجدوا الباب يُطرق اكثر من مرة وفتاة ما تعمل كخادمة في قصر جد شروق تدلف…
نهض هو مزمجرًا بعصبية :
-كيف تدخلي بين جاعدة الرجال ؟؟
ردت هي بسرعة متوترة :
-انا جايه اجول لحضرتك حاجة مهمة
سألها بخشونة :
-حاجة ايه ؟ جولي
اجابت هي بدون تردد على عجالة :
-كانوا بيكدبوا لما جالوا ان بتهم متچوزه من واحد صايع اتجوزته لما قالولها عتتجوزي، لا هي كانت متچوزاه من بدري من جبل ما توصل لاهلها اصلاً والواد ماعايزش ورثها دا كان بيساعدها بس.. وهما اللي فارج معاهم انهم يخلصوا من المشكله دي مش الورث خالص !!!
انتفض واقفًا يسألها بحدة :
-وانتِ عرفتي الكلام دا منين يابت ؟
تنفست بعمق قبل ان تهمس بقلق :
-سمعتهم صدفة وانا بدخل لهم القهوه !!!
جلس مره اخرى ينظـر حوله بشرود…. سينتقم منهم.. سينتقم مؤكدًا ممن جعلوه لعبة في ايديهم !!
وقف مرة اخرى يأمر احدهم بسرعة :
-إلحج اتصل بالواد جبل ما يخطف البت بسرعه خليهم يعاودوا للبلد طوالي !……
ثم صمت يفكـر محدثًا نفسه بغيظ :
-وهحاسبكم على عملتلكم وهاخد تار ولدي مش هحلها ودي ولا نيله !!!!!
*******
في منزل “مصطفى” ….
كانت نشوى تسير خلف مصطفى الذي كان يدخن بشراهة دون ان يعير حديثها اهتمام…
نفذ صبرها من تلك اللامبالاة التي تتلف اعصابها في كل دقيقة تزداد على الاخرى..
لتنتشل منه السيجار صارخة بحنق واضح :
-مصطفى انا بكلمك رد عليا لو سمحت بلاش البرود دا ؟!!!
تأفف مصطفى قبل ان يقول ببرود :
-منا ياما رديت عليكِ يا نشوى وانتِ مصممه ماتفهميش
ضحكت ضحكة صغيرة ساخرة وهي تسأله :
-رديت عليا بـ إيه ؟؟
استطرد بصوت اجش دون ان ينظر لها وهو يسير ببطء في المنزل :
-رديت وقولتلك اني مش بتاع جواز، قولتلك من بدري وانتِ كنتي حابه العيشه معايا على كدا.. معرفش ايه اللي جد بقا ؟؟!!!!
كانت ملامحها جامدة.. شاحبة توازي شحوب الموتى وهي تتابـع بصوت عالي :
-بس انت خلتني اسيب جواد وقولتلي انك هتتجوزني !! ولما سكت قولت فتره وهيرجع لعقله وهيتجوزني….
ابتسم مصطفى بسماجة،،،، ثم قال :
-لأ يا حبيبتي انا كدا فـ كامل قوايا العقليه ومستحيل اتجوز
-طب ما انت كنت هتتجوز سيليا هانم لولا اللي عمله جواد !
صرخت فيه بتلك الجملة والغيرة والحقد يحرقا احشاءها كفتيـل يصعب القضاء عليه….!!
ليمسك هو ذراعها يضغط عليه بعنف قبل ان يردف بحدة مُخيفة يحذرها :
-ملكيش دعوه بـ سيليا خالص، سيليا غيرك.. سيليا ماخانتش جوزها وسابته عشان واحد تاني
إتسعت عينـاها بذهول وهي تراقب ما يكمن بين خلايـاه يفوح من بين شفتاه دون قصد منه….
لتضحك بصوت عالي وهي تردد بهيسترية :
-يعني انت شايفها احسن مني؟؟ بعد ما عملت كل دا عشانك؟! يعني انت بتعمل كدا عشان بتحبها مش عشان تنتقم زي ما فهمتني !!
كان يُعطيها ظهره دون ان يرد مغمضًا عينـاه… بينما نقلت هي عيناها بينه وبين سكين الفاكهة الموضوعة جواره بجنون !!!!
وبكل الجنون والتسـرع.. الحقد والشراسة التي تحملها سالبة اياها من العالم كله…. امسكت بتلك السكين لتغرزها في ظهره بهيسترية وهي تهمس كالمجنونة :
-مش هاسيبك تدمرني وتحقق اللي انت عايزه !!! هقتلك.. انت مينفعش تعيش انت لازم تموت ! انا اصلاً حياتي اتدمرت ومعنديش حاجة اخسرها
ليقـع هو امامها يتأوه بصوت عالي والدماذ تنزف منه بغزارة بينما هي تشاهده بشماتة !!………..
********
وعندمـا كانت أسيـا في السيـارة مع أدم متجهان للمأذون كما اتفقـا….
وجدت أسيا هاتفها يرن بنفس الرقم فتلعثمت يداها وهي تمسك به لتجيب بتوتر :
-ايوه يا هند ؟
سألها مباشرة :
-انتوا رايحين فين ؟؟
صمتت هي وكأنها تراجـع جوابها الذي ربما يلقيهم للتهلكة !!
ثم ردت بصوت مبحوح :
-انا وادم رايحين للمأذون عشان نطلق !
شعرت به يبتسم على عكس ما توقعت ثم اردف :
-حلو اوووي.. جه الوقت اللي ادم صفوان هيدفع فيه تمن خيانته لينا !!!!!!
ثم اغلق بوجهها الخط… نظرت أسيا بسرعة من نافذة السيارة فكان المكان شبه خالي من السكـان وتوجد سيارة خلفهم…..
ومن دون سابق انذار وبعد 10 دقائق فقط كان الطلق الناري ينطلق حولهم وكأنه يهطل من السماء ليريهم شكلاً اخر من الجحيم !!!!!!!!!…………
******
↚
اختبـأت أسيـا بأحضان أدم وكأنها تختفي من بطش تلك الرصاصات التي لم تخترق اجسادًا فقط.. بل شعرت انها تخترق حياتها بعنف لتصبح رماد قسوتها !!!……
ضمها أدم له بقوة ثم اقترب من اذنها هامسًا بصوت حاني يطمئنها :
-أسيا.. زي ما اتفقنا اوعي تخرجي من العربيه مهما حصل واكيد البوليس قرب يوصل اهدي انتِ بس
اومأت أسيا عدة مرات مؤكدة ليهبط هو من السيارة بسرعة فأغمضت هي عيناها تهمس برجاء :
-ياااارب.. يااااارب استرها يارب مايحصلهوش حاجة يارب الاتنين دول مش هقدر اعيش من غيرهم ياااااااااارب
ثم اخذت الذكريات تتوالى على عقلها كشـريط قارب على الانتهـاء مدمرًا ثنايا عقلها….!
فلاش بــاك###
خلال لحظات لم تشعر أسيا بنفسها سوى وهي تخرج من الغرفة مره اخرى تنادي على أدم الذي كان يسير مغادرًا :
-ادم استنى لو سمحت
استدار ينظر لها مستفهمًا :
-ايه؟؟؟
سحبته من ذراعه ببطء وهي تعود نحو الغرفة مره اخرى.. أغلقت الباب بإحكـام وهي تستدير له ببطء، كان يراقبها هو مضيقًا عيناه يحاول استيعاب ما تفعله !!
ولكنه فشل خاصةً وهي تهمس بتوتر :
-انا مش عارفه صح ولا غلط اني اقولك بس انا هقولك واللي يحصل يحصل
كانت نظرات أدم الحادة تحثها على الإكمـال.. يزداد سوادها المُقلق كالبؤرة التي تبتلع الشظايا داخلها فتزداد ظلمتها…..!
بدأت تتحدث بصوت مرتجف وهي تتذكر ما حدث :
-انا وفي الجنينه في واحد كدا معرفوش جه وقالي انه عارف اللي احنا مخبينوا وانا بتلقائية معرفش ازاي مخدتش بالي وهمست بابا ورجعت قولتله تعرف ايه قالي ان والدك عايش وهقول للي فكروه ميت انه لسه عايش لو ماعملتيش اللي بقولك عليه
سألها أدم بخشونة :
-كان عايزك تعملي ايه؟؟
-كان عاوزني أنقله كل اخبارك اللي بتحصل جوا القصر لان اخبارك برا القصر سهل يعرفها لكن اللي جوا لأ
أجابت بسرعة دون ان تنظر لعيناه لانها تثق تمام الثقة انها إن نظرت سترى لهبًا مسعورًا تخشاه دائمًا….!
صمتت برهه ثم عادت تكمل :
-انا كنت مرعوبه كنت خايفه يقتلوا بابا بجد وساعتها انا هتدمر فعلاً.. المهم هو هددني تاني لما لاقاني متردده انه هيقتل بابا بنفسه كمان، فـ انا محستش الا انا وبقوله موافقه، رجعت البيت قعدت مع بابا شويه لقيته فجأة جتله تشنجات لما ناديت الدكتوره.. وتليفوني رن.. قمت رديت لقيته هو وبيقولي المره دي اديناه دواء يجبله تشنجات المره الجايه هتكون سم !! فمكنش قدامي الا اني اتطلق واقوله انك انت اللي طلقتني لما اتخانقنا ! اهون عندي من اني اخونك
كان صمت أدم مُقلق.. الا ان رده كان معاكس التيـار حينما قال :
-طب اسمعيني كويس يا أسيا….
نظرت له أسيا باهتمام هامسة :
-ايه؟؟ هتعمل ايه؟!
اقترب منها يردف محذرًا :
-انتِ هتكملي وكأن محصلش اي حاجة، كأني معرفتش.. انا متأكد ان الراجل دا هو اللي هيوصلنا لاكبر واحد فيهم لو اتمسك.. هنعمل كأننا رايحين المأذون وهاخدك ونروح على طريق فاضي بعد ما اتصل بالبوليس والبوليس هيبقى قريب مننا واول ما هما يستغلوا الفرصه ويحاولوا يقتلوني هيلاقوا البوليس جه وهيقبض عليه متلبس وعشان ماياخدش اعدام ويشيل كل جرايمهم لوحده اكيد هيعترف ! ولو اتصل بيكي وانتِ معايا ردي كأنك بتخبي عليا عشان الله اعلم هو مراقبنا 24 ساعة ازاي !
حينهـا بدأت ابتسامة اسيا تتسرب رويدًا رويدًا الى أن انفجرت صارخة بسعادة وهي تمسك رأسه لتقبلها :
-حاضر يا جوزي يا حبيبي يابو دماغ ألماظ انت يا عسل !
نالت نظرة حادة من أدم فتراجعت على الفور تستطرد بنبرة طفولية :
-خلاص خلاص ماتزقش !!
أشار لها أدم قائلاً بخشونة :
-روحي البسي يلا
ثم غمزها بمكـر جعل الحمرة القانية تزحف لصفحتا وجنتاها :
-ولا تحبي اجي انا اساعدك تلبسي ؟!
ركضت حينها مسرعة وهي تضحك بحرج بينما تنهد هو وهو يفكر بالقادم……..
بــــاك###
استفاقت من شرودها على انتهاء طلق الناري فابتلعت ريقها بتوتر وخرجت تنظر كالأطفال من النافذة بقلق.. لتجد ادم يقترب منها.. ما إن رأته حتى هبطت من السيارة بسرعة متجاهلة ذلك الحائط البشري الذي يحاول منعها…..
احتضنت ادم الذي كان يلهث بعنف لتسأله بخوف :
-ايه اللي حصل يا ادم انت كويس ؟؟
اومأ مؤكدًا بهدوء :
-ايوه كويس متقلقيش.. خلاص اتقبض عليه هو ورجالته فاضل الكبير بتاعهم واكيد هيتقبض عليه اول ما يعترف
ألقت أسيا نظرة سريعة لتجد ذاك الرجل بالفعل بين قبضتـا الشرطة.. حينها تنهدت بارتياح عميق وهي تشدد من احتضان أدم الذي استوطن الارتياح ملامحه هو الاخر……
سـارا معًا باتجـاه الضابط.. ليتنحنح أدم قائلاً بخشونة :
-استأذنك يا حضرة الظابط عايز اروح واكيد هنيجي المديرية عشان لو في اي حاجة تاني
اومأ الضابط مؤكدًا بجدية :
-اكيد يا أدم.. اتفضلوا كتر خيركم لحد كدا
وبالفعـل غادرا معًا بهدوء مع من تبقى من حراسه…. وصلا القصر فهبط أدم دون ان يعيرها اهتمام..
ركضت أسيا خلفه تناديه برقة :
-ادم استنى
ولكنه لم ينتظر بل تجاهلها تمامًا… حينها أدركت ان عقابها سيبدأ الان وقد اختار اسوء الاسواط ليجلدها بها “التجاهـــل”…….!
*******
ولحسن الحظ حينمـا فتح أدهم الباب لم يجد أي شخص فعاد لشروق مره اخرى بهدوء…
جلس جوارها دون ان ينطق فبدأت تتحدث هي بصوت خافت :
-ادهم احنا لازم نتكلم مش هينفع السكوت دا !!؟
اومأ ادهم موافقًا بهدوء :
-تمام.. هنتكلم، قوليلي بقا ايه اللي حصل خلاكِ بالمنظر دا وعرفتي منين الكلام دا ؟
عضت شروق على شفتاها وشعرت وكأن تلك الشجاعة والاتزان ذهبا في مهب الريح..!
شعرت ان ذكريات ما حدث تجذبها لنقطة الصفر !!
وهي لا روح لها للمجازفة للتقدم مره اخرى…..
ولكن رغم ذلك قالت دون ان تنظر له :
-انا كان عندي شويه اعراض كنت مفكره انها حمل، روحت للدكتوره عشان أكشف بس ملاقتنيش حامل دي قالتلي كمان اني صعب جدًا اخلف !!!
سألها أدهم بحدة:
-وهي جابت الكلام دا منين وايه الاسباب
هزت شروق كتفاها بقلة حيلة ثم اجابت :
-عملتلي تحاليل وحاجات.. وانا من ساعة ما سمعت كدا مكنتش مهتميه بالباقي والاسباب بس هي قالت السبب مش بأيدك ولا بأيدها دا بأيد ربنا.. ممكن أحمل بس الاحتمال الاكبر لا لان في كام حاجة هي شرحتهالي
ضمها أدهم له بحنان مرددًا :
-طب يعني قالت ممكن يحصل حمل يعني لية نفقد الامل كدا ؟؟ وبعدين فالنفترض محصلش.. انا مكتفي بيكِ يا حبيبي.. انتِ مراتي وبنتي واختي وحبيبتي
لفت يداها حول عنقه وراحت تقول كالأطفال :
-بس انا كنت نفسي اوي فـ طفل منك يا ادهم
بدأ ادهم يربت على شعرها برفق بينما داخله بركانًا يثور من صدمة الوضـع…
ثم همس وهو يتمدد جوارها :
-صدقيني انا نفسي فيه اكتر منك، بس عادي يا حبيبي احنا مش اول ولا اخر اتنين يحصل معاهم مشاكل في الحمل !!
اومأت شروق عدة مرات ليمرر هو إصبعه على شفتاها على شكل ابتسامة،،، ويقول ليشاكسها :
-ممكن بقا تضحكي كدا بلاش الكآبة دي.. قال عيال قال ولما يجوا تقعدي تصوتي وتقولي تعالى شوف عياااالك يابو عدوي !
رفعت شروق حاجبها ببلاهه وهي تتابـع مستنكره :
-عدوي ؟؟؟ عدوي مين !!
اتسعت ابتسامته وهو يخبرها :
-ابننا يا حبيبتي، منا ناويت اسميه عدوي على اسم ابويا !!!
حينها تمددت على الفور وهي تتشدق مسرعة بمرح :
-لا شكرا مش عايزه عيال طالما فيها عدوي !!
لتتعالى ضحكات أدهم وهو يتسطح جوارها ليضمها له بحنان متجاهلاً ذلك الأنين الذي تصدره الروح كحداد على حلم قُتل في مهده……….
******
دلف جواد للمنزل ببرود كعادته في اخر يومـان… فهو منذ شجاره مع سيليا تركها ليغادر عازمًا على تجاهلها تجاهل تام……
ورغم ان ذلك التجاهل كان يحرق روحه.. يجعله يشعر ان نُفي لمأوى بعيدًا عن مسكن هواه وروحه !!
الا انه كان الحل الامثـل…. لحين اشعار اخر..
جلس على الأريكـة يتنهد بحرارة متذكرًا ما حدث حينها…..
فلاش بـــاك###
تدفقت الشهقات الباكية من سيليا كشلال من الدمـوع بلا توقف.. تشعر أن تلك الشهقات بمثابة وخزات عميقة تسبب تشوهًا في روحها الضعيفة….!
أمسكت يده التي تقبض على خصلاتها وهي تصرخ :
-والله ابدًا.. هو قالي آآ…..
ولكنه كان كالمجنون يهزها بعنف من ذراعاها وصراخه كان كالرعد يصدح بأذنها يكاد يفقدها اياها ؛
-قالك ايه ؟؟؟ كل عقلك بإيه مهو شاطر اوي فـ الضحك على الستات.. لا ومش اي ستات دي اي واحده بتجوزها بيقدر يضحك عليها بسهوله
تعالى صراخ سيليا وهي تحاول ان تشرح له بكل الطرق :
-لا انا مش زي اي حد يا جواد، انا ماخونتكش زيها.. هو هددني انه هيفضحك !
حينهـا بدأ يتركهـا ويعود للخلف رويدًا رويدًا… لتتابـع هي بحروف متمزقة كرونقها تمامًا :
-قالي ان البنت مش بنته، وانه هيفضحك ويقول ان مراتك بتخونك وبكدا مش هتقدر تواجه حد.. قالي انه ممكن ياخدها منك وانا عارفه انت متعلق بيها قد ايه !!
كان يلهث بصوت عالي وهو يجلدها بنظرات حادة تحمل لونًا واضحًا من خيبة الامل.. ليسألها مستنكرًا حديثها :
-تيا بنتي انا !! الاب اللي بيربي مش اللي بيخلف ويرمي.. وبعدين انتِ ازاي ماتعرفينيش ؟؟ كنتي ناويه تخبي لحد امتى ؟!
رفعت كتفاها تهمس بقلة حيلة :
-معرفش، بس انا كنت متلخبطه.. خايفه ومش عارفه هجبهالك ازاي!
ظل جواد يهز رأسه نافيًا… الى ان زمجر بعصبية خفيفة :
-امشي.. امشي من قدامي يا سيليا عشان ماتغاباش عليكِ وياريت ماتخلنيش اشوفك كتير !! مش مسامحك ولا هسامحك على كذبك عليا
وبالفعل غادرت سيليا بانكسـار….
هي تعلم انه لديه الحق 1000 في المائه ليغضب منها،،، ولكنها ايضًا كانت بين نارين كما يقولون !!…..
بـــاك###
انتبه لسيليا التي تقدمـت منه بهدوء تقول بصوت خافت :
-احضرلك العشا ولا اتعشيت برا ؟!
اومأ جواد موافقًا ثم استطرد بخشونة :
-لا حضريلي
سارت سيليا بوهن نحو المطبخ.. ولكن فجأة شعرت بالدوار الحاد يهاجمهـا وقدماها وكأنها ملت من حملها فلم تعد تستطع حتى كادت تسقط ارضًا لولا يد جواد الذي تقدم منها صارخًا بخوف :
-سيليا !!؟ مالك يا حبيبتي ؟؟؟؟
اصبح يهز رأسها ببطء بعدما فقدت وعيها واللهفة تكاد تفقده عقله وهو يردد :
-سيليا ردي عليا !! فيكِ ايه يا زيتونتي؟!!!!
تركها بحرص وركض يجلب عطر.. ثم عاد ليبدأ رشه لها بعنايـة….
دقائق وبدأت سيليا تستعيد وعيها رويدًا رويدًا.. حينها احتضنها جواد بقلب يتلوى خوفًا من فقدانها ليسألها بسرعة :
-مالك ايه اللي حصل يا زيتونتي ؟؟؟
لم ترد سوى بكلمة واحدة جمدته مكانه كالصنم :
-انا حامل !
تجمدت يداه التي كانت تربت على كتفها وعينـاه التي كانت تنبض بالخوف اصبحت متوهجـة وكأن شعلة الامل وبريق الحياه عاد ليشتعل….!
نظر لها بلهفة يسألها وكأنه لم يسمع :
-ايه؟؟؟ قولتي ايه يا سيليا !!؟
تنهدت وهي تردف بنفس الضعف :
-قولت انا حامل يا جواد.. حامل حامل… انا حامل !
احتضنها بسرعة وهو يصرخ بفرحة حقيقية لم تخترق مسامه منذ حين :
-يا احلى خبر في عمري… بجد؟؟ بجد يا سيليا يعني انتِ متأكده؟؟؟
اومأت مؤكدة بشبح ابتسامة :
-ايوه انا جبت اختبار حمل واتأكدت
ثم صمتت برهه لتعود وتكمل بصوت مبحوح :
-بس لحد دلوقت فرحتي ناقصه يا جواد
احاط وجهها بيداه يتحسس وجنتاها برقة متمتمًا :
-انا اسف.. اسف على كل وقت زعلتك فيه.. سيليا انتِ ادتيني اجمل حاجة ممكن الواحده تقول لجوزها عليها، انا بعشقك !
رمشت بتوتر وهي تغمغم وكأنها طفلة تشكي والدها :
-بس مابتثقش فيا !
هنا عاد لخشونته وهو يردف :
-ما انتِ كمان مابتثقيش فيا والا كنتي جيتي قولتيلي على طول وماسبتيش الحيوان دا يعمل زعلة بينا !
امسكت يداه وهي تقول بخفوت :
-اسفه.. اوعدك هثق فيك !!
ليبتسم هو في حنو متابعًا :
-وانا اوعدك هصدق اي حاجة تقوليها…
ثم ضمها لاحضانه يتنهد بقوة.. وداخله يقين واحد هو مؤمن به
” أن مصطفى مهما قال هو مجرد…. كاذب ” !!…
*******
بعض الرجـال خرجوا من قصر الدهاشنة بأمر من كبيرهم بقتل “كريم” قصاصًا لابنه الذي قُتل غدرًا…
خاصةً بعدما امر رجاله ان يسألوا الاناس في تلك المنطقه عن زواج ادهم وشروق والذين اكدوا لهم ان شروق متزوجة به منذ فترة كبيرة…….!
اقترب منه احدهم وهو يتشدق بقلق :
-انا خايف البوليس يعمل حاجة يا كبير !
رد الكبير بلامبالاة :
-ماهيعملش حاجة، والراجل اللي انا بعته هيشيل الليله.. المهم اني اخد تار ولدي واحرج جلوبهم زي ما حرجوا جلبي !!!
اومأ مؤكدًا ليجلس الجميع في انتظار الخبر المُفرح……….
بينمـا على الطرف الاخـر وعندمـا كان كريم “ابن عم شروق” على وشك الخروج من المنزل..
وجد الرصاصة تخترق صدره ليسقط ارضًا صريعًا وسط دماءه…
تعالت الصرخات في جميع انحاء المنزل ليجدوا الجد يخرج راكضًا… فاتسعت حدقتاه وهو يرى اكبر احفاده والعون واليد اليمنى والرأس المدبره غريق وسط دماءه !!!!…..
وما زاد الطين بلاً كما يقولون هو اقتراب احد الاشخاص الذي تفقد نبض كريم ليعلن بصوت آسف :
-مات !!…..
حينها صرخ الجد وهو يمسك قلبه متألمًا ليسقط ارضًا………..
******
بعد يومـان……..
كان أدم في غرفة الرياضه خاصته.. يتمرن بها كما اعتاد…..
كان يلعب ضغط عندما دلفت اسيا الى الغرفة فلم يعطها ادم اهتمام كعادته منذ يومان..
اقتربت منه أسيا بلهفة تناديه بهدوء تام كقطة وديعة :
-ادم حبيبي
ولكنه استمر في الضغط ولم يرد.. لتقترب هي بهدوء ثم تمددت اسفله لتصبح رأسها عند رأسه عندما يهبط !!!!!
رفـع هو حاجبه الايسر مغمغمًا بخبث :
-والله؟؟؟
عضت على شفتها السفلية وهي تهمس بصوت انثوي بحت :
-ماقدرش على زعلك يا دومي.. كفايه بقا عشان خاطري صدقني مش هخبي عليك حاجة تاني والله
هبط ادم وصعد… وكان كلما يهبط تلامس شفتاه شفتاها عن عمد فيشعر هو برعشتها الخفيفة التي تشعل داخله نار متأججة تود إلتهامها..!!!!
وفي المره الاخيره قبض بشفتاه على شفتاها في اعصار لا يمت للقبلة بصلة…
اعصار من الشوق واللهفة والعشق… العشق الذي يجعلها في عينـاه كالحلوى مهما فعلت يود التهامها بنهم……!
ابتعد بعد دقائق لحاجتهم للهواء… فكانت هي مغمضة العينان تحيط وجهه بيداه… وفجأة وجدوا من يطرق الباب بعنف صارخًا :
-الحقنا يا ادم بااشا… الحق يا باشا !!!!!!
*******
↚
إنتفض أدم واقفًا يحدق بذلك الرجل دقيقة قبل ان يصرخ فيه متساءلاً بحدة :
-في ايه يا بني ايه اللي حصل ؟؟
تلعثم الرجل في رده نوعًا ما :
-چمانة هانم آآ…..
لينفذ صبر أدم الذي زمجر فيه بجنون وكأنه على وشك الانفجار بل هو بالفعل انفجر فيه صارخًا بعصبية مفرطة :
-ما تنطق يا زفت،،، مالها چمانة ؟؟؟؟
اجاب بسرعة :
-معرفش ياباشا مابتنطقش ومغمى عليها لما جينا ندخلها الاكل
ركض ادم نحو الغرفة التي كانت تقطن بها چمانة تتبعه أسيا التي كانت ترتعد من فكرة موتها الان وبسببهم تحديدًا…..!
دلف أدم ليجدها فاقدة الوعي فنظر للخادمة آمرًا بسرعة :
-اطلبوا الدكتور بسرعه وهاتوا برفان افوقها بيه
ركضت الخادمة بالفعل تنفذ ما اُمرت به… وعادت بعد دقيقة تمد يدها بالعطر لأدم الذي تناوله على عجالة ليبدء محاولة استعادة چمانة لوعيها…..
وبالفعل خلال دقائق بدأت چمانة تستعيد وعيهـا.. فسألها أدم بقلق :
-چمانة انتِ كويسه؟؟ حاسه بإيه؟؟؟!!!
ولكنها لم تجيب.. كانت تحدق بهم بعيون دامعة فقط.. عيون بدت وكأنها سحابة تخفي اسفلها امطارًا غزيره حارقه !!…..
فهزها ادم ببطء يحثها على الحديث :
-انطقب فيكِ ايه؟؟؟
أشارت له چمانة على فاهها وهي تهز رأسها نافية لتتصنم أسيا مكانها وهي تدرك معنى اشارة چمانة..
أ يُعقل أنها فقدت النطق ؟!!!!
حاول أدم جعلها تنهض معه ولكنها كانت تهز رأسها نافية ببكاء وهي تشير لقدماهـا…..
حينهـا كادت أسيا تفقد وعيهـا..
يا الله…
أي عقـاب ذلك الذي حل بتلك المسكينة ؟!! …
ولكن يقبع السؤال هنا بين ثنايـا تفكيرها…
هل چمانة فعليًا مسكينة ؟!!!!
ام هي شيطـان سُلبت مخالبه فقط….!!
كان كلاً من أدم وأسيا مع الطبيب حينمـا بدء الطبيب يفحصها بعنايـة…
وما إن انتهى حتى نظر لهم بأسف مرددًا :
-للاسف واضح ان المدام جالها شلل وفقدت النطق !!
حينها انتبهوا لچمانة التي بدأت تدب على قدماها بهيسترية وهي تبكي…
كان أدم يراقبها بأسف حقيقي.. مهما بلغ حقده ومقته على تصرفاتها…
ولكن عشرة السنوات جعلت قلبه يرق مصدرًا خلفية آسفـة لصفحة يبدو انها اُغلقت للابد……
خرج من الغرفة بهدوء فركضت أسيا خلفه تسأله بصوت مبحوح :
-هتعمل ايه دلوقتي يا أدم ؟؟
هز أدم رأسه نافيًا،،، ثم قال بوضوح :
-هبعتها مع ورقتها لعمها في فرنسا..أنا كنت حكيتله على اللي حصل وحجزتلها تذكره بس معرفش ان كل دا هيحصل !!
احتضنته أسيا دون رد…. ليشدد هو من احتضانها هامسًا في حنو :
-هروح اخليهم يجهزوا حاجتها وهاخدها ونروح المطار.. خليكِ هنا ممكن ماتروحيش حته لحد ما ارجع ؟؟
اومأت موافقة بطاعة غريبة عليها :
-حاضر يا حبيبي
طبع قبلة حانية على جبهتها برقة مغموسة بحنانه المعهود معها قبل أن يتركها ويتجه نحو الغرفة مره اخرى بهدوء…….
*******
بعد ثلاث أيــام….
وبعد معرفة شروق لما حدث عن طريق الصدفة من احدى خادمات القصر التي اصبحت كصديقتها.. لم يسلم أدهم من زنها واصرارها على زيارة جدها في المستشفى…..
كانت تقف مع ادهم امام المستشفى تتنفس بعمق وكأنها تعيد تنظيم تلك الضوضاء التي يرتفع صوتها اكثر داخلهـا…!!!
توجها معًا نحو الاستقبـال لتسأل شروق الموظفة بهدوء تام :
-لو سمحتي فين اوضه مصطفى العزاوي ؟!
اجابتها الموظفة بجدية :
-الدور التاني اول اوضه عاليمين
اومأت شروق بابتسامة خافتة وسارت مع أدهم نحو الغرفة…
كلما تقدمت خطوة نحو تلك الغرفة شعرت بقلبها يكاد يخرج من مكانه… وكأنها تتقدم من فاجعة ستبتلع كلاهما حتمًا….!!
وصلا امام الغرفة.. فتقدمت شروق ببطء خشية رد فعلهم….
وجدت اولاد اعمامها الاثنـان فابتلعت ريقها بتوتر وهي تخبرهم :
-انا كنت جايه عـ آآ عشان اشوفه
لم يرد كلاهما بل اشاروا لها ان تدخل بصمت.. وما إن رآها الجد حتى بدأت عينـاه تدمع ببطء !
حينها سارعت شروق تقول :
-انا والله ما جايه اشمت فيك، انا جيت اطمن عليك بس واقولك البقاء لله
ثم استدارت لتغادر ولكنها اوقفها صوته المتقطع بسبب اصابته بالشلل وهو يستطرد :
-مسمحـ مسمحاني؟؟
حينها ابتسمت شروق ابتسامة تحوي ضعفها وطيبتها الزائدة،،، ثم تابعت متنهدة :
-مسمحاك.. وربنا يسامحك
ثم غادرت دون كلمة اخرى.. احتضنهـا أدهم برفق قبل ان يهمس لها بصوت حاني :
-ممكن تهدي بقا خلاص عملتلك اللي كنتي عاوزاه، تعالي بقا هغديكِ احلى غدا فى احلى مطعم قبل ما اروح للاستاذ ادم بقالي كام يوم ماشوفتوش
اومأت شروق موافقة بابتسامة هادئة وهي تمسك بيده التي تحتضنها….
وكأنها تشكره على ذلك الاحتواء بدون مقابل ؟!!!……
*******
دلف جواد الى منزله بصمت… فاستقبلته سيليا التي ركضت تحتضنه بخوف وكأنها كانت تحترق بأفكارها وهو اطفئ لهبها للتو !…..
ضمته لها بكل قوتها وهي تهمس بحنق واضح :
-كنت فين كل دا يا جواد قلقتني اووووي عليك ومابتردش على تليفونك كمان ؟!!!
رد جواد بشرود :
-كنت عند بيت مصطفى مع البوليس
شهقت سيليا بقلق وقد بدأت الافكار السوداء تستوطن عقلها مره اخرى :
-ليه ايه اللي حصل اوعى تكون اتخانقت معاه تاني يا جواد ؟؟؟
هز رأسه نافيًا قبل ان يخبرها :
-مصطفى اتقتل ونشوى هي اللي قتلته.. هربت ال4 ايام ومحدش عرف انه اتقتل الا اما هي راحت اعترفت في اليوم الخامس وبيقولوا ان عقلها شت (اتهبل) شويه !!!
كانت سيليا تراقب تلك الاخبار التي كانت بمثابة صفعات تُسدد لها على التوالي…
وعندما انتهى تنهدت وهي تهز رأسها نافية بأسف :
-مش عارفه افرح اننا خلصنا منه ولا ازعل على الطريقة اللي مات بيها
حاول جواد ان يخلق جوًا من المرح حينما جذبها من خصرها له مغمغمًا بعبث :
-تفرحي لان من هنا ورايح مفيش غير فرح وبس.. وعلى فكرة في حفلة عمل هيحضرها ادم وادهم ومراتتاهم وانتِ اكيد هتحضريها
اومأت سيليا موافقة بين احضانه :
-اكيد ايوه
كانت عينـاه مُسلطة على شفتاها التي كانت كالشهد بالنسبة له لا يكل ولا يمل منه… ثم تابـع بمكر :
-طب بقولك ايه ماتيجي اقولك حاجة سر
ضحكت سيليا ولكن قبل ان ترد وجدت تيا تركض باتجاههم صارخة بنبرة طفولية :
-باااااابي قولي انا يا بااابي
اغمض جواد عيناه يستغفر بصوت مكتوم ثم تمتم بغيظ من تلك الصغيره :
-اهي جات هادمة اللذات
ثم رفعها عن الارض وهو يدغدغها لتشاركه سيليا وتتعالى ضحكاتهم التي تسطر صفحات اخرى من الحياة…….!
*******
في اليوم التالي وبعد ساعات عديدة عاد أدم من المطـار اخيرًا…..
كان يدلف للمنزل وهو شارد بلقائه الاخير مع “چمانة” ….
طليقته التي كانت كالشيطانة في حياته ولكن الان.. تحديدًا الان كانت صامتة.. او الاصح لم تريد ان تنطق بأي شيء…
وكأن الصمت هو اقوى تعبير يمكن !!…
لا يدري ادم ان كان ظلمها ام لا… ولكن ما يعلمه جيدًا ان الارتياح لم يعرف طريق حياته الا حينما خرجت هي منها وبلا عودة……..
انتبه للاصوات التي تصدر من الداخل فانتبه وبدأ يدخل بترقب وهدوء تام كالصقر…
ولكنه بمجرد ان دلف تجمد مكانه من ذلك المشهد الذي اثلج صدره….!!!!!!
*******
↚
الخــاتـمــة :-
أخترق حواجز بصـره مظهر أسيا وهي تتمايـل يمينًا ويسارًا على ألحان غنائية وتنظف المنـزل… زال تعجبه عندما أخبره الخدم أن الهانم أمرت بمنع دخول الرجال القصر حاليًا….
اخذ يقترب منها رويدًا رويدًا وهي ملهية بالتنظيف.. لتصرخ فجأة بعنف عندما وجدت من يقبض على خصرها ليحتضنها من الخلف…!!!
استدارت لتجد أدم الذي زين ثغره ابتسامة عابثة مُلكة لقلب أسير سحرها منذ حين..
فتنفست بعمق وهي تقول مؤنبة :
-الله يسامحك قطعت الخلف يا أدم
صدرت ضحكة رجولية عميقة عنه قبل ان يرد مشاكسًا :
-تؤ تؤ هتقطعي الخلف من اول المسيره كدا؟؟ دا احنا لسه ورانا كفاااااااح طويل !
أردفت أسيا ضاحكة :
-كفاح ايه انت ليه محسسني اني متجوزه سعد زغلول وبيكلمني عن ثورة يوليو !!
عقد يداه حول خصرهـا وهو يدفن وجهه عند رقبتهـا.. يملأ رئتيه برائحتها التي كانت كالمخدر له دومًا…..!!
ليهمس بصوت خشن اثار القشعريرة في جسدها :
-تؤ تؤ.. مينفعش تفكري ولا مجرد تفكير انك متجوزه حد تاني
حينها حاولت أسيا ٱبعاده وهي تقلب عيناها بعدم تصديق :
-يا نهااار احوس.. حتى في خيالي متملك؟؟؟
رفع ادم حاجبيه مغمغمًا بدهشة مصطنعة :
-احوس؟؟ احوس يا بيئه؟! ليه متجوز عم مصلحي بتاع القهوه؟!!
تجاهلته أسيا وهي تشاكسه من وسط ضحكاتها التي عبأت اركان القصر :
-ابن مين انت في مصر عشان مراتك ماتتمناش الزمن يرجع بيها لورا وتتجوز واحد تاني ؟!
وفجأة وجدته يحملها من خصرهـا ليرفعها فتصبح امامه مباشرة.. انفاسها تختلط بأنفاسه فتشكل اعصار من نوع آخـر…
اعصار كان حكرًا على ضبابية العشق فقط..!!!
شهقت هي متفاجأة ثم اصبحت ترجوه بضعف مصطنع :
-سوري يا بيبي انا فعلاً عم مصلحي بتاع القهوه.. يرضيك تمرمطني كدا ؟؟!!
ولكنه كان يضحك فقط ولم يتركها بل بدأ يسير بها نحو الغرفة.. لتعقد حاجبـاه مستطردة بمرح :
-يابني حرام عليك اللي بتعمله فيا دا انا زي ابوك !!
عندها وجدته يُقرب وجهه من وجهها كثيرًا حتى صفعتها أنفاسه الساخنة… ثم قال بمكر رجولي جعلها كثمرة الطماطم امامه :
-ابويا؟؟ هو ابويا لو كان حلو كدا وطِعم كدا كانت امي سابته!!؟ يالهوي دي كانت أكلته
قال اخر كلمة وهو يُقبل جانب فكها فبدأت هي تضربه على صدره بحرج صارخة :
-يا قليل الادب يا سافل تفكيرك كله منحط زيك.. نزلنيييييي نزلنيييي ورحمة امك
تعالت ضحكـات أدم دون ان يعيرها اهتمام حتى وصل بها الغرفة فدلف بها واغلق الباب بقدمه.. وضعها على الفراش وطل هو عليها بهيئته الرجولية !
فبدأت هي تتحدث بصوت منخفض مرح تقلد احدى الافلام المصرية :
-اوعى تتهور…
وعندما وجدته يزيد من اقترابه منها ارتفع صوتها فجأة وهي تكمل :
-لا لا لا… ابو رحاااااب اتهوووور يا رجاله !!!
حينها إنفجـر أدم في الضحك وهو يحدق بعيناها التي اُغلقت عندما بدأت تشاركه الضحك بهيسترية هي الاخرى…
ليقترب فجأة حتى طبع قبلة حانية على عيناها المُغلقة بتوتر وهو يهمس :
-بعشق امك
تشبثت هي بالتيشرت الخاص به كالأطفال بينما تحولت قبلته الرقيقة لعدة قبلات متطلبة يوزعها على كامل وجهها حتى وصل لثغرها فانقض يلتهمه كثمرة فراولة شهية لا يستطع تمالك نفسه امامها….
وكالعادة هي خاضعة له…
خاضعة لعشقه وان كانت اقوى نساء الارض……!!!
*******
بعد حوالي شهــــران…….
كان جواد يحمـل الچاكيت الخاص به على يداه وهو يطرق باب المنـزل بهدوء.. يغمض عيناه بأرهـاق منتظرًا فتح الباب بفارغ الصبر !!!
وفُتح الباب بالفعل ليجد أمامه سيليا ولكن بهيئة مختلفة.. هيئة من فجاعة اختلافها قاربت ان تصبح هيئة مرعبة !!
وبلا تردد كان يصرخ بخوف مصطنع :
-عااااا ايه دا ؟؟؟؟ ايه اللي عمل فيكِ كدا يا حبيبتي ؟؟ ماسورة روچ طفحت في وشك ولا ايه ؟!
امتعضت ملامح سيليا التي كادت تبكي وهي تضربه على صدره بغضب كالأطفال :
-بقا انا مجهزالك نفسي ومتشيكه وعملالك على جو الشموع وانت تقولي ماسورة روچ طفحت في وشي ؟!!!
تعالت ضحكات جواد وهو يضمها متمتمًا :
-منا اتخضيت يا حبيبتي.. اديني اي انذار يعني !
حاولت الإفلات من بين قبضته وهي تزمجر بعصبية مصطنعة ولكنها حانقة :
-اوعى سبني.. سبني يا عديم الرومانسيه والاحساس.. انت مش بتاع عشا رومانسي اصلاً انت اخرك اقابلك بقميص نوم مقطوع واقولك اصلك مش بتديني مصروف اجيب غيره زي باقي الستات واقرط شعري واكل جزر يقوي النظر
استمـر ضحك جواد الذي استفزهـا لاقصى درجة.. خاصةً وهو يسألها بخبث :
-الا قوليلي يا حبيبتي ايه اللي خلى الروچ يطفح على شفايفك والشوارع اللي جمبها كدا ؟!
ضربته سيليا بعنف هذه المره حتى تأوه بألم مصطنع وهي تهتف بــ :
-شوارع؟؟؟ ليه شايفني خريطه قدامك!!؟
ثم زمت شفتاها كالأطفال تمامًا وهي تخبره ببراءة :
-اصلي كنت بحط روچ عادي وطعمه عجبني فـ اكلته بقااا
ارتسمت ابتسامة حانية على ثغر جواد زينهـا عشقًا دفينًا يزداد عمقًا مع كل دقيقة تحلق حوله….!
ثم حملها فجأة بين ذراعيه كريشة خفيفة متناسيًا كل ارهاقه وهي بين ذراعيه…
لتشهق هي مؤنبة اياه :
-حرام عليك يا جواد والاكل اللي انا جالي أتــب منه دا ؟!!!
غمزهـا بعينـاه والخبث يتراقص بين حروفه وهو يتابــع :
-اكل ايه وبتاع ايه.. سيبك من الاكل دلوقتي ركزي على الروچ اللي مفروض نشيله دا
ولم يعطها الفرصة للاعتراض بل وضعها على الفراش ليخلع قميصه بخفة ثم لحق بها….
ليبدأ في مهمة ازالة احمر الشفاه بشفتاه المتلهفة والتي تبتلع كل حروف اعتراضها في جوفه..
بل تزداد تطلبًا ونهمًا في تلك الازالة !!!!……..
*******
كانت شروق تجلس في البلكـون صامتة كعادتها في الفتره الاخيـره…
كلما ذهبت لطبيب واخبرها بعدم الاستعجال ازداد اليأس داخلها اكثر انها لن تنجب ابدًا بعمرها…!!!
شهقت بعنف عندما وجدت من يحتضنهـا من الخلف فجأة لتهمس متنهدة بعمق :
-خضتني يا ادهم
طبع قبلة عميقة على رقبتها الظاهره وهو يرد بصوت اجش :
-سلامتك من الخضه يا روح ادهم
ثم سألها وهو يغمض عين ويفتح الاخرى :
-بتفكري فـ ايه اعترفي !؟!
رفعت كتفاها بقلة حيلة ثم أردفت :
-هكون بفكر في ايه يعني..
غمزهـا بطرف عينـاه وهو يقول بخبث جعل عيناها تتسع وهي تدرك مقصده :
-بتفكري في اللي انا بفكر فيه يا لئيييييمه صح
ولم يعطها الفرصة بل جذبها من يدها خلفه وامسك بــ (طرحة) كانت موضوعة ليلفها على خصرها فجأة.. ثم انتهى ليقول بنبرة حجز المكر بين حروفها :
-يلا هز يا وز.. عايز إغراااااء يا حبيبتي اغرااااء
كانت ترفع حاجباها وهي تصرخ مستنكره :
-يلا ايه يا سافل ؟؟؟
رد ببساطة بريئة ادهشتها :
-ارقصي يا بندقتي يلا مستغربه ليه؟!!
ضمت قبضتاها معًا وكأنها تنوي ضربه ثم غمغم بصوت منخفض :
-انشالله يرقصوا على قبرك يا بعيد….
شدها هو من تلك (الطرحة) لتجلس على قدمـاه.. اقترب منها ببطء مُتلف للاعصاب وهو يستطرد بخشونة مُثيرة :
-يلا يا بندقتي مش انتِ عايزه تخلفي؟؟ مهو الجديد بقا ان العيال بتيجي كدا يا حبيبتي ولا عاوزه تخلفي بالبلتوث ؟!!!!
ظلت تهز رأسها نافية بسرعة :
-لا لا انا غيرت رأيي مش عايزه
هز رأسه نافيًا هو الاخر بأصرار غريب :
-لا لا مش من قلبك،، احنا لازم نحاول برضو مانيأسش بسهوله
ولم يعطها الفرصة للاعتراض بل كان يكتم اعتراضها بشفتاه التي إلتهمت شفتاها في قبلة شغوفة مفعمة بالاحاسيس الدفينة في قلب كلاهما تجاه الاخر…….!
******
بعد مرور خمس شهـور وأيـــام………
كان صراخ أسيـا يهز أركان المستشفى التي أتت لتلد فيها ولادة طبيعية ومفاجأة ايضًا…
كان ادم يدفعها مع الممرضة على -الترولي- وصراخها يصم الاذن.. مما جعل ادم تتسع عيناه بذهول خاصةً عندما بدأت تزمجر فيه بجنون :
-منك لله انت السبب انا بكرهك امشييييي
ولكن تراجعت فجأة وهي تهز رأسها نافية ببكاء هيستيري مُضحك :
-لا لا ماتمشيش.. اااااااه مش قادره هات ايدك
اعطاها ادم ايده بتوتر وبلاهه دون ان ينتبه لنيتها.. ليجدها تعض على يداه فجأة بقهر وتصرخ بأعلى صوتها…
اغمض عيناه التي احمرت وهو يحاول تمالك نفسه كي لا يصرخ مثلهـا…
لتأتي الممرضه وتفصلهم عندما وصلوا امام غرفة العمليات.. حينها تنهد أدم بأعلى ما عنده وهو يردد بامتنان حقيقي اختلط به المرح :
-روحي الهي يسترك دنيا واخره ايدي كانت هتروح !
3
لتضحك الممرضه ليشاركها هو الاخر وهو يسمع سباب أسيا العالي من الداخل له……
مر بعض الوقت وهو يسمع صراخها المستمر… نظر ليجد جواد و سيليا يتبعهم ادهم وشروق يأتون بسرعة تجاهه…
وأولهم ادهم الذي صاح بانفعال سعيد :
-باركوووولي انا هبقى اب شروق حامل الدكتور لسه مأكد لنا
تلقى التهنئة من جواد وسيليا بابتسامات تحمل الود الحقيقي اسمى شعارًا لها… عدا ادم الذي رفع حاجبه الايسر وهو يزمجر فيه بغيظ :
-تصدق انك معندكش دم؟! انتوا جاين تطمنوا على مراتي ولا تحتفلوا هنا !!؟
ضحك الجميـع ليسأله ادهم بعدها بجدية :
-صحيح ايه اخبارها ؟؟؟
ضرب ادم كف على كف وهو يردف متهكمًا بسخرية اضحكتهم :
-ياعم اسكت دي لو بتولد بقره صغيره كانت هتبقى اسهل من كده
وعلى ذكرها سمعوا صوت بكاء الطفل يصدح في الارجـاء…..
لتتسـع ابتسامة ادم التي تُعد هطلت على ثغره احدى المرات الطفيفة من قلبه فعليًا…
يليها قوله المتحمس الذي حمل نوعًا من الفخر والسعادة :
-استاذ سليم ادم صفوان جاااااالك يا مصررررر !
لتتعالى ضحكات الجميـع وتهنئتهم…
فتصبح خير نهاية اسطـر بها اخر حروفي لصفحـاتٍ ربما لا تنتهي سطور عشقهـا………..!
*******
تمت بحمد الله
خلصتي؟ الرواية الجاية أقوى وأحلى… تعالي وعيشيها معانا👇